fbpx

اشتباكات عين الحلوة… هل من مستثمرين جدد؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لم يفضِ تبدل الهوية إلى تخفّف لبنان من أعباء السلاح الفلسطيني. صحيح أن الأخير صار محصوراً في المخيمات، لكنه لا يزال يندرج في مسلكين لا يقل أحدهما خطورة عن الآخر.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“عصبة الأنصار”، “جند الشام”، “فتح الإسلام”، هي نماذج عن مسميات لتنظيمات فلسطينية تؤشر إلى تبدّل هوية السلاح الفلسطيني، الذي تكاد تتلاشى هويته العربية والوطنية. هذه حال “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، و”الجبهة الديمقراطية”، و”الجبهة العربية” (مثالاً لا حصراً)، ناهيك بضمور بيِّن تعانيه “حركة فتح”، مقابل بروز حركات الإسلام السياسي المسلّحة كـ”حماس” و”الجهاد الإسلامي”. 

“معركة” مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان الراهنة تأتي أيضاً في هذا السياق، الذي لن يخفف من وقائعه تبدل الهويات من قومية عربية غابرة إلى إسلامية رائجة.

   لم يفضِ تبدل الهوية إلى تخفّف لبنان من أعباء السلاح الفلسطيني. صحيح أن الأخير صار محصوراً في المخيمات، لكنه لا يزال يندرج في مسلكين لا يقل أحدهما خطورة عن الآخر. مرةً كجزء من مشروع إسلامي برزت مؤشراته حديثاً في كلام الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله، وفي زيارة رئيس المكتب السياسي لـ “حماس” إسماعيل هنية إلى لبنان، وتبدت وقائعه في “صواريخ القليلة” ووحدة الساحات. ومرة أخرى في أحداث دموية ترتكبها فصائل إسلامية، النمط المستحدث عن فصائل “الاستثمار” العربي في القرن الماضي. 

الوعي بالسلاح

 أول وعي لبناني بسلاح الجو بعد “ثورة 1958” كان في العام 1973، حين قصف الجيش اللبناني المدينة الرياضية التي تحوّلت إلى ثكنة للمسلّحين الفلسطينيين، كمؤشر إلى التمدد الفلسطيني المسلّح خارج المخيمات.

 ثماني عشرة دولة عربية هددت حينها بقطع العلاقات الدبلوماسية مع لبنان إذا لم يوقف الجيش قصفه الجوي وتقدّم مغاويره في مخيم صبرا للاجئين الفلسطينيين، يومها وبصفته أحد أعضاء الجبهة اللبنانية، قال الرئيس سليمان فرنجية عبارته الشهيرة: “بعد اليوم ليس من جيش لبناني يمكننا الاعتماد عليه. علينا أن نعتمد على أنفسنا”. كان فرنجية يقصد المسيحيين على الأرجح.

  مهدت العبارة لعلاقات علنية كان المسيحيون قد باشروها سراً مع إسرائيل لمواجهة الخطر الفلسطيني، ما أسس لاحقاً لما عرف بـ”حرب لبنان” التي اندلعت شرارتها في نيسان/ إبريل من العام 1975.

  كان المسيحيون في وعيهم يدافعون عن وطن صنع لأجلهم، وهو وعي فطن إليه الكثير من المسلمين بعد فوات أوان هو بالضرورة اعتلال تنكبه عقل مسيحي أناني وعقل مسلم مستهتر. وكان  أيضاً الوعي باحتلال فلسطين، التي لا تزال قضية عادلة، لكنها عدالة ترافقت بعد أقل من عقدين من ذلك الاحتلال مع أسوأ نموذج عن “الفدائي”.

 الفدائي بالمعنى السابق هو النموذج الذي مثلته التنظيمات المسلحة الفلسطينية منذ استباحتها أرضاً، استعصت دونها كل الأراضي العربية، أعني أرض لبنان. 

   باكراً، وقبل اتفاق القاهرة في العام 1969، والأكيد بعده، تبدى الانحراف الفلسطيني عن قضيته. تحولت بنادق تلك التنظيمات إلى بنادق مأجورة استثمرت فيها أكثر الأنظمة العربية لتطل من خلالها على فلسطين، ولتتحول الأخيرة جداراً سميكاً يخفي استبداداً عربياً عايشته شعوب تلك الأنظمة، وانسحب بالضرورة على الشعب الفلسطيني في الشتات كما في داخل فلسطين، وبعنوان كان ولا يزال رائجاً، “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”. المعركة التي اتسعت بالوقائع لصراعات فلسطينية- فلسطينة، وبالمتن لصراعات عربية -عربية، وعلى أرض لبنان.

    لم يحجب الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي في لبنان، وعلى حدوده الجنوبية، أحد أهم التحولات التي أسس لها الانحراف الفلسطيني. الدولة البديلة لم تكن ترفاً مختلقاً ممن ناهضوا العمل الفلسطيني المسلّح في لبنان ومنه. كانت واقعاً باشره بالوقائع ياسر عرفات بصفته المسؤول عن أكبر تلك التنظيمات، أما من ناهضه من تنظيمات أخرى فتبدت في ذلك الماضي القريب موانع عربية قد تفضي تلك الدولة البديلة إلى تصدّع الجدران السميكة الآنفة الذكر.

 أغلب الظن أن ما استهلكه الفلسطينيون في حروبهم العبثية الغابرة كان كفيلاً (في ما لو استُهلك سياسياً ضد إسرائيل) بتسريع حل متوازن معها، حل كان على الأرجح أوسع مدىً وأكثر مناعة من الدويلة التي ذهب إليها ياسر عرفات في أوسلو.

     لم تكن أحداث العام 1973 لتنهي أعباء السلاح الفلسطيني، لكنها على الأرجح كانت لتفضي إلى إعاقة تمدّده ومشقّته في لبنان وعليه، فيما “مذهبة” تلك الأحداث، وانحياز المسلمين واليسار إلى جانبه، أنتجا لاحقاً مساراً دموياً انزلق إليه اللبنانيون، واستثمرت فيه التنظيمات الفلسطينية المسلحة وأنظمة الاستبداد  العربي التي قامت على أنقاض فلسطين وقضيتها، واحتمل بعد مآله التدميري نقداً ذاتياً  لجأ إليه الكثيرون ممن تنكبوا وقائع تلك الحروب، وبدا في أحسن الأحوال بكاءً على أطلال لا تزال صالحة لمستثمرين جدد.

محمد أبو شحمة- صحفي فلسطيني | 17.05.2024

مدارس “الأونروا” المدمرة مأوى نازحين في خان يونس

على رغم خطورة المكان على حياة أفراد العائلة، بسبب احتمال سقوط بعض الجدارن أو الأسقف على رؤوسهم، قررت العائلة الإقامة في أحد الصفوف الدراسية، وبدأت بتنظيفه وإزالة الحجارة والركام من المساحة المحيطة به، وإصلاح ما يمكن إصلاحه.