fbpx

“الجنس السيئ” : عن ورطة مع رجل امتدت 8 سنوات

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أكثر ما يثير الرعب في حكاية “رجل الصدفة” و”الجنس السيء” هو الزمن، سنوات تهدر من اللامبالاة والصراع الداخلي، والبحث عن المتعة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

نحاول في هذا المقال الذي يتناول قضايا جنسانية الإضاءة على نماذج مستمدة من كتاب صادر مؤخراً تناقش فيه كاتبة نسويّة مفاهيم الرجولة، الرغبة، و السياسات التي تحكمها. 

ما هو دور الرغبة/ اللّذة وكيف تتحرك داخل العلاقة الحميمة و خارجها، أي ما هي القوى الخارجية التي تهدد “اللذّة” و الوصول إليها؟ وعلى النقيض كيف يمكن لـ”اللذة” أن تهدد العالم الجدي خارج السرير وعلاقات الأفراد ضمنه؟

تفترض نونا ويلي أرونويتز في مذكراتها الصادرة هذا العام بعنوان Bad Sex: Truth, Pleasure, and an Unfinished Revolution، أن “الجنس السيئ” بينها وبين زوجها علامة على مشكلة أكبر. 

أرونويتز هي كاتبة في عمود الجنس والحب في Teen Vogue وتسأل نفسها في بداية الكتاب، بعد أن تركت زوجها: “هل دمرت علاقة استمرت أكثر من ربع عمري بسبب الجنس السيء؟”.

كتابها هو محاولة لاستكشاف حياتها الجنسية، خصوصا وأن “الجنس السيء” باتت عبارة شائعة في السنوات الأخيرة، وهو اختصار للطرق التي يمكن أن يظل فيها الجنس غير متساوٍ وأحيانًا لا يتم بالتراضي تمامًا. 

ولذا شرعت أرونويتز في اكتشاف ما هو الجنس الجيد بالنسبة لها – والإجابة على العديد من الأسئلة المتناقضة التي ظهرت على طول الطريق. 

 لا يحوي الكتاب تعريفاً دقيقاً لهذا النوع من الممارسة الحميمية أو الجنس “السيء”، لكن يمكن وصفه بأنه، ممل، غير مثير، يتصرف كل من الشريكين أثناءه بأنانية، هو جنس لا يخاطب اللذة، بل التخلص من حرارة السوائل الداخليّة.

لا بد أن نشير الى أن نونا أرونويتز تتبنى مقاربة تتعرض للكثير من الانتقادات الآن، هذه المقاربة ترى، أن مساحة اللذة، أي السرير هنا مجازاً، هي مساحة لصراع القوى، و”الأداء” ضمنها يتعلق بعوامل ثقافية وعرقية وسياسيّة. لن نشير إلى إشكالية هذا الطرح، لكن الملفت في هذه المذكرات أن الرجل الذي نقرأ عنه ليس نذلاً، ولا شخصاً سيئاً، لكن الإشكاليّ أن الارتباط به كان ورطةً، بصورة أخرى، كان صديقاً حميمياً، تحول إلى “زوج” لأسباب لا علاقة لها بالجنس أو الحب، بل الأقساط والشؤون المالية مثلاً.

“الاستقرار” الذي يوفره الزواج والشراكة المالية، تهدد الرغبة.

الصدفة ثم ورطة “الأسرة النووية”

الصدفة تتمثل في حادث دراجة تعرض له آرون، شأن لا يمكن التخطيط له أو التنبؤ به، على إثره نقل الزوج المستقبلي/ آرون إلى المشفى، وكلفة علاجه كانت 4000 دولار. المشكلة أنه لا يمتلك تأميناً صحياً، في حين أن نونا أرونويتز، تمتلك واحداً بسبب عملها الجديد، والحل، عوضاً عن دفع المبلغ ومراكمة الدين على آرون، كان الحل هو الزواج، بحيث يتكفل تأمينها الصحي بمصاريف علاج آرون كونه شريكها.

نحن أمام بادرة نبيلة، إنقاذ أحدهم من الدين، وتقبل فكرة أنه الرجل المناسب. لكن لا بد أن نشير أن الإشكالية الرئيسية لا يمكن تعميمها، ونقصد أن التأمين الصحي غير مجاني في الولايات المتحدة، ويشكل عبئاً هائلاً في سبيل الحصول عليه ودفع أقساطه. اللوم إذاً موجه للرأسمالية، بالدرجة الأولى، لكن الشرط الاقتصادي يمكن تعميمه ونقصد تحول الزواج إلى مؤسسة ماليّة، كونه بذرة الأسرة النووية التي يتبناها النظام القائم، ويسهّل حل مشاكلها سواء أكان رأسمالياً، عصاباتياً أو شيوعياً.

في حالة نونا كان الزواج ورطة، أو موقف شهم، تحول إثره صديق لطيف وشريك جنسي إلى زوج دون تخطيط، وهنا الخطوة الأولى نحو الجنس السيء. بصورة أخرى، وكي لا ننفي المشاعر، كان الزواج مجاملةً وخدمةً للنجاة من الدين مع أمل بأن الحب شأن مختلف، ولا علاقة له بالمؤسسة الزوجية، بل يمكن أن ينمو بعيداً عن بيروقراطية توقيع وثيقة الزواج في البلديّة.

 الورطة السابقة لا تعني أن الرجل/ آرون “استغلالي”، هناك حب بين الاثنين، إذ تصف نونا زوجها آرون بأنه “عرّى روحه أمامها…لم يكذب أبداً”. لكن هناك الدّين المادي، أي ببساطة، لم يكن الحب المحرك الأول للارتباط، بل النجاة من أقساط المستشفى. في حالات أخرى، قد تكون المحركات أجرة المنزل، أقساط الجامعة، متطلبات الحياة. 

بكلمات أخرى الزواج في هذه الحالة استثمار لابد من حسابه بدقة، ولا يمكن التورط فيه، هو شأن لا يمكن التعويل عليه كلياً من أجل السعادة، والأهم، الموقف الساخر منه بوصفه شأن بيروقراطي ليس إلا سذاجة.

التوقف عن “إثارة الإعجاب”

الإشكالية الثانية التي تتعلق بالجنس السيء هي “التوقف عن إثارة الإعجاب”، برغم من كل الصدق  والشغف الذي يتحلى به آرون. تقول نونا أنه توقف عن إثارة إعجابها. وكأن الزواج، وما يحمله من ضمانات مجازيّة حول ملكيّة الشريك أو انتمائه، يدفع الرجل للاستكانة والتخفيف من حدة شبقه. تسخر نونا من نفسها لأنها تزوجت بالرغم من مواقفها النسويّة المعارضة لهذه المؤسسة، لكنها تعتبر أن الأمر كان مريحاً في البداية، إذ شكّل الزواج بالنسبة إليها درعاً يحميها من المتحذلقين والمعجبين المبتذلين والرجال الصيادين. لكن الزواج ، حوّل آرون إلى شخص منغمس في ذاته يحاول الحصول على النقود، لم يعد هناك ما هو بحاجة لإثباته لشريكته، لا على المستوى اليومي ولا الحميمي. وهنا تتضح الورطة أكثر، “الاستقرار” الذي يوفره الزواج والشراكة المالية، تهدد الرغبة، بصورة أصدق، يتوقف البحث عن الرغبة، ويتحول موضوع الشهوة إلى” شريك” في الأقساط والالتزامات.

الضغط المالي

تشير نونا إلى الضغط المالي الذي وضعه عليها آرون بسبب معاناته في مهنته كسينمائي هدد “السرير”، وتقتبس من العديد من الدراسات لتقول إن مسؤولية إعانة الشريك، يهدد العلاقة حتماً، وخصوصاً الحميمية، إذ يتراكم الشعور بالذنب لدى الرجل، ويتحول الذنب إما إلى عدوانية (هذه ليست حالة آرون)، أو إلى لامبالاة عميقة، انغماس في الذات حد نسيان الآخر، كأن تتسلل نونا إلى السرير ليلاً في محاولة لاستثارة أرون لكنه غارق في نومه وسكره بعد يوم طويل من عدم العمل. بصورة أخرى، تلاشى الجنس بمعناه “الفانتازمي”، واستُبدل بالإحباط والغضب والرغبة بالهرب، والمرعب في كل هذا الإحباط وغياب الرغبة، أن نونا انتظرت سنتين، قبل أن تتخذ قرار الرحيل.

ما الحل أمام الجنس السيء ؟ 

المنطقي هو إنهاء العلاقة، لكن الانتظار سنتين هو المثير للاهتمام، والمحبط أن آرون، أو الشريك، لم يكن عارفاً بأي شيء، ولم يشعر بأي تغيير، على الرغم من “خيانة” نونا له. وكأن الزواج من وجهة نظره التزام اقتصادي لا نقاش حوله، لا رحلة استكشاف جسدي على صعيد المتعة. لكن الإشكالي في عقد الزواج، أن إنهاء العلاقة، لا يتطابق مع إنهاء المؤسسة الزوجية.

الحل الثاني، الذي اختارته نونا هو الخيانة، بالرغم من كل مبادئها الأخلاقيّة، لكنها وجدت عشيقاً، تصفه بأنه طاقة إيروتيكية بحتة، متعة غير محدودة، معه تستلم كلياً لأصابعه وفمه وذكره ولسانه، كل هذا، وآرون غافل لاحماقةً بل ثقةً. وهنا تفسر نونا الخيانة بأنها بحث “عمن يهتم بها” إلى حين لحظة المواجهة، وإنهاء العلاقة بشكل رسمي، أي بصورة أخرى، الانتهاء من صيغة مؤسسة الزواج عبر تدمير الالتزام الجسدي الذي تفترضه.

لعنة الزمن

أكثر ما يثير الرعب في حكاية “رجل الصدفة” و”الجنس السيء” هو الزمن، سنوات تهدر من اللامبالاة والصراع الداخلي، والبحث عن المتعة. سنوات محاطة بصمت كامل، خلالها كلا الشريكين لا يتحدثان أو يصرحان عما يرغبان به. وهنا يظهر العطب. مؤسسة الزواج تقدم ضمانات للشريكين، تتعلق بالاستقرار والراحة وإمكانية الاتكال على الآخر، لكن الانغماس في الذات والإحباط، كما حصل مع آرون بسبب النقود، يهدد الرغبة ويؤدي إلى “الجنس السيء”، إذ لم يعد هناك جهد من قبل الشريك لـ”إثارة الإعجاب” بحسب نونا، وهنا تتحول الشريكة إلى جزء من ديكور الاستقرار، لا شخص ذو رغبات وحاجات، داخل وخارج السرير.

باختصار، الحل أمام “الجنس السيء” (من وجهة نظر نونا)، ليس مغادرة السرير، بل مغادرة المنزل. لكن من وجهة نظر آرون، وما تخيلته نونا، محادثة جديّة، دون أحكام، أو شجار، أو تبادل للوم، محادثة تنتهي بها العلاقة، ثم الانتقال إلى بيروقراطية إجراءات إنهاء مؤسسة الزواج.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.