fbpx

كيف نقرأ نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في الواقع لا يهم خامنئي من سيصبح رئيساً لإيران، ولا يوجد عنده فرق بين المرشحين، لأن ما يهمه هو حماية نظام ولاية الفقيه، لذلك، ينبغي على المرشح الذي يحلم بالرئاسة، أن يلتزم بهذا النهج فقط، والباقي مقدور عليه.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تفاجأ كثيرون بنتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وتصدُر المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان قائمة المنافسين، بأكثر من 10 ملايين صوتاً، وحصول منافسه ممثل التيار المحافظ الحاكم سعيد جليلي على المرتبة الثانية بنحو 9 ملايين ونصف المليون صوتاً.

كما كان لافتاً أن الأوراق الملغاة التي قُدرت بمليون صوت، تجاوز مجموعها بأضعاف، عدد الأصوات التي حصل عليها المرشح المحافظ مصطفى بور محمدي، صديق الرئيس الراحل ابراهيم رئيسي وزميله في “فرقة الموت”. 

بلغة الأرقام، شارك 40% من الشعب الإيراني في الانتخابات،  أما أرقام قوى المعارضة، فتقول إن نسبة المشاركين في الانتخابات لم تصل إلى 40%، فإذا حسبنا أعداد الأصوات الباطلة، التي قدرت بـ 4.3%، وطرحنا منها 40%، فإن عدد المشاركين يساوي 36%، مما يعني أن وزارة الداخلية كذبت، كما يعني أن هذه النسبة هي الأقل على الإطلاق، في تاريخ الجمهورية الإسلامية. 

و فيما رأى وزير الخارجية “الشهير” ومستشار بزشكيان محمد جواد ظريف أن “الوضع الاقتصادي وعدم الإيمان بأن التغيير يأتي عبر صندوق الاقتراع، كانا سبب عدم الإقبال على الانتخابات”، اعتبرت القوى المقاطعة للانتخابات إعراض 60% من الشعب عن التصويت، هو “لا” كبيرة للجمهورية الإسلامية، ورأت أن المفاجأة الحقيقية، هي عدم تمكن أي من المرشحين، من الحصول على 50% من الأصوات، وانتقال الانتخابات إلى جولة ثانية.

 والجولة الثانية هي الحاسمة بالطبع وستأتي بمرشح النظام المختار، كما يقول صحافي إيراني رفض الكشف عن اسمه، لأن النظام “تركنا في الجولة الأولى نتنزه في جنة الديمقراطية، وفي الجولة الثانية سوف نكتشف أنه خدعنا مجدداً، بهندسته للعملية كلها واختيار مرشحه المناسب مسبقاً”.

ومن المتوقع أن يضغط الإصلاحيون أكثر في الجولة الثانية، لأن تحالف المحافظين سيطرد بزشكيان بلا شك، ولذلك سيتذرعون بفشل المحافظين في ملف المفاوضات النووية، واستجلابهم العقوبات الدولية، لجذب المزيد من الأصوات إلى صناديقهم. 

إذا نظرنا إلى الموضوع ببساطة، وأخذنا الاختلافات بين المرشحين على أنها جذرية، فسوف يختار الإيرانيون أحد المرشحيْن السيئيْن ليس أكثر، وهذا ما كان يفعلونه في السابق.

علما أنه في هذه الانتخابات، الإصلاحي لا يختلف فيها عن المحافظ إلا بالشكل، بزشكيان نفسه طالما صرح أنه يسير على نهج المرشد السيد علي خامنئي، لهذا يقول “المقاطعون” إن الفرق بين بزشكيان وجليلي أن الأول سيئ والثاني أسوأ منه.

حتى أن بعض المحسوبين على قوى المعارضة، يعتبر بزشكيان أخطر من جليلي، فشعار البحث عن بقعة الضوء في آخر النفق الذي يردده الإصلاحيون دوماً، فقد قيمته المعنوية، عدا أنه صار خدعتهم المكشوفة للعودة إلى السلطة، عبر إيهام الناس أنه يمكنهم تغيير سياسات النظام من الداخل، بخاصة أنهم وقفوا متفرجين وقت القمع الدموي للانتفاضة الشعبية “المرأة، الحياة، الحرية” والفتك بحركة الاحتجاجات العمالية والمهنية.

والأهم بنظر الصحافي الإيراني إياه، أن نتائج الانتخابات أظهرت أن الشعب الإيراني تجاوز الانقسام التقليدي بين الفصائل السياسية، إصلاحي ـ محافظ، فبرغم أن التيار الإصلاحي يدعي السعي إلى توفير بيئة مستقرة للازدهار الاقتصادي، وينادي بإجراء مصالحة وطنية في الداخل ثم التفاعل مع المنطقة والعالم، ويطرح بجدية موضوع الصحة والتعليم وتصحيح الأجور كحقوق، بينما يركز التيار المحافظ على إنشاء اقتصاد ثوري، ويعد جمهوره بتحقيق الرخاء الاقتصادي بمساعدة الحلفاء الصين روسيا، ويشجع الشباب الثوري على الانخراط بالنهضة الاقتصادية المأمولة، وتعميم ثقافة “نقية” معادية للغرب، ويكاد يلغي أي وجود للمرأة في خططه، إلا أن التيارين باختلافاتهما وخلافاتهما وتناقضاتهما كلها، أثبتا أنهما ليسا سوى جناحين “جبارين” لولاية الفقيه.

وانطلاقاً من مقولة “التجربة خير برهان”، بينت التجارب الانتخابية السابقة، أن نظام الجمهورية الإسلامية دكتاتوري مطلق، يقوم على فتوى أو مفهوم ديني هو ولاية الفقيه، والفتوى الدينية ترتقي في بعض الأحيان إلى مستوى قداسة النص الديني، وبالتالي تصبح غير قابلة للنقاش، ومن يفعل أو من يفكر يتهم بالكفر والاعتراض على الإرادة الإلهية، لذلك لا يمكن إصلاح نظام ديني بأي شكل من الأشكال، وإذا سُمح اليوم لشخص إصلاحي بالترشح للانتخابات، فذلك ضمن خطة إستراتيجية لتلميع صورة النظام وإظهاره بمظهر الحداثة والمدنية، وليس إعجاباً بتجربة التيار الإصلاحي.

من سيختار خامنئي للرئاسة؟

إذا نظرنا إلى الموضوع ببساطة، وأخذنا الاختلافات بين المرشحين على أنها جذرية، فسوف يختار الإيرانيون أحد المرشحيْن السيئيْن ليس أكثر، وهذا ما كان يفعلونه في السابق.

 قد يظن البعض أن هنالك فرق بين بزشكيان وجليلي بالنسبة لخامنئي، وأن أحدهما أكثر أهمية عنده من الآخر، لكن هذا غير صحيح، في الواقع لا يهم خامنئي من سيصبح رئيساً لإيران، ولا يوجد عنده فرق بين المرشحين، لأن ما يهمه هو حماية نظام ولاية الفقيه، لذلك، ينبغي على المرشح الذي يحلم بالرئاسة، أن يلتزم بهذا النهج فقط، والباقي مقدور عليه.

بالعودة إلى التجربة، يقول الإيرانيون إنهم لم يشعروا بالاختلاف بين حكم خاتمي وأحمدي نجاد ولا بين حكم روحاني ورئيسي، فالنظام برئاسة الإصلاحيين أو برئاسة المحافظين، واحد لا يتغير، وصلب لا يتزحزح ولا يتسجيب للأزمات.
والرؤساء السابقون كلهم، لم يحيدوا عن خط ولاية الفقيه، إلا ضمن هامش صغير يوسّعه ويضيّقه المرشد بنفسه، كما أن الدبلوماسيين الإيرانيين كانوا ملتزمين بتنفيذ الأوامر ولم يكونوا يوماً أصحاب قرار، ظريف نفسه كان يكرر دائماً، خلال المفاوضات “اتّبعت توصيات القائد حرفياً، فيما يتعلق بالبرنامج النووي، وخطة العمل الشاملة المشتركة، ولم أفعل شيئاً من تلقاء نفسي”، حتى بزشكيان يقول إن “السياسات العامة للبلاد يحددها المرشد الأعلى”، لذلك، لا يهم اسم الرئيس الفائز ولا اسم وزير الخارجية ولا اسم مسؤول الأمن القومي ولا غيرهم، فالطاقم كله مجرد عبارة عن فرقة من الجنود المطيعين للقائد الأعلى، ولا فرق إذا تم انتخاب أي من هؤلاء المرشحين عبر صناديق الاقتراع، أم عبر “هندسة الانتخابات” أم بقوة التزوير، لأن القائد لا يبحث عن رئيس، بل عن خادم مطيع، عن شماعة يحمل عليها إخفاقاته في كل المجالات، بينما يحافظ هو على صورته نقياً، بهياً، حكيماً وكلي الطوبى.

01.07.2024
زمن القراءة: 4 minutes

في الواقع لا يهم خامنئي من سيصبح رئيساً لإيران، ولا يوجد عنده فرق بين المرشحين، لأن ما يهمه هو حماية نظام ولاية الفقيه، لذلك، ينبغي على المرشح الذي يحلم بالرئاسة، أن يلتزم بهذا النهج فقط، والباقي مقدور عليه.

تفاجأ كثيرون بنتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وتصدُر المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان قائمة المنافسين، بأكثر من 10 ملايين صوتاً، وحصول منافسه ممثل التيار المحافظ الحاكم سعيد جليلي على المرتبة الثانية بنحو 9 ملايين ونصف المليون صوتاً.

كما كان لافتاً أن الأوراق الملغاة التي قُدرت بمليون صوت، تجاوز مجموعها بأضعاف، عدد الأصوات التي حصل عليها المرشح المحافظ مصطفى بور محمدي، صديق الرئيس الراحل ابراهيم رئيسي وزميله في “فرقة الموت”. 

بلغة الأرقام، شارك 40% من الشعب الإيراني في الانتخابات،  أما أرقام قوى المعارضة، فتقول إن نسبة المشاركين في الانتخابات لم تصل إلى 40%، فإذا حسبنا أعداد الأصوات الباطلة، التي قدرت بـ 4.3%، وطرحنا منها 40%، فإن عدد المشاركين يساوي 36%، مما يعني أن وزارة الداخلية كذبت، كما يعني أن هذه النسبة هي الأقل على الإطلاق، في تاريخ الجمهورية الإسلامية. 

و فيما رأى وزير الخارجية “الشهير” ومستشار بزشكيان محمد جواد ظريف أن “الوضع الاقتصادي وعدم الإيمان بأن التغيير يأتي عبر صندوق الاقتراع، كانا سبب عدم الإقبال على الانتخابات”، اعتبرت القوى المقاطعة للانتخابات إعراض 60% من الشعب عن التصويت، هو “لا” كبيرة للجمهورية الإسلامية، ورأت أن المفاجأة الحقيقية، هي عدم تمكن أي من المرشحين، من الحصول على 50% من الأصوات، وانتقال الانتخابات إلى جولة ثانية.

 والجولة الثانية هي الحاسمة بالطبع وستأتي بمرشح النظام المختار، كما يقول صحافي إيراني رفض الكشف عن اسمه، لأن النظام “تركنا في الجولة الأولى نتنزه في جنة الديمقراطية، وفي الجولة الثانية سوف نكتشف أنه خدعنا مجدداً، بهندسته للعملية كلها واختيار مرشحه المناسب مسبقاً”.

ومن المتوقع أن يضغط الإصلاحيون أكثر في الجولة الثانية، لأن تحالف المحافظين سيطرد بزشكيان بلا شك، ولذلك سيتذرعون بفشل المحافظين في ملف المفاوضات النووية، واستجلابهم العقوبات الدولية، لجذب المزيد من الأصوات إلى صناديقهم. 

إذا نظرنا إلى الموضوع ببساطة، وأخذنا الاختلافات بين المرشحين على أنها جذرية، فسوف يختار الإيرانيون أحد المرشحيْن السيئيْن ليس أكثر، وهذا ما كان يفعلونه في السابق.

علما أنه في هذه الانتخابات، الإصلاحي لا يختلف فيها عن المحافظ إلا بالشكل، بزشكيان نفسه طالما صرح أنه يسير على نهج المرشد السيد علي خامنئي، لهذا يقول “المقاطعون” إن الفرق بين بزشكيان وجليلي أن الأول سيئ والثاني أسوأ منه.

حتى أن بعض المحسوبين على قوى المعارضة، يعتبر بزشكيان أخطر من جليلي، فشعار البحث عن بقعة الضوء في آخر النفق الذي يردده الإصلاحيون دوماً، فقد قيمته المعنوية، عدا أنه صار خدعتهم المكشوفة للعودة إلى السلطة، عبر إيهام الناس أنه يمكنهم تغيير سياسات النظام من الداخل، بخاصة أنهم وقفوا متفرجين وقت القمع الدموي للانتفاضة الشعبية “المرأة، الحياة، الحرية” والفتك بحركة الاحتجاجات العمالية والمهنية.

والأهم بنظر الصحافي الإيراني إياه، أن نتائج الانتخابات أظهرت أن الشعب الإيراني تجاوز الانقسام التقليدي بين الفصائل السياسية، إصلاحي ـ محافظ، فبرغم أن التيار الإصلاحي يدعي السعي إلى توفير بيئة مستقرة للازدهار الاقتصادي، وينادي بإجراء مصالحة وطنية في الداخل ثم التفاعل مع المنطقة والعالم، ويطرح بجدية موضوع الصحة والتعليم وتصحيح الأجور كحقوق، بينما يركز التيار المحافظ على إنشاء اقتصاد ثوري، ويعد جمهوره بتحقيق الرخاء الاقتصادي بمساعدة الحلفاء الصين روسيا، ويشجع الشباب الثوري على الانخراط بالنهضة الاقتصادية المأمولة، وتعميم ثقافة “نقية” معادية للغرب، ويكاد يلغي أي وجود للمرأة في خططه، إلا أن التيارين باختلافاتهما وخلافاتهما وتناقضاتهما كلها، أثبتا أنهما ليسا سوى جناحين “جبارين” لولاية الفقيه.

وانطلاقاً من مقولة “التجربة خير برهان”، بينت التجارب الانتخابية السابقة، أن نظام الجمهورية الإسلامية دكتاتوري مطلق، يقوم على فتوى أو مفهوم ديني هو ولاية الفقيه، والفتوى الدينية ترتقي في بعض الأحيان إلى مستوى قداسة النص الديني، وبالتالي تصبح غير قابلة للنقاش، ومن يفعل أو من يفكر يتهم بالكفر والاعتراض على الإرادة الإلهية، لذلك لا يمكن إصلاح نظام ديني بأي شكل من الأشكال، وإذا سُمح اليوم لشخص إصلاحي بالترشح للانتخابات، فذلك ضمن خطة إستراتيجية لتلميع صورة النظام وإظهاره بمظهر الحداثة والمدنية، وليس إعجاباً بتجربة التيار الإصلاحي.

من سيختار خامنئي للرئاسة؟

إذا نظرنا إلى الموضوع ببساطة، وأخذنا الاختلافات بين المرشحين على أنها جذرية، فسوف يختار الإيرانيون أحد المرشحيْن السيئيْن ليس أكثر، وهذا ما كان يفعلونه في السابق.

 قد يظن البعض أن هنالك فرق بين بزشكيان وجليلي بالنسبة لخامنئي، وأن أحدهما أكثر أهمية عنده من الآخر، لكن هذا غير صحيح، في الواقع لا يهم خامنئي من سيصبح رئيساً لإيران، ولا يوجد عنده فرق بين المرشحين، لأن ما يهمه هو حماية نظام ولاية الفقيه، لذلك، ينبغي على المرشح الذي يحلم بالرئاسة، أن يلتزم بهذا النهج فقط، والباقي مقدور عليه.

بالعودة إلى التجربة، يقول الإيرانيون إنهم لم يشعروا بالاختلاف بين حكم خاتمي وأحمدي نجاد ولا بين حكم روحاني ورئيسي، فالنظام برئاسة الإصلاحيين أو برئاسة المحافظين، واحد لا يتغير، وصلب لا يتزحزح ولا يتسجيب للأزمات.
والرؤساء السابقون كلهم، لم يحيدوا عن خط ولاية الفقيه، إلا ضمن هامش صغير يوسّعه ويضيّقه المرشد بنفسه، كما أن الدبلوماسيين الإيرانيين كانوا ملتزمين بتنفيذ الأوامر ولم يكونوا يوماً أصحاب قرار، ظريف نفسه كان يكرر دائماً، خلال المفاوضات “اتّبعت توصيات القائد حرفياً، فيما يتعلق بالبرنامج النووي، وخطة العمل الشاملة المشتركة، ولم أفعل شيئاً من تلقاء نفسي”، حتى بزشكيان يقول إن “السياسات العامة للبلاد يحددها المرشد الأعلى”، لذلك، لا يهم اسم الرئيس الفائز ولا اسم وزير الخارجية ولا اسم مسؤول الأمن القومي ولا غيرهم، فالطاقم كله مجرد عبارة عن فرقة من الجنود المطيعين للقائد الأعلى، ولا فرق إذا تم انتخاب أي من هؤلاء المرشحين عبر صناديق الاقتراع، أم عبر “هندسة الانتخابات” أم بقوة التزوير، لأن القائد لا يبحث عن رئيس، بل عن خادم مطيع، عن شماعة يحمل عليها إخفاقاته في كل المجالات، بينما يحافظ هو على صورته نقياً، بهياً، حكيماً وكلي الطوبى.

01.07.2024
زمن القراءة: 4 minutes
|
آخر القصص
نقتل طفلاً ونترك آخر…عن مجازر السودان الغائبة
ريم المدني- صحافية من السودان | 03.07.2024
“العنصريون بيننا” وتركيا مثال حي
ميسا العمودي - كاتبة وصحافية سعودية | 03.07.2024
“المقاومة”: عن مظلومية لا تتسع لغير الانتصارات
سامر القرنشاوي- كاتب وأكاديمي مصري | 02.07.2024
رحلة البحث عن إجهاضٍ غير آمن في لبنان
منى حمدان - صحافية لبنانية | 02.07.2024

اشترك بنشرتنا البريدية