fbpx

لبنان إذ ينتهك “السيادة” السورية!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

اللاجىء السوري محاصر بالمثلث المذهبي اللبناني القاتل، فضلعه الشيعي (حزب الله) يقاتل في سوريا، وضلعه السني (نجيب ميقاتي) يلهث وراء هبات تعوض السرقات، وضلعه المسيحي غارق بأوهام الوجود، واستعاض عن “السيادة” المنتهكة بالسلاح، بمخاوف التوطين! 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 بغض النظر عن رأي المرء بـ”الائتلاف الوطني السوري” المعارض، فقد نطق رئيس هذا الائتلاف هادي البحرة بعد صمت مديد، متناولاً ما أصاب اللاجئين السوريين في لبنان من ضيم وتمييز وكراهية لامست العنصرية، فطالب الدولة اللبنانية بأن تسحب قواتها من سوريا تمهيداً لعودة اللاجئين. 

ما قاله البحرة لا ينطوي على مبالغة وتهويل، ذاك أن قوات لبنانية الهوية- وهي شبه نظامية، وتشير إليها البيانات الوزارية بوصفها أداة “دفاع عن لبنان”، وممثلة في الحكومة اللبنانية عبر وزراء حزب الله- تقاتل في سوريا، وتنتشر على طول الخريطة السورية وعرضها، وهي جزء من الحرب الأهلية في ذلك البلد، ومسؤولة إلى جانب قوات النظام السوري عن تهجير ملايين السوريين من بلادهم.

هذه الحقيقة الجليّة يُشاح النظر عنها خلال تناول السلطة اللبنانية بأحزابها وطوائفها وإعلامها، قضية اللاجئين السوريين في لبنان. فاللاجئ السوري في الخطاب اللبنانوي المستجد جاء لينقض على “الثروة” في بلادنا. الثروة التي سرقها من يتولى اليوم خطاب الكراهية بحق اللاجئين السوريين.

جريمة فرد لا تعني تورط “الجميع”

الجريمة التي يرتكبها سوري في لبنان هي “جريمة وطنية”. لا بأس! لكن ماذا عن قتال آلاف اللبنانيين في سوريا؟ أليس ما يرتكبونه هناك انتهاكاً للسيادة؟ أليس الغطاء السياسي اللبناني الواسع لمشاركة حزب الله في الحرب السورية جزءاً من قصة اللجوء؟ خطاب الكراهية إذ يشيح بأنظاره عن هذه الحقيقة، يخصب الكراهية بشحنات خبث، لطالما حفلت بها خطب أقوياء حيال ضعفاء. وأي أقوياء؟! إنهم لبنانيون ممن لم يستشرهم الحزب عندما توجّه لـ”حماية الأضرحة” في سوريا، واليوم أيضاً لم يستشرهم عندما قرر فتح الجبهة الجنوبية مع إسرائيل.

الجريمة التي ارتكبها مواطن سوري أخيراً في منطقة الروشة بقتله شابة، فظيعة وبشعة، ومعاقبة مرتكبها واجب ملحّ وضروري. لكن سرعة توظيفها في خطاب الكراهية فظيع أيضاً. 

الجريمة التي يرتكبها سوري في لبنان هي “جريمة وطنية”. لا بأس! لكن ماذا عن قتال آلاف اللبنانيين في سوريا؟

والأفظع، هو تمترس وسائل إعلام وأحزاب وهيئات لم يسبق أن أبدت حساسية حيال الضحية، واستيقاظها على هول جريمة لتوظفيها في غير سياقها الجنائي.

نعم هبة المليار يورو التي قدمها الاتحاد الأوروبي أخيراً للدولة اللبنانية تعكس مستوى نذالة المنظومة اللبنانية الحاكمة، لكن النذالة لا تتمثل بما سيعقب الهبة من تخفيض لمنسوب خطاب الكراهية الرسمي حيال اللاجئ السوري، إنما في كشف وظيفة هذا الخطاب، بوصفه وسيلة لابتزاز العالم، وتحصيل الهبات بعدما سُرقت خزائن الدولة والمصارف، وحُوِّلت إلى الخارج. 

خطاب العداء يطاول الدور الأوروبي

اللافت، أن خطاب العداء للاجئين يشمل هذه المرة استهدافاً للدور الأوروبي، فبتنا نسمع خطباً للبطريرك الماروني بشارة الراعي يدعو فيها الى “عدم الانجرار وراء النوايا الأوروبية بتوطين اللاجئين السوريين”. 

وهنا تحضر أسئلة عن حال المسيحيين في لبنان بعدما فقدوا بوصلة العلاقة مع الغرب ومع قيمه ومصالحه. هذا الصدام هو أحد مؤشرات تصدّع موقع المسيحيين في لبنان، وهو صورة الاختلال الكبير في قيادتهم.      

كل من يعيش في لبنان ضعيف، وحقوقه منتهكة وإنسانيته مداسة، باستثناء نخبة الفساد وأحزابها وميليشياتها المسلّحة! لكن أكثرنا ضعفاً وعرضة للانتهاك، هو اللاجئ السوري الذي قذفه سوء طالعه – وبعض هذا الطالع السيئ صناعة لبنانية- إلى لبنان. يعمل في أصعب المهن، ويقيم في أكثر الأماكن هشاشة ورثاثة، وهو عرضة لنزق عنصري، وينتظره في بلده نظام إبادي. 

الانحياز الى هذا اللاجئ شأن أخلاقي، لا بل هو ما تبقى لنا من فرص قليلة لاختبار إنسانيتنا ومشاعرنا حيال ضعفاء هذا العالم. ألسنا اليوم في سياق الانحياز إلى قضية الضعيف الفلسطيني في غزة؟ لكن ماذا عن الضعيف السوري؟ 

الخلاصة أن اللاجىء السوري محاصر بالمثلث المذهبي اللبناني القاتل، فضلعه الشيعي (حزب الله) يقاتل في سوريا، وضلعه السني (نجيب ميقاتي) يلهث وراء هبات تعوض السرقات، وضلعه المسيحي غارق بأوهام الوجود، واستعاض عن “السيادة” المنتهكة بالسلاح، بمخاوف التوطين!