fbpx

تهمة “تمجيد الإرهاب” تلاحق أنصار الفلسطينيين في فرنسا

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

صحيح أن تهمة “تمجيد الإرهاب” موجودة في الترسانة القانونية الفرنسية منذ القرن التاسع عشر، لكن التداول بها وعلى نطاق واسع في الإعلام والشارع الفرنسيَّين، بدأ بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر عقب سلسلة الاستدعاءات إلى التحقيق، والتي طاولت أشخاصاً كثراً على خلفية إدلائهم بتصريحات مؤيدة للفلسطينيين، اعتُبرت إشكالية بنظر السلطات الرسمية.  

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أبرز من طاولتهم هذه التهمة، النائبة ماتيلد بانو (رئيسة كتلة فرنسا الأبية) والناشطة الفرنسية – الفلسطينية ريما حسن (المرشحة على لائحة فرنسا الأبية للانتخابات الأوروبية)، على خلفية تصريحات ومواقف أدلتا بها منذ 7 تشرين الأول. وأشعلت الاستدعاءات جدلاً سياسياً واعلامياً حول ما إذا كانت التهمة ستاراً للتضييق على المعارضين للسياسة الحكومية.

الموقع الرسمي للإدارة الفرنسية عرّف “تمجيد الإرهاب” كالتالي: “التعليق بشكل إيجابي على العمليات الإرهابية، إن من حيث المبدأ أو حيال عملية إرهابية حصلت في وقت سابق”. يضيف الموقع أن العلانية شرط لتوجيه هذه التهمة، ما يتيح ملاحقة “ممجّدي الإرهاب” على مواقع التواصل الإجتماعي. المادة 421-2-5 من القانون الجنائي الفرنسي نصت على عقوبة السجن لـ 5 سنوات وغرامة مالية قدرها 75000 يورو على من يدان بهذه التهمة. وتصل العقوبة إلى 7 سنوات و 100000 يورو إذا حصل الفعل على شبكة الإنترنت. ووفقاً للقانون الفرنسي، بإمكان أي مواطن أو جمعية التقدم بشكوى بهذا الخصوص، حتى لو لم يكونا من ضحايا العمليات الإرهابية. 

ضرورية ملاحقة “ممجدي الإرهاب”

المحامي المتخصص في القانون الجنائي وحقوق الإنسان فانسان برينغارت، وصف النص القانوني بالـ “فضفاض” الذي يفتقد تعريفاً دقيقاً لتهمة تمجيد الإرهاب. برينغارت الذي تولّى الدفاع عن ريما حسن بعد استدعائها إلى التحقيق بهذه التهمة، لم ينكر ضرورة ملاحقة كل من يمجّد الإرهاب والعنف. في المقابل، يفتح غياب تعريف واضح المجال أمام تطبيق المادة بصورة إشكالية من خلال استدعاء شخصيات عامة إلى التحقيق لمجرد إدلائهم بآرائهم. وعليه، يرى برينغارت أن دور القاضي في هذا النوع من القضايا محوري، تجنباً لتحوّل التهمة إلى أداة لقمع الآراء. 

يسرد المحامي الفرنسي لـ”درج” جوانب مما حصل مع موكّلته، التي استُدعيت إلى التحقيق في 30 نيسان/ إبريل الماضي، على خلفية إطلالة إعلامية تطرّقت خلالها الى الأحداث الحاصلة في قطاع غزة. ويوضح أن التحقيق معها اقتصر على جلسة واحدة ولم يتوسّع، كمصادرة أجهزتها الإلكترونية للتدقيق في محتواها. برأيه، ما حصل تطويع لمادة قانونية بغرض تقييد حرية التفكير والتعبير، فلو كانت هناك معطيات ملموسة تبرر استدعاءها، لتوجّب التوسع في التحقيقات لإثبات تهمة تمجيد الإرهاب. إنه تطويع سياسي يضرّ بمصداقية التهمة وفقاً لبرينغارت. 

مسار التحقيق مع ريما حسن ليس استثناءً، إذ إن موقع ميديا بارت الاستقصائي تناول ما حصل مع النقابي الطلابي طيب خويرة، الذي استُدعي إلى التحقيق في 18 كانون الثاني/ يناير بعد ظهوره في مقطع مصوّر للمطالبة بوقف “الإبادة في غزة” وانتقاد انحياز الرئيس إيمانويل ماكرون الى الجانب الإسرائيلي. 

خويرة أمضى ساعتين في مركز شرطة Blanc-Mesnil، والمستغرب هو عدم تحرير أي محضر بجلسة التحقيق ومن قبلها عدم توجيه استدعاء رسمي له، حتى أن الأمر كان أشبه بتحقيق مخابراتي غايته جمع معلومات شخصية وليس مواجهته بقرائن حول تمجيده الإرهاب. 

حالة أخرى تطرّق إليها ميديا بارت، وهي التحقيق مع 6 طلاب من مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية (EHESS)، على خلفية نشرهم بياناً في 8 تشرين الأول، عبّروا فيه عن دعمهم “نضال الشعب الفلسطيني بكل أشكاله، بما فيها العمل المسلّح”. الطلاب الستة لاحظوا أن ما طُرح عليهم من أسئلة كان بهدف الاطلاع على معتقداتهم الدينية والسياسية فقط.

في رأي برينغارت، قد تكون الغاية من تلك الاستدعاءات هي “التخويف” لا سيما مع استدعاء شخصيات عامة، ما يردع المواطنين عن التعبير عن آرائهم لافتقادهم الحصانة الإعلامية. وفقاً له، رُصدت 386 شكوى بين تشرين الأول وكانون الأول 2023، وجميعها تخصّ الصراع بين إسرائيل وحركة حماس. 

يتابع المحامي الفرنسي حديثه إلى “درج” معتبراً أن ما سمح بتفشّي هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة، هو الموقف الدبلوماسي الفرنسي الملتبس بعد 7 تشرين الأول. فانحياز باريس الى الجانب الإسرائيلي في عدد من المحطات، وعدم انضمامها إلى الدعوى التي تقدّمت بها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، شكلا حافزاً لأنصار إسرائيل داخل فرنسا لملاحقة الآراء المعارضة للسياسة الإسرائيلية. ولولا هذا المناخ السياسي لما كان بالإمكان الذهاب بعيداً، أي التعامل بخفة مع هذه التهمة وتوجيهها بعشوائية بحسب برينغارت. فمن غير المقبول، برأيه، تجريم دعم الفلسطينيين من جهة والجمود الحكومي حيال مأساة الفلسطينيين من جهة أخرى.  

تلكّؤ في البت بالملفات

مسألة أخرى تمسّك برينغارت بتسليط الضوء عليها، وهي عدم البت بملفات عدة بعد مرور أشهر على التحقيق مع أصحابها. وهذا التلكؤ في البت بالملفات يفسره برينغارت بأمرين، الأول تخبّط الجهات الرسمية، ما يشير إلى غياب المهنية في دراسة الملفات قبل مرحلة الاستدعاء، والثاني الإمعان في التخويف من خلال عدم إصدار قرار واضح. 

التلكؤ الذي تناوله برينغارت يمكن ربطه بالتحوّل الذي شهدته هذه التهمة، ففي عام 1881 أُدرجت هذه التهمة ضمن قانون الصحافة. لكن مع تبني قانون “تعزيز مكافحة الإرهاب” في 13 تشرين الثاني 2014، أُدرج “تمجيد الإرهاب” في القانون الجنائي بغرض تسريع الإجراءات القضائية للبت في الملفات ومحاكمة المتهمين. وعليه، فإن التلكؤ الذي تناوله برينغارت في حديثه إلى “درج” يتناقض مع فلسفة التهمة بصيغتها الحالية. 

ما تطرحه هذه التهمة من إشكالية حقوقية، دفع جهات عدة إلى انتقادها،  قبل 7 تشرين الأول وبعده، ففي تقريرها الصادر في نيسان 2024، رأت منظمة العفو الدولية في هذه التهمة تهديداً لحرية التعبير لانتفاء التفسير الموضوعي ولارتباطه بتقدير شخصي يتفاوت من فرد إلى آخر. 

من جهتها، سجلت مفوضية حقوق الإنسان في مجلس أوروبا ملاحظات على تهمة “تمجيد الإرهاب”، وذلك في بيان يعود إلى العام 2018. وفقاً لنص البيان، عادة ما يأتي إدراج هذه المادة في النصوص القانونية في إطار ردة الفعل على تعرّض البلد لاعتداء إرهابي، إذ يتمّ تبنّي نص يتطرق الى مكافحة الإرهاب، إنما بصورة مستعجلة من دون نقاش مستفيض حول عواقبه المحتملة على حقوق الإنسان. 

ففي ظل مناخ أمني كهذا، تفرض السلطة إجراءات “قمعية مشددة” لغايات سياسية وشعبوية. برأي مجلس أوروبا، القارة العجوز ليست حديثة العهد في التصدّي لاعتداءات إرهابية، ما يشير إلى عدم استخلاصها الدروس من الماضي حتى باتت مكافحة الإرهاب إحدى أدوات تقييد الحريات في أوروبا. 

على الرغم مما يثيره “تمجيد الإرهاب” من إشكاليات، لا يبدي برينغارت حماسة لتعديل المادة بغرض وضع إطار واضح المعالم لتعريف التهمة. فالنص الفضفاض له مردود إيجابي على اعتبار أن أساليب الإرهاب في تحوّل وتطوّر دائمين، وفقاً للمحامي الفرنسي.

يضيف برينغارت أنه يصعب على الترسانة القانونية مواكبة تطوّر الإرهاب بالوتيرة ذاتها. بالتالي، قد يؤدي التعديل المنشود إلى عرقلة عمل السلطات الرسمية، فيما يمنح النص الفضفاض ليونة في ملاحقة “ممجّدي الإرهاب”. لهذا السبب، يتمسّك برينغارت بدور القضاء في البت بهذه الملفات بحيادية.

فداء زياد - كاتبة فلسطينية من غزة | 14.06.2024

عن تخمة الشعور واختبارات النجاة في غزة

ليلة اقتحام رفح، كانت حيلتي أن أستعير أقدام الطبيبة أميرة العسولي، المرأة الطبيبة التي جازفت بحياتها لتنقذ حياة مصاب، فترة حصار الجيش الإسرائيلي مستشفى ناصر في خانيونس، كي أحاول إنقاذ أخي وعائلته وأختي وأبنائها المقيمين في الجهة المقابلة لنا، لأنهم كانوا أكثر قرباً من الخطر.
16.05.2024
زمن القراءة: 5 minutes

صحيح أن تهمة “تمجيد الإرهاب” موجودة في الترسانة القانونية الفرنسية منذ القرن التاسع عشر، لكن التداول بها وعلى نطاق واسع في الإعلام والشارع الفرنسيَّين، بدأ بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر عقب سلسلة الاستدعاءات إلى التحقيق، والتي طاولت أشخاصاً كثراً على خلفية إدلائهم بتصريحات مؤيدة للفلسطينيين، اعتُبرت إشكالية بنظر السلطات الرسمية.  

أبرز من طاولتهم هذه التهمة، النائبة ماتيلد بانو (رئيسة كتلة فرنسا الأبية) والناشطة الفرنسية – الفلسطينية ريما حسن (المرشحة على لائحة فرنسا الأبية للانتخابات الأوروبية)، على خلفية تصريحات ومواقف أدلتا بها منذ 7 تشرين الأول. وأشعلت الاستدعاءات جدلاً سياسياً واعلامياً حول ما إذا كانت التهمة ستاراً للتضييق على المعارضين للسياسة الحكومية.

الموقع الرسمي للإدارة الفرنسية عرّف “تمجيد الإرهاب” كالتالي: “التعليق بشكل إيجابي على العمليات الإرهابية، إن من حيث المبدأ أو حيال عملية إرهابية حصلت في وقت سابق”. يضيف الموقع أن العلانية شرط لتوجيه هذه التهمة، ما يتيح ملاحقة “ممجّدي الإرهاب” على مواقع التواصل الإجتماعي. المادة 421-2-5 من القانون الجنائي الفرنسي نصت على عقوبة السجن لـ 5 سنوات وغرامة مالية قدرها 75000 يورو على من يدان بهذه التهمة. وتصل العقوبة إلى 7 سنوات و 100000 يورو إذا حصل الفعل على شبكة الإنترنت. ووفقاً للقانون الفرنسي، بإمكان أي مواطن أو جمعية التقدم بشكوى بهذا الخصوص، حتى لو لم يكونا من ضحايا العمليات الإرهابية. 

ضرورية ملاحقة “ممجدي الإرهاب”

المحامي المتخصص في القانون الجنائي وحقوق الإنسان فانسان برينغارت، وصف النص القانوني بالـ “فضفاض” الذي يفتقد تعريفاً دقيقاً لتهمة تمجيد الإرهاب. برينغارت الذي تولّى الدفاع عن ريما حسن بعد استدعائها إلى التحقيق بهذه التهمة، لم ينكر ضرورة ملاحقة كل من يمجّد الإرهاب والعنف. في المقابل، يفتح غياب تعريف واضح المجال أمام تطبيق المادة بصورة إشكالية من خلال استدعاء شخصيات عامة إلى التحقيق لمجرد إدلائهم بآرائهم. وعليه، يرى برينغارت أن دور القاضي في هذا النوع من القضايا محوري، تجنباً لتحوّل التهمة إلى أداة لقمع الآراء. 

يسرد المحامي الفرنسي لـ”درج” جوانب مما حصل مع موكّلته، التي استُدعيت إلى التحقيق في 30 نيسان/ إبريل الماضي، على خلفية إطلالة إعلامية تطرّقت خلالها الى الأحداث الحاصلة في قطاع غزة. ويوضح أن التحقيق معها اقتصر على جلسة واحدة ولم يتوسّع، كمصادرة أجهزتها الإلكترونية للتدقيق في محتواها. برأيه، ما حصل تطويع لمادة قانونية بغرض تقييد حرية التفكير والتعبير، فلو كانت هناك معطيات ملموسة تبرر استدعاءها، لتوجّب التوسع في التحقيقات لإثبات تهمة تمجيد الإرهاب. إنه تطويع سياسي يضرّ بمصداقية التهمة وفقاً لبرينغارت. 

مسار التحقيق مع ريما حسن ليس استثناءً، إذ إن موقع ميديا بارت الاستقصائي تناول ما حصل مع النقابي الطلابي طيب خويرة، الذي استُدعي إلى التحقيق في 18 كانون الثاني/ يناير بعد ظهوره في مقطع مصوّر للمطالبة بوقف “الإبادة في غزة” وانتقاد انحياز الرئيس إيمانويل ماكرون الى الجانب الإسرائيلي. 

خويرة أمضى ساعتين في مركز شرطة Blanc-Mesnil، والمستغرب هو عدم تحرير أي محضر بجلسة التحقيق ومن قبلها عدم توجيه استدعاء رسمي له، حتى أن الأمر كان أشبه بتحقيق مخابراتي غايته جمع معلومات شخصية وليس مواجهته بقرائن حول تمجيده الإرهاب. 

حالة أخرى تطرّق إليها ميديا بارت، وهي التحقيق مع 6 طلاب من مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية (EHESS)، على خلفية نشرهم بياناً في 8 تشرين الأول، عبّروا فيه عن دعمهم “نضال الشعب الفلسطيني بكل أشكاله، بما فيها العمل المسلّح”. الطلاب الستة لاحظوا أن ما طُرح عليهم من أسئلة كان بهدف الاطلاع على معتقداتهم الدينية والسياسية فقط.

في رأي برينغارت، قد تكون الغاية من تلك الاستدعاءات هي “التخويف” لا سيما مع استدعاء شخصيات عامة، ما يردع المواطنين عن التعبير عن آرائهم لافتقادهم الحصانة الإعلامية. وفقاً له، رُصدت 386 شكوى بين تشرين الأول وكانون الأول 2023، وجميعها تخصّ الصراع بين إسرائيل وحركة حماس. 

يتابع المحامي الفرنسي حديثه إلى “درج” معتبراً أن ما سمح بتفشّي هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة، هو الموقف الدبلوماسي الفرنسي الملتبس بعد 7 تشرين الأول. فانحياز باريس الى الجانب الإسرائيلي في عدد من المحطات، وعدم انضمامها إلى الدعوى التي تقدّمت بها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، شكلا حافزاً لأنصار إسرائيل داخل فرنسا لملاحقة الآراء المعارضة للسياسة الإسرائيلية. ولولا هذا المناخ السياسي لما كان بالإمكان الذهاب بعيداً، أي التعامل بخفة مع هذه التهمة وتوجيهها بعشوائية بحسب برينغارت. فمن غير المقبول، برأيه، تجريم دعم الفلسطينيين من جهة والجمود الحكومي حيال مأساة الفلسطينيين من جهة أخرى.  

تلكّؤ في البت بالملفات

مسألة أخرى تمسّك برينغارت بتسليط الضوء عليها، وهي عدم البت بملفات عدة بعد مرور أشهر على التحقيق مع أصحابها. وهذا التلكؤ في البت بالملفات يفسره برينغارت بأمرين، الأول تخبّط الجهات الرسمية، ما يشير إلى غياب المهنية في دراسة الملفات قبل مرحلة الاستدعاء، والثاني الإمعان في التخويف من خلال عدم إصدار قرار واضح. 

التلكؤ الذي تناوله برينغارت يمكن ربطه بالتحوّل الذي شهدته هذه التهمة، ففي عام 1881 أُدرجت هذه التهمة ضمن قانون الصحافة. لكن مع تبني قانون “تعزيز مكافحة الإرهاب” في 13 تشرين الثاني 2014، أُدرج “تمجيد الإرهاب” في القانون الجنائي بغرض تسريع الإجراءات القضائية للبت في الملفات ومحاكمة المتهمين. وعليه، فإن التلكؤ الذي تناوله برينغارت في حديثه إلى “درج” يتناقض مع فلسفة التهمة بصيغتها الحالية. 

ما تطرحه هذه التهمة من إشكالية حقوقية، دفع جهات عدة إلى انتقادها،  قبل 7 تشرين الأول وبعده، ففي تقريرها الصادر في نيسان 2024، رأت منظمة العفو الدولية في هذه التهمة تهديداً لحرية التعبير لانتفاء التفسير الموضوعي ولارتباطه بتقدير شخصي يتفاوت من فرد إلى آخر. 

من جهتها، سجلت مفوضية حقوق الإنسان في مجلس أوروبا ملاحظات على تهمة “تمجيد الإرهاب”، وذلك في بيان يعود إلى العام 2018. وفقاً لنص البيان، عادة ما يأتي إدراج هذه المادة في النصوص القانونية في إطار ردة الفعل على تعرّض البلد لاعتداء إرهابي، إذ يتمّ تبنّي نص يتطرق الى مكافحة الإرهاب، إنما بصورة مستعجلة من دون نقاش مستفيض حول عواقبه المحتملة على حقوق الإنسان. 

ففي ظل مناخ أمني كهذا، تفرض السلطة إجراءات “قمعية مشددة” لغايات سياسية وشعبوية. برأي مجلس أوروبا، القارة العجوز ليست حديثة العهد في التصدّي لاعتداءات إرهابية، ما يشير إلى عدم استخلاصها الدروس من الماضي حتى باتت مكافحة الإرهاب إحدى أدوات تقييد الحريات في أوروبا. 

على الرغم مما يثيره “تمجيد الإرهاب” من إشكاليات، لا يبدي برينغارت حماسة لتعديل المادة بغرض وضع إطار واضح المعالم لتعريف التهمة. فالنص الفضفاض له مردود إيجابي على اعتبار أن أساليب الإرهاب في تحوّل وتطوّر دائمين، وفقاً للمحامي الفرنسي.

يضيف برينغارت أنه يصعب على الترسانة القانونية مواكبة تطوّر الإرهاب بالوتيرة ذاتها. بالتالي، قد يؤدي التعديل المنشود إلى عرقلة عمل السلطات الرسمية، فيما يمنح النص الفضفاض ليونة في ملاحقة “ممجّدي الإرهاب”. لهذا السبب، يتمسّك برينغارت بدور القضاء في البت بهذه الملفات بحيادية.

16.05.2024
زمن القراءة: 5 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية