fbpx

جرأة البابا فرنسيس ولياقة السؤال عن المثلية الجنسية!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

حسم العلم الجدل، وأكد أن المثلية ليست مرضاً، ولا يقترح عقاقير ولا يستنجد بـ”الإرادة” لـ”الشفاء” منها. الكنيسة اليوم تعتبر المثليين أبناء الرب وتعترف بزواجهم المدني، وبحقهم بالعيش ضمن عائلة…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في تحقيق مصوّر لـ”بي بي سي” عن المثلية الجنسية و”الترانس” في لبنان، يقصد المراسل- معدّ التحقيق مقرّ المركز الكاثوليكي للإعلام حاملاً مجموعة من الأسئلة ليطرحها على رئيسه عبدو ابو كسم، وفي اجابته عن واحد من الاسئلة التي حاول فيها المراسل فهم ما يقترحه أبو كسم لكي يتقبل المثليين كما هم بما انهم ولدوا كذلك، ولم يكن ذلك خيارهم، يقول: “اليوم العلم والطب يستطيع ان يساعد هؤلاء الناس إن أرادوا”. وبسخرية ذكية يسأله المراسل: “اذاً هل تقول أن هناك نوعاً من الحبوب التي يمكن تناولها فيتحول المثلي إلى غيري(سترايت)؟”. يتلعثم ابو كسم بشيء من الإرباك، ثم يقول إن ما قصده أن “شفاء” المثلية يكون بـ”الإرادة”. 

على غرار أبو كسم، بثت إعلامية تبتغي الشهرة (والربح؟) إعلاناً عن حلقة مع طبيبة نفسية، وموضوع الحلقة: “كيف يتعالج المثليون الراغبون بالعلاج”. وفي الحلقة التي بثت عبر تطبيق “زوم” وجرت مشاركتها على “فايسبوك”، تقوم الإعلامية مع ضيفتها الطبيبة بمناقشة الهجوم الذي تعرضتا له على إثر هذا الإعلان الذي يصنّف المثلية كمرض، ثم يسوّق لعلاجات مفترضة له. وفي سعيها لتبرير الخطأ، حاولت الطبيبة مداواة دائها بـ”التي كانت هي الداء”، فقالت إن المثلية ليست مرضاً، بل نوعاً من الاضطراب، وان الناس قفزوا إلى استنتاجات سريعة. فما كان من الإعلامية “الفذّة”، إلا أن قاطعتها، بعنصرية موصوفة، لتقول: “عرب، عرب بدك تتعودي”. ثم أكملت بنبرة اعتراضية: “تقولين ان المثلية ليست مرضاً؟! تقولينها وكأنك تحاولين مراعاة شعور المنتقدين؟”. ولما أكدت لها الطبيبة إن الدراسات تثبت أن المثلية ليست مرضاً، قرعت الإعلامية “الجرس” اعتراضاً: “أنا أريد ان أعارضك في هذه النقطة. أنا أعرف الكثير من الأصدقاء المثليين التعساء والمرضى، حياتهم مشربكة، بيبكون ويقولون لي: أنا ما بدي كون مرا، أنا بدي كون رجّال بس كيف؟”.

حينما طرح أحدهم سؤالاً على غور فيدال، عمّا إذا كان شريكه الجنسي الأول امرأة أو رجل، أجابه بذكاء وسرعة بديهة: “كنتُ أكثر لياقة من أن أسأل”.

في الحلقة الكثير من هذا النوع من التنميط والتصنيف والتعميم وتسخيف العلم وحتى التهديد: فقد هددت “الاعلامية” كل طبيب ينصح او يسمح بإجراء عملية جراحية لتحويل رجل إلى امرأة أو العكس. وقالت إن الطبيبات والأطباء الذين ينصحون بهكذا عمليات سيكونون عرضة للتشهير من قبلها على مواقع التواصل الإجتماعي.

بالتزامن مع بث الحلقة المليئة بالأحكام المسبقة والناضحة برهاب المثلية، انتشر على مواقع التواصل الإجتماعي خبر نقلته وسائل الإعلام العالمية لتصريح جريء للبابا فرانسيس في فيلم وثائقي حول حياته عرض في مهرجان روما السينمائي، دافع فيه عن المثليين جنسياً، في خطوة تعد سابقة في تاريخ المؤسسة الكنسية، وقال البابا إن المثليين “أبناء الرب”، ومن حقهم “تكوين أسرة”. 

لقد حسم العلم الجدل، وأكد أن المثلية ليست مرضاً، ولا يقترح عقاقير ولا يستنجد بـ”الإرادة” لـ”الشفاء” منها. الكنيسة اليوم تعتبر المثليين أبناء الرب وتعترف بزواجهم المدني، وبحقهم بالعيش ضمن عائلة، وأن يكونوا جزءاً منها، و”لا ينبغي طرد أحد أو جعله بائساً بسبب ذلك”، على حد تعبير البابا. 

في دراستها لموقع المثلية الجنسية في النسق المعرفي للثقافة الغربية، تتحدث ايف سيدجويك عن طريقتين لمفهمة المثلية الجنسية: الأولى، عبر ما تسميه “وجهة النظر التهميشية”، والتي تتحدث عن وجود “اقلية مثلية ثابتة نسبياً”، وقد أكد على وجهة النظر هذه اولئك الذين يعتقدون أن “أفضل طريقة لنزع الوصمة عن المثلية هو عبر الإدعاء أنها مسألة طبيعية”. أما الطريقة الثانية فتسميها سيدجويك “وجهة النظر الجامعة” القائلة إن الرغبة الجنسية متذبذبة وانه “حتى الأشخاص الذين يبدون مغايرين” لديهم ميول جنسية مثلية. وهي فكرة لخصها غور فيدال بالقول: “لا وجود لما يدعى شخصاً مثلياً أو غيرياً، هناك فقط أفعال مثلية أو غيرية”. أكثر من ذلك، يذهب سلافوي جيجك في أحد تحليلاته لعملية الاستمناء التي “تخرج حب الذات من القمقم”، ليستنتج ان في هذه المقولة تلميح إلى نوع من “الغائية مضمرة لإقصاء متدرّج للآخر وأشكال الغيرية الأخرى: أولا، يُستبعد في الجنسية المثلية الجنس الآخر، ثم يجري، بنوع من أنواع نفي النفي الهيغلي الساخر، إلغاء البعد الحقيقي للغيرية، أي إلغاء الآخر: يقوم المرء بممارسة العملية مع نفسه”. 

من هي الإعلامية المقصودة؟ صدّقوني لا يهمّ. ولا يجب ان تسألوا حتى. حينما طرح أحدهم سؤالاً على غور فيدال، عمّا إذا كان شريكه الجنسي الأول امرأة أو رجل، أجابه بذكاء وسرعة بديهة: “كنتُ أكثر لياقة من أن أسأل”.

23.10.2020
زمن القراءة: 3 minutes

حسم العلم الجدل، وأكد أن المثلية ليست مرضاً، ولا يقترح عقاقير ولا يستنجد بـ”الإرادة” لـ”الشفاء” منها. الكنيسة اليوم تعتبر المثليين أبناء الرب وتعترف بزواجهم المدني، وبحقهم بالعيش ضمن عائلة…

في تحقيق مصوّر لـ”بي بي سي” عن المثلية الجنسية و”الترانس” في لبنان، يقصد المراسل- معدّ التحقيق مقرّ المركز الكاثوليكي للإعلام حاملاً مجموعة من الأسئلة ليطرحها على رئيسه عبدو ابو كسم، وفي اجابته عن واحد من الاسئلة التي حاول فيها المراسل فهم ما يقترحه أبو كسم لكي يتقبل المثليين كما هم بما انهم ولدوا كذلك، ولم يكن ذلك خيارهم، يقول: “اليوم العلم والطب يستطيع ان يساعد هؤلاء الناس إن أرادوا”. وبسخرية ذكية يسأله المراسل: “اذاً هل تقول أن هناك نوعاً من الحبوب التي يمكن تناولها فيتحول المثلي إلى غيري(سترايت)؟”. يتلعثم ابو كسم بشيء من الإرباك، ثم يقول إن ما قصده أن “شفاء” المثلية يكون بـ”الإرادة”. 

على غرار أبو كسم، بثت إعلامية تبتغي الشهرة (والربح؟) إعلاناً عن حلقة مع طبيبة نفسية، وموضوع الحلقة: “كيف يتعالج المثليون الراغبون بالعلاج”. وفي الحلقة التي بثت عبر تطبيق “زوم” وجرت مشاركتها على “فايسبوك”، تقوم الإعلامية مع ضيفتها الطبيبة بمناقشة الهجوم الذي تعرضتا له على إثر هذا الإعلان الذي يصنّف المثلية كمرض، ثم يسوّق لعلاجات مفترضة له. وفي سعيها لتبرير الخطأ، حاولت الطبيبة مداواة دائها بـ”التي كانت هي الداء”، فقالت إن المثلية ليست مرضاً، بل نوعاً من الاضطراب، وان الناس قفزوا إلى استنتاجات سريعة. فما كان من الإعلامية “الفذّة”، إلا أن قاطعتها، بعنصرية موصوفة، لتقول: “عرب، عرب بدك تتعودي”. ثم أكملت بنبرة اعتراضية: “تقولين ان المثلية ليست مرضاً؟! تقولينها وكأنك تحاولين مراعاة شعور المنتقدين؟”. ولما أكدت لها الطبيبة إن الدراسات تثبت أن المثلية ليست مرضاً، قرعت الإعلامية “الجرس” اعتراضاً: “أنا أريد ان أعارضك في هذه النقطة. أنا أعرف الكثير من الأصدقاء المثليين التعساء والمرضى، حياتهم مشربكة، بيبكون ويقولون لي: أنا ما بدي كون مرا، أنا بدي كون رجّال بس كيف؟”.

حينما طرح أحدهم سؤالاً على غور فيدال، عمّا إذا كان شريكه الجنسي الأول امرأة أو رجل، أجابه بذكاء وسرعة بديهة: “كنتُ أكثر لياقة من أن أسأل”.

في الحلقة الكثير من هذا النوع من التنميط والتصنيف والتعميم وتسخيف العلم وحتى التهديد: فقد هددت “الاعلامية” كل طبيب ينصح او يسمح بإجراء عملية جراحية لتحويل رجل إلى امرأة أو العكس. وقالت إن الطبيبات والأطباء الذين ينصحون بهكذا عمليات سيكونون عرضة للتشهير من قبلها على مواقع التواصل الإجتماعي.

بالتزامن مع بث الحلقة المليئة بالأحكام المسبقة والناضحة برهاب المثلية، انتشر على مواقع التواصل الإجتماعي خبر نقلته وسائل الإعلام العالمية لتصريح جريء للبابا فرانسيس في فيلم وثائقي حول حياته عرض في مهرجان روما السينمائي، دافع فيه عن المثليين جنسياً، في خطوة تعد سابقة في تاريخ المؤسسة الكنسية، وقال البابا إن المثليين “أبناء الرب”، ومن حقهم “تكوين أسرة”. 

لقد حسم العلم الجدل، وأكد أن المثلية ليست مرضاً، ولا يقترح عقاقير ولا يستنجد بـ”الإرادة” لـ”الشفاء” منها. الكنيسة اليوم تعتبر المثليين أبناء الرب وتعترف بزواجهم المدني، وبحقهم بالعيش ضمن عائلة، وأن يكونوا جزءاً منها، و”لا ينبغي طرد أحد أو جعله بائساً بسبب ذلك”، على حد تعبير البابا. 

في دراستها لموقع المثلية الجنسية في النسق المعرفي للثقافة الغربية، تتحدث ايف سيدجويك عن طريقتين لمفهمة المثلية الجنسية: الأولى، عبر ما تسميه “وجهة النظر التهميشية”، والتي تتحدث عن وجود “اقلية مثلية ثابتة نسبياً”، وقد أكد على وجهة النظر هذه اولئك الذين يعتقدون أن “أفضل طريقة لنزع الوصمة عن المثلية هو عبر الإدعاء أنها مسألة طبيعية”. أما الطريقة الثانية فتسميها سيدجويك “وجهة النظر الجامعة” القائلة إن الرغبة الجنسية متذبذبة وانه “حتى الأشخاص الذين يبدون مغايرين” لديهم ميول جنسية مثلية. وهي فكرة لخصها غور فيدال بالقول: “لا وجود لما يدعى شخصاً مثلياً أو غيرياً، هناك فقط أفعال مثلية أو غيرية”. أكثر من ذلك، يذهب سلافوي جيجك في أحد تحليلاته لعملية الاستمناء التي “تخرج حب الذات من القمقم”، ليستنتج ان في هذه المقولة تلميح إلى نوع من “الغائية مضمرة لإقصاء متدرّج للآخر وأشكال الغيرية الأخرى: أولا، يُستبعد في الجنسية المثلية الجنس الآخر، ثم يجري، بنوع من أنواع نفي النفي الهيغلي الساخر، إلغاء البعد الحقيقي للغيرية، أي إلغاء الآخر: يقوم المرء بممارسة العملية مع نفسه”. 

من هي الإعلامية المقصودة؟ صدّقوني لا يهمّ. ولا يجب ان تسألوا حتى. حينما طرح أحدهم سؤالاً على غور فيدال، عمّا إذا كان شريكه الجنسي الأول امرأة أو رجل، أجابه بذكاء وسرعة بديهة: “كنتُ أكثر لياقة من أن أسأل”.

23.10.2020
زمن القراءة: 3 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية