fbpx

“لن نفقد الأمل”: أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت والعدالة الممنوعة  

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لقد مر 45 شهراً ، ولا تزال قضية انفجار المرفأ مفتوحة، والعدالة مغيبة، ولا نهاية قريبة في الأفق لمحاسبة أي من الجناة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“يُنشر هذا التقرير في “درج” بالتعاون مع المنظمة الدولية “للتقرير عن الديمقراطية DRI”، ضمن مشروع الأصوات المستقلّة: دعم صناعة المحتوى المبتكر والمتمحور حول المواطنين والمواطنات في الإعلام اللبناني”.

بعد أيام من تفجير مرفأ بيروت في 4 آب/ أغسطس عام 2020، أعلن وزير الداخلية آنذاك محمد فهمي أن “التحقيق في انفجار المرفأ سيكون شفافاً، وسيستغرق خمسة أيام، وستتم محاسبة أي مسؤول متورط”.

لقد مر 45 شهراً على هذا الإعلان، ولا تزال قضية انفجار المرفأ مفتوحة، والعدالة مغيبة، ولا نهاية قريبة في الأفق لمحاسبة أي من الجناة، بل بدلاً من ذلك، تُركت عائلات الضحايا وحدها إلى الآن، ليس في التعامل مع الأثمان الفادحة للجريمة فقط، بل مع جرائم الفساد وعرقلة العدالة التي هيمنت على القضية أيضاً.

وعود فارغة

نتج انفجار المرفأ من اشتعال النيران في مساحة تحتوي على 2750 طناً من نترات الأمونيوم المخزنة بإهمال، وكان التأثير أسوأ مما بإمكان أي شخص تخيّله، وقد تسبب بقتل أكثر من 260 شخصاً، وجرح 6000 آخرين، فيما فقد أو تضرر نحو 300،000 منزل.

تتذكر المحامية سيسيل روكز، شقيقة جوزيف روكز الذي قُتل في الانفجار، أن “الانفجار كان قوياً للغاية، الى درجة أن كل سكان بيروت ظنوا أنه كان بجوارهم”، وعلى الفور، بدأ لبنانيون وجهات دولية بحشد الجهود لإجراء تحقيق شفاف وإقرار العدالة القانونية. 

شكّك وليم نون، شقيق جو نون الذي قُتل في الانفجار، في مسار العدالة محلياً، وقال: “أعرف كيف هي الحكومة والقضاء في لبنان، وبصراحة لم أصدق فهمي ولو لثانية واحدة”، وتابع: “لا يزال لدينا أمل في تحقيق العدالة، لكننا نعلم أن الأمر سيستغرق سنوات”.

واليوم، لا يزال القاضي طارق البيطار هو قاضي التحقيق المكلّف بالقضية، على رغم توقّف عمله وعرقلته مرات لا تُحصى منذ تعيينه.

البدايات

بعد الانفجار، عُيّن القاضي فادي صوان أولاً محققاً قضائياً لدى محكمة العدل، وفي إطار التحقيق معه، استدعى صوان غازي زعيتر، الذي كان وزيراً للمواصلات عندما وصلت شحنة نترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت، للتحقيق معه.

وكان غسان عويدات يشغل منصب المدعي العام لدى محكمة التمييز آنذاك، أي أعلى منصب قضائي في البلاد، وهو أيضاً صهر زعيتر، وبسبب قربه اضطر إلى التنحي عن القضية، في كانون الأول/ ديسمبر 2020.

وفي الشهر نفسه، اتهمه اثنان من الوزراء السابقين الذين استدعاهم صوان للاستجواب، بمخالفة الإجراءات القانونية والدستورية، وطالبا بإقالته.

وبالمصادفة، بعد شهرين، في شباط/ فبراير 2021، قضت المحكمة بأن صوان لديه تضارب مصالح في رئاسة التحقيق، منذ أن تضرر منزله بالانفجار.

وتعليقاً على ذلك، قال نون: “لم يكن صوان أهلاً لهذه المهمة، لقد كان قاضياً جيداً، لكنني أعتقد أنه لم يكن الشخص المناسب للوقوف ضد حكومة فاسدة”.

“لا يزال لدينا أمل في تحقيق العدالة، لكننا نعلم أن الأمر سيستغرق سنوات”.

وصول البيطار

ثم عُيِّن القاضي الجديد طارق البيطار، وفي عام تعيينه، وجه اتهامات الى عشرات السياسيين والمسؤولين تتعلق بالقضية.

حول هذه النقطة، أوضحت روكز: “عندما تحال قضية إلى محكمة القضاء الأعلى، فهذا قرار يوقع عليه مجلس الوزراء بكامله وكذلك رئيس الجمهورية”.

وقالت: “هذا يعني أن البيطار لديه القدرة على اعتقال المتورطين في مناصب السلطة، من سياسيين وضباط في الجيش”.

وعلى رغم ذلك، في 23 كانون الأول 2021، عُلِّق التحقيق الداخلي في الانفجار، بعدما تقدم السياسيون المتهمون من البيطار، بأكثر من 25 طلباً لإقالته، على رغم أن هذا التعليق قرار غير دستوري، ولسوء الحظ، استمر هذا التعليق لمدة 13 شهراً. أما الضربة الأكبر لقلوب الأهالي، فهي أن السبب الرئيسي وراء هذا التأخير كان بسيطاً، وهو تقاعد ثلاثة قضاة في الجمعية العمومية لمحكمة التمييز، المحكمة المكلفة بالتحقيق في هذه الاتهامات.

تشير روكز إلى أنه “منذ أشهر، كنا نتوسل لاستئناف القضية”، وتتذكر “حتى وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل، رفض التوقيع على مرسوم يسمح بتشكيل لجنة لتكليف القضاة، بأمر من نبيه بري نفسه، لأنه يرفض ترك القضية سيرة ذاتية”، وعلى رغم أن هذه الحالات قد تبدو تافهة للرأي العام، إلا أن روكز تشير إلى أن “هذه القرارات تخالف المادة 66 من الدستور”، معتبرة أنها “تشكل عرقلة للعدالة”.

وأوضحت المحامية وعضوة المفكرة القانونية غيدة فرنجية، أن “أكبر حالات عرقلة سير العدالة في القضية، كانت تعطيل الهيئات القضائية لتحقيق مكاسب سياسية، وهو ما يهدد بدوره تعريف الفصل بين السلطات”.

وقالت “إن العرقلة جاءت من تدخل السلطة التشريعية في القضاء، وهو خرق لمصداقية القضاء”.

ومع تصميمه على مواصلة القضية، ومع استمرار التهم الموجهة إليه، أجرى القاضي البيطار دراسة قانونية لإثبات عدم دستورية الإيقاف. وفي كانون الثاني/ يناير 2023، توصلت دراسته إلى أن عزله من منصبه سيخرق مبدأ الفصل بين السلطات.

ولم يضيّع البيطار الوقت ووجه الاتهام إلى عويدات، والمدير العام السابق للأمن العام اللواء المتقاعد عباس إبراهيم، والقاضيين غسان خوري وجاد معلوف، ورئيس أمن الدولة اللواء طوني صليبا، ورئيس المجلس الأعلى للجمارك أسعد الطفيلي، وعضو المجلس الأعلى للجمارك غراسيا القزي، ورئيس الحكومة الأسبق حسان دياب لدورهم في التفجير.

وسارع عويدات، الذي أُشيع أنه تنحى عن القضية بموجب أحكام الدستور، إلى اتهام البيطار بـ “اغتصاب السلطة” و”التمرد على العدالة” ومنعه من السفر، ووجه جهات إنفاذ القانون بعدم الانصياع لأوامر البيطار، وأمر بالإفراج عن 17 موقوفاً، على اعتبار أنه سيُفرج عن المعتقلين في حال عدم إحراز أي تقدم في القضية لفترة محددة.

تتذكر روكز: “لكنّ هناك سبباً لعدم إحراز أي تقدم في هذه القضية، كما أن جزءاً من الأمر كان بسبب عويدات”.

وتقول: “يعتقد عويدات أنه رئيس سلطة عليا ثالثة، وهذا يسمح له بطريقة أو بأخرى بالتهرب من القانون، من خلال اتخاذ قرار أولي بالانخراط في القضية مجدداً، على الرغم من إدراجه هو وصهره ضمن قائمة الأشخاص المعنيين، وثانياً، من خلال تعليق عمل البيطار بشكل كامل، كعمل انتقامي في ما يبدو”.

وتضيف: “عندما قال يوسف فنيانوس، وزير الأشغال العامة السابق، لعويدات إنه سيمثل أمام المحكمة بشرط عدم القبض عليه، وقتها رفض وزير الداخلية السماح بتوجيه الاتهام الى عباس إبراهيم وطوني صليبا في القضية”.

وخلصت إلى أن “المادتين 13 و31 من الدستور، تسمحان لعويدات بتوجيه الاتهام الى أي مسؤول، لكنه لم يفعل ذلك أبداً”.

استبدال عويدات

وبعد 42 شهراً من الفساد وعرقلة العدالة في القضية، تقاعد النائب العام في محكمة التمييز غسان عويدات في 23 شباط/ فبراير 2024، واستُبدل بالقاضي جمال حجار، الذي كان أول عمل له، هو لقاء عائلات القتلى في الانفجار.

بحسب نون، فإن “الحجار أثبت لنا في لقائنا أنه مستعد للعمل لاستئناف القضية، ولكننا أيضاً ننتظر أفعاله”.

وقال: “إن أول ما على الحجار فعله، هو إلغاء جميع التهم الموجهة إلى البيطار، ليتمكن الأخير من العودة إلى التحقيق”، مضيفاً: “أملنا الأكبر هو أن يصدر تقرير أولي عن التحقيق الذي يجريه البيطار قبل الرابع من آب من هذا العام”.

لا يزال الأهالي يتجمعون في الرابع من آب من كل عام، ليحيوا ذكرى أحبائهم الذين قضوا في الجريمة، وليعلنوا تمسّكهم بمحاسبة القتلة.

تقول روكز: “لم ولن نفقد الأمل أبداً، نعلم أنه في يوم من الأيام ستُحقَّق العدالة”.

ويشير كثيرون إلى تورّط المحاكم الدولية، زاعمين أن “التدخل الخارجي من شأنه أن يحل مشكلة الفساد التي تبدو لبنانية”.

“عندما أجرى البيطار تحقيقاته، لم يترك أي دليل من دون أن يقلبه”، تقول فرنجية وتتذكر أن “جلسات التحقيق معه استمرت لمدة تصل إلى 8 ساعات، لذلك لا نحتاج إلى محكمة لبدء التحقيق من الصفر، لتجري بالفعل تحقيقاً شاملاً”.

وتضيف: “وبدلاً من ذلك، ينبغي على المحكمة الدولية أن تعمل كإضافة إلى التحقيق، وليس بديلاً عنه، وعندما يحدث ذلك، يمكن أن تنتقل النتائج من المرحلة السرية إلى المرحلة العامة، ما يسمح للجمهور بالوصول إلى جميع تفاصيل القضية”.

“هذه القضية ليست  قضيتنا فقط”، يقول نون: “العدالة التي يتم تحقيقها هي للبلد بكامله، عندما يتم تقديم قضية بهذا الحجم إلى العدالة، يكون لها تأثير مضاعف وتعطي الأمل للجميع”.

لكن على مقربة من حلول الذكرى الرابعة للانفجار، وعدم اتخاذ الحجار والبيطار أية خطوات للتقدم في التحقيق منذ العام الجديد، يبدو أن القضية ستظل عالقة في دائرة التعليق.

تصر روكز على أن هذا يمكن أن يتغير، “لقد قتلتنا حكومتنا بفسادها، الطريقة الوحيدة التي سيتغيرون فيها هي أن نتكاتف جميعاً”.

27.06.2024
زمن القراءة: 6 minutes

لقد مر 45 شهراً ، ولا تزال قضية انفجار المرفأ مفتوحة، والعدالة مغيبة، ولا نهاية قريبة في الأفق لمحاسبة أي من الجناة.

“يُنشر هذا التقرير في “درج” بالتعاون مع المنظمة الدولية “للتقرير عن الديمقراطية DRI”، ضمن مشروع الأصوات المستقلّة: دعم صناعة المحتوى المبتكر والمتمحور حول المواطنين والمواطنات في الإعلام اللبناني”.

بعد أيام من تفجير مرفأ بيروت في 4 آب/ أغسطس عام 2020، أعلن وزير الداخلية آنذاك محمد فهمي أن “التحقيق في انفجار المرفأ سيكون شفافاً، وسيستغرق خمسة أيام، وستتم محاسبة أي مسؤول متورط”.

لقد مر 45 شهراً على هذا الإعلان، ولا تزال قضية انفجار المرفأ مفتوحة، والعدالة مغيبة، ولا نهاية قريبة في الأفق لمحاسبة أي من الجناة، بل بدلاً من ذلك، تُركت عائلات الضحايا وحدها إلى الآن، ليس في التعامل مع الأثمان الفادحة للجريمة فقط، بل مع جرائم الفساد وعرقلة العدالة التي هيمنت على القضية أيضاً.

وعود فارغة

نتج انفجار المرفأ من اشتعال النيران في مساحة تحتوي على 2750 طناً من نترات الأمونيوم المخزنة بإهمال، وكان التأثير أسوأ مما بإمكان أي شخص تخيّله، وقد تسبب بقتل أكثر من 260 شخصاً، وجرح 6000 آخرين، فيما فقد أو تضرر نحو 300،000 منزل.

تتذكر المحامية سيسيل روكز، شقيقة جوزيف روكز الذي قُتل في الانفجار، أن “الانفجار كان قوياً للغاية، الى درجة أن كل سكان بيروت ظنوا أنه كان بجوارهم”، وعلى الفور، بدأ لبنانيون وجهات دولية بحشد الجهود لإجراء تحقيق شفاف وإقرار العدالة القانونية. 

شكّك وليم نون، شقيق جو نون الذي قُتل في الانفجار، في مسار العدالة محلياً، وقال: “أعرف كيف هي الحكومة والقضاء في لبنان، وبصراحة لم أصدق فهمي ولو لثانية واحدة”، وتابع: “لا يزال لدينا أمل في تحقيق العدالة، لكننا نعلم أن الأمر سيستغرق سنوات”.

واليوم، لا يزال القاضي طارق البيطار هو قاضي التحقيق المكلّف بالقضية، على رغم توقّف عمله وعرقلته مرات لا تُحصى منذ تعيينه.

البدايات

بعد الانفجار، عُيّن القاضي فادي صوان أولاً محققاً قضائياً لدى محكمة العدل، وفي إطار التحقيق معه، استدعى صوان غازي زعيتر، الذي كان وزيراً للمواصلات عندما وصلت شحنة نترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت، للتحقيق معه.

وكان غسان عويدات يشغل منصب المدعي العام لدى محكمة التمييز آنذاك، أي أعلى منصب قضائي في البلاد، وهو أيضاً صهر زعيتر، وبسبب قربه اضطر إلى التنحي عن القضية، في كانون الأول/ ديسمبر 2020.

وفي الشهر نفسه، اتهمه اثنان من الوزراء السابقين الذين استدعاهم صوان للاستجواب، بمخالفة الإجراءات القانونية والدستورية، وطالبا بإقالته.

وبالمصادفة، بعد شهرين، في شباط/ فبراير 2021، قضت المحكمة بأن صوان لديه تضارب مصالح في رئاسة التحقيق، منذ أن تضرر منزله بالانفجار.

وتعليقاً على ذلك، قال نون: “لم يكن صوان أهلاً لهذه المهمة، لقد كان قاضياً جيداً، لكنني أعتقد أنه لم يكن الشخص المناسب للوقوف ضد حكومة فاسدة”.

“لا يزال لدينا أمل في تحقيق العدالة، لكننا نعلم أن الأمر سيستغرق سنوات”.

وصول البيطار

ثم عُيِّن القاضي الجديد طارق البيطار، وفي عام تعيينه، وجه اتهامات الى عشرات السياسيين والمسؤولين تتعلق بالقضية.

حول هذه النقطة، أوضحت روكز: “عندما تحال قضية إلى محكمة القضاء الأعلى، فهذا قرار يوقع عليه مجلس الوزراء بكامله وكذلك رئيس الجمهورية”.

وقالت: “هذا يعني أن البيطار لديه القدرة على اعتقال المتورطين في مناصب السلطة، من سياسيين وضباط في الجيش”.

وعلى رغم ذلك، في 23 كانون الأول 2021، عُلِّق التحقيق الداخلي في الانفجار، بعدما تقدم السياسيون المتهمون من البيطار، بأكثر من 25 طلباً لإقالته، على رغم أن هذا التعليق قرار غير دستوري، ولسوء الحظ، استمر هذا التعليق لمدة 13 شهراً. أما الضربة الأكبر لقلوب الأهالي، فهي أن السبب الرئيسي وراء هذا التأخير كان بسيطاً، وهو تقاعد ثلاثة قضاة في الجمعية العمومية لمحكمة التمييز، المحكمة المكلفة بالتحقيق في هذه الاتهامات.

تشير روكز إلى أنه “منذ أشهر، كنا نتوسل لاستئناف القضية”، وتتذكر “حتى وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل، رفض التوقيع على مرسوم يسمح بتشكيل لجنة لتكليف القضاة، بأمر من نبيه بري نفسه، لأنه يرفض ترك القضية سيرة ذاتية”، وعلى رغم أن هذه الحالات قد تبدو تافهة للرأي العام، إلا أن روكز تشير إلى أن “هذه القرارات تخالف المادة 66 من الدستور”، معتبرة أنها “تشكل عرقلة للعدالة”.

وأوضحت المحامية وعضوة المفكرة القانونية غيدة فرنجية، أن “أكبر حالات عرقلة سير العدالة في القضية، كانت تعطيل الهيئات القضائية لتحقيق مكاسب سياسية، وهو ما يهدد بدوره تعريف الفصل بين السلطات”.

وقالت “إن العرقلة جاءت من تدخل السلطة التشريعية في القضاء، وهو خرق لمصداقية القضاء”.

ومع تصميمه على مواصلة القضية، ومع استمرار التهم الموجهة إليه، أجرى القاضي البيطار دراسة قانونية لإثبات عدم دستورية الإيقاف. وفي كانون الثاني/ يناير 2023، توصلت دراسته إلى أن عزله من منصبه سيخرق مبدأ الفصل بين السلطات.

ولم يضيّع البيطار الوقت ووجه الاتهام إلى عويدات، والمدير العام السابق للأمن العام اللواء المتقاعد عباس إبراهيم، والقاضيين غسان خوري وجاد معلوف، ورئيس أمن الدولة اللواء طوني صليبا، ورئيس المجلس الأعلى للجمارك أسعد الطفيلي، وعضو المجلس الأعلى للجمارك غراسيا القزي، ورئيس الحكومة الأسبق حسان دياب لدورهم في التفجير.

وسارع عويدات، الذي أُشيع أنه تنحى عن القضية بموجب أحكام الدستور، إلى اتهام البيطار بـ “اغتصاب السلطة” و”التمرد على العدالة” ومنعه من السفر، ووجه جهات إنفاذ القانون بعدم الانصياع لأوامر البيطار، وأمر بالإفراج عن 17 موقوفاً، على اعتبار أنه سيُفرج عن المعتقلين في حال عدم إحراز أي تقدم في القضية لفترة محددة.

تتذكر روكز: “لكنّ هناك سبباً لعدم إحراز أي تقدم في هذه القضية، كما أن جزءاً من الأمر كان بسبب عويدات”.

وتقول: “يعتقد عويدات أنه رئيس سلطة عليا ثالثة، وهذا يسمح له بطريقة أو بأخرى بالتهرب من القانون، من خلال اتخاذ قرار أولي بالانخراط في القضية مجدداً، على الرغم من إدراجه هو وصهره ضمن قائمة الأشخاص المعنيين، وثانياً، من خلال تعليق عمل البيطار بشكل كامل، كعمل انتقامي في ما يبدو”.

وتضيف: “عندما قال يوسف فنيانوس، وزير الأشغال العامة السابق، لعويدات إنه سيمثل أمام المحكمة بشرط عدم القبض عليه، وقتها رفض وزير الداخلية السماح بتوجيه الاتهام الى عباس إبراهيم وطوني صليبا في القضية”.

وخلصت إلى أن “المادتين 13 و31 من الدستور، تسمحان لعويدات بتوجيه الاتهام الى أي مسؤول، لكنه لم يفعل ذلك أبداً”.

استبدال عويدات

وبعد 42 شهراً من الفساد وعرقلة العدالة في القضية، تقاعد النائب العام في محكمة التمييز غسان عويدات في 23 شباط/ فبراير 2024، واستُبدل بالقاضي جمال حجار، الذي كان أول عمل له، هو لقاء عائلات القتلى في الانفجار.

بحسب نون، فإن “الحجار أثبت لنا في لقائنا أنه مستعد للعمل لاستئناف القضية، ولكننا أيضاً ننتظر أفعاله”.

وقال: “إن أول ما على الحجار فعله، هو إلغاء جميع التهم الموجهة إلى البيطار، ليتمكن الأخير من العودة إلى التحقيق”، مضيفاً: “أملنا الأكبر هو أن يصدر تقرير أولي عن التحقيق الذي يجريه البيطار قبل الرابع من آب من هذا العام”.

لا يزال الأهالي يتجمعون في الرابع من آب من كل عام، ليحيوا ذكرى أحبائهم الذين قضوا في الجريمة، وليعلنوا تمسّكهم بمحاسبة القتلة.

تقول روكز: “لم ولن نفقد الأمل أبداً، نعلم أنه في يوم من الأيام ستُحقَّق العدالة”.

ويشير كثيرون إلى تورّط المحاكم الدولية، زاعمين أن “التدخل الخارجي من شأنه أن يحل مشكلة الفساد التي تبدو لبنانية”.

“عندما أجرى البيطار تحقيقاته، لم يترك أي دليل من دون أن يقلبه”، تقول فرنجية وتتذكر أن “جلسات التحقيق معه استمرت لمدة تصل إلى 8 ساعات، لذلك لا نحتاج إلى محكمة لبدء التحقيق من الصفر، لتجري بالفعل تحقيقاً شاملاً”.

وتضيف: “وبدلاً من ذلك، ينبغي على المحكمة الدولية أن تعمل كإضافة إلى التحقيق، وليس بديلاً عنه، وعندما يحدث ذلك، يمكن أن تنتقل النتائج من المرحلة السرية إلى المرحلة العامة، ما يسمح للجمهور بالوصول إلى جميع تفاصيل القضية”.

“هذه القضية ليست  قضيتنا فقط”، يقول نون: “العدالة التي يتم تحقيقها هي للبلد بكامله، عندما يتم تقديم قضية بهذا الحجم إلى العدالة، يكون لها تأثير مضاعف وتعطي الأمل للجميع”.

لكن على مقربة من حلول الذكرى الرابعة للانفجار، وعدم اتخاذ الحجار والبيطار أية خطوات للتقدم في التحقيق منذ العام الجديد، يبدو أن القضية ستظل عالقة في دائرة التعليق.

تصر روكز على أن هذا يمكن أن يتغير، “لقد قتلتنا حكومتنا بفسادها، الطريقة الوحيدة التي سيتغيرون فيها هي أن نتكاتف جميعاً”.

27.06.2024
زمن القراءة: 6 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية