fbpx

الريال السعودي أكثر جاذبية من الدولار: اسألوا الجنرالات الأميركيين عن ذلك

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

شغل أكثر من 500 عسكري أمريكي متقاعد – بمن فيهم عشرات الجنرالات والادميرالات – وظائف مربحة منذ عام 2015، يعملون لصالح حكومات أجنبية، ومعظمهم في بلدان معروفة بانتهاكات حقوق الإنسان والقمع السياسي. وظائف وافق عليها مسؤولون أميركيون لكنهم جهدوا لإبقائها سرية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ترجمة وإعداد شعلان عليان

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تحقيقاً مطولاً عن المتقاعدين العسكريين الأميركيين من ذوي الرتب العليا الذين يعملون في خدمة البلاط الملكي السعودي. هنا تلخيص للتحقيق:

شغل أكثر من 500 عسكري أمريكي متقاعد – بمن فيهم عشرات الجنرالات والادميرالات – وظائف مربحة منذ عام 2015،  يعملون لصالح حكومات أجنبية، ومعظمهم في بلدان معروفة بانتهاكات حقوق الإنسان والقمع السياسي.

وظائف وافق عليها مسؤولون أميركيون لكنهم جهدوا لإبقائها سرية.

في المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، عمل 15 جنرالاً وأدميرالاً أميركياً متقاعداً بصفة مستشارين مدفوعي الأجر لصالح وزارة الدفاع السعودية منذ عام 2016. ويقود الوزارة ولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة. ووفقا لما صرحت به وكالات الاستخبارات الأميركية، فقد وافق على مقتل الصحفي جمال خاشقجي، عام 2018، وكان كاتب عمود في صحيفة “واشنطن بوست”.

ومن بين المستشارين السعوديين المأجورين الجنرال المتقاعد جيمس جونز، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي للرئيس باراك أوباما، والجنرال المتقاعد كيث ألكسندر، الذي قاد وزارة الأمن القومي في عهديّ أوباما والرئيس جورج دبليو بوش، وكما ورد في وثائق حصلت عليها صحيفة واشنطن بوست بموجب دعاوى قضائية رُفعت وفقا لقانون حرية المعلومات.

ومن بين الأشخاص الآخرين الذين عملوا بصفة مستشارين للسعوديين جنرال متقاعد من فئة الأربع نجوم (فريق أول) في سلاح الجو وقائد عام سابق للقوات الأميركية في أفغانستان. وقد عمل معظم الأفراد الأميركيين المتقاعدين بصفة متعاقدين مدنيين مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول الخليج الفارسي الأخرى، وقاموا بأدوار حاسمة، وإن كان ذلك غير مرئي إلى حد كبير، في تعزيز قدرة جيوش تلك الدول الخليجية.

تظهر الوثائق أن الحكومات الأجنبية تدفع بسخاء مقابل المواهب العسكرية الأميركية، حيث تصل حزم الرواتب والمزايا إلى ستة أرقام، وأحيانا سبعة أرقام، أي أكثر بكثير مما يكسبه معظم أفراد الخدمة الأميركية أثناء الخدمة الفعلية.

من الجدير بالذكر أن الكونغرس يسمح للعسكريين المتقاعدين وكذلك جنود الاحتياط بالعمل لصالح الحكومات الأجنبية إذا حصلوا أولاً على موافقة من فرعهم من القوات المسلحة ووزارة الخارجية. لكن الحكومة الأميركية قاومت للحفاظ على سرية تلك التوظيفات. وعلى مدى سنوات، حجبت الحكومة الأميركية تقريباً جميع المعلومات عن هذه الممارسة، بما في ذلك الدول التي توظف أكثر أفراد الخدمة الأميركية تقاعداً، ومقدار الأموال على المحك.

بغية تسليط الضوء على هذه المسألة، رفعت صحيفة “واشنطن بوست” دعوى قضائية ضد الجيش والقوات الجوية والبحرية ومشاة البحرية ووزارة الخارجية في محكمة اتحادية بموجب قانون حرية المعلومات (FOIA). وبعد معركة قانونية استمرت عامين، حصلت الصحيفة على أكثر من 4000 صفحة من الوثائق، بما في ذلك ملفات قضايا لنحو 450 جندياً متقاعداً وبحاراً وطياراً ومن مشاة البحرية.

تظهر الوثائق أن الحكومات الأجنبية تدفع بسخاء مقابل المواهب العسكرية الأميركية، حيث تصل حزم الرواتب والمزايا إلى ستة أرقام، وأحيانا سبعة أرقام، أي أكثر بكثير مما يكسبه معظم أفراد الخدمة الأميركية أثناء الخدمة الفعلية. في المرتبة العليا من سلم الرواتب، يكسب الجنرالات النشطون من فئة الأربع نجوم (من رتبة فريق أول)  203.698 دولارا سنويا من الأجر الأساسي، بالإضافة إلى علاوة السكن وغير ذلك من الامتيازات وبطاقات السفر بالدرجة الأولى.

استأجرت المملكة العربية السعودية جندياً سابقاً كان يعمل في البحرية الأميركية للعمل بوظيفة مستشار للعمليات الخاصة مقابل 258 ألف دولار سنوياً. وقدمت الإمارات حزم تعويضات سنوية تزيد قيمتها عن 200 ألف دولار لطياري طائرات الهليكوبتر و120 ألف دولار لميكانيكيي الطائرات. وفي إندونيسيا، وظفت شركة تعدين مملوكة للحكومة رقيبا متقاعداً من مشاة البحرية الأميركية بصفة مستشار نقل بمعدل 500 دولار في اليوم، بالإضافة إلى نفقات المعيشة والعلاوات الأخرى.

حددت الصحيفة بعض الأسماء والتفاصيل المنقحة من خلال الإبلاغ. واستمرت في مقاضاة القوات المسلحة ووزارة الخارجية للحصول على بقية المعلومات.

في شهر أيلول/سبتمبر، أصدر قاضٍ في المحكمة الأميركية الاتحادية واسمه أميت ب. ميهتا حكماً يعتبر إلى حد كبير لصالح صحيفة “واشنطن بوست” وأمر الحكومة بالإفراج عن تفاصيل الأجور وغيرها من المواد المحتجزة.

ومن الجدير بالذكر أن القاضي وصف حجج الخصوصية التي تتذرع بها الحكومة الأميركية بأنها “غير مقنعة”. وأضاف إن “للجمهور الحق في معرفة ما إذا كان القادة العسكريون رفيعو المستوى يستغلون مراكزهم – أو قد ينظر إليهم على أنهم يفعلون ذلك – لتوليد فرص عمل مع الحكومات الأجنبية في مرحلة ما بعد التقاعد”.

يمكن لوزارة الدفاع حجب رواتب التقاعد عن أولئك الذين يتجاهلون الأنظمة والقوانين التي تنظم ذلك. لكن دائرة المالية والمحاسبة في وزارة الدفاع، التي تدير كشوف المرتبات العسكرية، أوقفت المعاشات التقاعدية لعدد يقل عن خمسة أشخاص، وفقا لما ذكره ستيف بورغهارت، الناطق الرسمي باسم الوزارة. ورفض تحديد هوية الأفراد أو تحديد الإطار الزمني أو تقديم تفاصيل أخرى، مستشهدا بمخاوف تتعلق بالخصوصية.

وتظهر الوثائق أن إحدى الحالات تتعلق بالجنرال المتقاعد مايكل فلين (63 عاما) الذي شغل لفترة وجيزة منصب مستشار الأمن القومي للرئيس دونالد ترامب. ومن تحقيق أجراه المفتش العام لوزارة الدفاع تبين أن فلين جمع ما يقرب من نصف مليون دولار من المصالح الروسية والتركية في عام 2015، بعد عام واحد من تقاعده من الجيش، لكنه فشل في الحصول على موافقة من المسؤولين الأميركيين.

ظهر على السطح عمل الفريق أول فلين غير المصرح به لصالح الحكومات الأجنبية بعد أن تم تصويره جالسا إلى جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حفل عام 2015 أقيم في موسكو بمناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية العاشرة لتأسيس تلفزيون روسيا اليوم، أو RT ، وهي الذراع الدعائية للكرملين. دفعت RT لفلين 38,557 دولارا للسفر إلى موسكو والكلام عن هذا الحدث.

أدت علاقات فلين بالمسؤولين الروس إلى سقوطه. في عام 2017، اعترف بأنه مذنب بتهمة الكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي بشأن اتصالاته مع السفير الروسي لدى الولايات المتحدة. وعفا عنه ترامب بعد ثلاث سنوات.

في عام 2017، فتح المفتش العام تحقيقاً في عمل فلين لصالح حكومات أجنبية لكن القضية استغرقت خمس سنوات لحلها. وفي مايو/أيار، أمر الجيش بمصادرة مبلغ  38,557 دولاراً تلقاه من رحلة موسكو. لكن مسؤولي الجيش قرروا، بدون تفسير، عدم معاقبته على المبلغ المتبقي وقيمته 411,250 دولارا الذي جمعه من روسيا وتركيا.

ومن بين 500 حالة تم الإبلاغ عنها للقوات المسلحة ووزارة الخارجية منذ عام 2015، شملت حالة واحدة فقط روسيا. في تلك الحالة، سعى عقيد متقاعد في سلاح الجو – وحصل – على إذن في آذار/مارس 2020 لتولي وظيفة بقيمة 300 ألف دولار للعمل بوظيفة مسؤول تنفيذي في شركة لإطلاق الأقمار الصناعية مقرها في الولايات المتحدة، ولكن معظم ملكيتها للحكومة الروسية.

ولا تتضمن الوثائق التي نشرت رداً على الدعاوى القضائية التي رفعتها صحيفة “واشنطن بوست” أي حالات أخرى لعسكريين متقاعدين يسعون للعمل لصالح دول تصنفها الحكومة الأميركية على أنها “خصوم أجانب”، مثل الصين، أو كوريا الشمالية ،أو إيران، أو كوبا، أو فنزويلا.

تنفق المملكة العربية السعودية على جيشها أكثر من أي قوة غير نووية أخرى في العالم. في عام 2021، تجاوزت ميزانيتها الدفاعية السنوية 50 مليار دولار – وهي تقريباً النسبة نفسها التي تنفقها بريطانيا على ميزانيتها الدفاعية، في حين أن بريطانيا دولة لديها أسلحة نووية.

تنفق المملكة العربية السعودية على جيشها أكثر من أي قوة غير نووية أخرى في العالم. في عام 2021، تجاوزت ميزانيتها الدفاعية السنوية 50 مليار دولار – وهي تقريباً النسبة نفسها التي تنفقها بريطانيا على ميزانيتها الدفاعية، في حين أن بريطانيا دولة لديها أسلحة نووية.

وتظهر الوثائق أن أربعة جنرالات متقاعدين حصلوا على إذن من الولايات المتحدة في عام 2017 للعمل مع مجموعة جونز في الرياض: تشارلز وولد، جنرال في سلاح الجو من فئة الأربع نجوم (فريق أول) ومايكل باربيرو، جنرال في الجيش من فئة الثلاث نجوم (فريق) ؛ أرنولد بونارو، جنرال بحري من فئة نجمتين (لواء)؛ وجون دوسيت، جنرال في سلاح الجو من فئة نجمة واحدة (عميد).

 على الرغم من أن الجيش الأميركي رفض الكشف عن حزم التعويضات التي حصل عليها الجنرالات المتقاعدون، إلا أن السجلات العامة الأخرى تظهر أن السعوديين يغدقون في الدفع لمستشاريهم. وحصل أربعة ضباط متقاعدين من الرتب الدنيا يعملون لدى جونز – اثنان برتبة مقدم في مشاة البحرية وعقيد في الجيش ونقيب في البحرية – على رواتب تتراوح بين 200 ألف دولار و300 ألف دولار لتقديم المشورة لوزارة الدفاع السعودية. وحجب المسؤولون العسكريون هويات هؤلاء الضباط، مؤكدين أنه ليس من حق عامة الجماهير الحصول على المعلومات.

ولم يرد المسؤولون في السفارة السعودية في واشنطن على طلبات لإجراء مقابلة.