ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

Google Maps في سوريا… نافذة على ذاكرة البلد!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
روج موسى

كل هذه التفاصيل الصغيرة، من الأسماء المستحدثة إلى الغابات المحترقة والأسطح السوداء، تجتمع لتخبرك أن Google Maps في سوريا لا يشبه أي خريطة أخرى. إنه ليس أداة للتنقل، بل نافذة على ذاكرة البلد. خريطة تنطق بما عجز الناس عن قوله، وتوثّق ما حاول الجميع إنكاره أو تجاهله. حين تقرأها، لا تشعر أنك تبحث عن مطعم أو فندق، بل كأنك تقرأ ملفاً طبّياً معقّداً: صور أشعة لبلد مريض، تكشف الكسور، والندوب، والأعضاء المبتورة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

قد يكون Google Maps في أوروبا أمراً ثانويّاً لمعرفة تقييمات مطاعم معينة أو لمعاينة وجهات سياحة محتملة وتجهيز قائمة To do list، ولكن حينما تجلس أمام الشاشة وتفتح التطبيق في سوريا، قد تبدو خطوة تقنية صغيرة لكنها سرعان ما تتحوّل إلى رحلة كاملة في بلد لا يمكن أن تراه بسلام حتى من الأقمار الصناعية.

 عند أول تكبير للصورة، تظهر الحدود كخطوط مرسومة بهدوء، كأنها بلا خلافات ولا دماء. لكنك تعرف أنّ هذه الخطوط تخفي وراءها حكايات معابر غير رسمية، طرق تهريب، وأرضاً نزف فيها الناس على مدى سنوات. ثم تقرّب الصورة أكثر، فتدخل من بوابة الشمال، عفرين.

معبر عون الدادت شرقي حلب

هنا تبدأ الغرابة. فبدل أن تجد أسماء الشوارع والأسواق والحدائق، تطالعك نقاط غريبة: تجد على منزل مهجر كردي “أبو يزن الغوطاني”، وآخرون كتبوا على منزل آخر “مقر الحموي”، فيما ترى إحدى المعاصر كسجن، كلها مسجّلة أحياناً كمراكز خدمات أو مؤسسات. فجأة تفهم أن الخريطة لم تعد حيادية، بل صارت تفضح التداخل بين الحياة اليومية والعسكرة. بيت تحوّل إلى مقر، مدرسة صارت مركزاً، جامع تحيط به حواجز. لا يحتاج الأمر إلى مقالات سياسية مطوّلة، يكفي أن تنظر إلى الشاشة لتفهم أن الحرب لم تترك مكاناً على حاله، حيث يمكن بسهولة رؤية آثار الهدم الجزئي على المئات من المنازل، من بينها منزلنا العائلي في قريتنا الجبلية بريف عفرين.

تسحب الخريطة جنوباً نحو دمشق وحلب، حيث يُفترض أن يعود النظام والترتيب. لكن حتى هنا، يكشف لك Google Maps وجهاً آخر. تبحث عن دائرة حكومية أو نقاط عسكرية فتجدها قد سُمّيت بلغة مشحونة، أحياناً مسبّات أو أوصاف مهينة “أكاديمية الحيوان العسكرية” و”حديقة عامة ممنوع الدخول لأسباب أمنية”. تلك التسميات ليست خطأ تقنياً، بل تعبير ساخر وغاضب كتبه مستخدمون في ذروة الحرب. كأن الناس حوّلوا التطبيق إلى دفتر احتجاج رقمي، يكتبون فيه ما لا يستطيعون قوله في الشوارع. ومن المفارقة أنّ أسماء الشتائم بقيت على الخريطة حتى بعد رحيل الأسد، كأن غوغل نفسه لم يملك الوقت أو لم يهتم بمحوها. في العاصمة، حيث يُفترض أن يكون كل شيء رسمياً ومرتباً، يتسرّب صوت الشارع عبر الشاشة.

السكن الشبابي في مدينة حلب
السكن الشبابي في مدينة حلب

لكن الحرب لم تغيّر أسماء الأمكنة فقط، بل غيّرت طبيعة الأرض نفسها. حين ترفع الكاميرا قليلاً لترى الغابات من الأعلى، يصدمك الفرق بين الصور القديمة والجديدة. مساحات واسعة كانت خضراء في عفرين والساحل وإدلب، تحوّلت إلى بقع رمادية وسوداء. حرائق مقصودة أحياناً، أو إهمال متعمدّ، أو حتى استغلال للخشب من أجل التدفئة حين غابت الكهرباء والمازوت. من الأعلى، تبدو الجبال كجسد مثقّب، كل بقعة محترقة ندبة جديدة حيث بات Google Maps هنا ليس مجرد وسيلة لتحديد الطريق، بل صار أرشيفاً بصرياً يوثّق جريمة صامتة بحق الطبيعة.

وبين الجبال والمدن، تظهر المخيمات التي نمت على الأراضي الزراعية. الخيام البيضاء المتلاصقة تشكل مدناً جديدة، تزرع في الحقول التي كانت يوماً خضراء ومحاصيلها تغذي القرى المجاورة. آلاف الأسر هجرت منازلها، وحوّلت الأراضي الزراعية إلى مساكن مؤقتة، لكنها استمرت لسنوات، فتكوّنت قرى شبه دائمة على خرائط غوغل. هذه المخيمات لا تحمل فقط قصص النزوح، بل تعكس كيف غيّرت الحرب حياة الأرض نفسها، وكيف اضطر الناس لاستخدام أي مساحة متاحة للبقاء.

أكبر تجمع للمخيمات في سوريا آطمة إدلب

وإذا تركت المخيمات وعدت إلى المدن، ستكتشف طبقة جديدة من الحكاية. أسطح دمشق وحلب وحمص – المتبقية طبعاً – لم تعد كما كانت. فهي في غالبيتها مغطاة بألواح سوداء من الزجاج، طاقة شمسية تمدّ البيوت بالكهرباء بعدما هجرتهم الشبكة العامة. من الأعلى، ترى المشهد كأنه مرض انتشر ثم عمّ المدينة كلها، لكنه في الحقيقة ليس مرضاً بل محاولة للنجاة. كل بيت صار يرفع لنفسه شمساً صغيرة على سطحه.

حديقة الأشرفية في مدينة حلب

أما القرى الصغيرة، فهي حكاية أشدّ قسوة. تكبّر الصورة لتبحث عن اسم قرية تعرفها، فتجد النقطة موجودة على الخريطة، لكن لا صور، لا مطاعم، لا فنادق، لا تعليقات. مجرد اسم يطفو فوق مساحة فارغة مدمرة. بعضها هجر منذ سنوات، وبعضها دُمّر بالكامل، وبعضها لم يعد فيه ما يُكتب. تشعر كأنك أمام مدن أشباح مسجّلة رسمياً في غوغل، لكن لا حياة تُرى خلف النقطة الزرقاء.

بجيرة ميدانكي في عفرين
بجيرة ميدانكي في عفرين

وفي بعض الأماكن التي تملك صوراً قديمة، تستطيع أن تجري مقارنة مؤلمة: كيف كانت قبل الحرب وكيف صارت. صور شوارع مرصوفة ونظيفة، مقابل صور جديدة لركام وجدران منهارة. غوغل لم يقصد أن يكون شاهِداً، لكنه تحوّل إلى ذلك من دون وعي. مجرد تحديث للصور صار شهادة تاريخية على بلد تمزّق.

كل هذه التفاصيل الصغيرة، من الأسماء المستحدثة إلى الغابات المحترقة والأسطح السوداء، تجتمع لتخبرك أن Google Maps في سوريا لا يشبه أي خريطة أخرى. إنه ليس أداة للتنقل، بل نافذة على ذاكرة البلد. خريطة تنطق بما عجز الناس عن قوله، وتوثّق ما حاول الجميع إنكاره أو تجاهله. حين تقرأها، لا تشعر أنك تبحث عن مطعم أو فندق، بل كأنك تقرأ ملفاً طبّياً معقّداً: صور أشعة لبلد مريض، تكشف الكسور، والندوب، والأعضاء المبتورة.

وهكذا، بمجرد أن تجلس أمام الشاشة وتفتح التطبيق، تجد نفسك في قلب القصة كلها. بلد بكامله معروض على خريطة، لكن بدل الطرقات الواضحة والمعالم السياحية، ترى طبقات الحرب وهي مطبوعة على الأرض، لا يمكن مسحها بنقرة زر.

فمن منا كان يعتقد أنّنا كسوريين سنكون مقسّمين حتى على Google Maps بهذا الشكل الفاجع؟ كيف لنا أن نلمّ الجراح ونداويها، بينما كل نقرة على الخريطة تكشف عن حياة ممزقة، عن غابات دُمرت، قرى هجرت، ومخيمات نمت على أراض كانت يوماً خضراء؟ الخريطة هنا ليست مجرد خطوط أو نقاط، بل مرآة لما عجزنا عن مواجهته على الأرض، تذكير بأن الحرب لم تترك شيئاً كما كان، وأن شفاءنا يحتاج إلى أكثر من مجرد أمنيات.

جنى بركات - صحافية لبنانية | 14.11.2025

“ستارلينك” لبنان: ما علاقتها بوزير الاتّصالات وبالشبهات المرتبطة بمعاقَب أميركياً؟ 

مع دخول "ستارلينك" إلى لبنان، برزت إشكالية حول مساعي الشركة الأميركية للتعاقد مع "Connect Services Liberia" كموزّع لخدمات "ستارلينك" في لبنان، من دون فتح باب المنافسة بين الشركات الأخرى، وهي الشركة التي سبق أن ترأّسها وزير الاتّصالات الحالي شارل الحاج. 
روج موسى
سوريا
14.10.2025
زمن القراءة: 4 minutes

كل هذه التفاصيل الصغيرة، من الأسماء المستحدثة إلى الغابات المحترقة والأسطح السوداء، تجتمع لتخبرك أن Google Maps في سوريا لا يشبه أي خريطة أخرى. إنه ليس أداة للتنقل، بل نافذة على ذاكرة البلد. خريطة تنطق بما عجز الناس عن قوله، وتوثّق ما حاول الجميع إنكاره أو تجاهله. حين تقرأها، لا تشعر أنك تبحث عن مطعم أو فندق، بل كأنك تقرأ ملفاً طبّياً معقّداً: صور أشعة لبلد مريض، تكشف الكسور، والندوب، والأعضاء المبتورة.

قد يكون Google Maps في أوروبا أمراً ثانويّاً لمعرفة تقييمات مطاعم معينة أو لمعاينة وجهات سياحة محتملة وتجهيز قائمة To do list، ولكن حينما تجلس أمام الشاشة وتفتح التطبيق في سوريا، قد تبدو خطوة تقنية صغيرة لكنها سرعان ما تتحوّل إلى رحلة كاملة في بلد لا يمكن أن تراه بسلام حتى من الأقمار الصناعية.

 عند أول تكبير للصورة، تظهر الحدود كخطوط مرسومة بهدوء، كأنها بلا خلافات ولا دماء. لكنك تعرف أنّ هذه الخطوط تخفي وراءها حكايات معابر غير رسمية، طرق تهريب، وأرضاً نزف فيها الناس على مدى سنوات. ثم تقرّب الصورة أكثر، فتدخل من بوابة الشمال، عفرين.

معبر عون الدادت شرقي حلب

هنا تبدأ الغرابة. فبدل أن تجد أسماء الشوارع والأسواق والحدائق، تطالعك نقاط غريبة: تجد على منزل مهجر كردي “أبو يزن الغوطاني”، وآخرون كتبوا على منزل آخر “مقر الحموي”، فيما ترى إحدى المعاصر كسجن، كلها مسجّلة أحياناً كمراكز خدمات أو مؤسسات. فجأة تفهم أن الخريطة لم تعد حيادية، بل صارت تفضح التداخل بين الحياة اليومية والعسكرة. بيت تحوّل إلى مقر، مدرسة صارت مركزاً، جامع تحيط به حواجز. لا يحتاج الأمر إلى مقالات سياسية مطوّلة، يكفي أن تنظر إلى الشاشة لتفهم أن الحرب لم تترك مكاناً على حاله، حيث يمكن بسهولة رؤية آثار الهدم الجزئي على المئات من المنازل، من بينها منزلنا العائلي في قريتنا الجبلية بريف عفرين.

تسحب الخريطة جنوباً نحو دمشق وحلب، حيث يُفترض أن يعود النظام والترتيب. لكن حتى هنا، يكشف لك Google Maps وجهاً آخر. تبحث عن دائرة حكومية أو نقاط عسكرية فتجدها قد سُمّيت بلغة مشحونة، أحياناً مسبّات أو أوصاف مهينة “أكاديمية الحيوان العسكرية” و”حديقة عامة ممنوع الدخول لأسباب أمنية”. تلك التسميات ليست خطأ تقنياً، بل تعبير ساخر وغاضب كتبه مستخدمون في ذروة الحرب. كأن الناس حوّلوا التطبيق إلى دفتر احتجاج رقمي، يكتبون فيه ما لا يستطيعون قوله في الشوارع. ومن المفارقة أنّ أسماء الشتائم بقيت على الخريطة حتى بعد رحيل الأسد، كأن غوغل نفسه لم يملك الوقت أو لم يهتم بمحوها. في العاصمة، حيث يُفترض أن يكون كل شيء رسمياً ومرتباً، يتسرّب صوت الشارع عبر الشاشة.

السكن الشبابي في مدينة حلب
السكن الشبابي في مدينة حلب

لكن الحرب لم تغيّر أسماء الأمكنة فقط، بل غيّرت طبيعة الأرض نفسها. حين ترفع الكاميرا قليلاً لترى الغابات من الأعلى، يصدمك الفرق بين الصور القديمة والجديدة. مساحات واسعة كانت خضراء في عفرين والساحل وإدلب، تحوّلت إلى بقع رمادية وسوداء. حرائق مقصودة أحياناً، أو إهمال متعمدّ، أو حتى استغلال للخشب من أجل التدفئة حين غابت الكهرباء والمازوت. من الأعلى، تبدو الجبال كجسد مثقّب، كل بقعة محترقة ندبة جديدة حيث بات Google Maps هنا ليس مجرد وسيلة لتحديد الطريق، بل صار أرشيفاً بصرياً يوثّق جريمة صامتة بحق الطبيعة.

وبين الجبال والمدن، تظهر المخيمات التي نمت على الأراضي الزراعية. الخيام البيضاء المتلاصقة تشكل مدناً جديدة، تزرع في الحقول التي كانت يوماً خضراء ومحاصيلها تغذي القرى المجاورة. آلاف الأسر هجرت منازلها، وحوّلت الأراضي الزراعية إلى مساكن مؤقتة، لكنها استمرت لسنوات، فتكوّنت قرى شبه دائمة على خرائط غوغل. هذه المخيمات لا تحمل فقط قصص النزوح، بل تعكس كيف غيّرت الحرب حياة الأرض نفسها، وكيف اضطر الناس لاستخدام أي مساحة متاحة للبقاء.

أكبر تجمع للمخيمات في سوريا آطمة إدلب

وإذا تركت المخيمات وعدت إلى المدن، ستكتشف طبقة جديدة من الحكاية. أسطح دمشق وحلب وحمص – المتبقية طبعاً – لم تعد كما كانت. فهي في غالبيتها مغطاة بألواح سوداء من الزجاج، طاقة شمسية تمدّ البيوت بالكهرباء بعدما هجرتهم الشبكة العامة. من الأعلى، ترى المشهد كأنه مرض انتشر ثم عمّ المدينة كلها، لكنه في الحقيقة ليس مرضاً بل محاولة للنجاة. كل بيت صار يرفع لنفسه شمساً صغيرة على سطحه.

حديقة الأشرفية في مدينة حلب

أما القرى الصغيرة، فهي حكاية أشدّ قسوة. تكبّر الصورة لتبحث عن اسم قرية تعرفها، فتجد النقطة موجودة على الخريطة، لكن لا صور، لا مطاعم، لا فنادق، لا تعليقات. مجرد اسم يطفو فوق مساحة فارغة مدمرة. بعضها هجر منذ سنوات، وبعضها دُمّر بالكامل، وبعضها لم يعد فيه ما يُكتب. تشعر كأنك أمام مدن أشباح مسجّلة رسمياً في غوغل، لكن لا حياة تُرى خلف النقطة الزرقاء.

بجيرة ميدانكي في عفرين
بجيرة ميدانكي في عفرين

وفي بعض الأماكن التي تملك صوراً قديمة، تستطيع أن تجري مقارنة مؤلمة: كيف كانت قبل الحرب وكيف صارت. صور شوارع مرصوفة ونظيفة، مقابل صور جديدة لركام وجدران منهارة. غوغل لم يقصد أن يكون شاهِداً، لكنه تحوّل إلى ذلك من دون وعي. مجرد تحديث للصور صار شهادة تاريخية على بلد تمزّق.

كل هذه التفاصيل الصغيرة، من الأسماء المستحدثة إلى الغابات المحترقة والأسطح السوداء، تجتمع لتخبرك أن Google Maps في سوريا لا يشبه أي خريطة أخرى. إنه ليس أداة للتنقل، بل نافذة على ذاكرة البلد. خريطة تنطق بما عجز الناس عن قوله، وتوثّق ما حاول الجميع إنكاره أو تجاهله. حين تقرأها، لا تشعر أنك تبحث عن مطعم أو فندق، بل كأنك تقرأ ملفاً طبّياً معقّداً: صور أشعة لبلد مريض، تكشف الكسور، والندوب، والأعضاء المبتورة.

وهكذا، بمجرد أن تجلس أمام الشاشة وتفتح التطبيق، تجد نفسك في قلب القصة كلها. بلد بكامله معروض على خريطة، لكن بدل الطرقات الواضحة والمعالم السياحية، ترى طبقات الحرب وهي مطبوعة على الأرض، لا يمكن مسحها بنقرة زر.

فمن منا كان يعتقد أنّنا كسوريين سنكون مقسّمين حتى على Google Maps بهذا الشكل الفاجع؟ كيف لنا أن نلمّ الجراح ونداويها، بينما كل نقرة على الخريطة تكشف عن حياة ممزقة، عن غابات دُمرت، قرى هجرت، ومخيمات نمت على أراض كانت يوماً خضراء؟ الخريطة هنا ليست مجرد خطوط أو نقاط، بل مرآة لما عجزنا عن مواجهته على الأرض، تذكير بأن الحرب لم تترك شيئاً كما كان، وأن شفاءنا يحتاج إلى أكثر من مجرد أمنيات.

روج موسى
سوريا
14.10.2025
زمن القراءة: 4 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية