fbpx

الـMTV هدف جديد لـ”الطائفة المحبطة” و”الطائفة المنتصرة”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“الحرب على المثلية” هي إحدى قنوات الاستعاضة عن الفشل بالتخلف، والسعي لإشاحة النظر عن الفساد بقضية تخاطب غرائز لطالما تغذت منها الطوائف وأحزابها

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

الفيديو الذي نشرته محطة MTV والذي يدعو لإلغاء المادة 534 من القانون اللبناني التي تجرم المثلية، ينطوي على شجاعة تستحق معها رفع القبعة، حتى ممن لا يروق لهم موقع المحطة في ميادين أخرى! والحال أن هذا الفيديو هو امتداد لمعطى ثقافي سبق أن اختبرناه قبل نحو أسبوعين حين ارتكبت جماعة “جنود الرب” المسيحية حماقتها في مطعم “أوم” في منطقة مار مخايل، فهاجمه أفراد منها بحجة أنه مكان صديق للمثليين، وكان أن تصدرت البيئة الاجتماعية لمنطقة الأشرفية طليعة المتصدين لـ”جنود الرب”، في وقت حاولت فيه هذه الجماعة الغريبة العجيبة، الإيحاء بأن فعلتها صادرة عن هذه البيئة وممثلة لها. فالأشرفية شهدت تذمراً وذهولاً من هذه الفعلة، شمل ناسها ونوابها وحتى تجارها الذين وُجد من بينهم من وضع علم قوس قزح على زجاج متجره رداً على فعلة “جنود الرب”.

الـMTV تتعرض اليوم لحملة من قبل جمهوري “الطائفة المحبطة” سياسياً، أي السنية، و”الطائفة المنتصرة” عسكرياً أي الشيعية، والمزدوجات هنا نحاول عبرها تفادي التنميط، في سياق الاستعانة بما هو شائع على وسائل التواصل الاجتماعي. والجيوش الالكترونية التي تتولى الحملات، لم يسبق أن التقت على غير المضامين الرجعية التي يزودها بها “حزب الله” من جهة، ودار الفتوى من جهة أخرى. علماً أنه سبق لهذين الموقعين أن زودا هذه الجيوش بعناصر فتنة بينهما، كان من الممكن أن يسيل بموازاتها أنهار من الدماء بين جمهوري الجماعتين. وما التقائهما اليوم على الدعوة لـ”مقاطعة” الـMTV سوى لحظة عابرة ستعود بعدها العداوة إلى عهدها، ضاربة جذوراً تمتد لأكثر من 1400 عام. فبالنتيجة “الطائفة المحبطة”، محبطة، لأن “الطائفة المنتصرة” منتصرة، ولن تغير من هذه الحقيقة المساعي لتوظيف الإحباط في غير سياقه، ولا البحث عن حقل جديد لتصريف مأزق الانتصار.

لكن مرة أخرى علينا أن نسجل للمسيحيين في لبنان، بغض النظر عن القوى السياسية التي تمثلهم، أنهم أكثر رحابة في استيعاب شروط التقدم وفي هضم المتغيرات التي تعصف بالعالم. والمرء اذ ترتجف يده قبل أن يسجل لجماعة مذهبية، أو لمحطة تلفزيونية لا يتفق معها، اعترافاً بتقدمها، يعود لحقيقة مفادها أن النزاهة تقضي بأن يفعل ما لم يألف فعله.

جردة سريعة بما شهدناه خلال الأسابيع الفائتة من سجالات شهدت تلويحاً بإقامة الحد على المثليين، تكشف مساحة “ثقافية” يجب التأمل بها. 

أن يتصدر التصدي لاقتراح إلغاء العقوبة على المثلية الجنسية خطاب رئيس مجلس النواب نبيه بري في ذكرى إخفاء الإمام موسى الصدر، فهذا أحد المؤشرات، لكن الأخطر على هذا الصعيد هو حسم أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله النقاش بأن عقوبة “الشذوذ” هي القتل، مع ما ينطوي عليه هذا القول من تحريض. أما دار الفتوى وامتداداتها المشيخية، فهذا دأبها منذ زمن، وهي لن تسمح لـ”الطائفة المنتصرة” بأن تسبقها في الدعوة لمعاقبة المثلية.

يجري ذلك في ظل دولة فاشلة على كل الصعد، وطبقة سياسية فاسدة على نحو موثق، وملاحقة بمعظمها من قبل العدالة الدولية، و”الحرب على المثلية” هي إحدى قنوات الاستعاضة عن الفشل بالتخلف، والسعي لإشاحة النظر عن الفساد بقضية تخاطب غرائز لطالما تغذت منها الطوائف وأحزابها. فنصرالله، حارس نظام الفساد اللبناني، استنفد خطاب “النصر” في ظل ترسيم الحدود والهدنة المديدة مع إسرائيل، ونبيه بري بماذا سيخاطب الجمهور الجائع وهو ركن في منظومة تعطيل الإصلاحات ومعيق أساسي للمحاسبة بدءاً من سطو المصارف على ودائع اللبنانيين، ومروراً بانفجار المرفأ ووصولاً لتعطيل جلسات انتخاب رئيس للجمهورية؟ 

أما “الطائفة المحبطة”، فحالها في ظل الانسداد الذي تكابده أسوأ، ومحولات صد التهميش الذي تعانيه في القضايا الكبرى، عبر معارك تارة مع الكوميدي نور حجار وتارة أخرى مع الـMTV، يكشف عن عجز سياسي يجري تصريفه في أماكن بالغة الضيق، وهي تنتفض لـ”نفسها” في غير المساحة التي جرى خنقها فيها.

يبدو أننا ننتقل من حال الإفلاس والفشل إلى حال الردة وإلى زمن الردة، الزمن الذي تلبس فيه الجماعات أقنعة التخلف، مدفوعة من القوى التي تسببت بالكارثة. 

وفي هذا الوقت تمضي عائلات أمراء الطوائف ومشايخها الصيف في فاريا وغيرها من المنتجعات، وبعضها “شرعي”، غير آبهين بالحروب التي يزجون بها فقراء طوائفهم.