fbpx

الرئيس الذمّي

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بخروج ميشال عون من قصر بعبدا، تخرج معه ذميَّة سياسية، كشفت وقائع ما تلا يوم السادس من شباط من العام 2006، أنها البند الذي لم يكتب في تفاهم مار مخايل بينه وبين أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ميشال عون هو في أحسن الأحوال خليط من تمرد ونرجسية مرضية.

  وبعد، بخروج ميشال عون من قصر بعبدا، تخرج معه ذميَّة سياسية، كشفت وقائع ما تلا يوم السادس من شباط من العام 2006، أنها البند الذي لم يكتب في تفاهم مار مخايل بينه وبين أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله.

    كانت رئاسة ميشال عون ذروة ما نتج عن التفاهم المذكور. لكنها رئاسة لم تكن لتتاح بلا ثمن قدمه عون، إنها الذميَّة السياسية بمقتضيات حديثة تحاكي تلك الذمية التي عرفتها الأزمنة الغابرة.

   لم يكن المطلوب من ميشال عون أن يقدم الجزية مثلاً. الأخيرة بمفهومها الحداثوي هي الإنحياز والإنسياق التام مع ما يريده “حزب الله”. الأخير في المقابل أطلق يده في الإدارة والمؤسسات.

  بعد العام 2005، ومع انطلاق حملة الاغتيالات التي طالت رموزاً من قوى الرابع عشر من آذار/مارس، دأب ميشال عون على تهفيت هذه الاغتيالات، أو التشفي بضحاياها، وذلك من موقعه الجديد في محور النظام السوري – “حزب الله”.  وعون غالباً كان أسير حالتين، ذميته من جهة، ونزعة نفسية متورمة عن متمرد يريد أن يحكم، لا أن يموت، حيث الموت عنده مجرد “وهم” يُساق كفضيلة كاذبة أمام جمهوره. هنا، هل من داعي للعودة إلى كلامه في العام 1990: “انا آخر واحد بيفل”، و ميشال عون “فل أول واحد”.

   لم يكن ميشال عون ذميَّاً قبل دخوله في “صفقة” باريس مع النظام السوري، ثم تفاهمه المشؤوم مع “حزب الله”. هذا ما يفضي إليه استقصاء سيرة الرجل العسكرية، ثم السياسية منذ سبعينات القرن الماضي، حتى عودته من المنفى. كان عون متمرداً في الكثير من المواقف والمواقع التي شارك في أحداثها، أوآل فيها الأمر إليه، بل وذو نزعة فوقية تتحكم بها نرجسية حادة.

  نماذج عن عون المتمرد يمكن استرجاعها مع وقائع من ماضٍ ليس ببعيد. كان ميشال عون العسكري حاضراً، وبقوة، في أحداث مخيم تل الزعتر. وكان المتمرد على تردد الرئيس الراحل سليمان فرنجية في فتح طريق الجنوب التي أقفلتها المنظمات الفلسطينية في العام 1975 ( تردد بالمناسبة أن عون اقترح الإنقلاب على السلطة). وكان من قلة أحاطت ببشير الجميل، دون أن تتردد في الإختلاف معه كما في حال تصفية حزب الوطنيين الأحرار، وصولاً إلى تمرده الأشهر في العام 1988 ضد الجيش السوري ، والذي أسس لطموح رئاسي ظل متحكماً فيه حتى اتصلت إليه رئاسة الجمهورية.

إنها رئاسة لم تكن لتتاح بلا ثمن قدمه عون، إنها الذميَّة السياسية بمقتضيات حديثة تحاكي تلك الذمية التي عرفتها الأزمنة الغابرة.

    كان ميشال عون متمرداً. لكنه ايضاً كان أسير فكرة التمرد على الأقوى لكي يصير الأقوى. النظام السوري ورفيق الحريري و”حزب الله” كانوا الأقوياء، وكانوا ضالة لشخصية عون المتمردة، وفكرته في منفاه، وهؤلاء وفروا له مجتمعين صناعة قوة افترض تسييلها لاحقاً في السلطة التي ستؤول إليه.

 بين المنفى والعودة إلى لبنان، بقي ميشال عون متمرداً. لكن المرء لا تعوزه الفطنة لرصد التباين بين عون المنفي وعون العائد. إنه التمرد المشطور بصفقة العودة والتفاهم مع “حزب الله”.

   فعون الذي عاد إلى لبنان على “جثة” رفيق الحريري، عاد مجرداً من العاملين الآخرين اللذين صنعا قوته أيضاً. انسحب الجيش السوري من لبنان، وعقد عون مع “حزب الله” تفاهماً أتاح له التمرد على  أحجام سياسية توازيه في أحسن الأحوال، أو هي دونه. تمرد عون على نبيه بري ووليد جنبلاط وسعد الحريري ونجيب ميقاتي، لكنه فقد النزعة الملازمة لشخصيته في التمرد على الأقوى، أي “حزب الله”.

    منذ العام 2006 حين وقّع ميشال عون تفاهم مار مخايل حتى العام 2016 تاريخ انتخابه رئيساً، بدا المتمرد الذي فيه، مفاضلة قاسية بين الجنوح نحو “الأقوى”، أو بلوغ الطموح المزمن بالرئاسة، وبالثمن المعلوم. اختار عون تجفيف الشخصية المتمردة على الأقوى، والتسليم لـ”حزب الله” بفائض القوة. لكن مفاضلة واختيار كهذين أحالا عون إلى “ذمي” لم يعد يملك من مصادر القوة إلا ما يضفيه عليه “حزب الله”، وخرافة عن عهد عُطفت عليه القوة جزافاً.

 خسارة هذه النزعة أفضت لاحقاً إلى ميشال عون آخر تقصّى اللبنانيون شخصيته مرةً في نوم عميق، وأخرى في خيانات ذهنية. حيناً في اعتلال جسدي، وأحياناً في قهر نفسي هو بالضرورة مآل العلاقة الطردية بين النزوع نحو “الأقوى” والذمية السياسية.

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!