fbpx

في وداع الجنرال عون… رفع صور بشار الأسد وسفيره على طريق الشام!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

إنه مشهد فيه الكثير من المذلة لجميع من أحرق هذا النظام قلوبهم ومستقبلهم وأمان بيوتهم، وفيه من الوقاحة ما لا تمكن المسامحة عليه، لا سيما أنه يأتي مع نهاية عهد الرئيس ميشال عون الذي عمد إلى توديعنا عبر توزيع الأوسمة العبثية…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعد 17 سنة من جلاء الجيش السوري من لبنان عام 2005، وعلى رغم المصير المجهول لمئات المعتقلين اللبنانيين منذ الحرب الأهلية اللبنانية في أقبية نظام الأسد، وبعد أكثر من 11 سنة على استمرار المجزرة السورية بحق المدنيين والأبرياء، وفي ظل أزمة اقتصادية حالكة، وارتفاع نسب البطالة والتردي المعيشي إلى معدلات مخيفة، في ظل ذلك كله هناك من قرر رفع صور رئيس النظام السوري بشار الأسد وسفيره علي عبد الكريم علي، على طريق الشام، بيروت- دمشق.

الصور المرفقة بعبارة “أعوام من الوفاء والالتزام شكراً”، تنتشر على طول  الطريق، من دون توقيع مرتكب هذه الفعلة، على رغم أن ذلك غالباً ما يحصل، إذ ترفع صورة سياسي ما، مع عبارة “تقدمة فلان الفلاني”. لكن يمكن توقع أن رافع صور الأسد وسفيره، حزباً كان أو شخصاً، يريد إخراج فعلته من كونها مبادرة فردية، ليصار إلى تعميم المرتكب، كما لو أن الشعب اللبناني كله يشكر الرجلين على الوفاء والالتزام. وفي أحسن الأحوال، يمكن توقع أن رافع الصور شعر ببعض الخجل أو الحنق، وهو أمر مستبعد من حلفاء النظام السوري وجنوده.

إنه مشهد فيه الكثير من المذلة لجميع من أحرق هذا النظام قلوبهم ومستقبلهم وأمان بيوتهم، وفيه من الوقاحة ما لا تمكن المسامحة عليه، لا سيما أنه يأتي مع نهاية عهد الرئيس ميشال عون الذي عمد إلى توديعنا عبر توزيع الأوسمة العبثية، وأبرزها وسام للسفير السوري، الذي لا نعرف ما أبرز الإنجازات الديبلوماسية أو السياسية التي استحق من أجلها هذا التكريم.

يريد العهد العوني أن يغادرنا بأكبر قدر ممكن من المتاهة والمهانة، فإذ يرفض النظام السوري لقاء الوفد اللبناني لإجراء مفاوضات ترسيم الحدود بين البلدين “الشقيقين”، هناك من يهرع لرفع صور بشار الأسد وسفيره، فيما يبتسم عون في صورة تشرينية برفقة السفير السوري ووسام المذلة. ويخبرنا “قائد” مفاوضات الترسيم النائب الياس بو صعب أن ما بدر من النظام هو مجرد سوء تفاهم، ويشدد ويكز على أسنانه وهو يكرر عبارة “البلدين الشقيقين”. وهي العبارة الذي لا يتوقف اللبنانيون عن دفع ثمنها وتحمّل كلفتها الباهظة من سيادتهم واستقلالهم وحريّتهم.

يريد العهد العوني أن يغادرنا بأكبر قدر ممكن من المتاهة والمهانة، فإذ يرفض النظام السوري لقاء الوفد اللبناني لإجراء مفاوضات ترسيم الحدود بين البلدين “الشقيقين”، هناك من يهرع لرفع صور بشار الأسد وسفيره، فيما يبتسم عون في صورة تشرينية برفقة السفير السوري ووسام المذلة.

بو صعب وهو يمثل العهد هنا، لم يخبرنا طبعاً عن السبب الحقيقي لعدم حصول المفاوضات، ألا وهو أن النظام لا يناسبه الأمر، ولا يهمه وقف نهر التهريب على الحدود السائبة، وآخر ما يفكّر فيه الآن هو تلبية رغبة رئيس في آخر عهده، ومنحه هدية مجانية. يحتاج النظام إلى ثمن باهظ للصفقة في حال حصلت، لكن لا بأس يقول أبو صعب، إنه مجرد سوء تفاهم بين شقيقين.

وكأن عون وحاشيته يريدون إنهاء العهد بفضحه تماماً وإسقاط آخر ورقة تين عن وجهه، ليبدو على حقيقته، حليفاً ذليلاً لنظام قاتل. 

الصور المنتشرة والتي أجادت في استفزازي على طول الطريق باتجاه بيتي، أعادت إلى ذاكرتي المراكز الأمنية السورية التي أحاطت بيتنا على مدى سنوات وأحدها كان مدرسة حول الاحتلال السوري عدداً من مبانيها إلى مركز تعذيب. كانت طفولتنا مقسومة بين ضفتي نهر، الأولى آمنة ويمكن أن نلعب فيها بسلام، فيما على الضفة الثانية يعيش جنود سوريون خطرون، يخشى الأهالي أن يؤذوا أبناءهم الصغار…

الصور المهينة، تطرح إضافة إلى الأسئلة السيادية والسياسية الكبيرة، أسئلة أخرى مهمة بالنسبة إلى جيلنا على الأقل، جيل الاحتلال السوري ثم الجلاء، فمثلاً، هؤلاء الذين يشكرون الرجلين ويرفعون صورهما، لماذا لم يقدموا على سؤال بشار الأسد (ما داموا أعز أصدقائه) عن 662 معتقلاً لبنانياً، تم تأكيد وجودهم في سجون النظام… هل قتلهم؟ هل ما زالوا أحياء؟ ثم لماذا لم يسأل رافعو الصور عن جرائم الأسد ضد الإنسانية؟ وماذا شعروا وهم يرفعونها فوق رأس شعب أكل النظام السوري خيراته وسيادته؟ هل شعروا حقاً بالرضا والامتنان وهم يؤكدون من جديد ارتهانهم لمواصلة تعبيد طريق بيروت- دمشق بالمذلة؟

نصب مناصرو العهد خيماً على الطريق المؤدية إلى قصر بعبدا لتوديع الرئيس وتكريمه مع انتهاء ولايته، وذلك على بعد كيلومترات قليلة من صور بشار الأسد وسفيره المعلّقة على طريق الشام، بيروت- دمشق، إنها نهاية يستحقها عون… إن كان مدركاً ما تعنيه بالفعل، الجنرال، رأس حربة دحر الوصاية السورية وعملائها.