fbpx

التعليم في غزة… الأمل بالعودة الى المدارس بعد الحرب

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

اضطر ما يزيد عن 700 ألف نازح إلى اللجوء للاحتماء خشية الموت المحتم إثر قصف الأحياء السكنية التي كانوا يعيشون فيها، هم في المدارس  الآن، الأبنية التي يُمنع قصفها دولياً كونها لا تشكل أي خطر ولا تُستخدم لأي غرض عسكري، وعلى الرغم من ذلك فقد استُهدفت 255 مدرسة حتى الآن بحسب الإحصاءات الأخيرة، منها 63 مدرسة خرجت عن الخدمة بشكل كامل.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بدأت الحرب وخرج الأطفال من منازلهم وعلى أكتافهم حقائبهم المدرسية المليئة بحاجاتهم، أخذوا فيها كل ما يملكونه، نازحين وباحثين عن النجاة بعيداً من  بيوتهم التي تدمرت أو كانت مهدّدة بالقصف آنذاك. بعد ما يزيد عن 40 يوماً، لا يزال العدوان الإسرائيلي يسير على الوتيرة الوحشية نفسها، فلم يسلم لا بشر ولا شجر ولا حجر من الغارات الإسرائيلية التي تُشنّ على قطاع غزة، ولم تأمن أو تسلم حتى أحلام الأطفال من آثار الدمار، فلا يزالون يحتفظون بحقائبهم التي تحتوي على مستلزماتهم الخاصة وأوراقهم الثبوتية، علّ الحرب تنتهي ويعودون الى مقاعدهم الدراسية.

تعطّلت جميع المدارس في قطاع غزة منذ بدء العدوان، وحُرم حوالى 608 آلاف طالب وطالبة من حقهم بالتعليم المدرسي. كما استُخدم 70 مبنى مدرسياً حكومياً كمراكز إيواء للنازحين و145 مبنى مدرسياً تابعاً لوكالة الغوث أيضاً.

اضطر ما يزيد عن 700 ألف نازح إلى اللجوء للاحتماء خشية الموت المحتم إثر قصف الأحياء السكنية التي كانوا يعيشون فيها، هم في المدارس  الآن، الأبنية التي يُمنع قصفها دولياً كونها لا تشكل أي خطر ولا تُستخدم لأي غرض عسكري، وعلى الرغم من ذلك فقد استُهدفت 255 مدرسة حتى الآن بحسب الإحصاءات الأخيرة، منها 63 مدرسة خرجت عن الخدمة بشكل كامل.

واقع التعليم في غزة

بلغ عدد المدارس في قطاع غزة في عام 2022/2023، 796 مدرسة، منها 442 مدرسة حكومية و284 مدرسة تابعة لوكالة الغوث و70 مدرسة خاصة، في حين بلغ عدد الأبنية المدرسية للعام الدراسي نفسه في القطاع 550 مبنى مدرسياً، منها 303 مبانٍ مدرسية حكومية و182 مبنى مدرسياً تابعاً لوكالة الغوث و65 مبنى مدرسياً خاصاً.

ويبلغ عدد مؤسسات التعليم العالي في غزة 17 مؤسسة، بالإضافة إلى جامعة للتعليم المفتوح. ويلتحق في تلك المؤسسات حوالى87 ألف طالب وطالبة في القطاع.

وصل عدد القتلى من الطلاب في قطاع غزة  إلى 3117، فيما بلغ عدد الجرحى 4613، من أصل 608 آلاف طالب داخل القطاع.

فيما بلغ عدد القتلى من المعلمين والإداريين في المدارس في فلسطين 130، جميعهم رحلوا عن عالمنا خلال الغارات على قطاع غزة، ووصل عدد الجرحى منهم الى 403، وذلك خلال الغارات على قطاع غزة أيضاً. هذا كله بحسب بيان أصدره مركز الإحصاء الفلسطيني حول أثر عدوان الاحتلال الإسرائيلي على فلسطين على الحق في التعليم منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر وحتى 11 تشرين الثاني/ نوفمبر.

ويأتي السؤال هنا: هل سيعود التعليم بشقّيه العام والعالي إلى قطاع غزة بعد انتهاء الحرب؟ وما تبعات تدمير المدارس والجامعات واستخدام أكثر من 200 مدرسة كأماكن لنزوح الغزيين المدنيين في القطاع؟

حُرم حوالى 608 آلاف طالب وطالبة من حقهم بالتعليم المدرسي كما استُخدم 70 مبنى مدرسياً حكومياً كمراكز إيواء للنازحين و145 مبنى مدرسياً تابعاً لوكالة الغوث أيضاً.

التقييم لا يزال مبكراً

صادق الخضور، الناطق الإعلامي باسم وزارة التربية والتعليم في فلسطين، يقول لـ”درج”: “تجاوز الضرر الذي أُلحق بالمدارس ما نسبته 60‎ في المئة، وهذا يفرض ذاته على طبيعة التدخلات، سواء تحدثنا عن بنية تحتية أو عن تدخلات أخرى تشمل الجوانب التعليمية والنفسية. فيما يصعب الحديث عن خطة واضحة، فالعدوان لا يزال متواصلاً، وعشرات المدارس خرجت عن نطاق الخدمة. لكن الأصعب هنا هو الفاقد التعليمي والآثار النفسية التي سترافق الطلاب لفترة طويلة، علاوة على فقد الأمان نتيجة التشرّد من بيوتهم”. 

يضيف الخضور: “ثمة آثار غير مرئية، فالطلاب الذين فقدوا عوائلهم سيعانون لفترات طويلة”، وبالتأكيد لا يزال الوقت مبكراً، لكن لا بد من إعادة النظر في أجندة العام الدراسي مع تبني خطط لتعويض الفاقد التعليمي مع تفعيل أي وسائل يمكنها المساعدة”.

قبل الحرب، كانت مدارس قطاع غزة بداية كل عام دراسي، تعاني من عجز في استيعاب عدد الطلاب، بخاصة في المناطق الشرقية منه، ما جعل التعليم في القطاع يتحوّل في بعض المدارس إلى نظام الفترتين الصباحية والمسائية حتى يستوعب عدد الطلاب الكبير. فكيف ستكون حال المدارس في غزة بعد الحرب والقصف والدمار الذي أُلحق بعدد كبير منها؟ وكيف ستستوعب حجم الضغط الذي سيحصل؟ وكيف سيعوّض الطلاب والمعلمون ما فاتهم خلال فترة الحرب؟!

يوضح الخضور “أن العدد الأكبر من المدارس التي تضررت هو في شمال غزة ووسطها، وبالتأكيد الوضع يزداد صعوبة، لذلك لا بد من تبنّي خطوات استثنائية”، فالمدارس لن تفتح أبوابها فور انتهاء الحرب، وإنما ستكون هناك خطط تقييم شامل للوضع وبلورة التدخلات التي يحتاجها قطاع التعليم في غزة”.

“التعليم لا ينتظر”

ياسمين شريف، المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للتعليم في حالات الطوارئ، تقول إن “التعليم لا يمكن أن ينتظر، كما أن الأطفال في غزة يعانون من العنف والشدائد المروّعة. لذلك، أدعو أطراف النزاع كافة إلى احترام القانون الإنساني الدولي، وحماية الأطفال والمعلمين والمدارس من الهجمات، والسماح فوراً بوصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومن دون عوائق”. 

تضيف شريف: “من الأهمية بمكان، تزويد الأطفال بسرعة بفرص تعلّم آمنة ومحمية لاستعادة الشعور بالحياة الطبيعية وضمان سبل الوصول إلى الخدمات الشاملة المنقذة للحياة، بما في ذلك الصحة العقلية الفورية والدعم النفسي الاجتماعي الضروري لمساعدتهم على التعامل مع الصدمات الشديدة التي تعرضوا لها”.

وكان الصندوق قد أعلن عن منحة بقيمة 10 ملايين دولار لمدة 12 شهراً، لدعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا) واليونيسف، لتزويد الأطفال في غزة بالصحة العقلية المنقذة للحياة والدعم النفسي الاجتماعي وسبل الوصول إلى عملية التعلم الوقائية، إذ ستساهم بشكل كبير في حماية الحق الأساسي في التعليم للأطفال والشباب في القطاع، حتى في أوقات النزاع القائم.

“إعلان المدارس الآمنة”

صادقت فلسطين في عام 2015، على إعلان المدارس الآمنة في العاصمة النرويجية، أوسلو، إلى جانب 110 دول، وهو التزام سياسي لتوفير حماية أفضل للطلاب والمعلمين والمدارس والجامعات أثناء النزاعات المسلّحة، ولدعم مواصلة التعليم أثناء الحرب، ووضع إجراءات ملموسة لردع الاستخدام العسكري للمدارس.

وتتعهد هذه البلدان باتخاذ خطوات تتضمن توفير مساعدة لضحايا الهجمات؛ والتحقيق في مزاعم انتهاكات القانون الوطني والقانون الدولي وملاحقة مرتكبيها عندما يكون ذلك ملائماً، وبذل جهود لمواصلة التعليم بأمان أثناء النزاعات المسلحة ودعم مثل هذه الجهود.

الجامعات لم تسلم

هناك 5 قتلى من بين كل ألف طالب وطالبة ملتحقين بمؤسسات التعليم العالي في قطاع غزة، إذ بلغ عدد القتلى منذ بدء العدوان حتى تاريخ 2023/11/05 من الطلاب الملتحقين في مؤسسات التعليم العالي، 438 طالباً وطالبة في القطاع، في حين قتل  14 عاملاً وعاملة ممن يعملون في مؤسسات التعليم العالي في قطاع غزة نتيجة الغارات الجوية المستمرة. كما بلغ عدد مؤسسات التعليم العالي في غزة التي تضررت جزئياً أو بالكامل منذ بدء العدوان 12 مؤسسة، ما أدى إلى انقطاع تام عن التعليم الجامعي في القطاع.

الدكتور موسى طالب، أستاذ الإعلام في جامعة الأزهر في غزة، يتحدث لـ”درج” عن واقع الجامعات بعد الحرب، قائلاً إن الجامعة تحتاج إلى سنة أو سنتين على الأقل لتستعيد عافيتها وتستطيع العمل بالحد الأدنى على الأقل، وتستقبل الطلاب وتبدأ العملية التعليمية فيها تسير بشكل تدريجي وفعّال.

في حين يقول أستاذ الإعلام المساعد في جامعة الأقصى في غزة الدكتور نبيل الطهراوي، لـ”درج”، إن واقع التعليم مؤلم وصعب، والجامعات كانت ضمن دائرة الاستهداف والعدوان، وهناك جامعات وكليات دُمرت بالكامل، وحتى الجامعات التي لم تهدم أو تقصف أصبحت موطناً للنازحين. ونظراً الى عدم توافر أي مصدر من مصادر الطاقة، يضطر الناس لاستخدام أي من معدات وأدوات الجامعة لتوفير حاجتهم الأساسية من طاقة، وهو ما يؤدي إلى إفساد محتويات الجامعات بشكل كامل.

ويعتبر الطهراوي أن تجربة جائحة كورونا قد أعطت المجتمع الغزي الصلابة وعززت لديه القدرة على العمل تحت الأزمات، ويمكن الاستفادة منها الآن لاستعادة نشاط الجامعات، فيتم التغلب على الصعاب بابتكار أي سبل لعيش يومهم.

ويبيّن الطهراوي أن جامعة الأقصى قد تضررت وقُصفت قبل ذلك، وكان الحل آنذاك اللجوء إلى غرف الخيام وأخذ الطلاب محاضراتهم فيها، فغزة وشعبها يعيشون تحت دائرة من الأزمات التي لا تنتهي، ولكن الحرب تعطي الصلابة والأمل بالحياة.

ويتوقع أن تعود جامعة الأقصى الى عملها خلال 3 أشهر من انتهاء الحرب وتستعيد عافيتها كونها جامعة حكومية، إلا أن هناك مختبرات قصفت بشكل كامل، بالتالي قد يتأخر التعليم نحو سنة حتى يعود الى حالته الطبيعية.

محمد أبو شحمة- صحفي فلسطيني | 17.05.2024

مدارس “الأونروا” المدمرة مأوى نازحين في خان يونس

على رغم خطورة المكان على حياة أفراد العائلة، بسبب احتمال سقوط بعض الجدارن أو الأسقف على رؤوسهم، قررت العائلة الإقامة في أحد الصفوف الدراسية، وبدأت بتنظيفه وإزالة الحجارة والركام من المساحة المحيطة به، وإصلاح ما يمكن إصلاحه.