fbpx

شركات مقاولة تعبث في جبانة يهود صيدا

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

خلال زيارة أشخاص من الطائفة اليهودية اللبنانية لأضرحة أجدادهم في مقبرة اليهود في صيدا هذا العام، اكتشفوا كمية هائلة من النفايات مرمية بين الأضرحة.. كيف حصل ذلك..

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“أقفلوا ثلاث جهات من المقبرة أثناء عملية توسيع الطريق العام قبالتها”، بهذه الكلمات بدأ محامي الطائفة اليهودية في لبنان باسم الحوت كلامه لموقع “درج”. فخلال زيارة أشخاص من الطائفة لأضرحة  أجدادهم في مقبرة اليهود في صيدا جنوب لبنان هذا العام، اكتشفوا كمية هائلة من النفايات مرمية بين الأضرحة، ولاحظوا تضرر سور المقبرة بشكل كبير نتيجة أعمال حفرٍ قامت بها جرافات.

لكن ذلك كله أحاطه التعتيم، ولم يتلق “درج” أي جواب من الجهات المسؤولة في صيدا لتوضيح كيف حصل ذلك، ومن هي الشركة التي قامت بالحفر. هذا الأمر يتابعه باسم الحوت أيضاً استعداداً لرفع دعوى قضائية ضد الجهة التي تسببت بتخريب المقبرة.

اكتفى المحامي الحوت بشكوى قضائية، بعد فشله في محاولة كتابة محضر لدى مخفر صيدا. ويقول: “قصة القبور والأموات مقدسة ولا يجوز العبث بها، فبعد جهدٍ بذله أفراد من الطائفة اليهودية لترميم مقبرة أجدادهم وتحديث أبوابها، قام مجهولون بتكسير البوابة الرئيسية، وهنالك استخفاف واضح بالأمر”.

هذا ليس الاعتداء الأول الذي تتعرّض له مقبرة اليهود من قبل مجهولين، ويكشف الحوت أنه تقدم سابقاً بشكويين نتيجة اعتداءات على قبور في جبانة اليهود في صيدا.

“درج” اتصل برئيس بلدية صيدا محمد السعودي لاستيضاحه عما حصل، إلا أنه نفى أن تكون المقبرة قد تعرضت لأي ضرر، وأكد أنه “حريص على تسهيل مطالب أبناء الطائفة اليهودية الذين كانوا وسيبقون مكرمين في مدينتهم.”

ويرجح شخص يملك أرشيفاً عن يهود لبنان رفض الكشف عن اسمه، ان تكون المقبرة قد بنيت على الأملاك البحرية العامة، والتي يمنع القانون اللبناني خصخصتها لأي جهة كانت.

بعد الحديث مع السعودي، توجه “درج” إلى المقبرة لتفقدها.

على مدى سنوات، قام مجهولون بتحطيم المعالم اليهودية بأكثر من وسيلة، فعلى ألواح القبور، طلقات نارية وشعارات سياسية.

وأيضاً في بعض الأحيان، يرعى أصحاب المواشي خرافهم على أعشاب المقبرة، وذلك بحسب صور موثقة سربها أحد أبناء صيدا لـ “درج”، فتتحول المقبرة إلى مرعى أحياناً. أضف إلى ذلك ما تلقاه من نفايات سكان المباني المجاورة، فتتحوّل في أحايين أخرى إلى صندوق قمامة.

على مدى سنوات، قام مجهولون بتحطيم المعالم اليهودية بأكثر من وسيلة، فعلى ألواح القبور، طلقات نارية وشعارات سياسية.

حارة اليهود

دخلنا حارة اليهود في صيدا. بضعة معالم تشير إلى أن ابناء القلنصوة سكنوا المدينة. لا حاخامات يتجولون في الشوارع، ولا لغة عبرية يتداولها المتحدثون. لكن الحارة تبقى بين حين وآخر مزاراً لحاخامات مناهضين لإسرائيل ومؤيدين للقضية الفلسطينية.  

نجمة داوود ما زالت موجودة في أماكن كثيرة بحارة اليهود في صيدا. يمكن رصدها على جدران المنازل التي سكنها أبناء الطائفة قبل أن يرحلوا نهائياً في موجات هجرة جماعية متلاحقة، ويمكن رصد أحرف عبرانية متناثرة على الالواح القديمة المتأكلة.

مع الوقت، تحول الحي إلى حيّ فلسطيني. أصبح مكاناً يقطنه لاجئون فلسطينيون وأسر لبنانية قليلة. آخر تغيير طرأ على الحي عام 2018 تمثل بانتزاع لوحة مكتوب عليها “حي اليهود” واستبدالها بأخرى كتب عليها  “حي القدس”. حصل ذلك في أعقاب قرار الرئيس الأميركي الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل.

في الحي يوجد كنيس تقطنه عائلة سورية من ثمانية أفراد، من حماة، سكنت الكنيس عام 1991. حال الكنيس كحال غالبية العقارات التابعة لأبناء الطائفة اليهودية، التي كانت ضحية أساليب “وضع اليد” والاحتلال، ما دفع عدد من الأسر اليهودية الصيداوية المستقرة منذ عقود في أوروبا والولايات المتحدة الاميركية إلى توكيل محامين لبنانيين لمتابعة ملفات عقاراتهم وتحصيل مستحقاتهم المالية من الإيجارات.

الكثير من المباني تشير إلى أن اليهود من الجماعات القديمة التي سكنت صيدا، فعلى ساحل المدينة قبر زبولون ويُعتقد أنه معلم يهودي. لكن ثمة من يقول أيضاً إن زبلون هو جزء من التراث الإسلامي في المدينة. وضع القبر كما كل الآثار اليهودية في المنطقة، رديء جداً، وهذا ما يُضعف حجة من يعتقدون أنه جزء من التراث الإسلامي، فلو صح ذلك، لما أُهمل القبر بهذا الشكل.

ولن يعودوا

من الصعب توقع عودة اليهود اللبنانيين إلى بلادهم، لأسباب سياسية على رأسها الصراع مع إسرائيل، والتي كانت سبباً اساسياً لهجرتهم. عبارة “هم لبنانيون، ويجب عدم مقارنتهم مع الصهاينة”، ترد كثيراً على ألسنة أبناء الطوائف اللبنانية الأخرى، ولكنها لا تعد عبارة كافية لإرجاعهم إلى أرضهم.

عام 1948 بدأت هجرتهم من صيدا. موجة الهجرة الثانية كانت عام 1978 إبان الاجتياح الإسرائيلي الأول للبنان. موجة الهجرة الثالثة كانت عام 1982 إبان الاجتياح الإسرائيلي الثاني الذي ركز على مدينة صيدا التي كانت حينها مركز انطلاق العمليات الفلسطينية ومركزاً لإقامة أبرز قيادات حركة فتح ومنظمات فلسطينية ولبنانية أخرى، وفي هذا العام غادرت عائلة ليفي التي كانت آخر عائلة يهودية، وكانت أميركا وأروبا وقبرص وجهتهم للهجرة، كما توجه بعضهم إلى إسرائيل للإقامة الدائمة.