fbpx

عن القتل المتعمّد لعصام عبدالله

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا كلام يحضر حين يحضر عصام إلى مخيلتك، فهو لا يخلف بمستعيده كلاماً، إنما ابتسامة تحمل ما لا يقوى الكلام على إيصاله. ابتسامة تنطوي على مودة يحسب المرء أنها حصيلة سنوات مديدة من الصداقة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“مات عصام عبدالله. 

قتله الجيش الإسرائيلي”. 

وصلني الخبر بينما كنت أعبر في محاذاة تجمّع يرفع العلم الإسرائيلي في “هايد بارك” في لندن. والأدق، أنني كنت تجاوزت التجمّع في طريقي إلى الفندق. خطر لي أن أعود وأخبرهم أن الجيش الذي يرفعون علم بلاده قتل الآن صديقاً وصحافياً. ثم التقيت في ما بعد خطوات بشابة تحمل العلم اللبناني! 

لا أدري لماذا ترفعه. 

ثم قلت إن لله في خلقه شؤوناً، لكن لاح لي أنها في طريقها إليهم، لتقول لهم إنهم قتلوا عصام العبدالله! ربما علي أن أعود أدراجي وألحق بها، فربما تكاثروا عليها. وللحظات فكرت أنني ربما متوّهم وأن كل ما شاهدته هو محض خيال وأنني أحاول دفع الخبر الفاجعة… إلى أن وصلت إلى الفندق لأجد نفسي وجهاً لوجه مع حقيقة أن عصام قُتل وأن عليّ أن أواجه الخبر بما يقتضي.

لا كلام يحضر حين يحضر عصام إلى مخيلتك، فهو لا يخلف بمستعيده كلاماً، إنما ابتسامة تحمل ما لا يقوى الكلام على إيصاله. ابتسامة تنطوي على مودة يحسب المرء أنها حصيلة سنوات مديدة من الصداقة. هي صداقة من دون كلام ومن دون زمن. صداقة صادرة عن مشتركات تسبقها، فلعصام وجه سبق أن وصلتنا ملامحه من أمكنة وأزمنة بيروتية مختلفة.  هو الصحافي الكريم الذي لطالما كانت له يد في أعمالنا، وهو من “بيت العبدالله” الذين تفشوا في بيروت منذ المجزرة الأولى، وراحوا يخبروننا عن الخيام وعن الدردارة، وهو صديق الأصدقاء ورفيق الليل والعمل والحروب المتنقلة الممتدة منذ ما قبل ولادته وإلى ما بعد المقتلة التي أودت به.

ثم إن عصام الذي لا يحضرني كلامه الآن، شديد الوجود، وأثره من ذلك النوع الذي نرصده في وجوه كل من نعرفهم. حين أعود إلى بيروت لا بد أن أرصد موته في وجه مازن وميريام، وفي بدارو وصالون بيروت. في أصوات لا تؤلف جملاً إنما تبث دفئاً وضحكاً. اللطف الضروري لكي نشعر بأن في بيروت القاسية والمتعثرة والمنهارة ما يساعد على التحمل.

لقد قتلوه عن عمد. كان مرتدياً سترة تكفي لكي يعرفوا أنه صحافيّ. لقد سبق أن فعلوها حين قتلوا شيرين أبو عاقلة في مخيم جنين. التحقيقات أثبتت في حينها أنهم سددوا على فريق صحافي. صحيح أن أحداً لم يحاسب ولم يعاقب، وأن الجيش الإسرائيلي نجح مرة أخرى في حماية القاتل، لكن الجريمة أضيفت إلى سجله الحافل بالمدنيين، ولكن أيضاً بالصحافيين.

وكالة “رويترز” التي يعمل عصام فيها، لم توجّه التهمة الى إسرائيل. هذا أول غيث التواطؤ مع القاتل، وهو امتداد لممارسة صحافية دأب الكثير من الإعلام العالمي عليها منذ بدء الحرب. إذاً، علينا، نحن من خسرنا ابتسامة عصام، أن نستعد لحمل قضيته. 

الخسارة ليست من ذلك النوع الذي يمكن أن نحدده وأن نلتف عليه. الفَقْد هنا ممتد على مساحات غير مرئية، لم نفقد صديقاً بقدر ما فقدنا شيئاً مبثوثاً في أنحاء من حياتنا العادية وغير الصاخبة. شيء لا نقصده ولا نعقد موعداً معه، إنما يأتينا من حيث لا ننتظره، ونحسبه جارياً على نحو ما تجري أشياء ما كنا لنكون من دونها.

عصام البديهي على نحو ما هم بديهيون “بيت العبدالله”. فمن منا يمكن أن يتخيل بيروت من دونهم، والصحافة من دونهم، والخيام من دونهم. لقد اخترعوا أشياء كثيرة لنا، فعلوا ذلك من دون أن يسجلوها بأسمائهم، تماماً مثلما اخترع لنا عصام إلفة هي أقوى ما سنفقده، وهي ما لا أستطيع تخيّل بيروتنا من دونه.   

محمد بسيكي - علي الابراهيم (سراج)، هلا نصر الدين (درج) | 15.05.2024

“مفاتيح دبي”: 10 من دائرة الأسد يخفون 50 مليون دولار في عقارات دبي

"مفاتيح دبي" تحقيقات استقصائية تكشف أنّ العقوبات الأميركية لم تحل دون أن يتملّك ويستثمر "رجال النظام السوري" في الإمارة الصغيرة ما يطرح تساؤلات حول التسهيلات التي يحظى بها المقربون من النظام هناك. تحتوي وثائق المشروع على تفاصيل ممتلكات سوريين من الدائرة المالية والعائلية للرئيس السوري بشار الأسد، بمن فيهم: إبنا خاله رامي وإيهاب مخلوف، رجلا…