fbpx

قبضة أمنية لمواجهة 11/11 في مصر…
تفتيش هواتف وتوقيفات عشوائية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تأتي حالة الاستنفار الأمني في مصر قبل أيام قليلة، بالتزامن مع دعوات قليلة للخروج في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر والمطالبة بإسقاط الحكم، في ظل التحضير لمؤتمر المناخ المقرر عقده في الأسبوع الأول من الشهر ذاته في مدينة شرم الشيخ.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

خرج في تمام السابعة مساء لشراء بعض الحاجيات، فوجد سيارات الشرطة تملأ الشوارع، بجانب الكمائن الثابتة والمتحركة، حتى تم توقيفه عند أحدها، وسؤاله عن هاتفه المحمول لتفتيشه.

أحمد محمد (اسم مستعار) يعيش في منطقة باب اللوق في القاهرة، التي تقع بالقرب من ميدان التحرير، إلا أن ما رآه في الميدان، يحصل كثيراً في أحياء وشوارع في العاصمة المصرية وفي مدن أخرى أيضاً، يفحص رجال الشرطة هواتف المواطنين المحمولة، ويسألون عن بطاقات الهوية، وسبب المرور في المنطقة.

كان حظ أحمد أفضل من غيره، فبعد احتجازه في سيارة الشرطة 3 ساعات، سمح له الضابط بالانصراف، “ساعات عصيبة مرت علي في السيارة، لم أعرف سبب احتجازي، وماذا يفعل رجال الشرطة بهاتفي، فيما لا أحد يرد على أسئلتي، كل ما كان يدور أمامي هو اتصالات هاتفية يجريها الضابط، إلى أن سُمح لي بالانصراف”.

تأتي حالة الاستنفار الأمني في مصر قبل أيام قليلة، بالتزامن مع دعوات قليلة للخروج في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر والمطالبة بإسقاط الحكم، في ظل التحضير لمؤتمر المناخ المقرر عقده في الأسبوع الأول من الشهر ذاته في مدينة شرم الشيخ.

وبرغم أن دعوات النزول، تبدو بلا صدى كبير، إلا أن قوات الأمن تواجهها بالقبض العشوائي على المواطنين، وتفتيش هواتف المارة، وفي الوقت نفسه، أشار مصدر أمني في تصريحات صحافية إلى فيديوات وصفها بالمفبركة، تنشرها جماعة الإخوان المسلمين لبث الفوضى في البلاد، ولم ياتِ في التصريح الذي تناقلته وسائل الإعلام والصحف ذكر صريح لدعوات التظاهر، بل فقط عبارة “دعوات تحريضية غير حقيقية”.

أحمد قال لـ”درج”، إنه أثناء تفتيش هاتفه واحتجازه في سيارة الشرطة، لم يكن بمفرده، بل إن حوالى 7 مواطنين أيضاً تم تفتيش هواتفهم، ولكن حظ أحمد بدا أفضل لأنه تمكن من العودة إلى منزله، بعكس المحامي مكاريوس لحظي، الذي استقبل اتصالاً هاتفياً من أحد أصدقائه عقب توقيفه في أحد الكمائن، فذهب إليه لمحاولة معرفة ما حدث، فاختفى هو الآخر.

ساعات عصيبة مرت علي في السيارة، لم أعرف سبب احتجازي، وماذا يفعل رجال الشرطة بهاتفي، فيما لا أحد يرد على أسئلتي، كل ما كان يدور أمامي هو اتصالات هاتفية يجريها الضابط، إلى أن سُمح لي بالانصراف“.

أحد أصدقاء لحظي المقربين، قال إنه نشر صوراً له على “فيسبوك”، برفقة صديق هندي، قرر زيارة مصر، والمشاركة في مؤتمر المناخ، من خلال رحلة سير على الأقدام، كنوع من أنواع السياحة، وبعد 48 ساعة، استقبل اتصالاً هاتفياً من صديقه الهندي، بتوقيفه بأحد الأكمنة، فذهب له، ومن حينها انقطع الاتصال به، وأغلق هاتفه المحمول.

تتكرر هذه الحكايات، فهناك من يتم احتجازه لساعات ثم يعود إلى منزله، وآخرون يختفون في أماكن مجهولة، وهناك من يتم عرضه على النيابة ووضعه على ذمة قضية لبدء التحقيق معه، وهنا يوضح المحامي الحقوقي ياسر سعد، أن تفتيش هواتف المارة، أمر لا يغطيه القانون، إنما يعد انتهاكاً للقانون الذي يتيح حرية الحركة والتنقل، وأيضاً الخصوصية.

ويضيف سعد لـ”درج”، أن تلك الحالة من الاستنفار الأمني تتكرر في مناسبات عدة، منها ذكرى ثورة يناير، أو في ذكرى دعوات سبتمبر والتي دعا إليها المقاول محمد علي، وهناك من يتم إقحامه في قضية للتحقيق معه، فيدرج اسمه في قضايا مفتوحة من عامي 2018 و2019، وتضم عدداً من الإخوان المسلمين، إضافة إلى حبس عدد من المقبوض عليهم على خلفية هذه الدعوات المجهولة على ذمة قضيتين، الأولى تحمل الرقم 1893 لسنة 2022 حصر أمن دولة، والقضية الثانية تحمل الرقم 1691 لسنة 2022، حصر أمن دولة.

وتابع سعد، أن العشرات يتواصلون معه ومع محامين آخرين، حول توقيفهم عشوائياً، وأيضاً هناك سجناء سابقون يتصل بهم الأمن، ويطلب مقابلتهم والتحقيق معهم لساعات قبل إخلاء سبيلهم، مشيراً إلى أن أكثر المحافظات التي تشهد تلك الممارسات هي محافظات القاهرة والإسكندرية والسويس.

بالتزامن مع تلك القبضة الأمنية، أصدرت السفارة الأميركية تحذيراً لرعاياها في مصر، وطالبتهم بتجنب مناطق الاحتجاج المحتملة، ويأتي ذلك متزامناً مع محاولة توقيف الصحافي حسام الغمري في تركيا وترحيله إلى مصر، بعد نشره فيديوات يدعو خلالها المصريين إلى التظاهر في 11 تشرين الثاني، وأطلق سراحه بعد أيام قليلة، ولكن قوات الأمن المصرية ألقت القبض على نجله الذي يقيم في مصر.

ووفقاً للشهادة التي حصلت عليها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية من أسرة نجل الغمري، فقد اقتحمت قوة من وزارة الداخلية منزل العائلة، حيث قامت بكسر الباب الرئيسي ثم اقتحام جميع شقق المنزل وكسر أبوابها ليتم القبض على يوسف، بعد التهديد بإلقاء القبض على جميع الذكور في المنزل، ولم يتم الكشف عن مكان احتجازهم حتى الآن.

ما يحدث من استنفار وقبضة أمنية، دفع سجناء سابقين إلى محاولة تجنب النزول إلى الشوارع في تلك الأيام، حتى لا يواجهوا مصيراً مشابهاً، وهو ما حدث مع المعتقل السابق عبد الرحمن طارق، والمعروف بـ”موكا”، والذي أخلي سبيله قبل أشهر، ليتم إلقاء القبض عليه مساء 30 تشرين الأول/ أكتوبر، عليه أثناء مروره في شارع عبد المنعم رياض، بالقرب من وسط مدينة القاهرة، واحتجازه ساعات بسيارة الشرطة، ثم إخلاء سبيله.

وخوفاً من تكرار مصير موكا، قرر محمد مجدي (اسم مستعار)، الذي أمضى في الحبس 3 سنوات على ذمة واحدة من القضايا السياسية، وتم إخلاء سبيله في الفترة الأخيرة، ترك منزله، والبحث عن مكان غير المدون في بطاقة الرقم القومي الخاص به، “أعلم أن هواتفنا وتحركاتنا مرصودة من أجهزة الأمن، ولكن هي محاولاتي حتى لا يتم الزج بي في السجن مجدداً”، ويستنكر مجدي عدم تفاعل أحد سواء على أرض الواقع أو عبر الفضاء الإلكتروني مع دعوات التظاهر، التي تقابل بقبضة أمنية، وانتهاكات بحسب قوله.

تأتي تلك القبضة الأمنية، مع تصريحات لوزير الخارجية المصري سامح شكري، الذي قال إنه سيتم السماح بالتظاهر لنشطاء البيئة خلال الدورة 27 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ “COP27″، وقال شكري، في حواره مع قناة “العربية” السعودية، إن مصر ستسمح لنشطاء البيئة بالتظاهر في مكان قريب من مقر انعقاد COP27، من أجل أن يصل صوتهم إلى المعنيين بقضايا تغير المناخ.

ومع استمرار التخوفات وحملات التفتيش والاعتقالات، قرر أحمد المكوث في المنزل حتى انتهاء تلك الأيام، ويكتفي بخدمة التوصيل (ديليفري) لتأمين حاجياته، حتى لا يواجه التوقيف والتفتيش مجدداً، أما محمد فلا يزال يبحث عن مكان آخر للاختباء فيه.