fbpx

“هيئة تحرير الشام”… الجاسوسيّة والفساد يلتهمان “بطانة” الجولاني

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

حولت المشاريع السابقة دائرة الجولاني إلى رجال أعمال في إدلب يهتمون ببناء ثرواتهم بعيداً من حاجة السكان وعوزهم للغذاء، في بلاد مزّقتها الحرب ورفعت مستوى الفقر فيها إلى أكثر من 90 في المئة .

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم يعتقد “ميار الإدلبي”، ابن مدينة معرة مصرين/ معر تمصرين شمال محافظة إدلب السورية، أن يأتي يوم يستفيق فيه على صراخ جاره  الملقب بـ”أبو المنذر”، المتنفذ بجهاز الأمن العام في “هيئة تحرير الشام”، طالباً الرحمة من دورية أمنية، اقتحمت منزله بقصد اعتقاله وتفتيش المنزل.

يخبرنا ميار أن أبو المنذر لطالما تدخّل  في شؤون البناء الذي يقطنه، مُحذراً جيرانه من سماع أصوات الموسيقى أو وجود نساء مكشوفات الوجه على الدرج، لكنه الآن، معتقل بتهمة التخابر مع التحالف الدولي.

 حسب شهادة ميار الإدلبي لـ”درج”، مضى على استيلاء أبو المنذر على أحد منازل البناية 3 سنوات بحجة أن المنزل عائد الى متعاون مع النظام، من دون أن نعلم عن أصله سوى أنه متنفذ في جهاز الأمن العام ويتمتع بسلطة واسعة وثراء فاحش. 

كان المدعو أبو المنذر واحداً من عشرات العناصر العاملين تحت مسمى “جهاز الأمن العام”، و”حكومة الإنقاذ”، و”الفصائل العسكرية في هيئة تحرير الشام”، الذين اعتقلتهم قوات الأخيرة بتهمة العمالة للتحالف الدولي وروسيا والنظام منذ مطلع شهر تموز/ يوليو 2023، إضافة إلى مدنيين وتجار يقطنون في محافظة ادلب.

الجولاني بعيداً من الأنظار

لم تقتصر عمليات الاعتقال على عناصر عاديين في مختلف التشكيلات، بل طاولت قياديين في مناصب رفيعة وأصحاب القرار في هيئة تحرير الشام، مثل أمير الهيئة في مدينة تفتناز، و الإداري العام للواء علي بن أبي طالب، و أبو خالد، مسؤول الكتلة الشرقية، وإعلامي ضمن صفوف الهيئة، و مسؤول كاميرات المراقبة والإنترنت على خطوط الحرب في هيئة تحرير الشام، ومسؤول الموارد البشرية، و مسؤول الدراسات الأمنية في شمال إدلب، ومسؤول الموارد البشرية في الجناح العسكري، وشخصيات أخرى ذات وظائف مدنية كمسؤول المعابر، و مدير مكتب حكومة الإنقاذ بحسب الناشط لواء الخاني.

يُشكل الاختراق بصفوف “هيئة تحرير الشام” انعطافة خطيرة بمسيرة التنظيم، الذي كان يتبجح بإخلاص عناصره لهدف الهيئة، واستعدادهم للتضحية بأرواحهم من أجل استمرارية التنظيم، ما دفع أبو محمد الجولاني، زعيم” هيئة تحرير الشام”، إلى تشكيل ما يشبه خلية إدارة للأزمة أو غرفة عمليات مصغرة، تضم إلى جانبه كلاً من القياديين أبو أحمد حدود وأبو أحمد زكور، والشرعي عبد الرحيم عطون.

تتابع “الخلية” السابقة تطورات ملف العملاء أولاً بأول، وهي على اتصال بالقوة المركزية التي شُكلت وأُتبعت بهذه الغرفة، ومُنحت صلاحيات كاملة لاعتقال أي فرد يذُكر اسمه في التحقيقات مهما كان منصبه بحسب شهادة ( ن .ع) العامل في صفوف هيئة تحرير الشام.

قيّد الاختراق الأخير حركة أبو محمد الجولاني، إذ لم يعد يظهر وسط السكان في محافظة إدلب من جهة، ولم يعد يتصنّع على وسائل الإعلام والاجتماعات مع ممثلي المجتمع المدني من جهة أخرى، بحسب الناشط الحقوقي ياسر الحداد، إذ استثمر الجولاني زلزال شباط/ فبراير 2023 للخروج على وسائل الإعلام المحلية والدولية، بهدف نزع الصورة النمطية عنه، ومحاولة إقناع المجتمع الدولي به كأحد المؤثرين على الساحة السورية، ورجل الإنسانية.

 وسبقت كارثة الزلزال اجتماعات عدة قام بها الجولاني مع ممثلي طوائف وأديان في محافظة ادلب، بعد جرائم فظيعة ارتكبتها “جبهة النصرة” بحقهم، بيد أن اكتشاف شبكة الجواسيس غيّب الجولاني عن الكاميرات التي كانت ترافقه أينما حل، ولم يعد يظهر في أي مكان أو اجتماع لأكثر من  40 يوماً. 

مضى على استيلاء أبو المنذر على أحد منازل البناية 3 سنوات بحجة أن المنزل عائد الى متعاون مع النظام، من دون أن نعلم عن أصله سوى أنه متنفذ في جهاز الأمن العام ويتمتع بسلطة واسعة وثراء فاحش. 

اغتيالات وشبكة جواسيس

تزامن زعم “تحرير الشام” المسيطرة على “محافظة إدلب”، الكشف عن شبكة جواسيس، مع نشاط عسكري داخل محافظة إدلب لجماعة تطلق على نفسها مسمى “درع الثورة”. عملت الأخيرة على إقامة حواجز على طرقات رئيسية في معقل “تحرير الشام”، واغتالت أحد الرجالات الأمنيين المقربين من الجولاني المدعو أبو صهيب سرمدا، وبثت عملية الاغتيال عبر وسائل التواصل.

دفع الاغتيال السابق “تحرير الشام” إلى إعلان استنفار قطاعاتها العسكرية والأمنية، بدافع اعتقادها أن الكشف عن خلية الجواسيس بصفوفها على صلة بالتطور العسكري داخل مناطق نفوذها، ولا تستطيع أي مجموعة إقامة حاجز على طريق رئيسي إذا ما كان مدعوماً من أحد أركان الهيئة ذاتها، ومُطلعاً على تحركات أجهزتها بحسب شهادة العامل بصفوف فصائل المعارضة نوري المدهوش. 

الثروة أشد غوى من الأيديولوجيا

نسفت حملة الاعتقالات الأخيرة لـ”هيئة تحرير الشام”، لمن زعمت أنهم جواسيس في صفوف الثورة، قاعدتها الثابتة على مر السنوات الماضية، بتصور نفسها المكون الوحيد غير المُخترق، والذي يعمل ككيان متكامل همه المضي الى الأمام بعلاقات التنظيم مع السكان المحليين، بعدما أسهب الجولاني خلال سنوات مضت على تأسيس تنظيم يكون كالخاتم في إصبعه، يعمل لاستمراريته في حكم رقعة صغيرة  من سوريا.

لم يكن وقع خبر وجود شبكة جواسيس سهلاً على الجولاني ودائرته الضيقة، التي عملت منذ عام 2012 لتأسيس الكيان، وقتلت من أجله الكثير من السوريين باسم الدين والثورة، إذ خرج منه اليوم عشرات العملاء الذين باعوا الجولاني بدراهم معدودة، همهم الوحيد الثروة وإن على حساب تدمير التنظيم الجولاني.

تعمقت لدى غالبية سكان مناطق شمال غربي سوريا أن بعض متزعمي فصائل المعارضة همهم الأول استمراريتهم،  وجمع المقدار الأكبر من المال، حتى ولو عنى ذلك العمالة والجاسوسية مع نظام الأسد أو روسيا، بحسب جمال الصابوني ابن مدينة إدلب.

يقول الصابوني إنه وأهل حيه لم يعودوا يثقون بأن نظام الأسد لن يتقدم  في مناطق الشمال من دون مقاومة أو صد، بخاصة مع انتشار تجارة المخدرات بين قادة الفصائل، والصدامات العسكرية في ما بينهم من أجل استمرارية القائد والولاء له.

يضيف إلى ذلك، انشغال بعض القادة بشراء الخيول الأصيلة واستعراضها، أو تمكين أبنائهم ومنحهم سيارات فارهة وأجهزة لوحية باهظة الثمن، وأسلحة مطرزة بالذهب، يقتصر استخدامها على تصوير فيديوهات لـ “تيك توك”، ما سبق لم يعد يولد رغبة لدى بعض قيادات الفصائل بقلب الواقع الحالي، بل الأفضل لهم استمراره، ويمكن القول إن وجود بشار الأسد ضرورة لوجود هؤلاء. 

جريدة زمان الوصل | مجددا.. صور نجل قيادي في الوطني محاطا ب المرافقة يثير استياء السوريين

صرة لـ وليد العزي” نجل “أبو الوليد العزي” القيادي في فصائل المعارضة المسلحة برفقة حصانه العربي الأصيل وبحماية عنصرين لحراسته 

جواسيس “حديثي العهد”

أمام أحاديث في الشارع والتقارير الإعلامية عن تورط عشرات العناصر بصفوف “تحرير الشام” بالعمالة، لم تنكر الأخيرة القبض على خلية جواسيس في أجهزتها الأمنية والإدارية، بحسب بيان للمتحدث باسم ما يُدعى جهاز الأمن العام ضياء العمر، على معرفاتها الرسمية في 16 تموز/ يوليو 2023.

أكد البيان أن “هيئة تحرير الشام” اعتقلت شبكة جواسيس ضمن صفوف الثورة من دون تسمية صريحة لأجهزتها الأمنية والتنفيذية، أكثرهم من حديثي العهد بالعمل الثوري، ورّطتهم أجهزة مخابرات عالمية، إما بدفع أموال طائلة لهم، أو ابتزازهم.

حث البيان سكان مناطق شمال غربي سوريا على تربية أبنائهم تربية صحيحة، ليتحول البيان من بيان اعتراف ضمني بوجود اختراق كبير في صفوف تنظيم “هيئة تحرير الشام” إلى بيان إرشادي للتربية الاجتماعية الصحيحة. 

أنشأ  رجال الجولاني الكثير من المشاريع الاقتصادية، حتى باتوا المتحكمين الفعليين بشؤون السكان ومعيشتهم على مختلف الصعد، من شركة اليمامة للدواجن، و شركة زاجل للنقل، وطيبة للمحروقات، والبنك الإسلامي للمعاملات المالية، والراجح لتعهدات البناء، إلى شركة “مولات الحمرا” و”رويال”، وصولاً إلى مشروع المدينة الصناعية.

حولت المشاريع السابقة دائرة الجولاني إلى رجال أعمال في إدلب يهتمون ببناء ثرواتهم بعيداً من حاجة السكان وعوزهم للغذاء، في بلاد مزّقتها الحرب ورفعت مستوى الفقر فيها إلى أكثر من 90 في المئة .