fbpx

تونس: رانية العمدوني لا تشبههم لكنها فضحتهم!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“أنا اخترت خوض معركتي وسأولد من رحم الوجع من جديد وسأصنع بنفسي ما أشاء”… شكَّلت الفتاة “صدمة” لتيار مشدد وآخر محافظ وثالث عدواني يرى في رانية خطراً على هويته الإسلامية..

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

رانية العمدوني (26 سنة)، ناشطة نسوية كويرية وممثلة سينمائية، تعرضت لهجمة رقمية شرسة تزامناً مع الاحتجاجات الأخيرة في تونس. وحاصرتها خطابات كراهية وتنمر وصلت إلى حدود تهديد سلامتها الجسدية، إضافة إلى محاكمات أخلاقية عجّت بها صفحات افتراضية كثيرة.

وانخرطت في هذه الحملة عشرات الصفحات في “فايسبوك”، وحتى  بعض النواب مثل الناطق الرسمي باسم “ائتلاف الكرامة”، والمقرب من “حركة النهضة” سيف الدين مخوف. سخرت منشورات كثيرة من شكل رانية، على أنها “تشبه الرجال” و”ذكر متحول جنسياً”. وهناك من وصل به الأمر إلى تسميتها “أيمن”، والقول إنها تحولت إلى رانية بعدما عانت من اليتم والفقر.

الموضوع لم يقف عند هذا الحد، بل وصل إلى التنمر، حتى عبر موجات إذاعة خاصة على الهواء مباشرة، من قبل الإعلامي برهان بسيس والمحسوب على نظام بن علي، والمحامية سنية الدهماني. الإعلاميان تنمرا على رانية وعرفا الناشطة الكويرية ” بأنها “مكعبرة وسمينة”، في تحقير واضح لرانية والسخرية من شكلها.

كل ما قيل ويقال عنها إما عن جهل أو عن سبق إصرار وترصد او كما يرى بعض النشطاء بغية تشويه الحراك الشعبي، أعاد إلى الواجهة مسألة مهمة جداً ألا وهي “الاختلاف” ومدى قبول الآخر بأفكاره وميوله المختلفة، من دون أن يكون اختلافه سبباً للقضاء عليه وتعريضه للخطر. في كاريكاتير للفنان Z بدت رانية جالسة فوق مئذنة جامع، وكان عنوان الرسم “رانية تجلس فوق النظام”. الكاريكاتير يسخر من النظام الأبوي السلطوي، إلا أن بعض “النخب” التي كانت تضامنت مع رانية، عادت وتراجعت مع ظهور الكاريكاتير، باعتباره تعدياً صارخاً على المقدسات الإسلامية. وتعالت أصوات أخرى تقول، إن صاحب الكاريكاتير عرض رانية للخطر، ورماها بين أيدي المتعصبين. 

عُرفت رانية بانخراطها في التحركات الاجتماعية ومشاركتها في الاحتجاجات والتظاهرات، أمام أكثر مراكز الدولة حساسية ونفوذاً، إن كان في شارع الحبيب بورقيبة حيث مقر وزارة الداخلية، أو في القصبة، مقر رئاسة الحكومة وحتى أمام مجلس نواب الشعب في باردو.

علاوة على أنها كانت دائماً في الصفوف الأولى خلال الأنشطة والتظاهرات النسوية ضد التحرش والاغتصاب، ومساندة لقضايا المهمشين وغيرهم.

إلا أن ظهورها لفت العيون والألسنة إليها أكثر مذ بدأت الاحتجاجات في 14 كانون الثاني/ يناير 2021، وشكَّلت الفتاة “صدمة” لتيار مشدد وآخر محافظ وثالث عدواني يرى في رانية خطراً على هويته الإسلامية بعدما انتشرت لها صور خلال مسيرة السبت 6 شباط/ فبراير ترفع أعلام المثلية والكويرية. 


وعلى رغم أن رانية قد التزمت الصمت منذ السبت الماضي تاريخ المسيرة الاحتجاجية، واكتفت بمشاركة تدوينات وبيانات عبر “فايسبوك”، إلا أنها أكدت لـ”درج”، “صمودها وتماسكها تجاه هذه الحملة، وإيمانها الشديد بما تقوم به وما تفعله لأجل مجتمعها ووطنها”، مضيفة “أنا اخترت خوض معركتي وسأولد من رحم الوجع من جديد وسأصنع بنفسي ما أشاء”.

ملاحقة أمنية منذ بدء الاحتجاجات

رانية العمدوني كانت تحركاتها طول الوقت تحت أنظار الأمن، وكأنهم يتصيدون فرصة حتى تكون بين أيديهم. قدَّم أفراد من  النقابات الأمنية في تونس في رانية شكوى بالاعتداء على الأمنيين وخرق قانون الطوارئ في 28 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. 

كما تعرضت  في الأشهر الماضية لحملة واسعة من الهرسلة والتنمر بدرجة أولى من صفحات تابعة للنقابات الأمنية والتيارات الإسلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب نشاطها في دعم أفراد مجتمع الميم وهويتها الجندرية الكويرية، التي لا تتقبلها التيارات الرجعية في تونس، وتعتبرها خطراً على المجتمع وعلى مستقبل الشباب.

كما قامت القوى الأمنية بملاحقتها في مقر مسكنها، فاضطرت إلى مغادرة بيتها خوفاً من الاعتداءات الأمنية عليها.

كما تعرضت حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي لمحاولة الاختراق أكثر من مرة في الأشهر الماضية. 

“أنا اخترت خوض معركتي وسأولد من رحم الوجع من جديد وسأصنع بنفسي ما أشاء”.

ومع تصاعد حدة التهديدات التي تلاحق رانية من أفراد النقابات الأمنية ووصلت للتهديد بالقتل، عبّرت “دمج”، الجمعية التونسية للعدالة والمساواة في بيان لها، عن تضامنها المطلق واللامشروط مع رانية العمدوني ضد الهجمة الرقمية ودعوات الكراهية والتنمر والتهديدات الجسدية والملاحقات البوليسية والمحاكمات التي تطاولها منذ ما يتجاوز السنة على خلفية نشاطها الحقوقي.

لا سيما بسبب انخراطها الكثيف في تنظيم الحراك الاحتجاجي الشعبي الذي انطلق منذ كانون الثاني الماضي.

 وتؤكد “دمج” أن رانية ومنذ فترة طويلة تواجه استهدافاً ممنهجاً من السلطة التونسية بداية من حرمانها حقها في الولوج للعدالة ومقاضاة كل المجرمين في حقها وصولاً إلى تهديدها بسلامتها الجسدية والنفسية.

كما ذكّرت “دمج” أنها راسلت وزارة الداخلية ووزارة حقوق الإنسان والعلاقة مع المجتمع المدني والهيئات الدستورية أكثر من مرة خلال عام 2020 من أجل الوقوف على خطورة التهديدات وتوفير الحماية اللازمة لها، بخاصة بعد دعوات القتل وإهدار الدم التي أطلقتها المنابر التكفيرية في المساجد والخطب الدينية.

رانية ليست حالة منفردة 

وعلى رغم أن الحملة ضد رانية العمدوني كانت الأكبر والأوسع إلا أنها لم تكن وحدها ضحية هذا التنمر. الشابة آية، كانت أيضاً ذريعة  لجمع مئات “اللايكات” والتعليقات، بعد نشرما الناشط اسكندر الرقيق والمعروف بأفكاره المحافظة، صورتها ساخراً من شكلها فانهالت عليها التعليقات التكفيرية بسبب هويتها الجندرية. الأمر لم يقف عند هذا الحد، إذ تفيد صديقتها سهى العمري، بأن آية خسرت عملها جراء الحملة، بعدما كانت نادلة في مطعم. كما طردتها والدتها من المنزل وأصبحت من دون سند عائلي أو مادي. 

المؤسف هو أن القوانين في تونس لا تزال قاصرة عن حماية النشطاء الذين يعتنقون أفكاراً أو ميولاً مختلفة عن السائد. على رغم وجود فصول قانونية في المجلة الجزائية تعاقب “الإزعاج عبر وسائل الاتصالات” إلا أن هذه القضايا يبقى التحرك الرسمي فيها بطيئاً، مقارنة بالقضايا التي تحركها أذرعة السلطة التنفيذية، النقابات الأمنية نموذجاً.

إقرأوا أيضاً:

12.02.2021
زمن القراءة: 4 minutes

“أنا اخترت خوض معركتي وسأولد من رحم الوجع من جديد وسأصنع بنفسي ما أشاء”… شكَّلت الفتاة “صدمة” لتيار مشدد وآخر محافظ وثالث عدواني يرى في رانية خطراً على هويته الإسلامية..

رانية العمدوني (26 سنة)، ناشطة نسوية كويرية وممثلة سينمائية، تعرضت لهجمة رقمية شرسة تزامناً مع الاحتجاجات الأخيرة في تونس. وحاصرتها خطابات كراهية وتنمر وصلت إلى حدود تهديد سلامتها الجسدية، إضافة إلى محاكمات أخلاقية عجّت بها صفحات افتراضية كثيرة.

وانخرطت في هذه الحملة عشرات الصفحات في “فايسبوك”، وحتى  بعض النواب مثل الناطق الرسمي باسم “ائتلاف الكرامة”، والمقرب من “حركة النهضة” سيف الدين مخوف. سخرت منشورات كثيرة من شكل رانية، على أنها “تشبه الرجال” و”ذكر متحول جنسياً”. وهناك من وصل به الأمر إلى تسميتها “أيمن”، والقول إنها تحولت إلى رانية بعدما عانت من اليتم والفقر.

الموضوع لم يقف عند هذا الحد، بل وصل إلى التنمر، حتى عبر موجات إذاعة خاصة على الهواء مباشرة، من قبل الإعلامي برهان بسيس والمحسوب على نظام بن علي، والمحامية سنية الدهماني. الإعلاميان تنمرا على رانية وعرفا الناشطة الكويرية ” بأنها “مكعبرة وسمينة”، في تحقير واضح لرانية والسخرية من شكلها.

كل ما قيل ويقال عنها إما عن جهل أو عن سبق إصرار وترصد او كما يرى بعض النشطاء بغية تشويه الحراك الشعبي، أعاد إلى الواجهة مسألة مهمة جداً ألا وهي “الاختلاف” ومدى قبول الآخر بأفكاره وميوله المختلفة، من دون أن يكون اختلافه سبباً للقضاء عليه وتعريضه للخطر. في كاريكاتير للفنان Z بدت رانية جالسة فوق مئذنة جامع، وكان عنوان الرسم “رانية تجلس فوق النظام”. الكاريكاتير يسخر من النظام الأبوي السلطوي، إلا أن بعض “النخب” التي كانت تضامنت مع رانية، عادت وتراجعت مع ظهور الكاريكاتير، باعتباره تعدياً صارخاً على المقدسات الإسلامية. وتعالت أصوات أخرى تقول، إن صاحب الكاريكاتير عرض رانية للخطر، ورماها بين أيدي المتعصبين. 

عُرفت رانية بانخراطها في التحركات الاجتماعية ومشاركتها في الاحتجاجات والتظاهرات، أمام أكثر مراكز الدولة حساسية ونفوذاً، إن كان في شارع الحبيب بورقيبة حيث مقر وزارة الداخلية، أو في القصبة، مقر رئاسة الحكومة وحتى أمام مجلس نواب الشعب في باردو.

علاوة على أنها كانت دائماً في الصفوف الأولى خلال الأنشطة والتظاهرات النسوية ضد التحرش والاغتصاب، ومساندة لقضايا المهمشين وغيرهم.

إلا أن ظهورها لفت العيون والألسنة إليها أكثر مذ بدأت الاحتجاجات في 14 كانون الثاني/ يناير 2021، وشكَّلت الفتاة “صدمة” لتيار مشدد وآخر محافظ وثالث عدواني يرى في رانية خطراً على هويته الإسلامية بعدما انتشرت لها صور خلال مسيرة السبت 6 شباط/ فبراير ترفع أعلام المثلية والكويرية. 


وعلى رغم أن رانية قد التزمت الصمت منذ السبت الماضي تاريخ المسيرة الاحتجاجية، واكتفت بمشاركة تدوينات وبيانات عبر “فايسبوك”، إلا أنها أكدت لـ”درج”، “صمودها وتماسكها تجاه هذه الحملة، وإيمانها الشديد بما تقوم به وما تفعله لأجل مجتمعها ووطنها”، مضيفة “أنا اخترت خوض معركتي وسأولد من رحم الوجع من جديد وسأصنع بنفسي ما أشاء”.

ملاحقة أمنية منذ بدء الاحتجاجات

رانية العمدوني كانت تحركاتها طول الوقت تحت أنظار الأمن، وكأنهم يتصيدون فرصة حتى تكون بين أيديهم. قدَّم أفراد من  النقابات الأمنية في تونس في رانية شكوى بالاعتداء على الأمنيين وخرق قانون الطوارئ في 28 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. 

كما تعرضت  في الأشهر الماضية لحملة واسعة من الهرسلة والتنمر بدرجة أولى من صفحات تابعة للنقابات الأمنية والتيارات الإسلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب نشاطها في دعم أفراد مجتمع الميم وهويتها الجندرية الكويرية، التي لا تتقبلها التيارات الرجعية في تونس، وتعتبرها خطراً على المجتمع وعلى مستقبل الشباب.

كما قامت القوى الأمنية بملاحقتها في مقر مسكنها، فاضطرت إلى مغادرة بيتها خوفاً من الاعتداءات الأمنية عليها.

كما تعرضت حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي لمحاولة الاختراق أكثر من مرة في الأشهر الماضية. 

“أنا اخترت خوض معركتي وسأولد من رحم الوجع من جديد وسأصنع بنفسي ما أشاء”.

ومع تصاعد حدة التهديدات التي تلاحق رانية من أفراد النقابات الأمنية ووصلت للتهديد بالقتل، عبّرت “دمج”، الجمعية التونسية للعدالة والمساواة في بيان لها، عن تضامنها المطلق واللامشروط مع رانية العمدوني ضد الهجمة الرقمية ودعوات الكراهية والتنمر والتهديدات الجسدية والملاحقات البوليسية والمحاكمات التي تطاولها منذ ما يتجاوز السنة على خلفية نشاطها الحقوقي.

لا سيما بسبب انخراطها الكثيف في تنظيم الحراك الاحتجاجي الشعبي الذي انطلق منذ كانون الثاني الماضي.

 وتؤكد “دمج” أن رانية ومنذ فترة طويلة تواجه استهدافاً ممنهجاً من السلطة التونسية بداية من حرمانها حقها في الولوج للعدالة ومقاضاة كل المجرمين في حقها وصولاً إلى تهديدها بسلامتها الجسدية والنفسية.

كما ذكّرت “دمج” أنها راسلت وزارة الداخلية ووزارة حقوق الإنسان والعلاقة مع المجتمع المدني والهيئات الدستورية أكثر من مرة خلال عام 2020 من أجل الوقوف على خطورة التهديدات وتوفير الحماية اللازمة لها، بخاصة بعد دعوات القتل وإهدار الدم التي أطلقتها المنابر التكفيرية في المساجد والخطب الدينية.

رانية ليست حالة منفردة 

وعلى رغم أن الحملة ضد رانية العمدوني كانت الأكبر والأوسع إلا أنها لم تكن وحدها ضحية هذا التنمر. الشابة آية، كانت أيضاً ذريعة  لجمع مئات “اللايكات” والتعليقات، بعد نشرما الناشط اسكندر الرقيق والمعروف بأفكاره المحافظة، صورتها ساخراً من شكلها فانهالت عليها التعليقات التكفيرية بسبب هويتها الجندرية. الأمر لم يقف عند هذا الحد، إذ تفيد صديقتها سهى العمري، بأن آية خسرت عملها جراء الحملة، بعدما كانت نادلة في مطعم. كما طردتها والدتها من المنزل وأصبحت من دون سند عائلي أو مادي. 

المؤسف هو أن القوانين في تونس لا تزال قاصرة عن حماية النشطاء الذين يعتنقون أفكاراً أو ميولاً مختلفة عن السائد. على رغم وجود فصول قانونية في المجلة الجزائية تعاقب “الإزعاج عبر وسائل الاتصالات” إلا أن هذه القضايا يبقى التحرك الرسمي فيها بطيئاً، مقارنة بالقضايا التي تحركها أذرعة السلطة التنفيذية، النقابات الأمنية نموذجاً.

إقرأوا أيضاً:

12.02.2021
زمن القراءة: 4 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية