fbpx

فاصل ديكتاتوري… هل تنتقم السلطة التونسية من “اتحاد الشغل”؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

سيناريو التصادم بين الاتحاد والسلطة إن حصل فسيخدم طرفاً ثالثاً، هو “حركة النهضة”، فالحركة حاولت سابقاً جر الاتحاد إلى مربع المواجهة مع قيس سعيد لكنها فشلت.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

من قلب ساحة محمد علي في العاصمة، المعقل التاريخي لـ”الاتحاد العام التونسي للشغل”، اختارت المنظمة النقابية تنظيم مسيرتها السلمية التي أعلنت عنها في رد واضح على الضغوط التي تمارسها عليها السلطة منذ مدة، من قبيل ضرب الحق النقابي ووضع نقابيين في السجن وطرد ممثلين لنقابات أجنبية أرادوا التضامن مع الاتحاد، إضافة إلى عدم استجابة الحكومة للمطالب العمالية.

انطلقت المسيرة يوم 4 آذار/ مارس في جو من الريبة والخوف من رد فعل الأمن، الذي انتشرت عناصره بشكل كثيف في محيط الساحة وفي شارع الحبيب بورقيبة القريب منها، بخاصة أنه هدد بمنع المسيرة التي أعلنت عنها جبهة الخلاص بقيادة “حركة النهضة” في اليوم التالي، بسبب عدم حصولها على رخصة.

تجمّع مناضلو “الاتحاد العام التونسي للشغل” ومعهم ممثلون عن منظمات من المجتمع المدني، في الساحة وكأنهم يستمدون القوة من هذا المكان الذي لطالما كان ملجأهم عندما يشتد التضييق والقمع. يكفي التذكير بأنه من هذا المكان انطلقت التظاهرات التي أطاحت ذات يوم، 14 كانون الثاني/ يناير 2014، بالرئيس السابق زين العابدين بن علي.

امتلأت الساحة بالمتظاهرين الذين صدحت أصواتهم بالشعارات المناهضة للممارسات الحالية للنظام من قبيل “حريات، حريات، دولة البوليس وفات (انتهت)”، “لا خوف، لا رعب، السلطة ملك للشعب”. ثم جاء صوت نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد، في مزيج من الغضب والحزن ليذكّر “من يشيطنون الاتحاد، بأنه آخر قلعة بقيت من القوى الحية في المجتمع المدني…آخر القلاع الصامدة اليوم بكل مكوناتها الديمقراطية”. 

استعرض الطبوبي فشل المحاولات المتكررة للاتحاد للتحاور مع الحكومة حول برنامج الإصلاحات الموجعة التي وضعته للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، وكان حريصاً في خطابه على التذكير بأن الاتحاد لا يدعو إلى “العنف” و”الإرهاب”، وهو متمسك “بالحجة والإقناع والرأي والرأي المخالف”. 

بدا وكأن الاتحاد في موقف دفاع عن النفس أمام الهجمات المتكررة للرئيس قيس سعيد عليه، واتهامه بتعطيل مسار الإصلاحات. واستشعر الكثير من الحاضرين موقف الضعف الذي تعيشه المنظمة النقابية، بخاصة أنها وجدت نفسها وحيدة في مواجهة السلطة. 

يقول سمير الشفي، الأمين العام المساعد لـ”الاتحاد العام التونسي للشغل” لـ”درج”، “نحن لا نسعى الى التصادم مع أي جهة كانت، وسنعمل جاهدين على تجنيب تونس كل أشكال العنف والمواجهة، لأن البلاد تحتاج الى مقاربة وطنية جديدة قائمة على الحوار وتطبيق القانون”. 

انطلقت المسيرة نحو شارع الحبيب بورقيبة، ولم تتجاوز أعداد المتظاهرين بضعة آلاف. جابت الشارع ثم عادت إلى ساحة محمد علي من جديد. لم يستمر الأمر أكثر من ساعة وسط استنفار أمني كبير وخوف من أي اشتباكات بين الأمن والمتظاهرين. بدا وكأنه مجرد استعراض للقوة من الاتحاد، ولكن تشوبه الريبة والقلق.

قيس سعيد يستهدف المنظمة النقابية

تأتي هذه المسيرة على خلفية التضييقات الأخيرة التي مارستها السلطة ضد الاتحاد، كمنع ممثلين عن نقابات أجنبية أرادوا مساندته، من المشاركة في مسيرة 4 آذار، إذ مُنع ماركو بيريز مولينا، الأمين العام المسؤول في أفريقيا والشرق الأوسط في النقابة الإسبانية CEC UGT SPAIN، من دخول التراب التونسي وتم ترحيله من المطار، كما شمل قرار المنع وفداً من الاتحاد الدولي للنقابات. وهو ما اعتبره الاتحاد “سابقة” و” شاهداً آخر على أن البلاد تسير نحو الاستبداد… وأن السلطة متوترة ومتشنجة ولم تعد تقبل أي رأي مخالف”، كما جاء على لسان سامي الطاهري، الناطق الرسمي باسم الاتحاد. تأتي قرارات المنع بعيد أسبوعين من طرد الرئيس قيس سعيد، الأمينة العامة للكونفدرالية الأوروبية للنقابات، إيستر لينش على خلفية مشاركتها في مسيرة نظمتها المنظمة النقابية في مدينة صفاقس، تنديداً بتردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي واستهداف الاتحاد.

ترى هادية العرفاوي، الأمينة العامة المساعدة المسؤولة عن العلاقات الدولية في الاتحاد العام التونسي للشغل، أن “التضامن النقابي الدولي هو مبدأ في العمل النقابي بصفة عامة”، وتُذكّر عبر “درج” بكيفية استقبال الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، الأمين العام للنقابات الدولية عندما جاء إلى تونس عام 1978 على خلفية الصدامات الدامية آنذاك بين السلطة والاتحاد، منتقدة في المقابل طريقة تعامل الرئيس سعيد مع الأزمة الحالية، “كان يمكن أن يستقبل النقابيين الأجانب المتضامنين ويشرح لهم وجهة نظره. لكن للأسف لم يحصل ذلك، ما يعزز عزلة الدولة التونسية ويعطي صورة للعالم أنها تتجه نحو التضييق على الحريات”. 

واجه الاتحاد أيضاً توقيفات لمسؤولين فيه، أبرزهم أنيس الكعبي، الكاتب العام “لنقابة الطرقات السيارة”، وهو ما اعتبره الاتحاد “ضرباً للعمل النقابي وخرقاً للاتفاقيات الدولية والدستور التونسي”. 

اشتعلت الأزمة بين الاتحاد والسلطة أساساً بسبب تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد وتعطّل المفاوضات بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، الذي اشترط تنفيذ إجراءات تقشفية موجعة من قبيل رفع الدعم عن المحروقات والمواد الأساسية وتخلّي الدولة عن المؤسسات العمومية. إجراءات يعارضها الاتحاد ويعتبرها مجحفة في حق العمال والمواطنين عموماً، إضافة إلى اعتراضه على عدم إشراكه في النقاش، حتى إن الحكومة لم تكبّد نفسها عناء إطلاع الاتحاد على برنامج الإصلاحات. 

يعتزم “الاتحاد العام التونسي للشغل” تنظيم هيئة إدارية لتحديد الخطوات المقبلة التي سيتخذها. لكن لا يبدو أن السلطة ستخفض من نسق تضييقاتها عليه.

في المقابل، لا تنظر السلطة بعين الرضا إلى “مبادرة الإنقاذ الوطني” التي أطلقها “الاتحاد العام التونسي للشغل” مع ثلاث منظمات أخرى، وهي “هيئة المحامين” و”الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان” و”المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية”، لتقديم مقترحات وحلول لإخراج البلاد من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها. مبادرة رأى فيها الرئيس قيس سعيد محاولة للإطاحة به عبر تبيان عجزه عن إنقاذ تونس من الوضع المتأزم الذي تعيش فيه.

يضاف إلى كل ما سبق، موقف الاتحاد المندد بحملة الإيقافات الأخيرة التي استهدفت معارضين سياسيين وصحافيين، بتهم خطيرة من قبيل “التآمر على أمن الدولة”، وبذلك يحاول رئيس الدولة تصفية خصومه والعودة بتونس إلى مربع الدكتاتورية.

في ظل هذا المناخ من الصراع بين السلطة و”الاتحاد العام التونسي للشغل”، يُطرح السؤال حول إمكان تطور الوضع نحو التصادم الدامي بينهما.

يرى خالد عبيد، أستاذ التاريخ السياسي المعاصر، أن “الصدام بين الطرفين يكاد يكون حتمياً بخاصة أن الرئيس قيس سعيد يعتبر أن دور الاتحاد يجب أن ينحصر في الدور النقابي، وألا يتدخل في السياسة، على خلاف ما يقوم به حالياً من خلال طرحه مبادرة الإنقاذ، التي يبدو أنها أزعجت الرئيس وجعلته يستهدف المنظمة النقابية.  في الوقت ذاته، بات هناك شعور لدى الإتحاد بأن هذه المواجهة لا مفر منها، من هنا يمكن فهم التصعيد الكلامي في الفترة الأخيرة”.

سيناريو التصادم بين الاتحاد والسلطة إن حصل سيخدم طرفاً ثالثاً، هو “حركة النهضة”، من هنا يوضح عبيد أن “الحركة حاولت سابقاً جر الاتحاد إلى مربع المواجهة مع قيس سعيد لكنها فشلت. وفي الوقت نفسه، هي تريد إسقاط الرئيس وإنهاء دور الاتحاد. بالتالي، فهي ستنظر بعين الرضا الى هذا الصدام إن حدث، لأنها تدرك جيداً أن الطرفين سيُضعفان بعضهما البعض، وهو ما قد يتيح لها فرصة العودة إلى السلطة أكثر قوةً”. 

في الأثناء وإلى أن تتضح الرؤية، يعتزم “الاتحاد العام التونسي للشغل” تنظيم هيئة إدارية لتحديد الخطوات المقبلة التي سيتخذها. لكن لا يبدو أن السلطة ستخفض من نسق تضييقاتها عليه.

06.03.2023
زمن القراءة: 5 minutes

سيناريو التصادم بين الاتحاد والسلطة إن حصل فسيخدم طرفاً ثالثاً، هو “حركة النهضة”، فالحركة حاولت سابقاً جر الاتحاد إلى مربع المواجهة مع قيس سعيد لكنها فشلت.

من قلب ساحة محمد علي في العاصمة، المعقل التاريخي لـ”الاتحاد العام التونسي للشغل”، اختارت المنظمة النقابية تنظيم مسيرتها السلمية التي أعلنت عنها في رد واضح على الضغوط التي تمارسها عليها السلطة منذ مدة، من قبيل ضرب الحق النقابي ووضع نقابيين في السجن وطرد ممثلين لنقابات أجنبية أرادوا التضامن مع الاتحاد، إضافة إلى عدم استجابة الحكومة للمطالب العمالية.

انطلقت المسيرة يوم 4 آذار/ مارس في جو من الريبة والخوف من رد فعل الأمن، الذي انتشرت عناصره بشكل كثيف في محيط الساحة وفي شارع الحبيب بورقيبة القريب منها، بخاصة أنه هدد بمنع المسيرة التي أعلنت عنها جبهة الخلاص بقيادة “حركة النهضة” في اليوم التالي، بسبب عدم حصولها على رخصة.

تجمّع مناضلو “الاتحاد العام التونسي للشغل” ومعهم ممثلون عن منظمات من المجتمع المدني، في الساحة وكأنهم يستمدون القوة من هذا المكان الذي لطالما كان ملجأهم عندما يشتد التضييق والقمع. يكفي التذكير بأنه من هذا المكان انطلقت التظاهرات التي أطاحت ذات يوم، 14 كانون الثاني/ يناير 2014، بالرئيس السابق زين العابدين بن علي.

امتلأت الساحة بالمتظاهرين الذين صدحت أصواتهم بالشعارات المناهضة للممارسات الحالية للنظام من قبيل “حريات، حريات، دولة البوليس وفات (انتهت)”، “لا خوف، لا رعب، السلطة ملك للشعب”. ثم جاء صوت نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد، في مزيج من الغضب والحزن ليذكّر “من يشيطنون الاتحاد، بأنه آخر قلعة بقيت من القوى الحية في المجتمع المدني…آخر القلاع الصامدة اليوم بكل مكوناتها الديمقراطية”. 

استعرض الطبوبي فشل المحاولات المتكررة للاتحاد للتحاور مع الحكومة حول برنامج الإصلاحات الموجعة التي وضعته للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، وكان حريصاً في خطابه على التذكير بأن الاتحاد لا يدعو إلى “العنف” و”الإرهاب”، وهو متمسك “بالحجة والإقناع والرأي والرأي المخالف”. 

بدا وكأن الاتحاد في موقف دفاع عن النفس أمام الهجمات المتكررة للرئيس قيس سعيد عليه، واتهامه بتعطيل مسار الإصلاحات. واستشعر الكثير من الحاضرين موقف الضعف الذي تعيشه المنظمة النقابية، بخاصة أنها وجدت نفسها وحيدة في مواجهة السلطة. 

يقول سمير الشفي، الأمين العام المساعد لـ”الاتحاد العام التونسي للشغل” لـ”درج”، “نحن لا نسعى الى التصادم مع أي جهة كانت، وسنعمل جاهدين على تجنيب تونس كل أشكال العنف والمواجهة، لأن البلاد تحتاج الى مقاربة وطنية جديدة قائمة على الحوار وتطبيق القانون”. 

انطلقت المسيرة نحو شارع الحبيب بورقيبة، ولم تتجاوز أعداد المتظاهرين بضعة آلاف. جابت الشارع ثم عادت إلى ساحة محمد علي من جديد. لم يستمر الأمر أكثر من ساعة وسط استنفار أمني كبير وخوف من أي اشتباكات بين الأمن والمتظاهرين. بدا وكأنه مجرد استعراض للقوة من الاتحاد، ولكن تشوبه الريبة والقلق.

قيس سعيد يستهدف المنظمة النقابية

تأتي هذه المسيرة على خلفية التضييقات الأخيرة التي مارستها السلطة ضد الاتحاد، كمنع ممثلين عن نقابات أجنبية أرادوا مساندته، من المشاركة في مسيرة 4 آذار، إذ مُنع ماركو بيريز مولينا، الأمين العام المسؤول في أفريقيا والشرق الأوسط في النقابة الإسبانية CEC UGT SPAIN، من دخول التراب التونسي وتم ترحيله من المطار، كما شمل قرار المنع وفداً من الاتحاد الدولي للنقابات. وهو ما اعتبره الاتحاد “سابقة” و” شاهداً آخر على أن البلاد تسير نحو الاستبداد… وأن السلطة متوترة ومتشنجة ولم تعد تقبل أي رأي مخالف”، كما جاء على لسان سامي الطاهري، الناطق الرسمي باسم الاتحاد. تأتي قرارات المنع بعيد أسبوعين من طرد الرئيس قيس سعيد، الأمينة العامة للكونفدرالية الأوروبية للنقابات، إيستر لينش على خلفية مشاركتها في مسيرة نظمتها المنظمة النقابية في مدينة صفاقس، تنديداً بتردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي واستهداف الاتحاد.

ترى هادية العرفاوي، الأمينة العامة المساعدة المسؤولة عن العلاقات الدولية في الاتحاد العام التونسي للشغل، أن “التضامن النقابي الدولي هو مبدأ في العمل النقابي بصفة عامة”، وتُذكّر عبر “درج” بكيفية استقبال الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، الأمين العام للنقابات الدولية عندما جاء إلى تونس عام 1978 على خلفية الصدامات الدامية آنذاك بين السلطة والاتحاد، منتقدة في المقابل طريقة تعامل الرئيس سعيد مع الأزمة الحالية، “كان يمكن أن يستقبل النقابيين الأجانب المتضامنين ويشرح لهم وجهة نظره. لكن للأسف لم يحصل ذلك، ما يعزز عزلة الدولة التونسية ويعطي صورة للعالم أنها تتجه نحو التضييق على الحريات”. 

واجه الاتحاد أيضاً توقيفات لمسؤولين فيه، أبرزهم أنيس الكعبي، الكاتب العام “لنقابة الطرقات السيارة”، وهو ما اعتبره الاتحاد “ضرباً للعمل النقابي وخرقاً للاتفاقيات الدولية والدستور التونسي”. 

اشتعلت الأزمة بين الاتحاد والسلطة أساساً بسبب تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد وتعطّل المفاوضات بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، الذي اشترط تنفيذ إجراءات تقشفية موجعة من قبيل رفع الدعم عن المحروقات والمواد الأساسية وتخلّي الدولة عن المؤسسات العمومية. إجراءات يعارضها الاتحاد ويعتبرها مجحفة في حق العمال والمواطنين عموماً، إضافة إلى اعتراضه على عدم إشراكه في النقاش، حتى إن الحكومة لم تكبّد نفسها عناء إطلاع الاتحاد على برنامج الإصلاحات. 

يعتزم “الاتحاد العام التونسي للشغل” تنظيم هيئة إدارية لتحديد الخطوات المقبلة التي سيتخذها. لكن لا يبدو أن السلطة ستخفض من نسق تضييقاتها عليه.

في المقابل، لا تنظر السلطة بعين الرضا إلى “مبادرة الإنقاذ الوطني” التي أطلقها “الاتحاد العام التونسي للشغل” مع ثلاث منظمات أخرى، وهي “هيئة المحامين” و”الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان” و”المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية”، لتقديم مقترحات وحلول لإخراج البلاد من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها. مبادرة رأى فيها الرئيس قيس سعيد محاولة للإطاحة به عبر تبيان عجزه عن إنقاذ تونس من الوضع المتأزم الذي تعيش فيه.

يضاف إلى كل ما سبق، موقف الاتحاد المندد بحملة الإيقافات الأخيرة التي استهدفت معارضين سياسيين وصحافيين، بتهم خطيرة من قبيل “التآمر على أمن الدولة”، وبذلك يحاول رئيس الدولة تصفية خصومه والعودة بتونس إلى مربع الدكتاتورية.

في ظل هذا المناخ من الصراع بين السلطة و”الاتحاد العام التونسي للشغل”، يُطرح السؤال حول إمكان تطور الوضع نحو التصادم الدامي بينهما.

يرى خالد عبيد، أستاذ التاريخ السياسي المعاصر، أن “الصدام بين الطرفين يكاد يكون حتمياً بخاصة أن الرئيس قيس سعيد يعتبر أن دور الاتحاد يجب أن ينحصر في الدور النقابي، وألا يتدخل في السياسة، على خلاف ما يقوم به حالياً من خلال طرحه مبادرة الإنقاذ، التي يبدو أنها أزعجت الرئيس وجعلته يستهدف المنظمة النقابية.  في الوقت ذاته، بات هناك شعور لدى الإتحاد بأن هذه المواجهة لا مفر منها، من هنا يمكن فهم التصعيد الكلامي في الفترة الأخيرة”.

سيناريو التصادم بين الاتحاد والسلطة إن حصل سيخدم طرفاً ثالثاً، هو “حركة النهضة”، من هنا يوضح عبيد أن “الحركة حاولت سابقاً جر الاتحاد إلى مربع المواجهة مع قيس سعيد لكنها فشلت. وفي الوقت نفسه، هي تريد إسقاط الرئيس وإنهاء دور الاتحاد. بالتالي، فهي ستنظر بعين الرضا الى هذا الصدام إن حدث، لأنها تدرك جيداً أن الطرفين سيُضعفان بعضهما البعض، وهو ما قد يتيح لها فرصة العودة إلى السلطة أكثر قوةً”. 

في الأثناء وإلى أن تتضح الرؤية، يعتزم “الاتحاد العام التونسي للشغل” تنظيم هيئة إدارية لتحديد الخطوات المقبلة التي سيتخذها. لكن لا يبدو أن السلطة ستخفض من نسق تضييقاتها عليه.

06.03.2023
زمن القراءة: 5 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية