fbpx

“مفاتيح دبي”: الإمارة نسخة مصغّرة عن إيران ومجرميها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يكشف تحقيق “مفاتيح دبي” الاستقصائي، كيف تحوّلت تجارة العقارات في الإمارة إلى مهرب لمجموعة كبيرة من المجرمين والمدانين الهاربين والسجناء الإيرانيين المرتبطين بقضايا فساد اقتصادي، بعضهم يسكن دبي وآخرون قابعون في السجون.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تشير الإحصاءات غير الرسمية، إلى أن قرابة نصف مليون إيراني يعيشون في دولة الإمارات العربية المتحدة، معظمهم في إمارة دبي. وعلى مدى السنوات الأخيرة، اشترى الكثير منهم عقارات وأراضيَ في دبي.

على الرغم من أن قرابة 7 آلاف مواطن إيراني مدرجون ضمن قائمة مالكي ما لا يقل عن 9400 عقار سكني في دبي، في البيانات المسربة عام 2022، يتوقع الأكاديميون الذين درسوا هذه البيانات ومصادر إضافية، في بداية عام 2022، أن يكون الرقم الفعلي لمالكي هذه الوحدات السكنية أكثر من 9 آلاف إيراني، وصرحوا أيضاً لمنصة (E24) الإعلامية النرويجية أن الشقق والفيلات المعنية، تقدر قيمتها بأكثر من 7 مليارات دولار أميركي.

في التقرير التالي، سنتناول أسماء مجموعة من الإيرانيين من أصحاب العقارات في دبي، الذين تثير أسماؤهم والمعلومات المستقاة عنهم اهتمام الجمهور.

حول المشروع

يستند مشروع “مفاتيح دبي” إلى بيانات مسربة تقدم نظرة عامة مفصلة، عن مئات الآلاف من العقارات في دبي، وتقدم معلومات حول ملكيتها أو استخدامها، في الغالب من عام 2020 إلى 2022.

في البداية، حصل مركز دراسات الدفاع المتقدمة (C4ADS) على هذه البيانات، وهو منظمة غير ربحية مقرها واشنطن، وتكرس أعمالها في التحليل القائم على البيانات، وتقارير الصراع والأمن القائمة على الأدلة، في جميع أنحاء العالم، جرى بعد ذلك مشاركة البيانات مع منصة (E24) الإعلامية النرويجية المتخصصة في الشؤون المالية و”مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد” (OCCRP)، اللذين ينسقان معاً مشروعاً استقصائياً، يضم العديد من وسائل الإعلام من جميع أنحاء العالم.

وتشمل البيانات، اسم المالك المُسجل لكل عقار، فضلاً عن معلومات أخرى لتحديد هويته، مثل: تاريخ الميلاد، ورقم جواز السفر، والجنسية. وفي بعض الحالات، تناولت البيانات أسماء المستأجرين بدلاً من المالكين.

استخدم الصحافيون البيانات كنقطة انطلاق لتقصي مشهد امتلاك الأجانب للعقارات في دبي، وقد أمضوا شهوراً في التحقق من هويات الأشخاص، الذين ظهروا في البيانات المسربة، فضلاً عن التأكد من حالة ملكيتهم، باستخدام السجلات الرسمية، والبحث في المصادر المفتوحة، ومجموعات البيانات المسربة الأخرى.

جنة للمجرمين الإيرانيين

من هم الإيرانيون الذين يملكون عقارات في دبي؟ ينتمي الإيرانيون الذين اشتروا منازل في دبي خلال السنوات الأخيرة إلى خلفيات متعددة، فمن أصحاب الثراء الفاحش والمشاهير، إلى المحتالين والمتهمين والمدانين في قضايا فساد مشهورة، ومرتكبي الجرائم الاقتصادية، والمطلوبين للعدالة، والمختلسين، والمتخلفين عن السداد، ومقدمي الرشاوى ومتلقيها، والمشتغلين بغسل الأموال، وأقارب المسؤولين، والأرستقراطيين، وأقارب كبار أعضاء النظام والحرس الثوري، كل هؤلاء الأشخاص لديهم على الأقل شيئاً واحداً مشتركاً: أنهم يملكون عقارات، من المكاتب الصغيرة إلى الفيلات الفخمة، في دبي؛ الإمارة الخليجية الصغيرة.

لكن ليس كل الأشخاص في هذه القائمة؛ على الرغم من امتلاكهم عقاراً واحداً أو أكثر في دبي، يعيش في دبي، بينما يعيش البعض في دبي، فإن البعض الآخر هاربون أو مجرمون مدانون يقضون عقوبات داخل السجون الإيرانية.

أطلقت وسائل الإعلام الإيرانية على بعض هؤلاء الأفراد لقب “السلطان”، مثل “سلطان الفولاذ” أو “سلطان تهريب الوقود”، والبعض الآخر غير مدانين ويُسمون “آغازاده” وتعني (أبناء الشخصيات المؤثرة داخل النخب السياسية أو الاقتصادية في إيران) وظهرت أسماؤهم في إطار قضايا الاختلاس والجرائم في بلادهم، ولم تظهر بعد في دبي، وهم يملكون أيضاً فيلات وشققاً في دبي.

اشترى بعض الإيرانيين الذين ظهرت أسماؤهم وممتلكاتهم في هذه الوثيقة المسربة أكثر من عقار واحد في دبي، وقد اشترى أحد المدانين بجرائم اقتصادية، الذي سنتعرف عليه أكثر في هذا التقرير، أكثر من 135 عقاراً، ويملك شخص آخر، كان اسمه مدرجاً كأحد أكبر المحتالين المصرفيين في إحدى شركاته قبل ظهوره في هذه القائمة، أكثر من 300 عقار في دبي.

القضايا الشهيرة

يضمّ عالم العقارات في دبي شريحة بارزة تتألف من مجموعة كبيرة من المجرمين، والمدانين الهاربين، والسجناء، وغيرهم ممن انتشرت أسماؤهم بشكل بارز في وسائل الإعلام، أو الوثائق القضائية المرتبطة بقضايا فساد اقتصادي معروفة.

مصنعو قطع غيار السيارات: قصة اثنين من المليارديرات

ظهرت في قائمة الإيرانيين الذين يملكون عقارات في دبي، أسماء اثنين من كبار مُصنّعي قطع غيار السيارات، وهما: عباس إيرواني، ومحمد علیپور فطرتي.

عباس إيرواني

أُدين عباس إيرواني بقضية “مجموعة عظام”، وفي فبراير/شباط 2024، أصدرت السلطات القضائية الإيرانية حكمها في هذه القضية التي استمرت منذ عام 2019، حيث حُكم عليه بالسجن لمدة 65 عاماً، بتهمتين تتعلقان بصناعة قطع غيار السيارات، ووجهت له تهمة إحداث زعزعة كبيرة في النظام الاقتصادي للبلاد، سواء من خلال التهريب المنظم والمحترف لقطع غيار السيارات، أو من خلال تقويض النظام النقدي والعملة، بالإضافة إلى اتهامه بالحصول على مبالغ مالية ضخمة بشكل غير قانوني من الشبكة المصرفية.

في أوائل السبعينيات، عندما كان إيرواني يبلغ من العمر 17 عاماً، افتتح متجراً في سوق الأقفال والمفصلات، وعندما اندلعت الحرب العراقية الإيرانية في عام 1980، خدم لعدة أشهر في مقر الحرب غير النظامية، التي أسسها مصطفى شمران (أول وزير دفاع بعد الثورة) وفي عام 1986، بدأ إيرواني استيراد قطع غيار السيارات، وفي غضون أقل من 10 سنوات، امتلك مصنعين، بما في ذلك “مجموعة عظام” لقطع غيار السيارات، التي تشمل حالياً 14 مصنعاً.

تواجه “مجموعة عظام”، وهي واحدة من أكبر شركات تصنيع قطع غيار السيارات في إيران، اتهامات بارتكاب قائمة طويلة من الجرائم، من بينها دفع رشاوى لموظفي البنوك والجمارك والإدارات المحلية ومسؤولين في وزارة الصناعة والمعادن والتجارة، وتزوير الوثائق، واستيراد قطع غيار صينية إلى إيران وبيعها تحت علامات تجارية إيرانية، بالإضافة إلى ارتكاب عمليات احتيال في دفع الرسوم الجمركية.

وقد نفى إيرواني جميع الاتهامات الموجهة إليه، بل اتهم الحكومة الايرانية بالابتزاز، وفي المحكمة، تحدث بفخر، عن تجاوز العقوبات، وقال ذات مرة: “إذا كان لدي دولار واحد خارج البلاد، فلتقم الحكومة بمصادرة كل شيء وتعدمني، قلة من الناس عملوا بجد مثلي، وإذا كان موظفو شركتي ارتكبوا خطأً، فأنا لست مسؤولاً “.

حتى وقت قريب، كان إيرواني مالكاً لوحدة مكاتب في برج “آسبكت” في منطقة الخليج التجاري في دبي، بقيمة تزيد على 2.4 مليون درهم، أي ما يعادل 650 ألف دولار أميركي.

بيد أن إيرواني ليس المُصنّع الشهير الوحيد لقطع غيار السيارات، الذي اشترى عقارات في دبي، ثمة مُصنّع آخر، ومتهم في قضية مماثلة وشهيرة تُعرف باسم قضية “كروز”، وهو أحد مالكي العقارات في دبي.

واجه عليبور فطرتي، وهو أحد أعضاء مجلس إدارة شركة قطع غيار “كروز”، اتهامات بالمشاركة في زعزعة النظام الاقتصادي في إيران، من خلال قيادة مجموعة إجرامية في مجال التهريب المنظم والمحترف، لقطع غيار السيارات بين أعوام 2013 و2020، وبحسب القضية، دفع فطرتي رشاوى لموظفي الجمارك، وشارك في عرقلة توزيع الضروريات العامة، من خلال زيادة أسعار قطع غيار السيارات التي تباع لشركتي “سايبا” و “إيران خودرو” بين أعوام 2016 و2019.

عليبور فطرتي

وقد وجهت المحكمة إلى عليبور فطرتي، وكذلك حميد كشاورز (المتهم الأول في القضية) اتهامات بدفع رشوة لحسين فريدون (شقيق حسن روحاني، الرئيس الإيراني السابق).

وصفت السلطات القضائية عليبور فطرتي في قضية “كروز” بأنه “متهم هارب، وهو يحمل الجنسية الكندية، وفي فبراير/شباط 2023، بعد مرور ما يقرب من عامين من المحاكمة، أعلن المتحدث باسم السلطة القضائية أنهم “في مرحلة إصدار حكم”، ومع ذلك، لم يصدر حكم حتى الآن.

ورداً على  “مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد” وشركائها من وسائل الإعلام، كتب محامي عليبور فطرتي:

“إن موكلي ليس أحد كبار أعضاء مجلس إدارة شركة كروز الإيرانية لقطع غيار السيارات، بالإضافة إلى ذلك، فإن أي ادعاءات بارتكاب مخالفات من قِبل موكلي، هي ادعاءات كاذبة تماماً، ولا أساس لها من الصحة، وهو لم يُدن أبداً بأية جرائم، وعلاوة على ذلك، فإن وسائل الإعلام الإيرانية لا تتمتع بالمصداقية”.

يملك عليبور فطرتي ما لا يقل عن 5 وحدات عقارية في دبي، في منطقة بيزنس باي في الخليج التجاري، وبرج خليفة، وجزيرة نخلة جميرا، تبلغ قيمتها حوالي 50 مليون درهم أو 14 مليون دولار أميركي، وما زال يملك 3 عقارات تبلغ قيمتها حوالي 10.5 مليون دولار أميركي.

الاحتيال المصرفي: على الشاطئ أم في الزنزانة؟

في السنوات الأخيرة، اشترى العديد من المختلسين من البنوك والأفراد المتورطين في قضايا فساد مصرفية؛ بعضهم تمت إدانته، عقارات في دبي، وقد ظهرت أسماء المتهمين، والمدانين، والمحتالين المصرفيين في قضية بنك سرمايه، كأصحاب عقارات في أحياء مختلفة في هذه الإمارة الصغيرة.

رفعت عدة قضايا تتعلق ببنك سرمايه، واتهم العديد من الأفراد، من الوزراء والمديرين الحكوميين وأقارب الوزراء وقادة الحرس الثوري، فضلاً عن رجال دين رفيعي المستوى، بارتكاب انتهاكات مالية وعمليات اختلاس.

تتعلق قضية الفساد في بنك سرمایه التي بلغت 14 تريليون تومان بممتلكات “صندوق احتياطي فرهنگيان”، وضع مديرو الصندوق، الذين كانوا يملكون نصف بنك سرمایه، ودائع الصندوق بشكل غير قانوني تحت تصرف عدة شركات، إلا أن عدداً من هذه الشركات، كان لديه عدة فروع يملكها أشخاص مشتركون.

أحد أشهر المدانين في هذه القضية، هو منتج المسلسل التلفزيوني الإيراني الشهير “شهرزاد” محمد إمامی، الذي حُكم عليه بالسجن لمدة 20 عاماً، بتهمة زعزعة النظام الاقتصادي في البلاد، من خلال الحصول على ثروة بطرق غير شرعية نتيجة لقضية بنك سرمایه.

محمد إمامی

اتُهم أكثر من 40 شخصاً في هذه القضية، بمن فيهم صديق وشريك محمد إمامی، أمیر رضا فرزان راد، الذي أدين هو أيضاً بالتورط المباشر في إحداث اضطراب كبير وجسيم بالنظام الاقتصادي للبلاد، من خلال الاستحواذ غير المشروع على الممتلكات، وحكم عليه بالسجن لمدة 20 عاماً.

وبحسب السلطات القضائية، يقضي إمامی حالياً فترة سجنه، ولم يحصل سوى على إجازة لمرة واحدة فقط، أما فرزان راد فهو هارب، وقد اشترى كلاهما عقارات في دبي.

يملك إمامی فيلا في حي المركاض السكني في دبي، تقدر قيمتها بنحو 20 مليون درهم، أي ما يعادل 5.5 مليون دولار أميركي، أما فرزان راد فيملك فيلا بالقرب منها، تُقدر قيمتها بنحو 44 مليون درهم، أي ما يعادل تقريباً 12 مليون دولار أميركي.

من البنك إلى الشاطئ: قضايا بنوك أخرى

لا يقتصر تاريخ الفساد المصرفي والاختلاس في إيران على بنك سرمایه، فقد اجتاحت عمليات الاختلاس والانتهاكات البنوك الإيرانية، بشكل لا يُصدّق، لدرجة أن التقديرات تشير إلى اختلاس ما بين 60 إلى 80 مليار دولار أميركي، من الاقتصاد الإيراني والنظام المصرفي في العقود الأخيرة.

لم تتناول الأخبار المنشورة في وسائل الإعلام والمحاكمات المتعلقة بالانتهاكات المصرفية، التي غالباً ما تُعقد خلف الأبواب المغلقة، سوى أمثلة قليلة على مشكلة أعمق بكثير، وتشير التقارير إلى أن قائمة مشتري العقارات في دبي، تضم ثمانية أشخاص على الأقل، تمت إدانتهم بتهم الاحتيال المصرفي والاختلاس.

ثمة على الأقل اثنان من القواسم المشتركة بين كل من: رسول دانيال زاده، وأسدالله سیفي، ومحمد وكيلي؛ فهم جميعاً من بين أبرز الشخصيات التي تمت إدانتها بتهم الانتهاكات المالية في إيران، وجميعهم يمتلكون عقارات في دبي.

المحتال المصرفي والمتورط في قضايا الرشوة في جزيرة نخلة جميرا

في مرحلة ما، كان دانيال زاده أحد أكبر المحتالين المصرفيين في إيران، ووفقاً للقضاء في عام 2020، كان عليه دين مستحق للبنك بقيمة 4 آلاف مليار تومان، وهو ما يعادل تقريباً 334 مليون دولار أميركي.

دانيال زاده، المعروف في بعض وسائل الإعلام باسم “سلطان الفولاذ”، هو مالك شركات “گيلان ستيل”، و”دانيال ستيل”، ومساهم في شركة “كاويان ستيل”.

علاوة إلى ذلك، أُدين دانيال زاده بتهمة دفع رشاوى إلى أكبر طبري (المدير العام السابق للشؤون المالية في السلطة القضائية الإيرانية) وحسين فريدون (شقيق حسن روحاني، الرئيس الإيراني السابق)

دانيال زاده

في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، صرح غلام حسين إسماعيلي، المتحدث باسم السلطة القضائية في إيران، قائلاً: “رسول دانيال زاده، الذي فر إلى الخارج، عاد إلى البلاد من خلال جهود حرس إمام الزمان المجهولين والحرس الثوري”.

وقد أوضحت السلطات القضائية الإيرانية، أن تعاون دانيال زاده أدى إلى الحكم عليه بعقوبة مخففة بالسجن لمدة 15 عاماً، بيد أنه لا يزال من غير الواضح، ما إذا كان دانيال زاده يقضي حالياً فترة عقوبته.

يمتلك دانيال زاده ما لا يقل عن 7 منازل في دبي، بما في ذلك 6 شقق في منطقة الثنية الخامسة، وفيلا واحدة في جزيرة نخلة جميرا، وتقدر القيمة الإجمالية لهذه الممتلكات بنحو 12.6 مليون دولار أميركي.

قصةٌ لا تنتهي: البنك المركزي

أسد الله سيفي هو أحد المتهمين في قضية رشوة البنك المركزي؛ حيث وُجّهت إليه تهمة دفع رشاوى لمديري البنوك، تتراوح ما بين اثنتين من سبائك الذهب زنة 100 جرام، إلى رشوة بقيمة 500 مليون تومان، لتغيير سعر الصرف في أحد عقود الوساطة.

تقدر قيمة شقتي سيفي في دبي، الواقعتين في الخليج التجاري والثنية الخامسة  بـ 1,800,000 درهم أي ما يعادل نصف مليون دولار أميركي.

وعلى غرار سيفي، كان محمد وكيلي وسيطاً سابقاً للبنك المركزي، وفي قضية مختلفة، حُكم على وكيلي بالسجن لمدة 20 عاماً بتهمة التهريب المنظّم للعملة، وزعزعة استقرار العملة والنظام النقدي، وبموجب أمر المحكمة نفسه، فإن وكيلي هارب ويقيم حالياً في دبي.

يملك وكيلي 133 وحدة سكنية في مجمع دبي للاستثمار، بالإضافة إلى فيلا في الثنية الخامسة.

أُدرج كلٌ من سيفي ووكيلي، اللذين تشاركا التهم في العديد من القضايا المصرفية، على قوائم العقوبات الأميركية، في ما يتعلق بغسل الأموال والتوسط في تيسير العلاقات المالية للجمهورية الإسلامية.

العقوبات والمستفيدون منها

عندما يتعلق الأمر بقائمة العقوبات الأميركية، فإن عشرة أسماء على الأقل من هذه القائمة يملكون عقارات في دبي.

من بين هذه الأسماء: بجمان كوثريان فرد، وكامبيز رستميان، وهوشنك فرسوده، ومحسن بارساجم، والمذكورين سابقاً: أسد الله سيفي ومحمد وكيلي.

يملك كامبيز رستميان، الذي فرضت عليه الحكومة الأميركية عقوبات في عام 2017 تتعلق ببرنامج الصواريخ الإيراني، شقة واحدة وفيلا واحدة في دبي، بقيمة إجمالية تبلغ نحو 4.8 مليون دولار أميركي.

أما محسن بارساجم، رئيس مجلس إدارة شركة “رايان رشد أفزا”، الذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات بسبب دعم شركته للحرس الثوري الإيراني، فيملك شقتين تبلغ قيمتهما نحو 500 ألف دولار أميركي.

ومن الأمثلة الأخرى هوشنك فرسوده، الذي عوقب بتهمة المساعدة في تجاوز العقوبات، فقد اشترى فيلا في دبي بقيمة 4.5 مليون دولار أميركي تقريباً.

البتروكيماويات من جديد: قضية الـ 6 مليار دولار والرجل الثالث

إحدى أكبر قضايا الاختلاس والانتهاكات المالية في إيران وأشهرها في السنوات الأخيرة، هي قضية شركة البتروكيماويات التجارية.

عشرات الأشخاص الذين ساعدوا في تجاوز العقوبات، وبيع المنتجات البتروكيماوية الخاضعة للعقوبات، التي تضمنت تحويل 6 مليارات و656 مليون يورو من بيع هذه المنتجات، استطاعوا جمع ثروات طائلة عبر هذه الصفقات، حوكم عددٌ من المتورطين في وقت لاحق، بتهمة تعطيل نظام الاقتصاد الكلي، والتربح غير المشروع، وهو ما أدى إلى إدانة 15 شخصاً.

من بين المدانين، الذين يقبع بعضهم في السجون الإيرانية، وبعضهم يعيش في الخارج، هناك اثنان على الأقل يملكان عقارات في دبي.

حُكم على علي أشرف رياحي، االمستشار الفني للشركة التجارية للبتروكيماويات، وصهر وزير الصناعة والتعدين والتجارة السابق محمد رضا نعمت زاده، بالسجن 5 سنوات، بتهمة تعطيل النظام الاقتصادي، والمساعدة في توزيع العملة الأجنبية من تصدير المنتجات البتروكيماوية، وبحسب الحكم المنشور، فقد أدى ذلك إلى حصول رياحي بشكل غير قانوني، على 29 مليار ريال.

علي أشرف رياحي (في المنتصف)

اشترى رياحي شقة فندقية في برج خليفة بدبي، بقيمة لا تقل عن 1.6 مليون دولار أميركي، ثم باعها بعد ذلك.

وبالإضافة إلى رياحي، هناك مدان آخر في هذه القضية، ويملك عقاراً في دبي، فقد حُكم على سيد أمين قريشي سروستاني بالسجن 15 عاماً، و74 جلدة للتهمة نفسها، والمتمثلة بتخريب النظام الاقتصادي، من خلال توزيع العملة التي تحصّل عليها من تصدير المنتجات البتروكيماوية.

صدر الحكم على سروستاني، الذي يحمل جواز سفر دومينيكياً، غيابياً، وأعلنته المحكمة هارباً، ورغم أنه يُعتقد أنه باع بعض عقاراته، إلا أنه لا يزال يملك عدداً من عقاراته الخمسة في دبي، التي تبلغ قيمتها 3.5 مليون دولار أميركي.

ولكن يمكننا أن نرى اسماً ثالثاً في قضية البتروكيماويات والعقارات، لم تُوجّه له اتهامات رسمية قط، رغم ظهور اسمه في وثائق المحكمة في عشرات المناسبات؛ ألا وهو: جواد شير علي نجل محمد حسين شير علي.

محمد حسين شير علي، الذي كان موظفاً في وزارة الإعلام، هو أحد المدانين في قضية البتروكيماويات، وحكم عليه بالسجن خمس سنوات بالتهمة نفسها التي وجهت للمدانين الآخرين، وبحسب الحكم، فإن المبلغ الذي حصل عليه بطريقة غير شرعية هو 8 ملايين دولار أميركي، وبحسب اعترافاته في هذه القضية، فإن معظم التحويلات المالية وتلقي العمولات واستثمار الأرباح، تمت من قبل نجله جواد، وهو خارج إيران، باعتباره واحداً من عدد من الوسطاء، ويتلقى عمولات  أو فوائد من بيع المنتجات البتروكيماوية نيابة عن والده خارج إيران.

وبحسب البيانات المسربة، يملك جواد شير علي ما لا يقل عن 4 وحدات سكنية، من بينها فيلا، تقدر قيمتها الإجمالية بأكثر من 4 ملايين دولار أميركي.

قضية عائلية (ممتدة)

لم تخلُ قائمة أصحاب العقارات في دبي من أبناء الشخصيات الشهيرة وأفراد عائلات المسؤولين الحكوميين القريبين والبعيدين.

فمن عائلة أكبر هاشمي رفسنجاني، الرئيس الإيراني السابق، نجد في هذه القائمة أسماء اثنين من أبنائه على الأقل، وزوجة ابنه وحفيده.

وفي وقت كان محسن هاشمي بهرماني، الابن الأكبر للعائلة، والرئيس السابق لمجلس مدينة طهران، يملك وحدتين سكنيتين؛ لا يزال يملك إحداهما، وتبلغ قيمتها حوالي 380 ألف دولار أميركي.

محسن هاشمي

ويملك ياسر هاشمي بهرماني، الابن الأصغر لعائلة رفسنجاني، شقة في برج خليفة في دبي، تقدر قيمتها بنحو 750 ألف دولار أميركي، أما زوجته مريم سالاري، فتملك شقة في المبنى نفسه، الذي يعيش فيه زوجها، وتقدر قيمتها بنحو 700 ألف دولار أميركي.

إحسان هاشمي بهرماني نجل محسن هاشمي، وحفيد الرئيس رفسنجاني، يملك شقة صغيرة بقيمة 100 ألف دولار أميركي في دبي.

حالات غريبة وجنسيات مزدوجة وأسماء أخرى

هناك حالات قليلة غريبة بين عشرات الآلاف من الإيرانيين، الذين يملكون عقارات في دبي المشمسة، تشمل عدداً من الإيرانيين الذين اشتروا عقارات بجوازات سفر غير إيرانية.

مهدي شمس، مواطن إيراني/ بريطاني، والمدير العام السابق لقسم التجارة والمبيعات في شركة الشحن التابعة لجمهورية إيران الإسلامية، الذي خُفّفت عقوبته من الإعدام في قضية باباك زنجاني (صاحب أكبر ملف فساد في تاريخ قطاع النفط الإيراني ونال عفو المرشد لاحقاً) إلى السجن 20 عاماً، على الأرجح لا يزال شمس يقضي عقوبته في إيران، ولا يزال يملك عقارات  في دبي، من بينها فيلا بقيمة 20 مليون دولار في نخلة جميرا.

مهدي شمس

ثمة مواطن إيراني/ بريطاني آخر يملك عقاراً في دبي، حسب البيانات الموجودة، هو جواد مرندي، مرندي هو مليونير معروف بتقديمه الدعم المالي لحزب المحافظين البريطاني، ورد اسمه سابقاً في قضية غسل أموال، ولكن لم تتم إدانته مطلقاً.

علاوة على ذلك، نجد مهرب وقود، يطلق عليه اسم “سلطان تهريب الوقود”، وصاحب منجم ذهب في إيران، ومسؤول غسل الأموال لرجل دين إيراني بارز؛ جميعهم اشتروا عقارات في دبي بجواز سفر كندي.

وفي إسبانيا، اعتاد مسعود زندي گوهريزي على التسكع مع السياسيين والأغنياء، وممارسة الضغط ولعب دور “المُصلح”، وبعد تسريب “وثائق بنما”، اتهمت إسبانيا گوهريزي بالاحتيال الضريبي بقيمة 126 مليون يورو خلال 3 سنوات فقط، وكان گوهريزي، وهو الآن هارب، قد اشترى عقاراً في دبي عام 2009 بقيمة لا تقل عن 1.96 مليون يورو، ولا يزال يملكه حتى الآن.

لكن إحدى أغرب الحالات في هذه القائمة تعود لرجل يدعى منصور فروزمند، لدى فروزمند قضية احتيال في إيران لم تتحدث عنها وسائل الإعلام مطلقاً، كما قُبض عليه مرة واحدة في دبي، ومنذ ذلك الحين يقضي عطله في نيس في جنوب فرنسا.

وبحسب تقرير لصحيفة “لا مارسييز” أمام محكمة فرنسية، فإن الجمهورية الإسلامية اتهمت فروزمند بأخذ 200 مليون دولار أميركي من عملة الدولة للاستيراد، ثم باعها في السوق السوداء، وعلى الرغم من طلب المحكمة تسليمه، استطاع محاميه إنقاذه وإطلاق سراحه من خلال  الإشارة إلى الأهوال والظروف اللا إنسانية في السجون الإيرانية، وخطر تعرضه لعقوبة الإعدام في إيران بسبب التهم الاقتصادية.

يملك فروزمند ما لا يقل عن 5 عقارات في دبي، من بينها فيلا وشقة ومكتب في منطقة الخليج التجاري والثنية الخامسة وبرج خليفة، والتي تتجاوز قيمتها الإجمالية 10 ملايين دولار.

ورداً على رسالة البريد الإلكتروني، التي أرسلها “مشروع الابلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد” وشركاؤه الإعلاميون في هذا التحقيق، وصف فروزمند هؤلاء الإعلاميين بـ “المبتزين”، وذكر أيضاً أن “جميع القضايا المزعومة قد أغلقتها السلطات بالفعل، بسبب غياب أي دليل ملموس وجوهري”. 

كما قال: “إن العقارات التي ذكرتها مرهونة وممولة حسب الأصول المعمول بها في البنوك الإماراتية، لمدة تتراوح بين 20 إلى 25 عاماً”، وأوضح أن “هذه القروض العقارية والتمويل تمت الموافقة عليهما حسب الأصول، من البنوك الإماراتية، بعد تحقيق الامتثال وتجاوز التدقيقات التنظيمية”.

يحمل  فروزمند جواز سفر دولة سانت كيتس ونيفيس.

يمتلك شخص إيراني غامض آخر في دبي 258 عقاراً في برج كريستال.

محمد هادي ذو الأنواري، هو رجل أعمال واجه اتهامات بغسل الأموال والاختلاس في إيران، تتعلق بقرض مصرفي ضخم حصلت عليه إحدى شركاته بما ينتهك اللوائح المالية، أُسقطت عنه تهم غسل الأموال بسبب نقص الأدلة، وأُغلقت القضية المرفوعة ضده في عام 2023 بإصدار حكم، لكن لم ينشر مطلقاً، مما يجعل من غير الواضح هل أُدين بتهم أخرى أم لا.

إن دبي ليست المدينة الوحيدة التي يعرف عنها أن المجرمين والمختلسين يغسلون أموالهم فيها، عن طريق شراء العقارات، بيد أن الخبراء يقولون إن دبي على وجه التحديد لديها سمات جذابة، خاصة لأولئك الفارين من تطبيق القانون الغربي أو العقوبات.

حتى وقت قريب، لم يكن لدى دولة الإمارات معاهدات تسليم المجرمين مع العديد من الدول، مما ساعد في تحويل دبي إلى منطقة جذب للهاربين من جميع أنحاء العالم، وعلى الرغم من أن السلطات الإماراتية عززت التعاون مع سلطات إنفاذ القانون الأجنبية في السنوات الأخيرة، لا تزال الحكومة معروفة باستجاباتها المتضاربة لطلبات التسليم.

وبحسب ما قالته رادها ستيرلينغ، وهي محامية وناشطة حقوقية والرئيسة التنفيذية لمنظمة “معتقلون في دبي” المتخصصة في تقديم المساعدات القانونية، فإن “السلطات الإماراتية تستغل كبار المتهمين الهاربين المعروفين عالمياً كـ “أوراق مساومة”، مضيفة “حتى لو زعموا أنهم اعتقلوا أشخاصاً أو جمدوا أصولهم، فقد يكون ذلك فقط لأغراض نشر البيانات الصحفية”.

كما اكتسب بعض وكلاء العقارات في دبي، سمعة طيبة في طرح الحد الأدنى من الأسئلة حول أصول أموال عملائهم، وحتى عام 2022، لم يكن وكلاء العقارات والوسطاء والمحامون ملزمين بالإبلاغ عن المعاملات النقدية الكبيرة، أو المعاملات بالعملات المشفرة إلى السلطات.

كما يعد سوق العقارات في الإمارة واحداً من أهم الأسواق في العالم، حيث يوفر مجموعة واسعة من الفرص الاستثمارية عبر أفقه سريع التغير، ومع ارتفاع قيمة العقارات، توفر الاستثمارات العقارية وسيلة ليس فقط لغسل الأموال غير المشروعة، بل لتحقيق أرباح إضافية.

وقال كولين باورز، وهو زميل بارز ورئيس تحرير برنامج “نوريا” للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي منظمة بحثية مستقلة غير ربحية: “إن سياسات الإمارة هي عاملٌ غير مباشر، يساهم في ضمان ارتفاع قيمة أصول جميع هذه الأطراف مع مرور الوقت”.

فداء زياد - كاتبة فلسطينية من غزة | 14.06.2024

عن تخمة الشعور واختبارات النجاة في غزة

ليلة اقتحام رفح، كانت حيلتي أن أستعير أقدام الطبيبة أميرة العسولي، المرأة الطبيبة التي جازفت بحياتها لتنقذ حياة مصاب، فترة حصار الجيش الإسرائيلي مستشفى ناصر في خانيونس، كي أحاول إنقاذ أخي وعائلته وأختي وأبنائها المقيمين في الجهة المقابلة لنا، لأنهم كانوا أكثر قرباً من الخطر.
22.05.2024
زمن القراءة: 15 minutes

يكشف تحقيق “مفاتيح دبي” الاستقصائي، كيف تحوّلت تجارة العقارات في الإمارة إلى مهرب لمجموعة كبيرة من المجرمين والمدانين الهاربين والسجناء الإيرانيين المرتبطين بقضايا فساد اقتصادي، بعضهم يسكن دبي وآخرون قابعون في السجون.

تشير الإحصاءات غير الرسمية، إلى أن قرابة نصف مليون إيراني يعيشون في دولة الإمارات العربية المتحدة، معظمهم في إمارة دبي. وعلى مدى السنوات الأخيرة، اشترى الكثير منهم عقارات وأراضيَ في دبي.

على الرغم من أن قرابة 7 آلاف مواطن إيراني مدرجون ضمن قائمة مالكي ما لا يقل عن 9400 عقار سكني في دبي، في البيانات المسربة عام 2022، يتوقع الأكاديميون الذين درسوا هذه البيانات ومصادر إضافية، في بداية عام 2022، أن يكون الرقم الفعلي لمالكي هذه الوحدات السكنية أكثر من 9 آلاف إيراني، وصرحوا أيضاً لمنصة (E24) الإعلامية النرويجية أن الشقق والفيلات المعنية، تقدر قيمتها بأكثر من 7 مليارات دولار أميركي.

في التقرير التالي، سنتناول أسماء مجموعة من الإيرانيين من أصحاب العقارات في دبي، الذين تثير أسماؤهم والمعلومات المستقاة عنهم اهتمام الجمهور.

حول المشروع

يستند مشروع “مفاتيح دبي” إلى بيانات مسربة تقدم نظرة عامة مفصلة، عن مئات الآلاف من العقارات في دبي، وتقدم معلومات حول ملكيتها أو استخدامها، في الغالب من عام 2020 إلى 2022.

في البداية، حصل مركز دراسات الدفاع المتقدمة (C4ADS) على هذه البيانات، وهو منظمة غير ربحية مقرها واشنطن، وتكرس أعمالها في التحليل القائم على البيانات، وتقارير الصراع والأمن القائمة على الأدلة، في جميع أنحاء العالم، جرى بعد ذلك مشاركة البيانات مع منصة (E24) الإعلامية النرويجية المتخصصة في الشؤون المالية و”مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد” (OCCRP)، اللذين ينسقان معاً مشروعاً استقصائياً، يضم العديد من وسائل الإعلام من جميع أنحاء العالم.

وتشمل البيانات، اسم المالك المُسجل لكل عقار، فضلاً عن معلومات أخرى لتحديد هويته، مثل: تاريخ الميلاد، ورقم جواز السفر، والجنسية. وفي بعض الحالات، تناولت البيانات أسماء المستأجرين بدلاً من المالكين.

استخدم الصحافيون البيانات كنقطة انطلاق لتقصي مشهد امتلاك الأجانب للعقارات في دبي، وقد أمضوا شهوراً في التحقق من هويات الأشخاص، الذين ظهروا في البيانات المسربة، فضلاً عن التأكد من حالة ملكيتهم، باستخدام السجلات الرسمية، والبحث في المصادر المفتوحة، ومجموعات البيانات المسربة الأخرى.

جنة للمجرمين الإيرانيين

من هم الإيرانيون الذين يملكون عقارات في دبي؟ ينتمي الإيرانيون الذين اشتروا منازل في دبي خلال السنوات الأخيرة إلى خلفيات متعددة، فمن أصحاب الثراء الفاحش والمشاهير، إلى المحتالين والمتهمين والمدانين في قضايا فساد مشهورة، ومرتكبي الجرائم الاقتصادية، والمطلوبين للعدالة، والمختلسين، والمتخلفين عن السداد، ومقدمي الرشاوى ومتلقيها، والمشتغلين بغسل الأموال، وأقارب المسؤولين، والأرستقراطيين، وأقارب كبار أعضاء النظام والحرس الثوري، كل هؤلاء الأشخاص لديهم على الأقل شيئاً واحداً مشتركاً: أنهم يملكون عقارات، من المكاتب الصغيرة إلى الفيلات الفخمة، في دبي؛ الإمارة الخليجية الصغيرة.

لكن ليس كل الأشخاص في هذه القائمة؛ على الرغم من امتلاكهم عقاراً واحداً أو أكثر في دبي، يعيش في دبي، بينما يعيش البعض في دبي، فإن البعض الآخر هاربون أو مجرمون مدانون يقضون عقوبات داخل السجون الإيرانية.

أطلقت وسائل الإعلام الإيرانية على بعض هؤلاء الأفراد لقب “السلطان”، مثل “سلطان الفولاذ” أو “سلطان تهريب الوقود”، والبعض الآخر غير مدانين ويُسمون “آغازاده” وتعني (أبناء الشخصيات المؤثرة داخل النخب السياسية أو الاقتصادية في إيران) وظهرت أسماؤهم في إطار قضايا الاختلاس والجرائم في بلادهم، ولم تظهر بعد في دبي، وهم يملكون أيضاً فيلات وشققاً في دبي.

اشترى بعض الإيرانيين الذين ظهرت أسماؤهم وممتلكاتهم في هذه الوثيقة المسربة أكثر من عقار واحد في دبي، وقد اشترى أحد المدانين بجرائم اقتصادية، الذي سنتعرف عليه أكثر في هذا التقرير، أكثر من 135 عقاراً، ويملك شخص آخر، كان اسمه مدرجاً كأحد أكبر المحتالين المصرفيين في إحدى شركاته قبل ظهوره في هذه القائمة، أكثر من 300 عقار في دبي.

القضايا الشهيرة

يضمّ عالم العقارات في دبي شريحة بارزة تتألف من مجموعة كبيرة من المجرمين، والمدانين الهاربين، والسجناء، وغيرهم ممن انتشرت أسماؤهم بشكل بارز في وسائل الإعلام، أو الوثائق القضائية المرتبطة بقضايا فساد اقتصادي معروفة.

مصنعو قطع غيار السيارات: قصة اثنين من المليارديرات

ظهرت في قائمة الإيرانيين الذين يملكون عقارات في دبي، أسماء اثنين من كبار مُصنّعي قطع غيار السيارات، وهما: عباس إيرواني، ومحمد علیپور فطرتي.

عباس إيرواني

أُدين عباس إيرواني بقضية “مجموعة عظام”، وفي فبراير/شباط 2024، أصدرت السلطات القضائية الإيرانية حكمها في هذه القضية التي استمرت منذ عام 2019، حيث حُكم عليه بالسجن لمدة 65 عاماً، بتهمتين تتعلقان بصناعة قطع غيار السيارات، ووجهت له تهمة إحداث زعزعة كبيرة في النظام الاقتصادي للبلاد، سواء من خلال التهريب المنظم والمحترف لقطع غيار السيارات، أو من خلال تقويض النظام النقدي والعملة، بالإضافة إلى اتهامه بالحصول على مبالغ مالية ضخمة بشكل غير قانوني من الشبكة المصرفية.

في أوائل السبعينيات، عندما كان إيرواني يبلغ من العمر 17 عاماً، افتتح متجراً في سوق الأقفال والمفصلات، وعندما اندلعت الحرب العراقية الإيرانية في عام 1980، خدم لعدة أشهر في مقر الحرب غير النظامية، التي أسسها مصطفى شمران (أول وزير دفاع بعد الثورة) وفي عام 1986، بدأ إيرواني استيراد قطع غيار السيارات، وفي غضون أقل من 10 سنوات، امتلك مصنعين، بما في ذلك “مجموعة عظام” لقطع غيار السيارات، التي تشمل حالياً 14 مصنعاً.

تواجه “مجموعة عظام”، وهي واحدة من أكبر شركات تصنيع قطع غيار السيارات في إيران، اتهامات بارتكاب قائمة طويلة من الجرائم، من بينها دفع رشاوى لموظفي البنوك والجمارك والإدارات المحلية ومسؤولين في وزارة الصناعة والمعادن والتجارة، وتزوير الوثائق، واستيراد قطع غيار صينية إلى إيران وبيعها تحت علامات تجارية إيرانية، بالإضافة إلى ارتكاب عمليات احتيال في دفع الرسوم الجمركية.

وقد نفى إيرواني جميع الاتهامات الموجهة إليه، بل اتهم الحكومة الايرانية بالابتزاز، وفي المحكمة، تحدث بفخر، عن تجاوز العقوبات، وقال ذات مرة: “إذا كان لدي دولار واحد خارج البلاد، فلتقم الحكومة بمصادرة كل شيء وتعدمني، قلة من الناس عملوا بجد مثلي، وإذا كان موظفو شركتي ارتكبوا خطأً، فأنا لست مسؤولاً “.

حتى وقت قريب، كان إيرواني مالكاً لوحدة مكاتب في برج “آسبكت” في منطقة الخليج التجاري في دبي، بقيمة تزيد على 2.4 مليون درهم، أي ما يعادل 650 ألف دولار أميركي.

بيد أن إيرواني ليس المُصنّع الشهير الوحيد لقطع غيار السيارات، الذي اشترى عقارات في دبي، ثمة مُصنّع آخر، ومتهم في قضية مماثلة وشهيرة تُعرف باسم قضية “كروز”، وهو أحد مالكي العقارات في دبي.

واجه عليبور فطرتي، وهو أحد أعضاء مجلس إدارة شركة قطع غيار “كروز”، اتهامات بالمشاركة في زعزعة النظام الاقتصادي في إيران، من خلال قيادة مجموعة إجرامية في مجال التهريب المنظم والمحترف، لقطع غيار السيارات بين أعوام 2013 و2020، وبحسب القضية، دفع فطرتي رشاوى لموظفي الجمارك، وشارك في عرقلة توزيع الضروريات العامة، من خلال زيادة أسعار قطع غيار السيارات التي تباع لشركتي “سايبا” و “إيران خودرو” بين أعوام 2016 و2019.

عليبور فطرتي

وقد وجهت المحكمة إلى عليبور فطرتي، وكذلك حميد كشاورز (المتهم الأول في القضية) اتهامات بدفع رشوة لحسين فريدون (شقيق حسن روحاني، الرئيس الإيراني السابق).

وصفت السلطات القضائية عليبور فطرتي في قضية “كروز” بأنه “متهم هارب، وهو يحمل الجنسية الكندية، وفي فبراير/شباط 2023، بعد مرور ما يقرب من عامين من المحاكمة، أعلن المتحدث باسم السلطة القضائية أنهم “في مرحلة إصدار حكم”، ومع ذلك، لم يصدر حكم حتى الآن.

ورداً على  “مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد” وشركائها من وسائل الإعلام، كتب محامي عليبور فطرتي:

“إن موكلي ليس أحد كبار أعضاء مجلس إدارة شركة كروز الإيرانية لقطع غيار السيارات، بالإضافة إلى ذلك، فإن أي ادعاءات بارتكاب مخالفات من قِبل موكلي، هي ادعاءات كاذبة تماماً، ولا أساس لها من الصحة، وهو لم يُدن أبداً بأية جرائم، وعلاوة على ذلك، فإن وسائل الإعلام الإيرانية لا تتمتع بالمصداقية”.

يملك عليبور فطرتي ما لا يقل عن 5 وحدات عقارية في دبي، في منطقة بيزنس باي في الخليج التجاري، وبرج خليفة، وجزيرة نخلة جميرا، تبلغ قيمتها حوالي 50 مليون درهم أو 14 مليون دولار أميركي، وما زال يملك 3 عقارات تبلغ قيمتها حوالي 10.5 مليون دولار أميركي.

الاحتيال المصرفي: على الشاطئ أم في الزنزانة؟

في السنوات الأخيرة، اشترى العديد من المختلسين من البنوك والأفراد المتورطين في قضايا فساد مصرفية؛ بعضهم تمت إدانته، عقارات في دبي، وقد ظهرت أسماء المتهمين، والمدانين، والمحتالين المصرفيين في قضية بنك سرمايه، كأصحاب عقارات في أحياء مختلفة في هذه الإمارة الصغيرة.

رفعت عدة قضايا تتعلق ببنك سرمايه، واتهم العديد من الأفراد، من الوزراء والمديرين الحكوميين وأقارب الوزراء وقادة الحرس الثوري، فضلاً عن رجال دين رفيعي المستوى، بارتكاب انتهاكات مالية وعمليات اختلاس.

تتعلق قضية الفساد في بنك سرمایه التي بلغت 14 تريليون تومان بممتلكات “صندوق احتياطي فرهنگيان”، وضع مديرو الصندوق، الذين كانوا يملكون نصف بنك سرمایه، ودائع الصندوق بشكل غير قانوني تحت تصرف عدة شركات، إلا أن عدداً من هذه الشركات، كان لديه عدة فروع يملكها أشخاص مشتركون.

أحد أشهر المدانين في هذه القضية، هو منتج المسلسل التلفزيوني الإيراني الشهير “شهرزاد” محمد إمامی، الذي حُكم عليه بالسجن لمدة 20 عاماً، بتهمة زعزعة النظام الاقتصادي في البلاد، من خلال الحصول على ثروة بطرق غير شرعية نتيجة لقضية بنك سرمایه.

محمد إمامی

اتُهم أكثر من 40 شخصاً في هذه القضية، بمن فيهم صديق وشريك محمد إمامی، أمیر رضا فرزان راد، الذي أدين هو أيضاً بالتورط المباشر في إحداث اضطراب كبير وجسيم بالنظام الاقتصادي للبلاد، من خلال الاستحواذ غير المشروع على الممتلكات، وحكم عليه بالسجن لمدة 20 عاماً.

وبحسب السلطات القضائية، يقضي إمامی حالياً فترة سجنه، ولم يحصل سوى على إجازة لمرة واحدة فقط، أما فرزان راد فهو هارب، وقد اشترى كلاهما عقارات في دبي.

يملك إمامی فيلا في حي المركاض السكني في دبي، تقدر قيمتها بنحو 20 مليون درهم، أي ما يعادل 5.5 مليون دولار أميركي، أما فرزان راد فيملك فيلا بالقرب منها، تُقدر قيمتها بنحو 44 مليون درهم، أي ما يعادل تقريباً 12 مليون دولار أميركي.

من البنك إلى الشاطئ: قضايا بنوك أخرى

لا يقتصر تاريخ الفساد المصرفي والاختلاس في إيران على بنك سرمایه، فقد اجتاحت عمليات الاختلاس والانتهاكات البنوك الإيرانية، بشكل لا يُصدّق، لدرجة أن التقديرات تشير إلى اختلاس ما بين 60 إلى 80 مليار دولار أميركي، من الاقتصاد الإيراني والنظام المصرفي في العقود الأخيرة.

لم تتناول الأخبار المنشورة في وسائل الإعلام والمحاكمات المتعلقة بالانتهاكات المصرفية، التي غالباً ما تُعقد خلف الأبواب المغلقة، سوى أمثلة قليلة على مشكلة أعمق بكثير، وتشير التقارير إلى أن قائمة مشتري العقارات في دبي، تضم ثمانية أشخاص على الأقل، تمت إدانتهم بتهم الاحتيال المصرفي والاختلاس.

ثمة على الأقل اثنان من القواسم المشتركة بين كل من: رسول دانيال زاده، وأسدالله سیفي، ومحمد وكيلي؛ فهم جميعاً من بين أبرز الشخصيات التي تمت إدانتها بتهم الانتهاكات المالية في إيران، وجميعهم يمتلكون عقارات في دبي.

المحتال المصرفي والمتورط في قضايا الرشوة في جزيرة نخلة جميرا

في مرحلة ما، كان دانيال زاده أحد أكبر المحتالين المصرفيين في إيران، ووفقاً للقضاء في عام 2020، كان عليه دين مستحق للبنك بقيمة 4 آلاف مليار تومان، وهو ما يعادل تقريباً 334 مليون دولار أميركي.

دانيال زاده، المعروف في بعض وسائل الإعلام باسم “سلطان الفولاذ”، هو مالك شركات “گيلان ستيل”، و”دانيال ستيل”، ومساهم في شركة “كاويان ستيل”.

علاوة إلى ذلك، أُدين دانيال زاده بتهمة دفع رشاوى إلى أكبر طبري (المدير العام السابق للشؤون المالية في السلطة القضائية الإيرانية) وحسين فريدون (شقيق حسن روحاني، الرئيس الإيراني السابق)

دانيال زاده

في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، صرح غلام حسين إسماعيلي، المتحدث باسم السلطة القضائية في إيران، قائلاً: “رسول دانيال زاده، الذي فر إلى الخارج، عاد إلى البلاد من خلال جهود حرس إمام الزمان المجهولين والحرس الثوري”.

وقد أوضحت السلطات القضائية الإيرانية، أن تعاون دانيال زاده أدى إلى الحكم عليه بعقوبة مخففة بالسجن لمدة 15 عاماً، بيد أنه لا يزال من غير الواضح، ما إذا كان دانيال زاده يقضي حالياً فترة عقوبته.

يمتلك دانيال زاده ما لا يقل عن 7 منازل في دبي، بما في ذلك 6 شقق في منطقة الثنية الخامسة، وفيلا واحدة في جزيرة نخلة جميرا، وتقدر القيمة الإجمالية لهذه الممتلكات بنحو 12.6 مليون دولار أميركي.

قصةٌ لا تنتهي: البنك المركزي

أسد الله سيفي هو أحد المتهمين في قضية رشوة البنك المركزي؛ حيث وُجّهت إليه تهمة دفع رشاوى لمديري البنوك، تتراوح ما بين اثنتين من سبائك الذهب زنة 100 جرام، إلى رشوة بقيمة 500 مليون تومان، لتغيير سعر الصرف في أحد عقود الوساطة.

تقدر قيمة شقتي سيفي في دبي، الواقعتين في الخليج التجاري والثنية الخامسة  بـ 1,800,000 درهم أي ما يعادل نصف مليون دولار أميركي.

وعلى غرار سيفي، كان محمد وكيلي وسيطاً سابقاً للبنك المركزي، وفي قضية مختلفة، حُكم على وكيلي بالسجن لمدة 20 عاماً بتهمة التهريب المنظّم للعملة، وزعزعة استقرار العملة والنظام النقدي، وبموجب أمر المحكمة نفسه، فإن وكيلي هارب ويقيم حالياً في دبي.

يملك وكيلي 133 وحدة سكنية في مجمع دبي للاستثمار، بالإضافة إلى فيلا في الثنية الخامسة.

أُدرج كلٌ من سيفي ووكيلي، اللذين تشاركا التهم في العديد من القضايا المصرفية، على قوائم العقوبات الأميركية، في ما يتعلق بغسل الأموال والتوسط في تيسير العلاقات المالية للجمهورية الإسلامية.

العقوبات والمستفيدون منها

عندما يتعلق الأمر بقائمة العقوبات الأميركية، فإن عشرة أسماء على الأقل من هذه القائمة يملكون عقارات في دبي.

من بين هذه الأسماء: بجمان كوثريان فرد، وكامبيز رستميان، وهوشنك فرسوده، ومحسن بارساجم، والمذكورين سابقاً: أسد الله سيفي ومحمد وكيلي.

يملك كامبيز رستميان، الذي فرضت عليه الحكومة الأميركية عقوبات في عام 2017 تتعلق ببرنامج الصواريخ الإيراني، شقة واحدة وفيلا واحدة في دبي، بقيمة إجمالية تبلغ نحو 4.8 مليون دولار أميركي.

أما محسن بارساجم، رئيس مجلس إدارة شركة “رايان رشد أفزا”، الذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات بسبب دعم شركته للحرس الثوري الإيراني، فيملك شقتين تبلغ قيمتهما نحو 500 ألف دولار أميركي.

ومن الأمثلة الأخرى هوشنك فرسوده، الذي عوقب بتهمة المساعدة في تجاوز العقوبات، فقد اشترى فيلا في دبي بقيمة 4.5 مليون دولار أميركي تقريباً.

البتروكيماويات من جديد: قضية الـ 6 مليار دولار والرجل الثالث

إحدى أكبر قضايا الاختلاس والانتهاكات المالية في إيران وأشهرها في السنوات الأخيرة، هي قضية شركة البتروكيماويات التجارية.

عشرات الأشخاص الذين ساعدوا في تجاوز العقوبات، وبيع المنتجات البتروكيماوية الخاضعة للعقوبات، التي تضمنت تحويل 6 مليارات و656 مليون يورو من بيع هذه المنتجات، استطاعوا جمع ثروات طائلة عبر هذه الصفقات، حوكم عددٌ من المتورطين في وقت لاحق، بتهمة تعطيل نظام الاقتصاد الكلي، والتربح غير المشروع، وهو ما أدى إلى إدانة 15 شخصاً.

من بين المدانين، الذين يقبع بعضهم في السجون الإيرانية، وبعضهم يعيش في الخارج، هناك اثنان على الأقل يملكان عقارات في دبي.

حُكم على علي أشرف رياحي، االمستشار الفني للشركة التجارية للبتروكيماويات، وصهر وزير الصناعة والتعدين والتجارة السابق محمد رضا نعمت زاده، بالسجن 5 سنوات، بتهمة تعطيل النظام الاقتصادي، والمساعدة في توزيع العملة الأجنبية من تصدير المنتجات البتروكيماوية، وبحسب الحكم المنشور، فقد أدى ذلك إلى حصول رياحي بشكل غير قانوني، على 29 مليار ريال.

علي أشرف رياحي (في المنتصف)

اشترى رياحي شقة فندقية في برج خليفة بدبي، بقيمة لا تقل عن 1.6 مليون دولار أميركي، ثم باعها بعد ذلك.

وبالإضافة إلى رياحي، هناك مدان آخر في هذه القضية، ويملك عقاراً في دبي، فقد حُكم على سيد أمين قريشي سروستاني بالسجن 15 عاماً، و74 جلدة للتهمة نفسها، والمتمثلة بتخريب النظام الاقتصادي، من خلال توزيع العملة التي تحصّل عليها من تصدير المنتجات البتروكيماوية.

صدر الحكم على سروستاني، الذي يحمل جواز سفر دومينيكياً، غيابياً، وأعلنته المحكمة هارباً، ورغم أنه يُعتقد أنه باع بعض عقاراته، إلا أنه لا يزال يملك عدداً من عقاراته الخمسة في دبي، التي تبلغ قيمتها 3.5 مليون دولار أميركي.

ولكن يمكننا أن نرى اسماً ثالثاً في قضية البتروكيماويات والعقارات، لم تُوجّه له اتهامات رسمية قط، رغم ظهور اسمه في وثائق المحكمة في عشرات المناسبات؛ ألا وهو: جواد شير علي نجل محمد حسين شير علي.

محمد حسين شير علي، الذي كان موظفاً في وزارة الإعلام، هو أحد المدانين في قضية البتروكيماويات، وحكم عليه بالسجن خمس سنوات بالتهمة نفسها التي وجهت للمدانين الآخرين، وبحسب الحكم، فإن المبلغ الذي حصل عليه بطريقة غير شرعية هو 8 ملايين دولار أميركي، وبحسب اعترافاته في هذه القضية، فإن معظم التحويلات المالية وتلقي العمولات واستثمار الأرباح، تمت من قبل نجله جواد، وهو خارج إيران، باعتباره واحداً من عدد من الوسطاء، ويتلقى عمولات  أو فوائد من بيع المنتجات البتروكيماوية نيابة عن والده خارج إيران.

وبحسب البيانات المسربة، يملك جواد شير علي ما لا يقل عن 4 وحدات سكنية، من بينها فيلا، تقدر قيمتها الإجمالية بأكثر من 4 ملايين دولار أميركي.

قضية عائلية (ممتدة)

لم تخلُ قائمة أصحاب العقارات في دبي من أبناء الشخصيات الشهيرة وأفراد عائلات المسؤولين الحكوميين القريبين والبعيدين.

فمن عائلة أكبر هاشمي رفسنجاني، الرئيس الإيراني السابق، نجد في هذه القائمة أسماء اثنين من أبنائه على الأقل، وزوجة ابنه وحفيده.

وفي وقت كان محسن هاشمي بهرماني، الابن الأكبر للعائلة، والرئيس السابق لمجلس مدينة طهران، يملك وحدتين سكنيتين؛ لا يزال يملك إحداهما، وتبلغ قيمتها حوالي 380 ألف دولار أميركي.

محسن هاشمي

ويملك ياسر هاشمي بهرماني، الابن الأصغر لعائلة رفسنجاني، شقة في برج خليفة في دبي، تقدر قيمتها بنحو 750 ألف دولار أميركي، أما زوجته مريم سالاري، فتملك شقة في المبنى نفسه، الذي يعيش فيه زوجها، وتقدر قيمتها بنحو 700 ألف دولار أميركي.

إحسان هاشمي بهرماني نجل محسن هاشمي، وحفيد الرئيس رفسنجاني، يملك شقة صغيرة بقيمة 100 ألف دولار أميركي في دبي.

حالات غريبة وجنسيات مزدوجة وأسماء أخرى

هناك حالات قليلة غريبة بين عشرات الآلاف من الإيرانيين، الذين يملكون عقارات في دبي المشمسة، تشمل عدداً من الإيرانيين الذين اشتروا عقارات بجوازات سفر غير إيرانية.

مهدي شمس، مواطن إيراني/ بريطاني، والمدير العام السابق لقسم التجارة والمبيعات في شركة الشحن التابعة لجمهورية إيران الإسلامية، الذي خُفّفت عقوبته من الإعدام في قضية باباك زنجاني (صاحب أكبر ملف فساد في تاريخ قطاع النفط الإيراني ونال عفو المرشد لاحقاً) إلى السجن 20 عاماً، على الأرجح لا يزال شمس يقضي عقوبته في إيران، ولا يزال يملك عقارات  في دبي، من بينها فيلا بقيمة 20 مليون دولار في نخلة جميرا.

مهدي شمس

ثمة مواطن إيراني/ بريطاني آخر يملك عقاراً في دبي، حسب البيانات الموجودة، هو جواد مرندي، مرندي هو مليونير معروف بتقديمه الدعم المالي لحزب المحافظين البريطاني، ورد اسمه سابقاً في قضية غسل أموال، ولكن لم تتم إدانته مطلقاً.

علاوة على ذلك، نجد مهرب وقود، يطلق عليه اسم “سلطان تهريب الوقود”، وصاحب منجم ذهب في إيران، ومسؤول غسل الأموال لرجل دين إيراني بارز؛ جميعهم اشتروا عقارات في دبي بجواز سفر كندي.

وفي إسبانيا، اعتاد مسعود زندي گوهريزي على التسكع مع السياسيين والأغنياء، وممارسة الضغط ولعب دور “المُصلح”، وبعد تسريب “وثائق بنما”، اتهمت إسبانيا گوهريزي بالاحتيال الضريبي بقيمة 126 مليون يورو خلال 3 سنوات فقط، وكان گوهريزي، وهو الآن هارب، قد اشترى عقاراً في دبي عام 2009 بقيمة لا تقل عن 1.96 مليون يورو، ولا يزال يملكه حتى الآن.

لكن إحدى أغرب الحالات في هذه القائمة تعود لرجل يدعى منصور فروزمند، لدى فروزمند قضية احتيال في إيران لم تتحدث عنها وسائل الإعلام مطلقاً، كما قُبض عليه مرة واحدة في دبي، ومنذ ذلك الحين يقضي عطله في نيس في جنوب فرنسا.

وبحسب تقرير لصحيفة “لا مارسييز” أمام محكمة فرنسية، فإن الجمهورية الإسلامية اتهمت فروزمند بأخذ 200 مليون دولار أميركي من عملة الدولة للاستيراد، ثم باعها في السوق السوداء، وعلى الرغم من طلب المحكمة تسليمه، استطاع محاميه إنقاذه وإطلاق سراحه من خلال  الإشارة إلى الأهوال والظروف اللا إنسانية في السجون الإيرانية، وخطر تعرضه لعقوبة الإعدام في إيران بسبب التهم الاقتصادية.

يملك فروزمند ما لا يقل عن 5 عقارات في دبي، من بينها فيلا وشقة ومكتب في منطقة الخليج التجاري والثنية الخامسة وبرج خليفة، والتي تتجاوز قيمتها الإجمالية 10 ملايين دولار.

ورداً على رسالة البريد الإلكتروني، التي أرسلها “مشروع الابلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد” وشركاؤه الإعلاميون في هذا التحقيق، وصف فروزمند هؤلاء الإعلاميين بـ “المبتزين”، وذكر أيضاً أن “جميع القضايا المزعومة قد أغلقتها السلطات بالفعل، بسبب غياب أي دليل ملموس وجوهري”. 

كما قال: “إن العقارات التي ذكرتها مرهونة وممولة حسب الأصول المعمول بها في البنوك الإماراتية، لمدة تتراوح بين 20 إلى 25 عاماً”، وأوضح أن “هذه القروض العقارية والتمويل تمت الموافقة عليهما حسب الأصول، من البنوك الإماراتية، بعد تحقيق الامتثال وتجاوز التدقيقات التنظيمية”.

يحمل  فروزمند جواز سفر دولة سانت كيتس ونيفيس.

يمتلك شخص إيراني غامض آخر في دبي 258 عقاراً في برج كريستال.

محمد هادي ذو الأنواري، هو رجل أعمال واجه اتهامات بغسل الأموال والاختلاس في إيران، تتعلق بقرض مصرفي ضخم حصلت عليه إحدى شركاته بما ينتهك اللوائح المالية، أُسقطت عنه تهم غسل الأموال بسبب نقص الأدلة، وأُغلقت القضية المرفوعة ضده في عام 2023 بإصدار حكم، لكن لم ينشر مطلقاً، مما يجعل من غير الواضح هل أُدين بتهم أخرى أم لا.

إن دبي ليست المدينة الوحيدة التي يعرف عنها أن المجرمين والمختلسين يغسلون أموالهم فيها، عن طريق شراء العقارات، بيد أن الخبراء يقولون إن دبي على وجه التحديد لديها سمات جذابة، خاصة لأولئك الفارين من تطبيق القانون الغربي أو العقوبات.

حتى وقت قريب، لم يكن لدى دولة الإمارات معاهدات تسليم المجرمين مع العديد من الدول، مما ساعد في تحويل دبي إلى منطقة جذب للهاربين من جميع أنحاء العالم، وعلى الرغم من أن السلطات الإماراتية عززت التعاون مع سلطات إنفاذ القانون الأجنبية في السنوات الأخيرة، لا تزال الحكومة معروفة باستجاباتها المتضاربة لطلبات التسليم.

وبحسب ما قالته رادها ستيرلينغ، وهي محامية وناشطة حقوقية والرئيسة التنفيذية لمنظمة “معتقلون في دبي” المتخصصة في تقديم المساعدات القانونية، فإن “السلطات الإماراتية تستغل كبار المتهمين الهاربين المعروفين عالمياً كـ “أوراق مساومة”، مضيفة “حتى لو زعموا أنهم اعتقلوا أشخاصاً أو جمدوا أصولهم، فقد يكون ذلك فقط لأغراض نشر البيانات الصحفية”.

كما اكتسب بعض وكلاء العقارات في دبي، سمعة طيبة في طرح الحد الأدنى من الأسئلة حول أصول أموال عملائهم، وحتى عام 2022، لم يكن وكلاء العقارات والوسطاء والمحامون ملزمين بالإبلاغ عن المعاملات النقدية الكبيرة، أو المعاملات بالعملات المشفرة إلى السلطات.

كما يعد سوق العقارات في الإمارة واحداً من أهم الأسواق في العالم، حيث يوفر مجموعة واسعة من الفرص الاستثمارية عبر أفقه سريع التغير، ومع ارتفاع قيمة العقارات، توفر الاستثمارات العقارية وسيلة ليس فقط لغسل الأموال غير المشروعة، بل لتحقيق أرباح إضافية.

وقال كولين باورز، وهو زميل بارز ورئيس تحرير برنامج “نوريا” للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي منظمة بحثية مستقلة غير ربحية: “إن سياسات الإمارة هي عاملٌ غير مباشر، يساهم في ضمان ارتفاع قيمة أصول جميع هذه الأطراف مع مرور الوقت”.

22.05.2024
زمن القراءة: 15 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية