fbpx

سيبقى لرياض سلامة نفوذه في عالم الفساد اللبناني…

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لن يكون اليوم الأخير لرياض سلامة. سنواصل كشف المزيد من الفضائح، وهذه إذا لم يتلقفها القضاء اللبناني، فثمة قضاة في الخارج باشروا البحث والتحقيق، وسلامة اليوم محاصر في لبنان، البلد الذي صار بلد الفارين من العدالة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

إنه اليوم الأخير لرياض سلامة في مصرف لبنان! لكن ما ارتكبه الرجل سيرافقنا لأجيال وأجيال. ذاك أن منظومة الفساد وعلى رأسها “حزب الله” أناطت بهذا الرجل السطو على مدخرات ثلاثة أجيال من اللبنانيين، وها هي اليوم تؤمن له خروجاً هادئاً من المصرف إلى نعيم الثروة التي حققها.

نعم ليس نجيب ميقاتي ونبيه بري وحدهما من توليا حماية سلامة. فكلنا يعرف أن أحداً في لبنان لا يستطيع حماية أحد من دون “حزب الله”. والأمر نفسه ينسحب على التيار العوني الذي قرر في السنوات الأخيرة خوض حرب على الحاكم الذي كان جدد له لولاية من ست سنوات في بداية عهد ميشال عون.

لا أحد بريء من هذه الجريمة. فمن أتى لنا برياض سلامة من سوق الأسهم والمضاربات، إلى الحاكمية، هو الراحل رفيق الحريري وراح يمدد له ولاية بعد ولاية، إلى أن تولى نجله سعد من بعده التمديد للحاكم. والمهمة في عهد الأب اقتضت وجود حاكم مطيع للمصرف، وفي عهد الابن اقتضت وجود مرابٍ مقرضٍ لمن يبدد ثروة والده.

وحين دقت الساعة وأعلن العالم وقف تمويل هذه الدولة التي يحكمها قطبا السلاح والفساد، واكتشف المانحون أنهم يمولون مافيا من جهة وحزباً مسلحاً من جهة أخرى، أخرج رياض سلامة “أرنبه” المتمثل بالهندسات المالية، وهي تتمثل بتقديم إغراءات للمصارف عبر فوائد مغرية لم يسبق أن شهدها أي نظام مصرفي في العالم، على أن تتولى المصارف ضخ ودائع الناس إلى خزينة دولة المافيا والسلاح. 

عاشت المنظومة منذ عام 2016 إلى اليوم من ودائع الناس. أكثر من مئة مليار دولار تم ضخها بهدف تعويم المنظومة، وتقاضى الحاكم وشقيقه رجا ومساعدته ماريان الحويك العمولات الهائلة، عبر شركة فوريه التي احتكرت تسويق سندات الخزينة.

لا ليس اليوم الأخير لسلامة في الحاكمية. الإفلاس سيرافقنا وسيرافق أولادنا وربما الأحفاد. ليس نحن فحسب، بل معنا آلاف من المودعين السوريين والعراقيين والعرب. لكن الفظيع في قصة النهب المعلن هذه هو انضمام جزء كبير من الإعلام في لبنان ومنذ اليوم الأول للمنهبة، إلى قافلة مسهلي مهمة رياض سلامة، ولعل الأيام الثلاثة الفائتة، مثلت ذروة فضيحة الإعلام اللبناني. المحطات التلفزيونية الثلاث الرئيسية، LBC وMTV وNTV خصصت فقرات في نشرات أخبارها عن إنجازات رياض سلامة! الرجل الذي تلاحقه ست دول أوروبية بتهم الفساد وتبييض الأموال، والذي على يده تم السطو على مدخرات ثلاثة أجيال. لم يخجل أصحاب المحطات التلفزيونية هذه من فتح شاشاتهم للدفاع عن مرتكب لا يمكن أن تخطئه عين. 

إنه يوم عار الإعلام مثلما هو عار الفساد والسلاح. إنه المثلث الذي تولى تحصين رياض سلامة. الفساد والسلاح والإعلام. ودور الأخير لا يقل خطورة عن قرينيه، ذاك أن الهندسات المالية في سيرها نحو قضم مدخرات الناس احتاجت صمتاً إعلامياً، لا بل احتجات من يصفها بأنها “قصة نجاح الحاكم” وتتويج للجوائز التي رافقت مسيرته طوال 30 عاماً.

لم يعد سراً أن رياض سلامة هو نقطة تقاطع كل أركان المنظومة. إنه هدية رفيق الحريري لنا، وهو مسهل فساد الجميع، وهو مساعد حزب الله في الالتفاف على العقوبات، وهو ممول بنك سيدروس القريب من العونيين، وهو ممول وسائل الإعلام عبر القروض المسهلة والمعفاة من الفوائد، لكنه أيضاً ممولها عبر الإعلانات وعبر الرشاوى لصحافيين فيها.

سيبقى لسلامة نفوذه في عالم الفساد اللبناني، ذاك أن 30 عاماً في المنصب، وهي فترة لم تتح لأي حاكم مصرف مركزي في العالم، سمحت له بمراكمة الأسرار التي لن تأفل وظائفها. اجتثاث سلامة يقتضي اجتثاث زمن ومنظومة وثروات تقبع في خزائن الفاسدين من أهل النظام. ستبقى لسلامة دالة على تلك الثروات، وعلى أصحاب المصارف، ولا سبيل للضحايا إلا أن ينضم كل شركائه إلى اللائحة الاتهامية التي تعدها القاضية الفرنسية.

لن يكون اليوم الأخير لرياض سلامة. سنواصل كشف المزيد من الفضائح، وهذه إذا لم يتلقفها القضاء اللبناني، فثمة قضاة في الخارج باشروا البحث والتحقيق، وسلامة اليوم محاصر في لبنان، البلد الذي صار بلد الفارين من العدالة.