fbpx

قانون الطفل في الأردن… ردع مضبوط بقيم “الشريعة”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“من يرصد حالة الإجرام وفكر الجريمة في الأردن يلحظ أن هناك تطورات في أدوات وكيفيات ارتكاب الجريمة، كخطف الأطفال والتنكيل بهم بداعي الثأر أو تصفية حسابات بين الأطراف المتنازعين”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

برزت في الأيام الأخيرة حادثة خطف وتحرش واعتداء، تعرض لها فتى كان طرفاً في مشاجرة مع مجموعة أخرى في منطقة المنارة الأردنية، لتعيد النقاش بشأن العنف ضد الأطفال والمراهقين وتداعيات.

ففي الحادثة الأخيرة تم استغلال المشاجرة بين مراهقين للانتقام، إثر خلاف عائلي، فوقع أحد الفتيان ضحية ذلك، وتعرض للإيذاء الجسدي والتحرش، بحسب تقارير طبية نشرتها وسائل إعلام محلية. 

أنعشت حادثة المنارة في الذاكرة الأردنية، قصة “فتى الزرقاء”، قبل نحو عامين الذي قامت مجموعة باختطافه وقطع يديه للثأر من أبيه.

حوادث متكررة وضعت قضية العنف ضد الأطفال في صدارة النقاش، وكانت في صلب نقاشات خاضها مجلس النواب الأردني بشأن قانون الطفل الذي أثار الكثير من الجدل، لكنه أقر، وصادق عليه الملك قبل أيام بعد الأخذ في الاعتبار تعديلات الجهات التقليدية والمحافظة.

الحقوقي صدام أبو عزام، قال في تصريح صحافي إن “من يرصد حالة الإجرام وفكر الجريمة في الأردن يلحظ أن هناك تطورات في أدوات وكيفيات ارتكاب الجريمة، كخطف الأطفال والتنكيل بهم بداعي الثأر أو تصفية حسابات بين الأطراف المتنازعين”.

وأكد أبو عزام ضرورة تطوير أدوات إنفاذ القانون ووسائل متابعة الجريمة والمجرمين؛ لأن هناك “تغيراً في شكل أدوات ارتكاب الجريمة، ولأن الطفل أصبح أداة للتنكيل به عقاباً لذويه، وهذا يتطلب منظومة تحقيق متماسكة ومتابعة متينة توفر الحماية للأطفال”.

مديرة إدارة الفئات الأكثر ضعفاً في “المركز الوطني لحقوق الإنسان” بثينة فريحات، رأت أن الجرائم التي يتم استغلال الأطفال فيها في النزاعات لا تعتبر عنفاً أسرياً، حتى لو كان الطفل فرداً من أحد طرفي النزاع، مشيرة إلى أن قانون العقوبات يعاقب على حالات الخطف والعنف الجسدي والجنسي الواقع على الطفل.

وفي حالات العنف ضد الأطفال يتكرر مبدأ إسقاط الحق الشخصي وفق ثقافة “بكرا بيتصالحوا… أو بنعمل جاهة”، أي يتم التصالح وفق التقاليد العشائرية التي لا تكرس منظومة ردع ومحاسبة قانونية.

أنعشت حادثة المنارة في الذاكرة الأردنية، قصة “فتى الزرقاء“، قبل نحو عامين الذي قامت مجموعة باختطافه وقطع يديه للثأر من أبيه.

قانون مبتور

أقر الأردن مشروع قانون الطفل بعد تعديلات على بعض مواده أخذت في الاعتبار ملاحظات وتحفظات مجموعات محافظة في البرلمان.

وتعدّ المادة 17، وفق مسودة مشروع القانون، من أبرز البنود الجدلية التي تؤكدّ التزام المؤسسات التعليمية بـ”تمكين الطفل ووالديه أو الشخص الموكل برعايته في القرارات المتعلقة بالنظام المدرسي ووضعه الدراسي”. في التعديل، شطب النواب كلمة “والديه” واستعاضوا عنها بكلمة “وليّه”، التي تعني وفق القانون الأردني: الأب أو الجد للأب أو وصي الأب أو الوصي الذي تعيّنه المحكمة، بنص قانون الأحوال الشخصية. 

تعقّب المحامية والناشطة الحقوقية الأردنية هالة عاهد على السجالات الدائرة حول قانون الطفل، مشددةً على أنّ الخلافات حول القانون، “جاءت نتيجة لاستعجال الحكومة بإرسال مشروع قانون غير ناضج وفي فترة كانت تعلم تماماً أنّها ستثير حفيظة جماعات سترفض القانون، كما أنّ حملات الشيطنة منعت نقاشات هادئة وعقلانية لتجويد نصوص القانون، وهذا ما استمر حتى بعد إقراره”. وأوضحت عاهد أن مؤشرات سلبية ظهرت خلال النقاشات في البرلمان إذ جاهر عدد من النواب بضرورة الإبقاء على العقاب الجسدي في المدارس وهو أمر باتت منظومة التعليم الحديثة ترفضه نفسياً وتعاقب مرتكبيه. 

وتشير عاهد إلى أنّ المادة 17  أظهرت، خلال المناقشات، “تسامح النواب مع العنف ضد الأطفال في المدارس باعتباره حقاً للمعلمين ومن متطلبات التعليم والتربية وهو تسامح مع الضرب عموماً كوسيلة تأديب، وعدلت المادة بحيث حرمت الأم من المشاركة في القرارات المتعلقة بالنظام المدرسي”.

ومن هنا ترى عاهد أنّ الخلافات ستظل تظهر لأنّ التعديلات تماهت وجاملت تيارات محافظة، وعدلت المواد لتستجيب لضغوطاتها، على حساب حماية الطفل وحقوقه. 

وتكشف عاهد أنّ أكثر المواد جدلاً في القانون، هي تلك المتعلقة بحرية التعبير والحق بالخصوصية والحق في التجمعات والترفيه والحماية من العنف، فهذه المواد كشفت خللاً في فهم المواد ومدلولات المصطلحات والمفاهيم من جهة، ومن جهة أخرى كشفت نظرة كثيرين إلى الطفل بوصفه ملكية للأهل وليس أهلاً للحقوق. كما أنّ عبارة “الجهات المختصة”، فتحت جدلاً من المواد التي طاولها الجدل ليس لعدم وضوح من هي الجهات المختصة التي من المفروض أن تكون الجهات التي تتعامل مع الطفل، بل هو استكمال لشيطنة العمل المدني المنظم الذي يؤسسه ويديره مواطنون أردنيون وفق القانون.

وحول استدعاء مجلس النواب عبر اللجنة المختصة بصياغة القانون دائرة قاضي القضاة ودائرة الإفتاء العام واستشارتهم في صياغة بنود القانون، ترى عاهد أنّ مجلس النواب وجزءاً كبيراً من أعضائه محافظون وقد تبنوا الهجوم على القانون، واللجنة المشتركة تبنت تعديلات تتماهى غالباً مع حملات الشيطنة، وما دعوة دائرة قاضي القضاة والافتاء إلا لضمان أنّها متوافقة مع التفسير الديني الذي تتبناه المؤسسة الرسمية ممثلة بهاتين الجهتين، ولتوجيه رسالة للرأي العام بأنّ أحكام القانون متوافقة وأحكام الشريعة، منوهةً إلى أنّ هذه المداخلات لهاتين المؤسستين لا نراه إلا في تشريعات بعينها تتجاوز قانون الأحوال الشخصية لكل ما يخص المرأة أو الطفل او الأسرة.

تحفظات من جهات سياسية ودينية

يخشى معارضو القانون من الأحزاب المحافظة والتقليدية، من تمريره بما يسمح مستقبلاً بـ”منح حق حرية الفكر والدين والجنس والتبني للطفل في الأردن”، بخاصة أنهم يعتقدون أن القانون “مستورد من الغرب، ويسعى لتدمير الأسرة والطفل”. كما يرى بعض هؤلاء أنّ الكثير من مواد القانون تشير إلى عبارة “الجهات المختصة” التي يخشون أن تعطي الحق لمنظمات المجتمع المدني والمنظمات الأجنبية في التدخل في حالات الانتهاك أو حصول عنف.

وفي هذا السياق، يرى رئيس لجنة الحريات في حزب جبهة العمل الإسلامي المحامي بسام فريحات لـ”درج” أنّ الإشكالية الكبرى، بحسب وجهة نظر الأحزاب الإسلامية، “لا تتمثل في قانون الطفل ولا في التعديلات التي أجريت عليه، بمقدار تدخلات مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الممولة دولياً بقضايا الطفل في الأردن، إذ تعتبر الكثير من بنود القانون مدخلاً لتدخل أي جهة خارجية”، مشيراً إلى أنّ “مؤسسات المجتمع المدني وتمويلها الأجنبي تشكل خطورة كبيرة في تغيير هوية وقيم المجتمع”، معتبراً أنّ “العاملين في تلك المنظمات يمكن أن يفسح لهم المجال في دور أكبر مما هم عليه في التدخل في قضايا المجتمع بحجة المطالبة بالحقوق”!

ولا يحيد هذا الخطاب عن سردية عامة لدى الأحزاب والمجموعات التقليدية التي تتبنى قيماً أبوية دينية تعمل على التخويف من الحريات والحقوق بحجة الخطر على “قيم المجتمع” و”هويته”.

القانون بصبغة دينية

يبدو أنّ الحكومة الأردنية ومجلس النواب انصاعا للضغوط التي مارستها الأحزاب والكتل الدينية والمحافظة، لذلك عمد مجلس النواب إلى استشارة دائرة قاضي القضاة ودائرة الإفتاء العام وذلك في مساعٍ واضحة لمراعاة الشرعية الدينية في القانون.

وفي هذا السياق، يؤكدّ النائب في مجلس النواب الأردني موسى هنطش، أنّ المشرعين يتعاملون مع الدستور الأردني أنه تابع لدولة قانونها الأساسي هو الشريعة الإسلامية وقانون الأحوال الشخصية الذي تمّ إقراره في المجلس النيابي السابق يصب في هذا السياق، حيث شاركت دائرة قاضي القضاة ودائرة الإفتاء العام في صياغة مشروع قانون حقوق الطفل، ويرى النائب الأردني المحافظ أن القانون بعد التعديلات “أصبح عصرياً ويتوافق في الوقت نفسه مع الشريعة الإسلامية بشكل كامل”، مع ما تحمله هذه العبارة من تناقض.

المديرة التنفيذية لمؤسسة “تقاطعات” بنان أبو زين الدين تقول لـ”درج” أنّ “قانون الطفل من القوانين المهمة جداً، ويجب السعي لتغييره بطريقة تحمي الأطفال”.

وتضيف أبو زين الدين: “هذا القانون لا يزال يثير جدلاً كبيراً لأنّه يخلخل أنظمة السلطة والتسلط الموجودة والتي تغطي المنظومة الأبوية التي نعيش فيها، يجب أن تكون هناك مساءلة تجاه الآباء وأولياء الأمور وآليات محاسبة على سلوكيات سلبية وتجاوزات تجاه الأطفال، ولا يعطيهم القانون السلطة المطلقة للتحكم بأطفالهم من دون مشاركة الأمهات”، معتبرةً أنّه في ظل الواقع المخيف بالنسبة إلى المنظومة التي نعيشها والتي تشعر بالتهديد لأن سطوتها على المحكّ، يأخذ هذا القانون جدلاً كبيراً.

وتؤكدّ أبو زين الدين أنّه لا يوجد أي مادة في قانون الطفل تعدّ جدلية، مشيرةً إلى أنّ جميعها مواد أساسية من حقوق الطفل ومن الطبيعي أن يكون هناك مساءلة للأب الذي يعنف أبناءه ومن المهم جداً أن تكون للأمهات نفس السلطة والحقوق تجاه أطفالهن والتي تخضع لمسائلة ورقابة “الجهات المختصة”.

وترى أبو زين الدين أنّ الأحزاب السياسية المتسترة بغطاء ديني هي أكثر الجهات معاداة لمثل هذه القوانين، خوفاً من سحب بساط السلطة من تحت أقدامها، ولذلك نواجه هذه التحديات الكبيرة.

واقع صعب يعيشه الأطفال بالأردن

حالة الجدل التي لم تنطفئ حتى اللحظة في الشارع الأردني لم تأت من عبث، بل تأتي في ظل ارتفاع حالات الانتهاكات بحق الأطفال وتزايد جرائم القتل الأسرية، ويشير “معهد تضامن النساء الأردني” إلى ارتفاع عدد جرائم القتل الأسرية عام 2022 إلى 30 جريمة حتى تاريخ 2\10\2022، وذلك وفقاً لرصد “تضامن” لوسائل الإعلام الأردنية.

ومن خلال قراءة واقع الأطفال في المجتمع الأردني، فإنّ الانتهاكات بحق الأطفال تتنوع بشكل واسع، منها التسرب من المدارس والانخراط في العمل في سن مبكرة بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ونرى أنّ هناك 45 ألف طفل بينهم 2400 طفلة، يعملون في أعمال خطرة ويشكلون 59 في المئة من عمالة الأطفال في الأردن.

وقد أشار المسح الوطني لعمل الأطفال الصادر عن مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية بالتعاون مع “منظمة العمل الدولية” ووزارة العمل الأردنية ودائرة الإحصاءات العامة عام 2016 (وهو المسح الأخير) الى أنّ عدد الأطفال في الأردن ذكوراً وإناثاً الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5-17 سنة، والذين يعملون، بلغ 75982 طفلاً منهم 8868 طفلة وبنسبة 11.7 في المئة، فيما تشير التقديرات إلى ارتفاع هذا الرقم لأسباب متعددة منها الأوضاع الاقتصادية وجائحة “كورونا” وتداعياتهما على الأسر.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.