fbpx

عمال الضفة الغربيّة… ديون وتضييق وحرمان من العمل

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“كارثة غزة تنتقل الى الضفة الغربية بشكل تدريجي، ويمكن رصد ذلك من خلال عمليات القتل والاعتقال والهدم ومصادرة الأراضي وعزل المناطق عن بعضها”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يحمل أحمد أحمد (31 عاماً- اسم مستعار) شهادة بكالوريوس في التربية الاجتماعيّة، وهو أب لطفلين لم يتجاوزا الرابعة من العمر، وزوجته ربّة منزل. لم يتمكن أحمد من الحصول على وظيفة تتماشى مع شهادته، لقلّة الفرص وعدم امتلاكه “واسطة”، ما دفعه للتوجه إلى “إسرائيل” للعمل في قطاع البناء. لكن منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر  وبداية الحرب، أحمد بلا عمل، ناهيك بارتفاع تكاليف الحياة، ليغرق في الديون لسدّ رمق عائلته.

يقول أحمد في حديثه لـ “درج”، إنه يعمل الآن في قطاع الزراعة في منطقته عندما تسنح له فرصة، لكنّ الأجور زهيدة جداً، مشيراً إلى أن ما يتقاضاه في أسبوع الآن، كان يتقاضاه في يوم واحد سابقاً.

ويضيف “لا أحد يلتفت إلى حالنا، حرب وغلاء أسعار، أي مشوار إلى السوبرماركت يكلفني 100 شيكل (أكثر من 20 دولاراً)، وأنا أتحدث عن أساسيات حياتنا التي تسير بالحد الأدنى”.

سألنا أحمد عن المعونات الحكومية المقدّمة لفئة العمّال الأجانب، فقال: “نحن نسمع عنها فقط لكن لا نرى شيئاً، لم تتواصل معنا أي جهة حكومية، ولم أستلم أنا أو من أعرف من عمّال، أي نوع من المساعدات، ولم أسمع أي حديث عن فرص عمل. ذكرني الحديث عن المساعدات بأيام جائحة كورونا، إذ كنا نسمع عنها فقط لكنّها كانت تذهب إلى أناس ليسوا بحاجة إليها، كانت القوائم تضم أسماء غير محتاجة”. 

وقال الجهاز المركزي للإحصاء إن معدلات البطالة قفزت إلى مستويات غير مسبوقة بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وأوضح في بيان استعرض فيه الواقع العمالي في فلسطين لعام 2023،  أن عدد العاطلين من العمل ارتفع إلى 317 ألفاً في الربع الرابع من 2023 مقارنة بحوالى 129 ألفاً في الربع الثالث من 2023 قُبيل الحرب.

“إبادة اقتصادية بالضفة ولا خطة طوارئ”

قالت عضوة الأمانة العامة لاتحاد نقابات عمال فلسطين عائشة حموضة، في حديثها لـ “درج”، إن “إسرائيل” لا تمارس إبادة جماعية في قطاع غزة فقط وإنما “إبادة اقتصادية” تستهدف الكل الفلسطيني، وجميع السياسات الإسرائيلية الممنهجة، وعلى رأسها تقطيع المدن والمناطق الفلسطينية وعزلها وتحديد الحركة، أثّرت كثيراً على الاقتصاد الفلسطيني من دون وجود آليات فلسطينية تقترح معالجة الوضع الحالي.

تقول حموضة: “كارثة غزة تنتقل الى الضفة الغربية بشكل تدريجي، ويمكن رصد ذلك من خلال عمليات القتل والاعتقال والهدم ومصادرة الأراضي وعزل المناطق عن بعضها”.

تضيف أن “على الحكومة الفلسطينية الجديدة فتح أبوابها ووضع استراتيجية وطنية لحماية ما تبقى. وللأسف، كل الاستراتيجيات التي تُعدّ لا يتم التشاور في تفاصيلها مع الجهات المتخصصة ولا البناء على استراتيجيات وخطط سابقة.  والحكومات الفلسطينية متغيرة، وكل حكومة جديدة تأتي باستراتيجية خاصة بها، فيما من الأفضل تبنّي استراتيجية وطنية واحدة والعمل عليها وتطويرها”.

نوّهت حموضة إلى أن بعض العمال بدأوا بالعودة عن طريق “التهريب”، مشيرةً إلى أن لقمة العيش تدفعهم الى المخاطرة بحياتهم في ظل الحرب.

أضافت حموضة أن الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين تواصل منذ بداية الحرب مع جميع الجهات الحكومية لإعفاء العمال من الرسوم والدفعات المترتبة عليهم. وبعد مفاوضات مع سلطة النقد، اتخذت قراراً بإعفاء العمال من رسوم الشيكات الراجعة، وتحويل سلف مالية لهم إلى حين عودتهم الى العمل بضمان استحقاقاتهم الموجودة في الداخل كعمال منتظمين”. 

وأوضحت حموضة أن ثمة حوالى 73 ألف عامل منتظم بالبنوك الفلسطينية تم التعامل معهم بطريقة سيئة بدلاً من احتضانهم، وهي سياسات سينتج منها توجه العامل إلى المشغل الإسرائيلي والتسهيلات الإسرائيلية.

وأشارت الى أن “الاتحاد بدوره، حاول التواصل مع منظمة العمل الدولية بهدف وضع استراتيجيات ضمن سياسات التشغيل والتمكين للتعامل مع عمال إسرائيل وغزة”، مضيفة: “نحن اليوم أمام منعطف حقيقي، فعلى سبيل المثال، 12 بالمئة من النساء اللواتي يعلن أسرهن فقدن عملهن، ويوجد الكثير من الأسر مهدّدة بأمنها الغذائي”.

“لا أحد يلتفت إلى حالنا، حرب وغلاء أسعار، أي مشوار إلى السوبرماركت يكلفني 100 شيكل (أكثر من 20 دولاراً)، وأنا أتحدث عن أساسيات حياتنا التي تسير بالحد الأدنى”.

شروط مهينة لعودة العمال 

قال مدير عام تنظيم العمل الخارجي عبدالكريم مرداوي، إن “حركة العمال الفلسطينين قبل السابع من تشرين الأول كانت في أوجها، فوصلت إلى 200 ألف عامل ينقسمون إلى أربع فئات، الفئة الأولى تشكّل العمال داخل الخط الأخضر المنظمين من الضفة الغربية وعددهم 105 آلاف عامل، بالإضافة الى 35 ألف عامل يحملون تصاريح مستوطنات، والفئة التي دخلت للعمل داخل أراضي عام 1948 من قطاع غزة، وكان عددهم 18500، منهم 3500 يحملون تصاريح مشغل رسمي، والبقية منهم يحملون تصاريح احتياجات اقتصادية بغرض العمل، وما تبقى هم عمال يحملون أنواعاً مختلفة من التصاريح”.

 وأشار مرداوي إلى أن “هذه الأعداد كانت تشكّل 20 بالمئة من حجم القوى العاملة الفلسطينية، وتدخل شهرياً مليار ونصف المليار شيكل إلى السوق الفلسطيني، أي 18 مليار شيكل سنوياً”.

وأضاف في حديثه لـ “درج”، أنه “بعد السابع من تشرين الأول، طردت إسرائيل العمال قصراً، وبالتالي أصبحت هذه القوى ضمن صفوف البطالة، فازداد الوضع الاقتصادي سوءاً في الضفة الغربية وقطاع غزة، يضاف إليه عدم تحويل إسرائيل أموال المقاصة للسلطة الفلسطينية، التي تشكّل ثلثي إيراداتها، واقتطاع حصة غزة”.

وتابع مرداوي أن نسبة البطالة بعد الشهور الثلاثة الأولى من الحرب، ارتفعت في الضفة الغربية إلى 32 في المئة، وفي قطاع غزة 75 في المئة بعدما كانت 13 في المئة في الضفة الغربية و46 في المئة في غزة، وفُقد نحو 200 ألف فرصة عمل في الضفة منذ 7 تشرين الأول، بينما الغالبية  عاطلة من العمل في غزة”. 

ولفت مرداوي الى أن الوزارة منحت العاملين داخل الخط الأخضر تأميناً صحياً مجانياً، واستقبلت الوزارة عمال قطاع غزة ومنحت دفعات شهرية لـ 3672 عاملاً من غزة ، إذ بدأت الوزارة منذ تشرين الثاني بدفع 140 ديناراً أو 700 شيكل شهرياً لعمال غزة من المؤسسات المانحة”، مضيفاً: “يوجد صندوق استدامة تديره سلطة النقد وتسفيد منه فئات معينة من المجتمع كالنساء وخريجي مراكز التدريب المهني وفئة المعاقين، وأضيفت إليه فئة العمال في الداخل الفلسطيني، بحيث يستطيع العامل الحصول على قرض ميسر قيمته 10 آلاف دولار وفائدته صفر لإنشاء مشروع صغير”.

وأردف مرداوي أن “الوزارة تسعى الى توجيه وطرح برامج تشغيل مؤقتة في الضفة الغربية بالشراكة مع القطاع الخاص، بحيث تتحمل الحكومة نصف الراتب والنصف الآخر يتحمله القطاع الخاص لتحريك عجلة الاقتصاد الفلسطيني، مع السعي الى توقيع مذكرات تفاهم مع الدول العربية لتوزيع الأيدي العاملة الفلسطينية عليها، بحيث لا تكون إسرائيل السوق الوحيد الذي يستوعبها”.

وأوضح مرداوي أن إسرائيل سمحت لحوالى 8 آلاف عامل فقط بالعودة للعمل في أراضي 1948 و15 ألف عامل في المستوطنات، على أن تسمح بالعودة التدريجية للعمال وفق شروط معينة، كالسماح لمن هم فوق سن الـ 40 عاماً، بالإضافة الى شروط مهينة مثل وضع “إسوارة تتبع حركة” العامل أثناء وجوده في مكان عامله”. 

غياب منظومة الحماية الاجتماعية لعمال فلسطين

أصدر مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية “شمس”، ورقة  قال فيها إنه في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني والآثار المدمرة على الاقتصاد الفلسطيني جراء هذا العدوان، وفقدان عشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين عملهم سواء في السوق الفلسطيني أو داخل إسرائيل، أصبحت أسر فلسطينية كثيرة تعاني من الفقر المدقع، ولوحظ غياب أي منظومة من أي جهة حكومية أو غير حكومية فلسطينية تهتم بهذا الوضع الصعب المترتب على هذه الظروف الاقتصادية الكارثية، إلى جانب عدم وجود أي خطة وطنية أو استراتيجية لمواجهة الواقع الاقتصادي الصعب الذي فرضته ظروف الحرب.

وأظهرت البيانات الصادرة عن منظمة العمل الدولية، توقعات بارتفاع معدل البطالة بين الفلسطينيين إلى 57 في المئة خلال الربع الأول من العام 2024، بسبب العدوان الذي تشنه إسرائيل على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة،  ونشرها الحواجز في الضفة الغربية ومنعها العمال من التوجه إلى أماكن عملهم داخل إسرائيل. وتظهر التقديرات فقدان حوالى (507.000) وظيفة بسبب الحرب  والظروف  الصعبة التي فرضها الاحتلال على الشعب الفلسطيني، والتي ألحقت خسائر غير مسبوقة بالاقتصاد الفلسطيني.

ووفقاً للورقة، فإن الآثار المترتبة على إغلاق سوق العمل الإسرائيلي بوجه العمال الفلسطينيين، كانت كبيرة جداً وشملت جوانب الحياة كافة الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، إذ كان العائد على الاقتصاد الفلسطيني من خلال العمال العاملين داخل إسرائيل سنوياً نحو 3 مليارات دولار، أي ما يعادل 15 في المئة من الدخل القومي الفلسطيني.

فداء زياد - كاتبة فلسطينية من غزة | 14.06.2024

عن تخمة الشعور واختبارات النجاة في غزة

ليلة اقتحام رفح، كانت حيلتي أن أستعير أقدام الطبيبة أميرة العسولي، المرأة الطبيبة التي جازفت بحياتها لتنقذ حياة مصاب، فترة حصار الجيش الإسرائيلي مستشفى ناصر في خانيونس، كي أحاول إنقاذ أخي وعائلته وأختي وأبنائها المقيمين في الجهة المقابلة لنا، لأنهم كانوا أكثر قرباً من الخطر.
21.05.2024
زمن القراءة: 6 minutes

“كارثة غزة تنتقل الى الضفة الغربية بشكل تدريجي، ويمكن رصد ذلك من خلال عمليات القتل والاعتقال والهدم ومصادرة الأراضي وعزل المناطق عن بعضها”.

يحمل أحمد أحمد (31 عاماً- اسم مستعار) شهادة بكالوريوس في التربية الاجتماعيّة، وهو أب لطفلين لم يتجاوزا الرابعة من العمر، وزوجته ربّة منزل. لم يتمكن أحمد من الحصول على وظيفة تتماشى مع شهادته، لقلّة الفرص وعدم امتلاكه “واسطة”، ما دفعه للتوجه إلى “إسرائيل” للعمل في قطاع البناء. لكن منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر  وبداية الحرب، أحمد بلا عمل، ناهيك بارتفاع تكاليف الحياة، ليغرق في الديون لسدّ رمق عائلته.

يقول أحمد في حديثه لـ “درج”، إنه يعمل الآن في قطاع الزراعة في منطقته عندما تسنح له فرصة، لكنّ الأجور زهيدة جداً، مشيراً إلى أن ما يتقاضاه في أسبوع الآن، كان يتقاضاه في يوم واحد سابقاً.

ويضيف “لا أحد يلتفت إلى حالنا، حرب وغلاء أسعار، أي مشوار إلى السوبرماركت يكلفني 100 شيكل (أكثر من 20 دولاراً)، وأنا أتحدث عن أساسيات حياتنا التي تسير بالحد الأدنى”.

سألنا أحمد عن المعونات الحكومية المقدّمة لفئة العمّال الأجانب، فقال: “نحن نسمع عنها فقط لكن لا نرى شيئاً، لم تتواصل معنا أي جهة حكومية، ولم أستلم أنا أو من أعرف من عمّال، أي نوع من المساعدات، ولم أسمع أي حديث عن فرص عمل. ذكرني الحديث عن المساعدات بأيام جائحة كورونا، إذ كنا نسمع عنها فقط لكنّها كانت تذهب إلى أناس ليسوا بحاجة إليها، كانت القوائم تضم أسماء غير محتاجة”. 

وقال الجهاز المركزي للإحصاء إن معدلات البطالة قفزت إلى مستويات غير مسبوقة بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وأوضح في بيان استعرض فيه الواقع العمالي في فلسطين لعام 2023،  أن عدد العاطلين من العمل ارتفع إلى 317 ألفاً في الربع الرابع من 2023 مقارنة بحوالى 129 ألفاً في الربع الثالث من 2023 قُبيل الحرب.

“إبادة اقتصادية بالضفة ولا خطة طوارئ”

قالت عضوة الأمانة العامة لاتحاد نقابات عمال فلسطين عائشة حموضة، في حديثها لـ “درج”، إن “إسرائيل” لا تمارس إبادة جماعية في قطاع غزة فقط وإنما “إبادة اقتصادية” تستهدف الكل الفلسطيني، وجميع السياسات الإسرائيلية الممنهجة، وعلى رأسها تقطيع المدن والمناطق الفلسطينية وعزلها وتحديد الحركة، أثّرت كثيراً على الاقتصاد الفلسطيني من دون وجود آليات فلسطينية تقترح معالجة الوضع الحالي.

تقول حموضة: “كارثة غزة تنتقل الى الضفة الغربية بشكل تدريجي، ويمكن رصد ذلك من خلال عمليات القتل والاعتقال والهدم ومصادرة الأراضي وعزل المناطق عن بعضها”.

تضيف أن “على الحكومة الفلسطينية الجديدة فتح أبوابها ووضع استراتيجية وطنية لحماية ما تبقى. وللأسف، كل الاستراتيجيات التي تُعدّ لا يتم التشاور في تفاصيلها مع الجهات المتخصصة ولا البناء على استراتيجيات وخطط سابقة.  والحكومات الفلسطينية متغيرة، وكل حكومة جديدة تأتي باستراتيجية خاصة بها، فيما من الأفضل تبنّي استراتيجية وطنية واحدة والعمل عليها وتطويرها”.

نوّهت حموضة إلى أن بعض العمال بدأوا بالعودة عن طريق “التهريب”، مشيرةً إلى أن لقمة العيش تدفعهم الى المخاطرة بحياتهم في ظل الحرب.

أضافت حموضة أن الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين تواصل منذ بداية الحرب مع جميع الجهات الحكومية لإعفاء العمال من الرسوم والدفعات المترتبة عليهم. وبعد مفاوضات مع سلطة النقد، اتخذت قراراً بإعفاء العمال من رسوم الشيكات الراجعة، وتحويل سلف مالية لهم إلى حين عودتهم الى العمل بضمان استحقاقاتهم الموجودة في الداخل كعمال منتظمين”. 

وأوضحت حموضة أن ثمة حوالى 73 ألف عامل منتظم بالبنوك الفلسطينية تم التعامل معهم بطريقة سيئة بدلاً من احتضانهم، وهي سياسات سينتج منها توجه العامل إلى المشغل الإسرائيلي والتسهيلات الإسرائيلية.

وأشارت الى أن “الاتحاد بدوره، حاول التواصل مع منظمة العمل الدولية بهدف وضع استراتيجيات ضمن سياسات التشغيل والتمكين للتعامل مع عمال إسرائيل وغزة”، مضيفة: “نحن اليوم أمام منعطف حقيقي، فعلى سبيل المثال، 12 بالمئة من النساء اللواتي يعلن أسرهن فقدن عملهن، ويوجد الكثير من الأسر مهدّدة بأمنها الغذائي”.

“لا أحد يلتفت إلى حالنا، حرب وغلاء أسعار، أي مشوار إلى السوبرماركت يكلفني 100 شيكل (أكثر من 20 دولاراً)، وأنا أتحدث عن أساسيات حياتنا التي تسير بالحد الأدنى”.

شروط مهينة لعودة العمال 

قال مدير عام تنظيم العمل الخارجي عبدالكريم مرداوي، إن “حركة العمال الفلسطينين قبل السابع من تشرين الأول كانت في أوجها، فوصلت إلى 200 ألف عامل ينقسمون إلى أربع فئات، الفئة الأولى تشكّل العمال داخل الخط الأخضر المنظمين من الضفة الغربية وعددهم 105 آلاف عامل، بالإضافة الى 35 ألف عامل يحملون تصاريح مستوطنات، والفئة التي دخلت للعمل داخل أراضي عام 1948 من قطاع غزة، وكان عددهم 18500، منهم 3500 يحملون تصاريح مشغل رسمي، والبقية منهم يحملون تصاريح احتياجات اقتصادية بغرض العمل، وما تبقى هم عمال يحملون أنواعاً مختلفة من التصاريح”.

 وأشار مرداوي إلى أن “هذه الأعداد كانت تشكّل 20 بالمئة من حجم القوى العاملة الفلسطينية، وتدخل شهرياً مليار ونصف المليار شيكل إلى السوق الفلسطيني، أي 18 مليار شيكل سنوياً”.

وأضاف في حديثه لـ “درج”، أنه “بعد السابع من تشرين الأول، طردت إسرائيل العمال قصراً، وبالتالي أصبحت هذه القوى ضمن صفوف البطالة، فازداد الوضع الاقتصادي سوءاً في الضفة الغربية وقطاع غزة، يضاف إليه عدم تحويل إسرائيل أموال المقاصة للسلطة الفلسطينية، التي تشكّل ثلثي إيراداتها، واقتطاع حصة غزة”.

وتابع مرداوي أن نسبة البطالة بعد الشهور الثلاثة الأولى من الحرب، ارتفعت في الضفة الغربية إلى 32 في المئة، وفي قطاع غزة 75 في المئة بعدما كانت 13 في المئة في الضفة الغربية و46 في المئة في غزة، وفُقد نحو 200 ألف فرصة عمل في الضفة منذ 7 تشرين الأول، بينما الغالبية  عاطلة من العمل في غزة”. 

ولفت مرداوي الى أن الوزارة منحت العاملين داخل الخط الأخضر تأميناً صحياً مجانياً، واستقبلت الوزارة عمال قطاع غزة ومنحت دفعات شهرية لـ 3672 عاملاً من غزة ، إذ بدأت الوزارة منذ تشرين الثاني بدفع 140 ديناراً أو 700 شيكل شهرياً لعمال غزة من المؤسسات المانحة”، مضيفاً: “يوجد صندوق استدامة تديره سلطة النقد وتسفيد منه فئات معينة من المجتمع كالنساء وخريجي مراكز التدريب المهني وفئة المعاقين، وأضيفت إليه فئة العمال في الداخل الفلسطيني، بحيث يستطيع العامل الحصول على قرض ميسر قيمته 10 آلاف دولار وفائدته صفر لإنشاء مشروع صغير”.

وأردف مرداوي أن “الوزارة تسعى الى توجيه وطرح برامج تشغيل مؤقتة في الضفة الغربية بالشراكة مع القطاع الخاص، بحيث تتحمل الحكومة نصف الراتب والنصف الآخر يتحمله القطاع الخاص لتحريك عجلة الاقتصاد الفلسطيني، مع السعي الى توقيع مذكرات تفاهم مع الدول العربية لتوزيع الأيدي العاملة الفلسطينية عليها، بحيث لا تكون إسرائيل السوق الوحيد الذي يستوعبها”.

وأوضح مرداوي أن إسرائيل سمحت لحوالى 8 آلاف عامل فقط بالعودة للعمل في أراضي 1948 و15 ألف عامل في المستوطنات، على أن تسمح بالعودة التدريجية للعمال وفق شروط معينة، كالسماح لمن هم فوق سن الـ 40 عاماً، بالإضافة الى شروط مهينة مثل وضع “إسوارة تتبع حركة” العامل أثناء وجوده في مكان عامله”. 

غياب منظومة الحماية الاجتماعية لعمال فلسطين

أصدر مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية “شمس”، ورقة  قال فيها إنه في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني والآثار المدمرة على الاقتصاد الفلسطيني جراء هذا العدوان، وفقدان عشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين عملهم سواء في السوق الفلسطيني أو داخل إسرائيل، أصبحت أسر فلسطينية كثيرة تعاني من الفقر المدقع، ولوحظ غياب أي منظومة من أي جهة حكومية أو غير حكومية فلسطينية تهتم بهذا الوضع الصعب المترتب على هذه الظروف الاقتصادية الكارثية، إلى جانب عدم وجود أي خطة وطنية أو استراتيجية لمواجهة الواقع الاقتصادي الصعب الذي فرضته ظروف الحرب.

وأظهرت البيانات الصادرة عن منظمة العمل الدولية، توقعات بارتفاع معدل البطالة بين الفلسطينيين إلى 57 في المئة خلال الربع الأول من العام 2024، بسبب العدوان الذي تشنه إسرائيل على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة،  ونشرها الحواجز في الضفة الغربية ومنعها العمال من التوجه إلى أماكن عملهم داخل إسرائيل. وتظهر التقديرات فقدان حوالى (507.000) وظيفة بسبب الحرب  والظروف  الصعبة التي فرضها الاحتلال على الشعب الفلسطيني، والتي ألحقت خسائر غير مسبوقة بالاقتصاد الفلسطيني.

ووفقاً للورقة، فإن الآثار المترتبة على إغلاق سوق العمل الإسرائيلي بوجه العمال الفلسطينيين، كانت كبيرة جداً وشملت جوانب الحياة كافة الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، إذ كان العائد على الاقتصاد الفلسطيني من خلال العمال العاملين داخل إسرائيل سنوياً نحو 3 مليارات دولار، أي ما يعادل 15 في المئة من الدخل القومي الفلسطيني.

21.05.2024
زمن القراءة: 6 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية