fbpx

ابراهيم رئيسي… سيرة  مختصرة لـ”آية الله إعدام” و”عدو المرأة الأول”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كان من أكثر المتحمّسين لإصدار قانون “العفة والحجاب”، الذي ألزم المرأة الإيرانية بقواعد محدّدة في اللباس الشرعي، ويقال إنه وضع غالبية مواده، وكان حريصاً على إنهائه بأقل مدة، وتحويله إلى مجلس الشورى للمصادقة عليه، كما كان على رأس الداعين إلى تنشيط عمل شرطة الآداب ودعم عودتها إلى الشارع، بحلّة قمعية جديدة وقبضة حديدية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 أعلنت وسائل الإعلام الإيرانية رسمياً، بعد 18 ساعة من عمليات البحث الصعبة والمعقدة، أن رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي والوفد المرافق له، قُتلوا جميعاً.

سقطت الحوامة التي كان على متنها رئيسي ووفد من ثمانية أشخاص، بمن فيهم وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، أثناء اتجاههم من النقطة الحدودية مع جمهورية آذربيجان نحو طهران.

كان رئيسي والوفد المرافق شاركوا في حفل تدشين سد قيز قلعه سي وخدا آفرين على نهر أرس الحدودي، الذي يقسم آذربيجان إلى شرقية وغربية، إلى جانب الرئيس الآذربيجاني إلهام علييف.

وبحسب وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي، “كان الرئيس والوفد المرافق عائدين على متن ثلاث مروحيات بعد افتتاح السد، واضطرت المروحية التي تقل الرئيس لتنفيذ ما يعرف تقنياً بالهبوط الصعب، بسبب سوء الأحوال الجوية، فارتطمت بعنف بالأرض واحترقت بالكامل، ولقي كل من كان على متنها حتفهم”.

بعد شيوع خبر الحادثة، توجهت فرق الإنقاذ فوراً إلى المنطقة، لكن بسبب كثافة الضباب وغزارة الأمطار، كان الوصول صعباً واستغرق وقتاً طويلاً، الأمر ذاته مع عمليات الإنقاذ الجوي.

 كان من بين ركاب المروحية، إمام الجمعة في تبريز آية الله محمد علي الهاشم، حاكم محافظة آذربيجان حسين مالك رحمتي، قائد المروحية ومساعده ومرافقا الرئيس، كما كان على متن الطائرتين الأخريين وزراء الطاقة والمواصلات والتنمية الحضرية والنفط، وقد وصلوا إلى العاصمة من دون ضرر.

وقرابة السادسة صباح اليوم، كانت فرق الإنقاذ أعلنت أنها أصبحت على بعد بضع مئات الأمتار من حطام المروحية، وأن الصور التي التقطتها طائرات الدرون، لم تظهر أية علامات على أن أحداً من الركاب على قيد الحياة، وبحدود الثامنة أعلنت أنها وصلت إلى موقع الحطام.  

وكانت فرق الإنقاذ الإيرانية التابعة للهلال الأحمر والجيش والحرس الثوري والباسيج، فشلت تقنياً في تحديد موقع تحطّم المروحية، بسبب عدم حيازتها المعدات اللازمة، فسارعت دول المنطقة، بما فيها تركيا وروسيا، الى إرسال رجال إنقاذ وأجهزة كشف متطوّرة وطائرات من دون طيار، وتمكّنت طائرة “أكينجي” التركية من دون طيار، من تحديد موقع الحادث.

ووفقاً للتقارير، سقطت المروحية بالتحديد في غابة ديزمار، التي تغطي مساحة جغرافية واسعة بين مدينتي ورزقان وجلفا في محافظة آذربيجان الشرقية، وعلى بعد نحو 100 كيلومتر شمال مدينة تبريز، وهي منطقة جبلية وعرة يبلغ متوسط ارتفاعها ألفي متر، وتتألف من مجموعة سلاسل جبلية مشتركة بين إيران وجمهورية آذربيجان، تحمل أسماء تركية آذرية، منها قره داغ، آق داغ، جله داغ وپیرسقا. تتميز هذه المنطقة بشتاء بارد ومتجمّد وصيف معتدل، وتشهد أمطاراً وضباباً معظم أيام السنة. 

الطقس هو المتهم الأول! 

ما زالت  طهران إلى الآن تعتبر الطقس المتهم الأول والوحيد بالحادثة، على رغم ارتفاع بعض الأصوات التي تحدّثت عن عمل إرهابي، خطّطت له دول معادية ونفّذته جهات محلية، وتتربّع إسرائيل على رأس قائمة الاتّهام، باستخدام أراضي جمهورية آذربيجان.

من المحتمل أن تكون المعارضة الآذرية في إيران مشتبهاً بها في الحادث، فهناك جناح في المعارضة الإيرانية يتّهم مرشد الجمهورية علي خامنئي بتصفية رئيسي، ليخلو طريق القيادة لنجله مجتبى من بعده، كون رئيسي يشكل العائق الوحيد لذلك.

بعد انتشار خبر مقتل رئيسي ومرافقيه، عقدت الحكومة الإيرانية اجتماعاً طارئاً، كان خلاله مقعد رئيسي خالياً وحوله وشاح أسود. بعد الاجتماع، أعلنت الحكومة الحداد العام وتكليف نائب الرئيس الأول محمد مخبر دزفولي (بعد موافقة المرشد) بإدارة الفراغ، الى حين انتخاب رئيس جديد، كما ينصّ الدستور الإيراني.

ما زالت  طهران إلى الآن تعتبر الطقس المتهم الأول والوحيد بالحادثة، على رغم ارتفاع بعض الأصوات التي تحدّثت عن عمل إرهابي، خطّطت له دول معادية ونفّذته جهات محلية.

ابراهيم رئيسي أو “آية الله إعدام”

رئيسي هو رئيس الجمهورية الثامن للجمهورية الإسلامية، فاز في دورة الانتخابات الرئاسية صيف 2021 بأقل عدد أصوات في تاريخ الجمهورية، بعد فشله في دورة سابقة أمام الرئيس السابق حسن روحاني، رئيس الجمهورية الثاني الذي يقضي قتلاً بعد محمد علي رجائي، الذي اغتالته “منظمة مجاهدي خلق” أثناء اجتماع في مجلس الدفاع الأعلى في 30 آب/  أغسطس عام 1981. 

ويبلغ رئيسي من العمر 63 عاماً، وهو من مواليد مدينة مشهد في محافظة خراسان الرضوية، وسميت كذلك تيمناً باسم الإمام علي الرضا، ثامن أئمة الشيعة الاثني عشرية، الذي عاش ودفن في مشهد، المدينة التي تنتشر فيها المدارس الدينية أكثر من من أي مدينة شيعية أخرى.

بعدما أكمل تعليمه الابتدائي، بدأ دراسته الحوزوية في مشهد، ثم انتقل إلى مدرسة حقاني الدينية في مدينة قم، وهي المدرسة التي تولى الكثير من طلابها في ما بعد، مناصب أمنية وقضائية في الجمهورية الإسلامية. وفي سن العشرين، عُيِّن مدعياً عاماً لمدينة كرج القريبة من طهران، ما أتاح له أن يتزوج من ابنة إمام الجمعة في مشهد أحمد علم الهدى، الذي تتصدّر تصريحاته الحادة ومواقفه المتشدّدة والمثيرة للجدل، خصوصاً المتعلّقة بالنساء والحريات، عناوين الصحف الإيرانية كل يوم جمعة.

تطلق المعارضة الإيرانية على رئيسي اسم “آية الله إعدام”، بسبب ضلوعه في قضية إعدام آلاف السجناء في صيف عام 1988، وهو بالفعل كان أحد أعضاء ما يسمى بـ”لجنة الموت”، التي قضت إعداماً على آلاف المعارضين السياسيين، حتى قيل إن أعواد المشانق تعبت من الإعدامات، ما اضطّر اللجنة للجوء إلى الإعدام بالرصاص. 

في السنوات التي سبقت رئاسته، كان رئيسي واحداً من أهم الشخصيات في الشبكة القضائية الإيرانية، سواء على مستوى الأدوار المتوسطة مثل مدعي عام كرج ثم طهران، أم الأدوار العليا مثل المدعي العام في البلاد أو النائب الأول لرئيس السلطة القضائية، وصولاً إلى منصب رئاسة السلطة القضائية.

 بالتوازي مع حياته القضائية، دخل الحياة السياسية بعدما عينه خامنئي رئيساً لمؤسسة العتبة الرضوية، وهي إحدى أغنى المؤسسات الدينية الشيعية في العالم، لكنه ظل حتى آخر لحظة في حياته شخصية سياسية غير كارزمية، بلا لون ولا تأثير.

كانت لرئيسي علاقة وثيقة بقادة تنظيم الحرس الثوري، ويهتمّ إعلام التنظيم بنشاطه ويخصّص لأخباره مساحة معتبرة يومياً، حتى قبل أن يصبح رئيساً للجمهورية. وتشير المعارضة الإيرانية إلى أن علاقته بقادة الحرس أمثال قاسم سليماني ومحمد علي جعفري، هي التي أوصلته إلى سدّة الرئاسة، كما أنه بعد تعيينه وصياً على العتبة الرضوية، تحوّل إلى أحد أبرز أبطال الفساد في البلاد.

بعد فشله في الفوز بالانتخابات الرئاسية بمواجهة روحاني، بدأ بالتدرّب على المحاولة الثانية، فازداد تصلباّ وجمع حوله المتشددين، حتى برز تيار أصولي متشدد داخل الجناح المحافظ، ثم بدأت التكهنات بأنه المرشح الأوفر حظاً لخلافة خامنئي، ففاز بالمنافسة مع صادق لاريجاني على منصب نائب رئيس مجلس الخبراء، ونشط في زيارة المحافظات والتقرّب من الفئات الشعبية، واستحدث خطة لمكافحة الفساد، وخطة اقتصادية لإنعاش الإنتاج، وأعلن أنه سيعيد فتح المصانع المغلقة والمفلسة.

وبعد مرور عام على أنشطته ورحلاته هذه، ترشّح للانتخابات الرئاسية، فتجنّدت شخصيات في الحرس لإعداده، منهم القائد السابق لمقر “خاتم الأنبياء” سعيد محمد، وساعده مسؤول مجلس الأمن القومي السابق سعيد جليلي في تحضير المناظرات، كما عمل فريقه في هذه المرحلة، بمساعدة مجلس صيانة الدستور، على إزاحة الشخصيات التي تهدّد فوزه، مثل علي لاريجاني ومحمود أحمدي نجاد ومسعود بيشيكيان وإسحق جهانغيري، فدخل الانتخابات في أكثر الظروف أماناً.

استغرقت هذه المساعدة المتعددة الأطراف والمراحل، أكثر من خمس سنوات، وكانت بمثابة نهاية المرحلة الأولى من مشروع ترقيته في السياسة الإيرانية. وفي هذه المرحلة، أطلق عليه المعارضون لقب “آية الله إعدام”، بينما أطلقت عليه وسائل الإعلام التابعة للحرس الثوري وللأصوليين لقب “سيد المحرومين”.

بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية، طالبت منظمة العفو الدولية، التي أجرت تحقيقاً موسعاً حول دوره في إعدامات 1988، بمحاكمته جنائياً بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وانتهاك حقوق الإنسان.

رئيسي قامعاً للاحتجاجات

لعب رئيسي دوراً رئيساً في قمع احتجاجات المعارضة الخضراء عام 2009، والاحتجاجات التي تلتها، ومارس رقابة خانقة على الصحافة والإنترنت وعلى لباس المرأة الإيرانية وليس “الحجاب الجيد” فقط.

تسميه الحركة النسائية الإيرانية “عدو المرأة الأول”، بسبب دوره في قمع حركة “المرأة، الحياة، الحرية” التي انطلقت عقب مقتل الشابة الكرديّة (جينا) مهسا أميني على يد شرطة الآداب في طهران، وبسبب القرارات المتشددة التي حرص على إصدارها، والتي طاولت المجتمع النسائي الإيراني، وضيقت نطاق تحرّك المرأة الإيرانية الضيّق أصلاً.

كان من أكثر المتحمّسين لإصدار قانون “العفة والحجاب”، الذي ألزم المرأة الإيرانية بقواعد محدّدة في اللباس الشرعي، ويقال إنه وضع غالبية مواده، وكان حريصاً على إنهائه بأقل مدة، وتحويله إلى مجلس الشورى للمصادقة عليه، كما كان على رأس الداعين إلى تنشيط عمل شرطة الآداب ودعم عودتها إلى الشارع، بحلّة قمعية جديدة وقبضة حديدية.

من يخلف رئيسي؟

وفقًا للمادة 131 من دستور جمهورية إيران الإسلامية، “في حالة وفاة الرئيس أو إقالته أو استقالته أو غيابه أو مرضه لأكثر من شهرين، أو في حالة انتهاء فترة ولايته، وتعذّر انتخاب رئيس جديد، يتولّى النائب الأول للرئيس صلاحياته ومسؤولياته بموافقة القيادة”.

وبموجب الدستور أيضاً، “يُلزم مجلس يتكوّن من رئيس مجلس النواب ورئيس السلطة القضائية والنائب الأول للرئيس، باتخاذ الترتيبات اللازمة لانتخاب رئيس جديد، خلال مدة أقصاها خمسين يوماً”.

حالياً، يتولّى محمد مخبر دزفولي منصب النائب الأول للرئيس الإيراني، وفي حال موافقة علي خامنئي، فإنه سيتولّى صلاحيات الرئيس الراحل ومسؤولياته حتى انتخاب رئيس جديد.

ومخبر من مواليد مدينة دزفول في محافظة خوزستان جنوب غربي إيران، مدرج على قائمة عقوبات الولايات المتحدة الأميركية. وهو أحد أهم معاوني رئيسي، خصوصاً في المجال الاقتصادي، نظراً الى عدم دراية رئيسي في هذا المجال.

 ويرى صحافيون أن مخبر يتولّى بالفعل إدارة حكومة رئيسي، وله دور مباشر في تعيين وزراء الاقتصاد والنفط والطاقة(وزارات الثروات الوطنية)، وهو عضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام، وقد ورد اسمه واسم ابنه سجّاد في قضايا فساد متعلقة ببيع النفط الإيراني.

فداء زياد - كاتبة فلسطينية من غزة | 14.06.2024

عن تخمة الشعور واختبارات النجاة في غزة

ليلة اقتحام رفح، كانت حيلتي أن أستعير أقدام الطبيبة أميرة العسولي، المرأة الطبيبة التي جازفت بحياتها لتنقذ حياة مصاب، فترة حصار الجيش الإسرائيلي مستشفى ناصر في خانيونس، كي أحاول إنقاذ أخي وعائلته وأختي وأبنائها المقيمين في الجهة المقابلة لنا، لأنهم كانوا أكثر قرباً من الخطر.

كان من أكثر المتحمّسين لإصدار قانون “العفة والحجاب”، الذي ألزم المرأة الإيرانية بقواعد محدّدة في اللباس الشرعي، ويقال إنه وضع غالبية مواده، وكان حريصاً على إنهائه بأقل مدة، وتحويله إلى مجلس الشورى للمصادقة عليه، كما كان على رأس الداعين إلى تنشيط عمل شرطة الآداب ودعم عودتها إلى الشارع، بحلّة قمعية جديدة وقبضة حديدية.

 أعلنت وسائل الإعلام الإيرانية رسمياً، بعد 18 ساعة من عمليات البحث الصعبة والمعقدة، أن رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي والوفد المرافق له، قُتلوا جميعاً.

سقطت الحوامة التي كان على متنها رئيسي ووفد من ثمانية أشخاص، بمن فيهم وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، أثناء اتجاههم من النقطة الحدودية مع جمهورية آذربيجان نحو طهران.

كان رئيسي والوفد المرافق شاركوا في حفل تدشين سد قيز قلعه سي وخدا آفرين على نهر أرس الحدودي، الذي يقسم آذربيجان إلى شرقية وغربية، إلى جانب الرئيس الآذربيجاني إلهام علييف.

وبحسب وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي، “كان الرئيس والوفد المرافق عائدين على متن ثلاث مروحيات بعد افتتاح السد، واضطرت المروحية التي تقل الرئيس لتنفيذ ما يعرف تقنياً بالهبوط الصعب، بسبب سوء الأحوال الجوية، فارتطمت بعنف بالأرض واحترقت بالكامل، ولقي كل من كان على متنها حتفهم”.

بعد شيوع خبر الحادثة، توجهت فرق الإنقاذ فوراً إلى المنطقة، لكن بسبب كثافة الضباب وغزارة الأمطار، كان الوصول صعباً واستغرق وقتاً طويلاً، الأمر ذاته مع عمليات الإنقاذ الجوي.

 كان من بين ركاب المروحية، إمام الجمعة في تبريز آية الله محمد علي الهاشم، حاكم محافظة آذربيجان حسين مالك رحمتي، قائد المروحية ومساعده ومرافقا الرئيس، كما كان على متن الطائرتين الأخريين وزراء الطاقة والمواصلات والتنمية الحضرية والنفط، وقد وصلوا إلى العاصمة من دون ضرر.

وقرابة السادسة صباح اليوم، كانت فرق الإنقاذ أعلنت أنها أصبحت على بعد بضع مئات الأمتار من حطام المروحية، وأن الصور التي التقطتها طائرات الدرون، لم تظهر أية علامات على أن أحداً من الركاب على قيد الحياة، وبحدود الثامنة أعلنت أنها وصلت إلى موقع الحطام.  

وكانت فرق الإنقاذ الإيرانية التابعة للهلال الأحمر والجيش والحرس الثوري والباسيج، فشلت تقنياً في تحديد موقع تحطّم المروحية، بسبب عدم حيازتها المعدات اللازمة، فسارعت دول المنطقة، بما فيها تركيا وروسيا، الى إرسال رجال إنقاذ وأجهزة كشف متطوّرة وطائرات من دون طيار، وتمكّنت طائرة “أكينجي” التركية من دون طيار، من تحديد موقع الحادث.

ووفقاً للتقارير، سقطت المروحية بالتحديد في غابة ديزمار، التي تغطي مساحة جغرافية واسعة بين مدينتي ورزقان وجلفا في محافظة آذربيجان الشرقية، وعلى بعد نحو 100 كيلومتر شمال مدينة تبريز، وهي منطقة جبلية وعرة يبلغ متوسط ارتفاعها ألفي متر، وتتألف من مجموعة سلاسل جبلية مشتركة بين إيران وجمهورية آذربيجان، تحمل أسماء تركية آذرية، منها قره داغ، آق داغ، جله داغ وپیرسقا. تتميز هذه المنطقة بشتاء بارد ومتجمّد وصيف معتدل، وتشهد أمطاراً وضباباً معظم أيام السنة. 

الطقس هو المتهم الأول! 

ما زالت  طهران إلى الآن تعتبر الطقس المتهم الأول والوحيد بالحادثة، على رغم ارتفاع بعض الأصوات التي تحدّثت عن عمل إرهابي، خطّطت له دول معادية ونفّذته جهات محلية، وتتربّع إسرائيل على رأس قائمة الاتّهام، باستخدام أراضي جمهورية آذربيجان.

من المحتمل أن تكون المعارضة الآذرية في إيران مشتبهاً بها في الحادث، فهناك جناح في المعارضة الإيرانية يتّهم مرشد الجمهورية علي خامنئي بتصفية رئيسي، ليخلو طريق القيادة لنجله مجتبى من بعده، كون رئيسي يشكل العائق الوحيد لذلك.

بعد انتشار خبر مقتل رئيسي ومرافقيه، عقدت الحكومة الإيرانية اجتماعاً طارئاً، كان خلاله مقعد رئيسي خالياً وحوله وشاح أسود. بعد الاجتماع، أعلنت الحكومة الحداد العام وتكليف نائب الرئيس الأول محمد مخبر دزفولي (بعد موافقة المرشد) بإدارة الفراغ، الى حين انتخاب رئيس جديد، كما ينصّ الدستور الإيراني.

ما زالت  طهران إلى الآن تعتبر الطقس المتهم الأول والوحيد بالحادثة، على رغم ارتفاع بعض الأصوات التي تحدّثت عن عمل إرهابي، خطّطت له دول معادية ونفّذته جهات محلية.

ابراهيم رئيسي أو “آية الله إعدام”

رئيسي هو رئيس الجمهورية الثامن للجمهورية الإسلامية، فاز في دورة الانتخابات الرئاسية صيف 2021 بأقل عدد أصوات في تاريخ الجمهورية، بعد فشله في دورة سابقة أمام الرئيس السابق حسن روحاني، رئيس الجمهورية الثاني الذي يقضي قتلاً بعد محمد علي رجائي، الذي اغتالته “منظمة مجاهدي خلق” أثناء اجتماع في مجلس الدفاع الأعلى في 30 آب/  أغسطس عام 1981. 

ويبلغ رئيسي من العمر 63 عاماً، وهو من مواليد مدينة مشهد في محافظة خراسان الرضوية، وسميت كذلك تيمناً باسم الإمام علي الرضا، ثامن أئمة الشيعة الاثني عشرية، الذي عاش ودفن في مشهد، المدينة التي تنتشر فيها المدارس الدينية أكثر من من أي مدينة شيعية أخرى.

بعدما أكمل تعليمه الابتدائي، بدأ دراسته الحوزوية في مشهد، ثم انتقل إلى مدرسة حقاني الدينية في مدينة قم، وهي المدرسة التي تولى الكثير من طلابها في ما بعد، مناصب أمنية وقضائية في الجمهورية الإسلامية. وفي سن العشرين، عُيِّن مدعياً عاماً لمدينة كرج القريبة من طهران، ما أتاح له أن يتزوج من ابنة إمام الجمعة في مشهد أحمد علم الهدى، الذي تتصدّر تصريحاته الحادة ومواقفه المتشدّدة والمثيرة للجدل، خصوصاً المتعلّقة بالنساء والحريات، عناوين الصحف الإيرانية كل يوم جمعة.

تطلق المعارضة الإيرانية على رئيسي اسم “آية الله إعدام”، بسبب ضلوعه في قضية إعدام آلاف السجناء في صيف عام 1988، وهو بالفعل كان أحد أعضاء ما يسمى بـ”لجنة الموت”، التي قضت إعداماً على آلاف المعارضين السياسيين، حتى قيل إن أعواد المشانق تعبت من الإعدامات، ما اضطّر اللجنة للجوء إلى الإعدام بالرصاص. 

في السنوات التي سبقت رئاسته، كان رئيسي واحداً من أهم الشخصيات في الشبكة القضائية الإيرانية، سواء على مستوى الأدوار المتوسطة مثل مدعي عام كرج ثم طهران، أم الأدوار العليا مثل المدعي العام في البلاد أو النائب الأول لرئيس السلطة القضائية، وصولاً إلى منصب رئاسة السلطة القضائية.

 بالتوازي مع حياته القضائية، دخل الحياة السياسية بعدما عينه خامنئي رئيساً لمؤسسة العتبة الرضوية، وهي إحدى أغنى المؤسسات الدينية الشيعية في العالم، لكنه ظل حتى آخر لحظة في حياته شخصية سياسية غير كارزمية، بلا لون ولا تأثير.

كانت لرئيسي علاقة وثيقة بقادة تنظيم الحرس الثوري، ويهتمّ إعلام التنظيم بنشاطه ويخصّص لأخباره مساحة معتبرة يومياً، حتى قبل أن يصبح رئيساً للجمهورية. وتشير المعارضة الإيرانية إلى أن علاقته بقادة الحرس أمثال قاسم سليماني ومحمد علي جعفري، هي التي أوصلته إلى سدّة الرئاسة، كما أنه بعد تعيينه وصياً على العتبة الرضوية، تحوّل إلى أحد أبرز أبطال الفساد في البلاد.

بعد فشله في الفوز بالانتخابات الرئاسية بمواجهة روحاني، بدأ بالتدرّب على المحاولة الثانية، فازداد تصلباّ وجمع حوله المتشددين، حتى برز تيار أصولي متشدد داخل الجناح المحافظ، ثم بدأت التكهنات بأنه المرشح الأوفر حظاً لخلافة خامنئي، ففاز بالمنافسة مع صادق لاريجاني على منصب نائب رئيس مجلس الخبراء، ونشط في زيارة المحافظات والتقرّب من الفئات الشعبية، واستحدث خطة لمكافحة الفساد، وخطة اقتصادية لإنعاش الإنتاج، وأعلن أنه سيعيد فتح المصانع المغلقة والمفلسة.

وبعد مرور عام على أنشطته ورحلاته هذه، ترشّح للانتخابات الرئاسية، فتجنّدت شخصيات في الحرس لإعداده، منهم القائد السابق لمقر “خاتم الأنبياء” سعيد محمد، وساعده مسؤول مجلس الأمن القومي السابق سعيد جليلي في تحضير المناظرات، كما عمل فريقه في هذه المرحلة، بمساعدة مجلس صيانة الدستور، على إزاحة الشخصيات التي تهدّد فوزه، مثل علي لاريجاني ومحمود أحمدي نجاد ومسعود بيشيكيان وإسحق جهانغيري، فدخل الانتخابات في أكثر الظروف أماناً.

استغرقت هذه المساعدة المتعددة الأطراف والمراحل، أكثر من خمس سنوات، وكانت بمثابة نهاية المرحلة الأولى من مشروع ترقيته في السياسة الإيرانية. وفي هذه المرحلة، أطلق عليه المعارضون لقب “آية الله إعدام”، بينما أطلقت عليه وسائل الإعلام التابعة للحرس الثوري وللأصوليين لقب “سيد المحرومين”.

بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية، طالبت منظمة العفو الدولية، التي أجرت تحقيقاً موسعاً حول دوره في إعدامات 1988، بمحاكمته جنائياً بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وانتهاك حقوق الإنسان.

رئيسي قامعاً للاحتجاجات

لعب رئيسي دوراً رئيساً في قمع احتجاجات المعارضة الخضراء عام 2009، والاحتجاجات التي تلتها، ومارس رقابة خانقة على الصحافة والإنترنت وعلى لباس المرأة الإيرانية وليس “الحجاب الجيد” فقط.

تسميه الحركة النسائية الإيرانية “عدو المرأة الأول”، بسبب دوره في قمع حركة “المرأة، الحياة، الحرية” التي انطلقت عقب مقتل الشابة الكرديّة (جينا) مهسا أميني على يد شرطة الآداب في طهران، وبسبب القرارات المتشددة التي حرص على إصدارها، والتي طاولت المجتمع النسائي الإيراني، وضيقت نطاق تحرّك المرأة الإيرانية الضيّق أصلاً.

كان من أكثر المتحمّسين لإصدار قانون “العفة والحجاب”، الذي ألزم المرأة الإيرانية بقواعد محدّدة في اللباس الشرعي، ويقال إنه وضع غالبية مواده، وكان حريصاً على إنهائه بأقل مدة، وتحويله إلى مجلس الشورى للمصادقة عليه، كما كان على رأس الداعين إلى تنشيط عمل شرطة الآداب ودعم عودتها إلى الشارع، بحلّة قمعية جديدة وقبضة حديدية.

من يخلف رئيسي؟

وفقًا للمادة 131 من دستور جمهورية إيران الإسلامية، “في حالة وفاة الرئيس أو إقالته أو استقالته أو غيابه أو مرضه لأكثر من شهرين، أو في حالة انتهاء فترة ولايته، وتعذّر انتخاب رئيس جديد، يتولّى النائب الأول للرئيس صلاحياته ومسؤولياته بموافقة القيادة”.

وبموجب الدستور أيضاً، “يُلزم مجلس يتكوّن من رئيس مجلس النواب ورئيس السلطة القضائية والنائب الأول للرئيس، باتخاذ الترتيبات اللازمة لانتخاب رئيس جديد، خلال مدة أقصاها خمسين يوماً”.

حالياً، يتولّى محمد مخبر دزفولي منصب النائب الأول للرئيس الإيراني، وفي حال موافقة علي خامنئي، فإنه سيتولّى صلاحيات الرئيس الراحل ومسؤولياته حتى انتخاب رئيس جديد.

ومخبر من مواليد مدينة دزفول في محافظة خوزستان جنوب غربي إيران، مدرج على قائمة عقوبات الولايات المتحدة الأميركية. وهو أحد أهم معاوني رئيسي، خصوصاً في المجال الاقتصادي، نظراً الى عدم دراية رئيسي في هذا المجال.

 ويرى صحافيون أن مخبر يتولّى بالفعل إدارة حكومة رئيسي، وله دور مباشر في تعيين وزراء الاقتصاد والنفط والطاقة(وزارات الثروات الوطنية)، وهو عضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام، وقد ورد اسمه واسم ابنه سجّاد في قضايا فساد متعلقة ببيع النفط الإيراني.

|

اشترك بنشرتنا البريدية