fbpx

ماذا لو كانت شيرين عبد الوهاب رجلاً؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لأن شيرين سيدة، تصدرت أخبارها مواقع التواصل ووسائل الإعلام، فكيف لسيدة أن تدمن المخدرات، وهي تعيش في مجتمع يصف نفسه بالتمتع بالفضيلة، والاستحقاق الذكوري، فماذا لو كانت شيرين رجلاً؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

عادت المطربة المصرية شيرين عبد الوهاب لتتصدر مواقع التواصل الاجتماعي مجدداً، ليس لفنها إنما للخوض في حياتها الخاصة، والتي انتهت بأن شقيقها أودعها بالقوة في مصحة للعلاج النفسي، بعدما خرج في مداخلة هاتفية مع الإعلامي المصري عمرو أديب، ليؤكد أنه فعل ذلك لعلاجها من الإدمان.

اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بعد تداول أنباء باعتداء شقيق شيرين عبد الوهاب عليها بالضرب، فخرج محمد عبد الوهاب شقيق الفنانة المصرية وقال في مداخلته مع عمرو أديب “أختي بتتعرض لعصابة، حسام حبيب وسارة الطباخ. أنا أختي بتضيع، أختي بتنهار. أنا لا ضربتها ولا اعتديت عليها ولا حاجة من اللي بيتقال… أستاذ حسام حبيب رجع لشيرين من أسبوع، ورجع لها العربية وهي اتنازلت عن القضية وهو ما اتنازلش عن قضايا وضحكوا عليها… شيرين كانت مأجّرة شقة في التجمع اللي أنا روحت جبتها منها. جبتها عشان أدخّلها المستشفى عشان بيتعاطوا مخدرات”.

ما وصفه الشقيق بأنه حماية لشقيقته، جاء بعد تنازلها عن المحضر الذي حررته ضد طليقها المطرب حسام حبيب، لكن أين كان الشقيق في المرات السابقة، التي كانت تخرج فيها شيرين وتعلن عبر وسائل الإعلام تعرضها للضرب والعنف من طليقها، علامات الوقوع في الأزمة التي كانت تحتاج يد المساعدة وليس الإجبار لم تكن وليدة اليوم؟ لكن شيرين عبد الوهاب ظهرت سابقاً كسيدة معنفة، تارة تبكي وتارة أخرى تحاول التماسك، لماذا لم يقرر الشقيق حينها التدخل لحماية شقيقته كما أكد في المداخلة الهاتفية، ولماذا تصبح حياة سيدة مصرية متاحة للجميع عبر وسائل الإعلام؟ الإجابة هي لأنها سيدة.

لا أحد من المتعاطفين مع الفنانة المصرية ينكر حاجتها للمساعدة والدعم، ولكن يصبح السؤال، هل تحتاج شيرين إلى المساعدة بالقوة، وإيداعها بالقوة مصحة للعلاج النفسي، أم أن هناك طريقاً آخر للنجاة؟

لأن شيرين سيدة، تصدرت أخبارها مواقع التواصل ووسائل الإعلام، فكيف لسيدة أن تدمن المخدرات، وهي تعيش في مجتمع يصف نفسه بالتمتع بالفضيلة، والاستحقاق الذكوري، فماذا لو كانت شيرين رجلاً؟ هل كان سيصاحب خبر إيداع رجل بمصحة نفسية للعلاج كل تلك الضجة؟ وهل كان الشقيق سيسعى من البداية لإيداع شقيقه الذكر بالإجبار في مصحة للعلاج؟!

قبل وفاته، اعترف الفنان المصري الراحل فاروق الفيشاوي تعافيه من إدمان المخدرات، استقبل الجمهور حينها الخبر بحفاوة بالغة، حول كيف هزم الرجل الإدمان، مع عناوين صحف تصفه بالجريء.

 قبله اعترف الفنان الراحل نور الشريف بالأمر نفسه، وقابلته الحفاوة نفسها، التي تتحول إلى لوم ووصم في حالة النساء، كما حدث مع شيرين، فكيف لامرأة أن تدمن المخدرات؟

ولأن حراس الفضيلة يحيطون بنا كنساء، يفرضون وصايتهم علينا وعلى قراراتنا وأجسادنا، تصبح حياتنا الخاصة أيضاً تحت سيطرتهم، فتتحول لمشاع لهم يبدون رأيهم فيها، وينتقدون وربما يصل الأمر للتجريح، لمجرد أننا نساء.

قرر شقيق شيرين عبد الوهاب إيداعها للعلاج إلزاميا، والحديث صراحة عن هذا الأمر دون حرج، مؤكدا أن موقفه سليم لما يتمتع به هو وغيره من الذكور من استحقاق يتيح له التحكم في النساء والوصاية عليهن، وتحديد مصائرهن، فقرر أنها بحاجة للعلاج، بل وشدد في نهاية المكالمة أنه لن يتركها تغادر المستشفى، فالرجال يتصرفون ويتوقعون القبول ولا يهتمون بالرفض.

تلك السطور تذكرنا بقصة النجمة العالمية بريتني سبيرز، والتي وضعت تحت سيطرة والدها لمدة 13 عاماً بدعوى أنها تعاني من اضطرابات نفسية، وصدر حكم الوصاية بعدما قدم والدها، جيمي سبيرز، التماساً إلى المحكمة للحصول على سلطة قانونية على حياة نجمة البوب، وسط مخاوف بشأن صحتها العقلية، وفي تصريحات عدة، قالت المطربة العالمية إن تلك الوصاية قتلت أحلامها. وقالت بريتني أيضاً إنها ترغب في توجيه عريضة اتهام ضد والدها بسبب مزاعم عن “إساءة استخدام الوصاية”، التي يمكن أن تتضمن استغلالاً مالياً أو فرض قيود شخصية مفرطة على شخص تحت رعايتك.

عام 2015 عرض مسلسل مصري هو “تحت السيطرة”، يحكي عن رحلة التعافي من الإدمان لرجال ونساء، وتطرق أيضاً للعلاج الإلزامي الذي فشل في مراحل عدة. تحدث المسلسل أيضاً عن رحلة الوصم التي رافقت مرين التي تعافت من الإدمان، لمجرد كونها امرأة، فيتناسى الجميع أنها تعافت منه، ويتذكرون فقط أنها كانت مدمنة.

ربما دخلت شيرين من حيث لا تدري في بعض الأحيان في تصريحات وأفكار تكرّس سطوة الرجال على حياة المرأة والمنطق الذكوري في التعاطي مع العلاقة. وبرز ذلك من خلال تصريحات سابقة لها مع الإعلامية لميس الحديد، وهي تتحدث عن انفصالها عن حسام حبيب، إذ قالت “مش عيب أن الست المشهورة تكون إنسانة متجوزة وتحاول تحافظ على بيتها زي أي ست… بصراحة، أنا خدامة الراجل اللي أعيش معاه. مش عيب”، وهو ما مثل مبرراً لها للمضي في علاقة مؤذية، كما تفعل كثيرات، منهن والدة شيرين نفسها التي باركت تصرفات الأخ وفقاً لحديثه، بل هي من دفعته لإيداع شقيقته في المستشفى.

ما فعله شقيق شيرين عبد الوهاب قوبل ببعض الحفاوة من رواد السوشيال ميديا، منهم من وصف فعله بأنه حق أصيل لأي شخص يخاف على شقيقته “محدش عارف مصلحتها قد أخوها وأمها”، بالرغم من أن من يتحدثون عنها سيدة بالغة، لها الحق في التحكم في حياتها واختياراتها، لكنها وضعت تحت وصاية المجتمع وحراسة الفضيلة به، وبين وصاية أسرتها التي انبثقت من تلك الوصاية والاستحقاق المجتمعي الذكوري.

لا أحد من المتعاطفين مع الفنانة المصرية ينكر حاجتها للمساعدة والدعم، ولكن يصبح السؤال، هل تحتاج شيرين إلى المساعدة بالقوة، وإيداعها بالقوة مصحة للعلاج النفسي، أم أن هناك طريقاً آخر للنجاة؟

“كلنا شيرين عبد الوهاب”، ليس وسماً أو دعوة إلى التضامن معها، لكننا جميعاً مررنا أو قد نمر بما مرت به سيدة معنفة، سجنتها أفكارها التي جعلتها لا ترى نفسها، وسجنها المجتمع الذي لا يرى سوى ذكوره ويمنحهم الامتيازات، وسجنتها أسرتها التي أعلنت نفسها وصية عليها وعلى قراراتها واختياراتها.