fbpx

شهادات الاعتقال والتعذيب في السجون الإسرائيليّة (3)… أبو محمد صديق الطفولة والنزوح

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يجمع  الكاتب مصطفى ابراهيم، النازح في رفح من قطاع غزة، شهادات أشخاص اعتقلهم الجيش الإسرائيلي وقام بإذلالهم، أشباه العراة الذين لم يُعرف عنهم خبر الى حين إطلاق سراحهم،  يصفون ما شهدوه في رحلة الإذلال التي اختبروها منذ اعتقالهم حتى إطلاق سراحهم. هنا حكاية أبو محمد، العامل في البناء.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ما زالت صور اعتقال الفلسطينيين وإذلالهم في قطاع غزة تُتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي. الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان وقوانين الحرب، تبرره إسرائيل بشبهة “الانتماء الى حماس”، لتقود المعتقلين إلى معسكرات اعتقال مجهولة، يختبرون فيها أنواع التعذيب والإذلال حسب التقارير الصحافيّة، ناهيك بموت بعضهم.

لا يستطيع المعتقلون التواصل مع العالم الخارجي، إذ تمنع إدارة السجون دخول المنظمات الدولية والمحامين وأقرباء المعتقلين، ليكون مصدر الشهادة الوحيد، المعتقلين الذين أُفرج عنهم. ناهيك بتفعيل ما يسمى “قانون المقاتل غير الشرعي”، الذي يتيح إصدار أمر باحتجاز “المقاتل غير شرعي” لمدة 45 يوماً بدلاً من 7 أيام، وأن تتم المراجعة القضائية خلال 75 يوماً بدلاً من 14 يوماً، ومنع المعتقلين من لقاء محاميهم لمدة 180 يوماً. 

الشهادة التالية تمسّ الكاتب والناشط الحقوقي مصطفى ابراهيم شخصياً، كونها عن أبو محمد، صديق طفولته في المدرسة. كُتبت كلها بضمير المتكلم، وتم تحريرها وإعادة ترتيب الضمائر للضرورة الصحافية، كل ما ورد فيها من وصف وتفسيرات وإحالات وأحداث يعود إما الى مصطفى ابراهيم أو أبو محمد.

حُرم المعتقلون من الاتصال الخارجي، ولم يعرف ذووهم أماكن احتجازهم، ومُنع التواصل مع المؤسسات الحقوقية الإسرائيلية والفلسطينية، وكذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

خلال الفترة الماضية، التقيت عدداً من المعتقلين الذين أفرج عنهم من معبر كرم أبو سالم. ومن خلال مشاهدتي، كانت  تظهر  عليهم حالات الإعياء والتعب والإرهاق والمرض، ناهيك بآثار الضرب الواضحة على أجسادهم، واحد منهم كان أبو محمد، الذي أُفرج عنه في اليوم الخامس للهدنة 28/11/2023.

 أبو محمد، رجل ستيني، (يعاني من إعاقة في النطق والسمع منذ الصغر)، وجاري في النزوح في رفح وزميلي في المدرسة الابتدائيّة. اعتُقل أبو محمد لمدة أسبوعين، أثناء عمله في البناء، من الشرطة الإسرائيليّة في مدينة رهط.

منذ وصول خبر اعتقاله، اتّصل ابنه الكبير الذي علم باعتقاله من أحد العمال الذين أفرج عنهم، وطلب مني المساعدة لمعرفة مكان وظروف اعتقاله، وقد فشلت جميع المحاولات للحصول على أي معلومات حول اعتقاله.

 أخبرني أبو محمد بعد إطلاق سراحه، أنه نُقل من مدينة رهط إلى معسكر للجيش الإسرائيلي في مدينة القدس، كان معه المئات من المعتقلين، غالبيتهم من العمال الذين لم يتمكنوا من العودة إلى غزة.

قال لي أبو محمد إنه بمجرد وصوله إلى مبنى السجن وهو معصوب العينين ومقيد اليدين والقدمين، وُضع في إحدى الغرف. استُدعي لاحقاً الى التحقيق في ساعات الصباح وهو مقيدٌ ومعصوب العينين.

نُقل أبو محمد بعد انتهاء التحقيق إلى ساحة خارجية، ليعاني من البرد لساعات، وهو ما زال مقيداً ومعصوب العينين. تكررت جلسات التحقيق ثلاث مرات، وتمت بالطريقة نفسها. لكن بسبب سنّه، لم يتعرض للضرب.

أخبرني أبو محمد عن ظروف الاعتقال قائلاً، إن التجربة كانت قاسية، إذ لم يتوقف الجنود عن ضرب المعتقلين. وتعرض بعضهم، بخاصة الشباب، لتعذيب، واختبروا معاملة عنيفة ولا إنسانية.

يضيف أبو محمد أن “الغرف” كانت مُكتظّة بالمعتقلين الذين ناموا مُلتصقين ببعضهم البعض، وخُصصت لكل معتقل بطانية واحدة، ولم يوفروا  لهم ملابس. كما حصل كل معتقل على أربعة سجائر، وثلاث وجبات طعام، لكن الكميّة لم تكن كافية.

حُرم المعتقلون من الاتصال الخارجي، ولم يعرف ذووهم أماكن احتجازهم، ومُنع التواصل مع المؤسسات الحقوقية الإسرائيلية والفلسطينية، وكذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

فجر اليوم الخامس للهدنة، علم المعتقلون أنه سيتم الإفراج عنهم، فعُصبت أعينهم وقُيِّدت أيديهم الى الخلف، كما قُيدت أرجل كل اثنين مع بعضهما البعض. 

ثلاث ساعات كان طول الرحلة من القدس  إلى معبر كرم أبو سالم التجاري جنوب شرقي رفح، بالقرب من معبر رفح، وفي الباص لم يتوقف الجنود عن الاعتداء بالضرب والسب والشتم على المعتقلين.

أبو محمد الآن لا يستطيع العمل، ولا العودة إلى منزله، هو زميلي في النزوح في رفح، وانتظار انتهاء الحرب.