fbpx

“دولة” سجن رومية اللبنانيّة… مخدّرات وحرائق وجوع!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الثابت طوال هذه السنوات وعلى مدار الاحتجاجات والأحداث الأمنية، أن سجن رومية مكان بعيد كل البعد عن الإنسانية وهو مكان يشجّع على العنف

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كان المشهد في سجن رومية عصر يوم الاثنين 10 حزيران/ يونيو 2024 غريباً وشديد الخطورة، فقد استطاع عدد من السجناء القبض على عناصر من قوى الأمن الداخلي واحتجازهم رهائنَ، بعد افتعال حريق في أحد مباني السجن.

تحدّثت معلومات لاحقة عن أن الخلاف الأساسي يتمحور حول الممنوعات وأساليب توزيعها وإدخالها إلى السجن. وبحسب أحد السجناء في مبنى المحكومين في رومية، “فالخلاف بدأ يوم الجمعة ، خمد نوعاً ما الأحد، ليعود وينفجر يوم الإثنين، أما أسبابه فتعود إلى إشكال بين آل علاوه وآل جعفر على خلفية حبوب مخدّرة، واستُخدم عناصر قوى الأمن لممارسة الضغط والسيطرة على المبنى وسوق المخدرات داخله”.

علماً أن المخدرات منتشرة بقوة في سجن رومية، وتحديداً في مبنى المحكومين. وفي العام الماضي، أحبطت قوى الأمن عملية نقل مخدرات إلى سجن رومية المركزي من خلال طائرة مسيرة كانت محمّلة بكميات من الممنوعات إضافة إلى هاتف خلوي وغير ذلك. العملية التي ضُبطت، تعكس حركة المخدرات النشطة والمتطورة داخل سجن يفترض أنه تحت رعاية قوى الأمن الداخلي وحراستها.

وبحسب سجناء تواصلنا معهم عبر الهاتف، فإن معظم النزلاء يتعاطون المخدرات، التي تنتشر بشكل أساسي في مبنيَي “الأحداث” و”دال”، وبنسبة أكبر في مبنى “المحكومين”، إضافة إلى السجن “ج” التأديبي حيث تتراجع نسبة المتعاطين لعدم توافر المروّجين كما في المباني الأخرى. وبذلك يحكم السجن “كارتيل المخدرات”، حيث يتصارع التجار والمروّجون في ما بينهم، لفرض سيطرتهم وجني المزيد من الأرباح والزبائن، وجعل سجن رومية مجرّد سوق أخرى للمخدرات، بدل أن يكون مكاناً لتأهيل المجرمين وتحسين أحوالهم.

لا طعام ولا دواء!

إضافة إلى المخدرات المنتشرة في أقبية سجن رومية و”على عينك يا تاجر”، فقد أوضح أحد السجناء الذين تواصلنا معهم أن ما حصل هو تنفيس عن الغضب والاحتقان، “لأن الوضع في رومية لم يعد يطاق، لا طعام ولا أدوية ولا محاكمات”.

لا رواية نهائية وكاملة حول ما حدث وأسبابه، حتى إنّ أحد السجناء قال بالحرف حين سألناه عمّا حصل: “إذا بدي إحكي بدا تصير فضايح، خلينا ساكتين”. وعدم توافر رواية كاملة هو حال يرافق كل حدث أمني أو احتجاجي جديد يحصل في سجن رومية، لتبقى الحقيقة لغزاً غامضاً يصعب تفكيكه.

هو ليس الحريق الأول ولا الحركة الاحتجاجية الأولى التي تشهدها مباني سجن رومية، شرق بيروت، حيث يُحشر حوالى 5500 سجين في غرف صغيرة، مع وَجبات غذائية لا تسكِت الجوع، ومحاكمات مؤجلة منذ سنوات.

رومية هو في الحقيقة سجن حافل بالحرائق، وقد يكون من أكثر السجون التي تشهد أحداثاً واحتجاجات، فقبل سنوات قليلة أحرق سجناء الفرش التي ينامون عليها (عام 2009)، وأدى خلاف بين موقوفين عام 2010 إلى نشوب حريق في أحد مباني السجن أيضاً. وفي أحد أيام عام 2015، أشعل سجين سيجارة انتهت بنشوب حريق كبير أدى إلى حالات اختناق وإصابات. وشهد سجن رومية أكثر من حادثة فرار لمساجين، إضافة إلى إشكالات تنتهي أحياناً بوقوع إصابات.

الثابت طوال هذه السنوات وعلى مدار الاحتجاجات والأحداث الأمنية، أن سجن رومية مكان بعيد كل البعد عن الإنسانية وهو مكان يشجّع على العنف، بدل تأهيل السجناء وجعلهم مستعدين للعودة إلى العالم مواطنين صالحين.

وفي تحقيق أجريناه قبل مدّة، قال أحد السجناء، “وجبة الغداء تكون في معظم الأحيان عبارة عن حبة من الخضار أو البطاطا يتشارك فيها كل سجينين معاً مع خبز يابس لا يصلح للأكل غالباً”. أما بالنسبة إلى المياه فيشير السجين إلى أن المياه الموجودة داخل السجن غير صالحة للشرب أو الاستحمام لأنها سيئة جداً، ناهيك بالافتقار إلى الخدمات الطبية، “فالسجين الذي يعاني من وعكة صحية أو أمراض مزمنة، عليه أن يشتري الأدوية والعلاج على نفقته الخاصة، لأن الخدمات الصحية شبه مفقودة في السجون”.

ذلك كله في مكان مكتظ جداً، “فالغرفة التي تتسع لـ20 شخصاً، يمكث فيها أكثر من 60 شخصاً، وبالتالي فمن الطبيعي ألا يكون الطعام كافياً وأن تنتشر الآفات والمخدّرات”، كما يروي أحد العاملين في رومية.

فداء زياد - كاتبة فلسطينية من غزة | 14.06.2024

عن تخمة الشعور واختبارات النجاة في غزة

ليلة اقتحام رفح، كانت حيلتي أن أستعير أقدام الطبيبة أميرة العسولي، المرأة الطبيبة التي جازفت بحياتها لتنقذ حياة مصاب، فترة حصار الجيش الإسرائيلي مستشفى ناصر في خانيونس، كي أحاول إنقاذ أخي وعائلته وأختي وأبنائها المقيمين في الجهة المقابلة لنا، لأنهم كانوا أكثر قرباً من الخطر.
13.06.2024
زمن القراءة: 3 minutes

الثابت طوال هذه السنوات وعلى مدار الاحتجاجات والأحداث الأمنية، أن سجن رومية مكان بعيد كل البعد عن الإنسانية وهو مكان يشجّع على العنف


كان المشهد في سجن رومية عصر يوم الاثنين 10 حزيران/ يونيو 2024 غريباً وشديد الخطورة، فقد استطاع عدد من السجناء القبض على عناصر من قوى الأمن الداخلي واحتجازهم رهائنَ، بعد افتعال حريق في أحد مباني السجن.

تحدّثت معلومات لاحقة عن أن الخلاف الأساسي يتمحور حول الممنوعات وأساليب توزيعها وإدخالها إلى السجن. وبحسب أحد السجناء في مبنى المحكومين في رومية، “فالخلاف بدأ يوم الجمعة ، خمد نوعاً ما الأحد، ليعود وينفجر يوم الإثنين، أما أسبابه فتعود إلى إشكال بين آل علاوه وآل جعفر على خلفية حبوب مخدّرة، واستُخدم عناصر قوى الأمن لممارسة الضغط والسيطرة على المبنى وسوق المخدرات داخله”.

علماً أن المخدرات منتشرة بقوة في سجن رومية، وتحديداً في مبنى المحكومين. وفي العام الماضي، أحبطت قوى الأمن عملية نقل مخدرات إلى سجن رومية المركزي من خلال طائرة مسيرة كانت محمّلة بكميات من الممنوعات إضافة إلى هاتف خلوي وغير ذلك. العملية التي ضُبطت، تعكس حركة المخدرات النشطة والمتطورة داخل سجن يفترض أنه تحت رعاية قوى الأمن الداخلي وحراستها.

وبحسب سجناء تواصلنا معهم عبر الهاتف، فإن معظم النزلاء يتعاطون المخدرات، التي تنتشر بشكل أساسي في مبنيَي “الأحداث” و”دال”، وبنسبة أكبر في مبنى “المحكومين”، إضافة إلى السجن “ج” التأديبي حيث تتراجع نسبة المتعاطين لعدم توافر المروّجين كما في المباني الأخرى. وبذلك يحكم السجن “كارتيل المخدرات”، حيث يتصارع التجار والمروّجون في ما بينهم، لفرض سيطرتهم وجني المزيد من الأرباح والزبائن، وجعل سجن رومية مجرّد سوق أخرى للمخدرات، بدل أن يكون مكاناً لتأهيل المجرمين وتحسين أحوالهم.

لا طعام ولا دواء!

إضافة إلى المخدرات المنتشرة في أقبية سجن رومية و”على عينك يا تاجر”، فقد أوضح أحد السجناء الذين تواصلنا معهم أن ما حصل هو تنفيس عن الغضب والاحتقان، “لأن الوضع في رومية لم يعد يطاق، لا طعام ولا أدوية ولا محاكمات”.

لا رواية نهائية وكاملة حول ما حدث وأسبابه، حتى إنّ أحد السجناء قال بالحرف حين سألناه عمّا حصل: “إذا بدي إحكي بدا تصير فضايح، خلينا ساكتين”. وعدم توافر رواية كاملة هو حال يرافق كل حدث أمني أو احتجاجي جديد يحصل في سجن رومية، لتبقى الحقيقة لغزاً غامضاً يصعب تفكيكه.

هو ليس الحريق الأول ولا الحركة الاحتجاجية الأولى التي تشهدها مباني سجن رومية، شرق بيروت، حيث يُحشر حوالى 5500 سجين في غرف صغيرة، مع وَجبات غذائية لا تسكِت الجوع، ومحاكمات مؤجلة منذ سنوات.

رومية هو في الحقيقة سجن حافل بالحرائق، وقد يكون من أكثر السجون التي تشهد أحداثاً واحتجاجات، فقبل سنوات قليلة أحرق سجناء الفرش التي ينامون عليها (عام 2009)، وأدى خلاف بين موقوفين عام 2010 إلى نشوب حريق في أحد مباني السجن أيضاً. وفي أحد أيام عام 2015، أشعل سجين سيجارة انتهت بنشوب حريق كبير أدى إلى حالات اختناق وإصابات. وشهد سجن رومية أكثر من حادثة فرار لمساجين، إضافة إلى إشكالات تنتهي أحياناً بوقوع إصابات.

الثابت طوال هذه السنوات وعلى مدار الاحتجاجات والأحداث الأمنية، أن سجن رومية مكان بعيد كل البعد عن الإنسانية وهو مكان يشجّع على العنف، بدل تأهيل السجناء وجعلهم مستعدين للعودة إلى العالم مواطنين صالحين.

وفي تحقيق أجريناه قبل مدّة، قال أحد السجناء، “وجبة الغداء تكون في معظم الأحيان عبارة عن حبة من الخضار أو البطاطا يتشارك فيها كل سجينين معاً مع خبز يابس لا يصلح للأكل غالباً”. أما بالنسبة إلى المياه فيشير السجين إلى أن المياه الموجودة داخل السجن غير صالحة للشرب أو الاستحمام لأنها سيئة جداً، ناهيك بالافتقار إلى الخدمات الطبية، “فالسجين الذي يعاني من وعكة صحية أو أمراض مزمنة، عليه أن يشتري الأدوية والعلاج على نفقته الخاصة، لأن الخدمات الصحية شبه مفقودة في السجون”.

ذلك كله في مكان مكتظ جداً، “فالغرفة التي تتسع لـ20 شخصاً، يمكث فيها أكثر من 60 شخصاً، وبالتالي فمن الطبيعي ألا يكون الطعام كافياً وأن تنتشر الآفات والمخدّرات”، كما يروي أحد العاملين في رومية.

13.06.2024
زمن القراءة: 3 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية