رفع رئيس مجلس إدارة بنك لبناني شكاوى قانونية واسعة النطاق ضد صحافيين استقصائيين، في أعقاب تقاريرهم عن تعاملاته المصرفية المزعومة مع حاكم مصرف لبنان السابق.
صدر الاستدعاء الأول في منتصف شباط/ فبراير. وبعد أقل من شهر تبعه الاستدعاء الثاني. استُدعي رئيس تحرير “درج” وصحافية من الموقع الاستقصائي للاستجواب من قِبل مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية في لبنان. والسبب؟ شكوتان قانونيتان رفعهما أنطون صحناوي، رئيس مجلس إدارة بنك سوسيتيه جنرال في لبنان (SGBL).
كان بنك سوسيتيه جنرال في لبنان (SGBL) أحد البنوك التي ذكرها موقع “درج” في تحقيق بشأن تعاملاته مع رياض سلامة، الحاكم السابق لمصرف لبنان المركزي، المشتبه بتورطه في غسل أموال والفساد. وقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات على سلامة بسبب تورطه المزعوم في جرائم مالية.
قدّم صحناوي شكواه الأولى ضدّ الصحافيين بعد ثلاثة أشهر من نشر التقرير في كانون الأول/ ديسمبر 2023. ثمّ قدّم شكواه الثانية في 10 آذار/ مارس. واتهمهما بقائمة واسعة من الجرائم، بما في ذلك التشهير، والتحريض على الفتنة العنصرية، والإضرار بالعلاقات الخارجية للبنان، والإهانة، والابتزاز، وحتى التحريض على القتل.
تقول إدارة “درج” إن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة. وصرحت عليا إبراهيم، الشريكة المؤسسة والرئيسة التنفيذية لـ”درج”: “هذه الاتهامات سخيفة، والشكاوى لا أساس لها من الصحة. لكن قد يجهل ذلك عامة الناس، ولذلك علينا أن نأخذها على محمل الجد. سمعتنا على المحك”.
وبالإضافة إلى الشكويين اللتين تقدم بهما صحناوي، أفادت وسائل إعلام محلية بما في ذلك قناة “إم تي في” اللبنانية، بوجود شكوى قانونية ثالثة ضد المنصة، لم يتم إخطار “درج” بها.
قالت إبراهيم: “هناك أمرٌ غريبٌ حقاً في الشكوى. حتى الآن، لم نتلقَّ أيَّ اشعار بها. ما نعرفه يقيناً هو أن قناة MTV علمت بها قبلنا”.
ورداً على أسئلة OCCRP حول كيفية علم القناة بالشكوى المقدمة ضد “درج”، قال رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي للقناة ميشال المر إنه “لا يمكن إجبار MTV على الكشف عن مصادرها”.
تولى مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية في لبنان، التابع لقوى الأمن الداخلي، البحث في شكاوى صحناوي. ومع ذلك، ينص القانون اللبناني على أن تُعهد قضايا التشهير المتعلقة بالصحافيين إلى محكمة المطبوعات.
وقال محامي “درج” عمر فخر الدين، إن الفريق القانوني طلب رسمياً إحالة القضايا إلى محكمة المطبوعات، مشيراً إلى أن القضاء اللبناني أيّد منذ فترة طويلة اختصاص المحكمة في القضايا المتعلقة بالصحافة.
هذه ليست حادثة معزولة. فبين عامي 2019 و2024، حقق مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية اللبناني في أكثر من 1680 قضية تشهير وإهانة، وفقاً لبيانات منظمة العفو الدولية. وأشارت منظمة مراسلون بلا حدود إلى أنه في عام 2023 وحده، كثّفت السلطات اللبنانية استجواب الصحافيين الذين غطوا الأزمة الاقتصادية وانفجار مرفأ بيروت عام 2020. وأفادت المنظمة بأنه “منذ هذين الحدثين، ازدادت حدة الهجمات والإجراءات القانونية ضد وسائل الإعلام”.
النمط مألوف: استغلال النظام القضائي لترهيب الصحافيين الذين يكشفون الفساد. يقول جاد شحرور، مسؤول الاتصالات في مؤسسة سمير قصير، وهي مؤسسة حقوقية: “غالباً ما تستهدف هذه الإجراءات الصحافيين الذين يكشفون الفساد، أو يتحدون أصحاب السلطة، أو يحققون في قضايا حساسة. الهدف ليس دائماً ضمان الإدانة، بل إرهاق الصحافيين نفسياً ومادياً، ما يُصعّب عليهم مواصلة عملهم”.
بالنسبة الى “درج”، فإن المخاطر كبيرة. فإلى جانب الإضرار بسمعة المنصة، قد تؤدي المعركة القانونية إلى استنزاف الموارد وتحويل الانتباه عن العمل الاستقصائي. لكن إذا كان الهدف هو إسكات الصحافيين، فلن ينجح الأمر، تقول إبراهيم. وأضافت: “لن نتوقف. سنواصل التغطية الصحافية”.
ولم يستجب بنك سوسيتيه جنرال في لبنان لطلب OCCRP للتعليق في الوقت المناسب للنشر.
إقرأوا أيضاً: