fbpx

الدرونز الإيراني يدعم روسيا في أوكرانيا
لكن الغرب مشغول بالصفقة النووية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

 يتفق المراقبون على أن الدرونز الإيرانيّة  تساهم إلى حد كبير في حل معضلة  افتقار روسيا للموارد البشرية العسكرية، وتوفر لها الوقت لحين استكمال تدريب الاحتياطي، وانتظار استكمال التعبئة الجزئيّة. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تدخلُ إيران كطرف  في حرب مباشرة ضد الغرب في أوكرانيا بمسيّراتها وصواريخها التي تجاهلها الغرب طويلاً في الشرق الأوسط.

هذا التطور يحتم على واشنطن وأوروبا التي تراقب اليوم مؤشرات التورط الإيراني، فهم معادلة مهمة للغاية تتمثل في أن التصدي لروسيا لا ينحصر في أوكرانيا، بل في جميع المناطق التي تسعى لجعلها قواعد متقدمة لها في العالم.  

منذ بدء الغزو الروسي، دخلت الطائرات المسيرة كلاعب أساسي في ساحات المعارك ما بين مهمات استطلاع ومراقبة واستهداف وقصف، إلا أنها عكس الطائرات المسيرة التي تعود إلى قاعدتها فور إطلاقها صواريخها التدميرية، إذ إن الطائرات المسيرة الانتحارية أو “الكاميكازي” تصطدم بهدفها لتنفجر فيه.

يقول أليكس غاتوبولوس، المحلل الدفاعي في مقابلة صحافية، فإن هذه الدرونز يمكن أن تحوم فوق منطقة لتحديد الهدف قبل الانقضاض عليه لتدميره. وهذه الطائرات المسيرة، كما يقول غاتوبولوس هي “مثل صواريخ كروز، يمكن أن تضرب أهدافاً على بعد مئات الكيلومترات، غير أن صواريخ كروز باهظة الثمن، في حين أن طائرات كاميكازي المسيرة بديل أرخص”. تكشف معلومات من مصادر مختلفة أن روسيا اشترت 2400 طائرة مسيرة من طراز “كاميكازي”، لكن أسطولها ينضب بسرعة، وتبلغ كلفة الطائرات المسيرة “كاميكازي” نحو 20 ألف دولار.

يعتمد الروس على مسيرات إيرانية من نوعيات مختلفة. هذا فيما يحمي الأوكرانيون قواعدهم وسماءهم بطائرات “بيرقدار تي بي-2″ (Bayraktar TB-2) التي تعدّها تركيا أيقونة نجاحها العسكري. باعت تركيا عدداً من مسيراتها إلى كييف على مدار عامين قبل الحرب الروسية، وهو ما جعل مراقبين يعتقدون أن مخزون أوكرانيا من المسيرات التركية أعلى بكثير من العدد المتوقع، وقد وصفتها صحيفة “لاكروا” (La Croix) الفرنسية بأنها عصا سحرية مكّنت الأوكرانيين من عرقلة تقدم المهاجمين الروس.

تدخلُ إيران كطرف  في حرب مباشرة ضد الغرب في أوكرانيا بمسيّراتها وصواريخها التي تجاهلها الغرب طويلاً في الشرق الأوسط.

يرى الباحث الفرنسي في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية جان كريستوف نويل أن مسيرات مهاجر-6 المستخدمة في أوكرانيا “هي الرد الروسي على مسيرات تي بي-2  التركية التي تستخدمها أوكرانيا”.

 تفضل روسيا في إطار تكتيكها الجديد في الحرب استخدام الدرونز الايراني لأنه  بحسب خبراء الأمن والاستراتيجيا يوفر عليها استخدام ترسانتها من الصواريخ العابرة للقارات والتي تراوح كلفة الواحد منها ما بين 1.5 ومليوني دولار أميركي. ينبه هؤلاء إلى عيب جوهري في الدرونز الإيراني يتمثل في أنها لا تستطيع أن تصيب سوى أهداف ثابتة، ما يعني أنها لا تشكل تهديداً على القوات المنتشرة، ومن ثم “لا ينبغي أن يغير وصول هذه المسيرات مجرى المعركة”.

 مع ذلك، تُراهن موسكو وفقاً لموقع “أسباب” للدراسات الجيوسياسية، على أن إدخال طائرات إيران المُسيَّرة يمكن أن يُغيِّر جذرياً من مسار المعارك على الساحة الأوكرانية، لكن من المبكر الجزم بدقة هذا الرهان بعدما كشف مسؤولو الاستخبارات الأميركية، أن الكثير من طائرات إيران المُسيَّرة التي اشترتها روسيا واجهت إخفاقات في الاختبارات الأولية التي أجراها الروس. 

لا يبدو هذا مفاجئاً؛ فطائرات إيران المُسيَّرة لم تعمل في بيئة دفاع جوي متطورة من قبل، ولم تُختبر بصورة كافية، فبينما زوَّدت إيران وكلاءها مثل الحوثيين في اليمن وميليشيات عراقية أخرى بهذا النوع من الأسلحة، فإنها نادراً ما اختبرتها ضد أنواع التشويش الإلكتروني، والأنظمة المضادة للطائرات المستخدمة في أوكرانيا.

في ما يتعلق بالمقارنة بين المسيرات الإيرانية والتركية، ذكرت ماريان رينو الخبيرة في الطائرات والمسيرات، أن “قمة السوق تحتلها الولايات المتحدة وإسرائيل”، وأضافت أن “المسيرات التركية تحل في المرتبة الثالثة متفوقة على المسيرات الإيرانية التي يبدو أنها لا تتصف بدقة كبيرة”، بحسب قولها.

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريراً  قالت فيه إن الولايات المتحدة فحصت بقايا حطام للمسيّرات الإنتحارية (كاميكازي) الإيرانية التي استخدمتها روسيا في أوكرانيا. وقالوا إن المعلومات التي تحصل عليها واشنطن من هذه المسيرات ستكون حيوية ويمكن أن تساعد الأميركيين وحلفاءهم الأوكرانيين على تدمير المسيرات الايرانية. وتعمل الولايات المتحدة من أجل  أن تقودها المعلومات لكشف أسرارها بغية ضربها قبل أن تصل إلى أهدافها. 

يفيد تقرير صادر عن معهد الدراسات السياسية الدولية (ISPI) ومقره مدينة ميلانو الإيطالية، بأن دول الشرق الأوسط باستثناء إسرائيل أنفقت ما لا يقل عن 1.5 مليار دولار أي ما يعادل 1.27 مليار يورو على الطائرات المسيرة العسكرية خلال السنوات الخمس الماضية.

  إسرائيل ربما تكون  أكثر دول المنطقة تقدماً في ما يتعلق بصناعة الطائرات المسيرة، ولا يبدو أنها ستنقل هذه التكنولوجيا إلى الدول التي تعتبرها أعداء محتملين، فيما تعد تركيا وإيران والإمارات والصين الموردين الرئيسيين الآخرين للطائرات المسيرة في المنطقة.

تمتلك إيران واحداً من أطول برامج تشغيل الطائرات المسيرة، كما يوضح فريدريكو بورساري، الباحث في معهد الدراسات السياسية الدولية. ويضيف أن إيران، وفي ظل العقوبات الدولية ونقص التحديث في سلاحها الجوي، أدركت منذ وقت طويل أن الطائرات المسيرة- التي تزود حلفاءها بها في أماكن أخرى- يمكن أن تمثل إضافة إلى قوة سلاحها الجوي فضلاً أن هذا يعطي طهران “إنكاراً معقولاً” عن أي مسؤولية عن شن هجمات بطائرات الدرونز. 

وفقاً لإحصاء أُجري في آذار/ مارس 2020، فإن أكثر من 102 دولة تمتلك طائرات مسيرة عسكرية، إضافة إلى ما يقدر بـ63 تنظيماً أو جهة غير حكومية.

تنكر طهران تزويدها موسكو بطائرات درونز تنتجها الصناعات الحربية الإيرانية، حتى إن وزير الخارجية حسين اللهيان عرض على زميله الأوكراني الشروع بحوار مشترك لدحض الاتهامات الغربية والأوكرانية عن انحيازها إلى روسيا في الحرب. إلا أن جميع الأجهزة الاستخبارية الغربية قدمت ما يكفي من الادلة على ضلوع الملالي وتورطها في التدمير الروسي للبنى التحتية الاوكرانية.  

ما هي الدرونز الكاميكازي؟

تعد طائرات كاميكازي، أو الطائرات “الانتحارية”، وفقاً للبحوث العسكرية “نوعاً من الأسلحة الجوية، يعرف باسم “الذخيرة المتسكعة” حيث تحوم فوق منطقة تم تحديدها على أنها هدف محتمل، قبل ضربها. وتتميز بصغر حجمها وسهولة إطلاقها، إضافة إلى إمكانية إطلاقها من مسافات بعيدة وصعوبة رصدها. وتسمية  “كاميكازي” تعود  إلى الطيارين العسكريين الذين شنوا هجمات انتحارية على الإمبراطورية اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية. غير أنه على عكس الطائرات المعتمدة في تلك العمليات، فإن مسيرات “الكاميكازي” ذاتية الاستخدام، ومحملة بمواد تنفجر عند الارتطام.

في آب/ أغسطس الماضي، كشف مسؤولون أميركيون أن روسيا اشترت هذه الطائرات ويقوم عسكريون ايرانيون بتدريب قواتها على كيفية استخدامها.

يتضح من تقرير الاستخبارات الأميركية، أن “هذه الطواقم الايرانية تتولى عملية تدريب وحدة من الجيش الروسي في القرم”. وترافق اللجوء إلى هذه الطائرات مع تعيين الجنرال  سيرغي سوروفكين الذي يوصف بأنه “دموي وسفاح”، لا يعير أي اعتبار للحياة الانسانية بحسب سجله الاجرامي في الشيشان وسوريا، حيث اشتهر بإعطاء الأوامر لوحداته بقصف البيوت والمدارس والمستشفيات والأسواق وأفران الخبز وحتى رياض الأطفال والبيوت التي يسكنها مدنيون”.

توضح الخارطة التقنية لهذه الطائرة أنه على رغم  صغر حجمها نسبياً، تتمتع  طائرات شاهد الايرانية بدون طيار بإمكانية حمل صواريخ، وتبلغ حمولتها نحو 50 كيلوغراماً، ما يعكس قدرتها على إلحاق أضرار كبيرة. وفي هذا السياق، يقول اللواء المتقاعد في الجيش الأسترالي، ميك رايان، لشبكة CNN، إن تلك الطائرات ذات فائدة محدودة بشكل عام ضد الأهداف العسكرية التي تتطلب الدقة”. ويتابع أن “الروس يستخدمون هذه الطائرات لضرب أهداف كبيرة مثل المدن”، مشيراً إلى “غياب فائدة عسكرية لهذه الهجمات”، معتبراً أنها تتعلق بإرضاء بوتين للمتشددين في روسيا.

القدرات الأوكرانية

 كشفت تقارير متعددة أن الجيش الأوكراني يستخدم  طائرات من دون طيار من طراز RAM II كاميكازي، محلية الصنع. وتعتمد كييف أيضاً على حلفائها في الحصول على هذه النوع من الطائرات، فلقد زودتها الولايات المتحدة بأنواع من أنظمة سلاح الجو. وتشمل: الطائرات بدون طيار 300 و600 Switchblade – وهي طائرات كاميكازي صغيرة محمولة يمكنها حمل رأس حربي وتنفجر عند الاصطدام.

 يتفق المراقبون على أن الدرونز الإيرانيّة  تساهم إلى حد كبير في حل معضلة  افتقار روسيا للموارد البشرية العسكرية، وتوفر لها الوقت لحين استكمال تدريب الاحتياطي، وانتظار استكمال التعبئة الجزئيّة. 

شهدت مدن أوكرانية خلال الأسابيع الأخيرة هجمات مدمرة للبنى التحتية الأوكرانية والمباني السكنية بحيث زرعت الرعب في نفوس المدنيين، كما شلت حركة البلاد ككلّ وألقتها في عتمة وظلام كامل بعد قصف أكثر من 30 في المئة من محطات توليد الطاقة. 

لماذا إيران تدعم روسيا؟


أصبحت روسيا منذ عام 2015 عضواً فاعلاً في ما يسمى «محور المقاومة الإيراني» في سوريا؛ التي تشكل العمق الاستراتيجي  بين العراق ولبنان عبر “حزب الله” الذي سيلعب دوراً حاسماً في حال نشوب أيّ حرب مع إسرائيل.

مرشد الثورة علي خامنئي يعي جيداً أنه من دون روسيا، كانت طهران ستخسر سوريا. وطهران تدرك خفايا اللعبة الروسية في سوريا وأهدافها، لكنها تتغاضى عنها لحاجتها لروسيا مع أنها تدير ظهرها للعمليات  العسكرية الإسرائيلية لضرب قواعدها وأصولها الحربية في سوريا. موسكو لعبت منذ تدخلها المباشر في سوريا دوراً في إدارة عملية تنسيق قواعد اللعبة والتجاذبات على الارض، بين كلّ من تركيا وإيران والنظام وإسرائيل، إلا أنها الآن وبعد فشل حربها في أوكرانيا بدلت استراتيجيتها بحيث دخلت إلى مسار المواجهة الإيرانية مع واشنطن وبأشكال مختلفة.  

يرى محللون أن استعمال روسيا المسيرات الإيرانيّة (وطلبها الصواريخ البالستية أيضاً) في أوكرانيا يمثل اعترافاً روسياً علنيّاً مزدوجاً. الأوّل، أن روسيا تعاني، والثاني أنها تثق بإيران؛ لأن مصالحهما تتقاطع بشكل كامل حاليّاً. يؤكد هؤلاء أن “السلوك الروسيّ يعكس هشاشة عالية وخطيرة في قطاع الصناعات العسكريّة الروسيّة، كما يعكس سوء التخطيط السياسيّ – الاستراتيجيّ من قبل القيادات الروسيّة.

السؤال الأهم الذي يجذب اهتمام المحللين العسكريين هو، هل ستغيّر الدرونز الإيرانيّة المعادلة الميدانيّة حالياً على المسرح الأوكرانيّ؟ وهل ستكون لها تأثيرات تعطل الهجوم الأوكراني في محوري الشرق والجنوب؟
رصد محللون ومراقبون أن الدرونز الايرانية لم تستعمل حتى الآن إلا ضد الأهداف المدنيّة وفي المدن، وغابت عن الجبهات في خيرسون والشرق الأوكراني. ولعل السبب الأساسي في هذا يعود الى كونها  بطيئة، وتحلّق على علو منخفض، وتصدر ضجيجاً كبيراً، فضلاً عن أن حمولتها من المتفجّرات (30 كلغ) لا تعتبر عاملاً مؤثراً في ساحات الحرب.

درونز إيران في الخليج

قبل أوكرانيا سبق أن استخدمت إيران الدرونز في حربها الخفية والعلنية في جبهة اليمن والخليج، فقد ضربت عشرات المسيرات المفخخة  منشآت “آرامكو” عام 2019.

ميليشيات الحوثي اليمنية التابعة لطهران أطلقت عشرات الدرونز والصواريخ الباليستية، ضد أهداف ومنشآت مدنية في السعودية ولاحقاً في الإمارات.

لم تلق تلك الدرونز تخوفاً أوروبياً وغربياً كما يحصل اليوم في حالة الدرونز في أوكرانيا، وهذا يشي بضعف الحساسية الغربية عموماً تجاه سياسات إيران على هذا الصعيد، بل تم تفسير ذلك أنه في سياق سعي واشنطن لعقد اتفاق مع طهران، فبرغم استخدام الحوثي الدرونز الإيراني، إلا أن الرئيس الأميركي جو بايدن لم يتردد في رفع تلك الميليشيات عن لوائح الإرهاب، في إطار محاولات التقرب من خامنئي وإقناعه بالعودة الى الاتفاق النووي بشكله المعدل. 

 ليست واشنطن وحدها من ارتكب أخطاء جسيمة، ولا تزال في ما يخص السياسات الخاصة بإيران، بل أيضاً الاتحاد الأوروبي الذي لا يكف عن اللهاث وراء ممثلي آيات الله في محادثات فيينا وطلب ودهم للقبول بالاتفاق النووي. غض النظر عن جرائم طهران بحق شعبها وشعوب المنطقة ساهم إلى حد كبير بتشجيعها على المضي قدماً في سياستها التوسعية في المنطقة من العراق، إلى سوريا ولبنان وغزة، وصولاً الى اليمن. 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.