fbpx

غزة: قتلى أينما حللنا والطريق مستحيل  إلى الخبز  

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كيف يمكن توقّع نهاية ما يجري في ظل تعنّت إسرائيلي ونشر دعاية وكذب وتضليل ورقابة شديدة على نشر أخبار الجرائم ضد المدنيين والتشكيك في أعداد الضحايا، وحرب التجويع والنقص في الغذاء والدواء وندرة المياه، مياه الشرب بخاصة، وشبه نفاد السلع والمواد الأساسية؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مساء الخميس، وصل خبر لدعاء، زوجة محمد صاحب البيت المضيف لنا، والذي يرفض أن يطلق علينا اسم نازحين من غزة الى مخيم رفح، أن 25 شخصاً من عائلة (أبو شمالة)، بينهم والد دعاء وخالها ووالدتها، قضوا في مجزرة ارتكبتها الطائرات الحربية الإسرائيلية التي استهدفت مخيم البريج. دُمّر المنزل بالكامل إثر الغارة، التي سبقتها مجزرة في غرب مخيم خان يونس، قضى إثرها كثر من العائلة نفسها، جراء تدمير مربع سكني كامل، وبلغ عدد ضحايا العائلة نحو 60 قتيلاً.

الأحوال تزداد سوءاً مع تصاعد الغارات والقصف المستمر وتدمير المنازل فوق رؤوس قاطنيها من دون أي إنذار أو تحذير.

الروتين والطقوس اليومية ذاتها مع زيادة حدة الخوف من القصف، لأنه غير متوقع وجبان وغادر، يستهدف  الجميع من دون استئذان وفي أي وقت. الخوف يتجاوز الشخصي نحو الجماعي، الخوف على الابن والبنت والأخ والأخت والحفيد والصديق والجار وابن الحارة وابن الحي. ما ننجو منه الآن، قتل من أجل القتل والانتقام، والردع وكيّ الوعي الجمعي.

بداية الأسبوع، بحثنا عن مصدر جديد للطاقة لشحن بطاريات الهواتف المحمولة وبطاريات الإنارة، بعدما تعطلت الطاقة الشمسية في الحارة، وهذه أيضاً مهمة جديدة ومخيفة. اضطر محمد ويوسف للذهاب الى مركز الإيواء القريب التابع لوكالة الغوث للاجئين لشحن البطاريات، وفي الوقت نفسه تعطل المخبز الذي يؤمن الخبز، فاضطرت أم محمد لعجن الطحين بما توافر من كميات قليلة، وتحضير الخبز على الغاز، عبر وضع أقراص العجين في (مقلاة) على الغاز.

أثناء كتابة المقال في نحو الساعة السابعة مساءً، كثفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي قصفها الهمجي على جميع مناطق القطاع، بخاصة في شرق وشمال غربي محافظة شمال قطاع غزة. استمر القصف  لساعات، وفي الوقت ذاته توقفت خدمات الهواتف النقالة والأرضية وشبكة الإنترنت، إضافة الى انقطاع الكهرباء وشح المياه، ما أثار الرعب والخوف بين الناس خشية من بدء العملية البرية وارتكاب جرائم وإبادة جماعية ، خصوصاً أن إسرائيل ما انفكّت تهدّد باجتياح شمال القطاع ومدينة غزة.

إثر هذا “الإجراء”، عُزل قطاع غزة عن العالم الخارجي، كما عُزل مَن في الداخل وحُرموا من الاطمئنان على أحوال ذويهم وأصدقائهم، ما زاد من رعب الناس الذين يعيشون القصف، وهدّد إمكان إنقاذ المصابين، فإيجادهم والتواصل مع الطواقم الطبيّة أصبحا مهمّة معقدة وصعبة.

في اليوم الثاني والعشرين من الحرب، لا فائدة من شحن الهواتف النقالة، شحنا فقط بطاريات الإنارة  بكميات قليلة في مركز الإيواء القريب، بسبب تقليص الأونروا مدة تشغيل المولدات لساعتين في اليوم، نظراً الى نفاد ما تبقى من وقود وطاقة شمسية، واستخدام ما تبقى للإنارة الليلية.

الأحوال تزداد سوءاً مع تصاعد الغارات والقصف المستمر وتدمير المنازل فوق رؤوس قاطنيها من دون أي إنذار أو تحذير.

في صباح اليوم الـ23، نفدت المياه من المنزل الذي نقيم فيه، وفشلت المحاولات في شراء مياه للاستخدام اليومي، وظلت المحاولة لليوم التالي حتى تمكنا من شراء 2000 ليتر، على أمل توفير كمية أخرى. 

إضافة الى نفاد المياه، نفد الخبر أيضاً، فاضطرت كوثر وبثينة للتوجه الى المخبر القريب لشراء الخبر، انطلقتا في الساعة السادسة صباحاً لحجز دور في الطابور الطويل، وبعد انتظار 3 ساعات عادتا من دون الحصول على ربطة خبز، بسبب نفاد الطحين من المخبز.

الأوضاع تزداد سوءاً وتعقيداً، والحاجات الأساسية تنفد، والأحوال في مراكز الإيواء أكثر صعوبة، إذ يتم تقديم رغيفَي خبز فقط لكل شخص كل يوم.

لكن الحياة ليست خبزاً فقط، فالاحتياجات الأساسية والخاصة بالنساء مفقودة، والأموال غير متوافرة لدى كثير من الأسر الفقيرة، وحتى لو توافرت فالمواد الأساسية تنفد. بات على الفلسطينيين في خضم حرب الإبادة التي تنفذها إسرائيل والتحالف الأميركي الغربي ضدهم، أن تنحصر مهمتهم بانتظار موتهم وإحصاء عدد ضحاياهم. لا أمل لهم سوى الصبر والانتظار، وتداول الأخبار حول تقدّم ما في موضوع الإفراج عن المختطفين المدنيين الإسرائيليين والأمريكيين والغربيين، مقابل وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية والوقود. 

عليهم التعايش مع الكذب حول خطاب السلام ومصطلح  حل الدولتين، الذي أصبح شعاراً  للتضليل والكذب والخداع.

الغضب يعتمل في صدور الناس ضد إسرائيل وأمريكا ودول أوروبا المركزية، غضب يتقاطع مع غضب مزمن من الأنظمة العربية، المتهمة بالعجز حد التواطؤ.

اليوم، الطقس شديد الحرارة ومشبع بالرطوبة، والناس مكدسون في خيم مكتظة، وضباب دخان القصف كثيف وكذلك ضبابية أهداف إسرائيل من الحرب.

ماذا سينتج من هذه الحرب سوى القتل والانتقام والخراب والتدمير؟

كيف يمكن توقّع نهاية ما يجري في ظل تعنّت إسرائيلي ونشر دعاية وكذب وتضليل ورقابة شديدة على نشر أخبار الجرائم ضد المدنيين والتشكيك في أعداد الضحايا، وحرب التجويع والنقص في الغذاء والدواء وندرة المياه، مياه الشرب بخاصة، وشبه نفاد السلع والمواد الأساسية؟

ماذا بعد هذا كله؟

تفرض إسرائيل تعتيماً إعلاميا وتضخّ أخباراً عن “بطولات” طيارين يرتكبون جرائم حرب ضد الفلسطينيين في غزة. هكذا تحدث قائد الفرقة 69 في سلاح الجو الإسرائيلي، والمسماة بالمطرقة، عبر هيئة البث الرسمية الإسرائيلية (كان)، عن بطولات الطيارين، واصفاً طائرات الـ أف 15 وهي تنفّذ هجمات ضد مساكن الفلسطينيين في قطاع غزة. وهي الفرقة التي امتنع  الطيارون فيها عن الالتحاق في خدمة الجيش الاحتياطيّة رفضاً لخطة الإصلاح القضائي، والخوف من الملاحقات القضائية وتقديمهم للمحاكم الدولية  بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين الفلسطينيين.

إقرأوا أيضاً:

https://www.youtube.com/watch?v=afsaJXdqQpo
30.10.2023
زمن القراءة: 4 minutes

كيف يمكن توقّع نهاية ما يجري في ظل تعنّت إسرائيلي ونشر دعاية وكذب وتضليل ورقابة شديدة على نشر أخبار الجرائم ضد المدنيين والتشكيك في أعداد الضحايا، وحرب التجويع والنقص في الغذاء والدواء وندرة المياه، مياه الشرب بخاصة، وشبه نفاد السلع والمواد الأساسية؟

مساء الخميس، وصل خبر لدعاء، زوجة محمد صاحب البيت المضيف لنا، والذي يرفض أن يطلق علينا اسم نازحين من غزة الى مخيم رفح، أن 25 شخصاً من عائلة (أبو شمالة)، بينهم والد دعاء وخالها ووالدتها، قضوا في مجزرة ارتكبتها الطائرات الحربية الإسرائيلية التي استهدفت مخيم البريج. دُمّر المنزل بالكامل إثر الغارة، التي سبقتها مجزرة في غرب مخيم خان يونس، قضى إثرها كثر من العائلة نفسها، جراء تدمير مربع سكني كامل، وبلغ عدد ضحايا العائلة نحو 60 قتيلاً.

الأحوال تزداد سوءاً مع تصاعد الغارات والقصف المستمر وتدمير المنازل فوق رؤوس قاطنيها من دون أي إنذار أو تحذير.

الروتين والطقوس اليومية ذاتها مع زيادة حدة الخوف من القصف، لأنه غير متوقع وجبان وغادر، يستهدف  الجميع من دون استئذان وفي أي وقت. الخوف يتجاوز الشخصي نحو الجماعي، الخوف على الابن والبنت والأخ والأخت والحفيد والصديق والجار وابن الحارة وابن الحي. ما ننجو منه الآن، قتل من أجل القتل والانتقام، والردع وكيّ الوعي الجمعي.

بداية الأسبوع، بحثنا عن مصدر جديد للطاقة لشحن بطاريات الهواتف المحمولة وبطاريات الإنارة، بعدما تعطلت الطاقة الشمسية في الحارة، وهذه أيضاً مهمة جديدة ومخيفة. اضطر محمد ويوسف للذهاب الى مركز الإيواء القريب التابع لوكالة الغوث للاجئين لشحن البطاريات، وفي الوقت نفسه تعطل المخبز الذي يؤمن الخبز، فاضطرت أم محمد لعجن الطحين بما توافر من كميات قليلة، وتحضير الخبز على الغاز، عبر وضع أقراص العجين في (مقلاة) على الغاز.

أثناء كتابة المقال في نحو الساعة السابعة مساءً، كثفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي قصفها الهمجي على جميع مناطق القطاع، بخاصة في شرق وشمال غربي محافظة شمال قطاع غزة. استمر القصف  لساعات، وفي الوقت ذاته توقفت خدمات الهواتف النقالة والأرضية وشبكة الإنترنت، إضافة الى انقطاع الكهرباء وشح المياه، ما أثار الرعب والخوف بين الناس خشية من بدء العملية البرية وارتكاب جرائم وإبادة جماعية ، خصوصاً أن إسرائيل ما انفكّت تهدّد باجتياح شمال القطاع ومدينة غزة.

إثر هذا “الإجراء”، عُزل قطاع غزة عن العالم الخارجي، كما عُزل مَن في الداخل وحُرموا من الاطمئنان على أحوال ذويهم وأصدقائهم، ما زاد من رعب الناس الذين يعيشون القصف، وهدّد إمكان إنقاذ المصابين، فإيجادهم والتواصل مع الطواقم الطبيّة أصبحا مهمّة معقدة وصعبة.

في اليوم الثاني والعشرين من الحرب، لا فائدة من شحن الهواتف النقالة، شحنا فقط بطاريات الإنارة  بكميات قليلة في مركز الإيواء القريب، بسبب تقليص الأونروا مدة تشغيل المولدات لساعتين في اليوم، نظراً الى نفاد ما تبقى من وقود وطاقة شمسية، واستخدام ما تبقى للإنارة الليلية.

الأحوال تزداد سوءاً مع تصاعد الغارات والقصف المستمر وتدمير المنازل فوق رؤوس قاطنيها من دون أي إنذار أو تحذير.

في صباح اليوم الـ23، نفدت المياه من المنزل الذي نقيم فيه، وفشلت المحاولات في شراء مياه للاستخدام اليومي، وظلت المحاولة لليوم التالي حتى تمكنا من شراء 2000 ليتر، على أمل توفير كمية أخرى. 

إضافة الى نفاد المياه، نفد الخبر أيضاً، فاضطرت كوثر وبثينة للتوجه الى المخبر القريب لشراء الخبر، انطلقتا في الساعة السادسة صباحاً لحجز دور في الطابور الطويل، وبعد انتظار 3 ساعات عادتا من دون الحصول على ربطة خبز، بسبب نفاد الطحين من المخبز.

الأوضاع تزداد سوءاً وتعقيداً، والحاجات الأساسية تنفد، والأحوال في مراكز الإيواء أكثر صعوبة، إذ يتم تقديم رغيفَي خبز فقط لكل شخص كل يوم.

لكن الحياة ليست خبزاً فقط، فالاحتياجات الأساسية والخاصة بالنساء مفقودة، والأموال غير متوافرة لدى كثير من الأسر الفقيرة، وحتى لو توافرت فالمواد الأساسية تنفد. بات على الفلسطينيين في خضم حرب الإبادة التي تنفذها إسرائيل والتحالف الأميركي الغربي ضدهم، أن تنحصر مهمتهم بانتظار موتهم وإحصاء عدد ضحاياهم. لا أمل لهم سوى الصبر والانتظار، وتداول الأخبار حول تقدّم ما في موضوع الإفراج عن المختطفين المدنيين الإسرائيليين والأمريكيين والغربيين، مقابل وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية والوقود. 

عليهم التعايش مع الكذب حول خطاب السلام ومصطلح  حل الدولتين، الذي أصبح شعاراً  للتضليل والكذب والخداع.

الغضب يعتمل في صدور الناس ضد إسرائيل وأمريكا ودول أوروبا المركزية، غضب يتقاطع مع غضب مزمن من الأنظمة العربية، المتهمة بالعجز حد التواطؤ.

اليوم، الطقس شديد الحرارة ومشبع بالرطوبة، والناس مكدسون في خيم مكتظة، وضباب دخان القصف كثيف وكذلك ضبابية أهداف إسرائيل من الحرب.

ماذا سينتج من هذه الحرب سوى القتل والانتقام والخراب والتدمير؟

كيف يمكن توقّع نهاية ما يجري في ظل تعنّت إسرائيلي ونشر دعاية وكذب وتضليل ورقابة شديدة على نشر أخبار الجرائم ضد المدنيين والتشكيك في أعداد الضحايا، وحرب التجويع والنقص في الغذاء والدواء وندرة المياه، مياه الشرب بخاصة، وشبه نفاد السلع والمواد الأساسية؟

ماذا بعد هذا كله؟

تفرض إسرائيل تعتيماً إعلاميا وتضخّ أخباراً عن “بطولات” طيارين يرتكبون جرائم حرب ضد الفلسطينيين في غزة. هكذا تحدث قائد الفرقة 69 في سلاح الجو الإسرائيلي، والمسماة بالمطرقة، عبر هيئة البث الرسمية الإسرائيلية (كان)، عن بطولات الطيارين، واصفاً طائرات الـ أف 15 وهي تنفّذ هجمات ضد مساكن الفلسطينيين في قطاع غزة. وهي الفرقة التي امتنع  الطيارون فيها عن الالتحاق في خدمة الجيش الاحتياطيّة رفضاً لخطة الإصلاح القضائي، والخوف من الملاحقات القضائية وتقديمهم للمحاكم الدولية  بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين الفلسطينيين.

إقرأوا أيضاً:

https://www.youtube.com/watch?v=afsaJXdqQpo
30.10.2023
زمن القراءة: 4 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية