fbpx

هل تحوّلت الحرب على غزّة إلى سلعة تجارية؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

منذ بدأت الحرب على غزة، يحاول الكثيرون الاستفادة من كعكة الحرب ومن مأساة الشعب الفلسطيني والتربح من هذا العرض الذي لن يتكرر.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

صبري نخنوخ، اسم بارز في عالم البلطجة والمرتزقة، بل هو الاسم الأبرز والأهم في مصر على الإطلاق، بنى أسطورته على مدار سنوات من الإجرام والعمل الخارج عن القانون، حتى أصبحت لديه شبكة كاملة من البلطجية تغطي أنحاء الجمهورية، وصار المورّد الأول لأي عدد من البلطجية تحتاج إليه الأجهزة الأمنية لأغراض لا تستطيع أن تنفّذها بشكل شرعي. 

قُبض على نخنوخ في عام 2012 متلبساً بحيازة أسلحة متنوعة في فيلّته بالإسكندرية، وكان حادث القبض عليه الخبر الأول في الصحف والمواقع الإخبارية، حيث تفتحت عيون المصريين للمرة الأولى على إمكان حيازة شخص حيوانات مفترسة في ملكيته الخاصة؛ الأسود في فيلا نخنوخ ضمن أحراز اتهامه.

صبري نخنوخ وحرب غزة

في أيار/ مايو 2018، أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عفواً رئاسياً عن نخنوخ، ليسقط الحكم الصادر ضده بالسجن المؤبد، ويعود مجدداً إلى حريته كمواطن صالح له كل الحق في ممارسة حياته الطبيعية، وكرجل أعمال نظيف اليد يحق له الاستثمار وبناء المشروعات الوطنية. ورغم غياب الأسباب المباشرة للعفو الرئاسي عن نخنوخ وتوقعات عودته إلى العمل بشكل سريع، إلا أنه اختفى عن المشهد لنحو خمس سنوات قبل أن يعود إلى الواجهة بقوة في أيلول/ سبتمبر 2023 عبر صفقة أجراها لشراء شركة فالكون للحراسات الأمنية، أكبر شركات الأمن والحراسة الخاصة في مصر.

هكذا تحوّل البلطجي صبري نخنوخ المُدان بحكم القضاء إلى رجل أعمال يتولى إدارة أكبر شركة للأمن والحراسة، هذا الرجل الذي نجا من حكم بالمؤبد ليعود مرفوع الرأس من علية القوم، ربما في عصور سابقة يؤهله مركزه لمهنة قاطع طريق يستولي على رحلات الشتاء والصيف، حتى يقتله أحد التجار المسافرين الشجعان. ولكن في عصرنا الحديث، يمكن رأس المال أن يحول البلطجة إلى شركة حراسات خاصة، ويحيل الحروب إلى مواد استثمارية، ويمتلك القدرة بشكل مشين على تفريغ أي قضية إنسانية من محتواها وتعليبها كسلعة تُباع وتٌشترى، فلكل شيء ثمن، وكل عمل قذر يمكن أن نخلق له مسمى جديداً يوائم المجتمع كي يرضى عنه ويبجله. 

منذ بدأت الحرب على غزة، يحاول الكثيرون الاستفادة من كعكة الحرب ومن مأساة الشعب الفلسطيني والتربح من هذا العرض الذي لن يتكرر، فالعلامات التجارية تعلن تضامنها وتعلّق الأعلام الفلسطينية، ليس نصراً للقضية إنما لأنها الطريقة الأضمن لجلب الزبائن ورضى العملاء في المجتمعات العربية، ولأن الرأسمالية لا تعرف الأخلاق ولا تعترف بالمبادئ. فرأينا كبرى الشركات التي تدعم إسرائيل وتقدم خدماتها لجيش الدفاع، تتخلى عن هذا الدعم وتتبرأ من إسرائيل، ومجرد أن بدأت أسهمها في الهبوط نتاج حملات المقاطعة الواسعة التي بدأتها الشعوب، وأصبحت أفرع تلك الشركات والمطاعم والمقاهي خاوية في البلدان العربية وغير العربية، حتى أعلنت بكل وقاحة أن لا علاقة لها بالشركة الأم، وأن المالك رجل أعمال وطني، وأن الأفرع بالكامل تدعم القضية الفلسطينية، بل بعض الأفرع علّقت أعلام فلسطين على مدخلها. لا عجب؛ حتى صبري نخنوخ “نعى ببالغ الحزن والأسى شهداء غزة” وتقدم بواجب العزاء للشعب الفلسطيني.

المفارقة أن الشركات والتطبيقات ذاتها التي تبيع المنتجات الداعمة لإسرائيل تتبرع بجزء من الأرباح لفلسطين!

الفنان المصري محمد رمضان الذي شوهد مرات عدة وفي مناسبات مختلفة، برفقة مشاهير إسرائيليين يخرج علينا متشنجاً مطالباً الشعوب العربية بتوجيه رسائلها إلى حكوماتها وجيوشها، واستخدام الأسلحة التي تصدأ ولا تُستخدم، على حد تعبيره. 

صحيح أن الحروب والجرائم الإنسانية والتمادي في الاستبداد توقظ الضمائر في الصدور وتغربل البشر، ورأينا نماذج كثيرة في سنواتنا الأخيرة لداعمين لأنظمة قمعية ينسلخون منها وينضمون الى المعارضة رغم الخسائر الكبيرة التي يتلقونها نتاج ذلك. شهدنا ذلك في المنقلبين على نظام الأسد في سوريا، أو المتقهقرين عن دعم سردية 30 حزيران/ يونيو في مصر، والبعض منهم دفع أثماناً باهظة لقاء ذلك، إنما عندما تكون المعادلة رابحة كلياً فمن السهل على الجميع إبداء الدعم والتضامن والتأييد، بخاصة إذا كان الجمهور الرئيس موجوداً في المجتمعات الشرقية وليس في الغرب، الذي تدعم حكوماته إسرائيل.

حرب غزة كفرصة للتربح

بعض العلامات التجارية الكبرى وتطبيقات توصيل الطلبات للمطاعم والمحال، أظهرت بكل فخر وبوضوح لا يقبل اللبس دعمها لفلسطين، طبعت على علب الطعام أعلام فلسطين ووضعت شعار أن المنتج يدعم الشعب الفلسطيني أو اكتفت بكتابة غزة، دهنت المخبوزات بألوان الأحمر والأسود والأبيض والأخضر، طرحت شيلانًا فلسطينية وقمصانًا تتزين بالعلم على متاجرها الإلكترونية، أنتجت دبابيس وأكواباً وحقائب بتصاميم فلسطينية، وكل ما يمكن بيعه أعيد تصميمه خصيصاً كأنه صادر من قلب غزة، وأعلنت عن التبرع بجزء من الأرباح لصالح المساعدات الإنسانية في القطاع. شكل رائع وملهم من التضامن، لكن المفارقة أن الشركات والتطبيقات ذاتها التي تبيع المنتجات الداعمة لإسرائيل تتبرع بجزء من الأرباح لفلسطين!.

كما أن هناك معضلة متعلقة بمسألة التبرعات نفسها، فمن المؤسف أن يكتفي المرء بصرف الأموال للمساعدة كي يموت البشر في هدوء، وكم كانت مخزية رؤية المساعدات التي تمر من معبر رفح وهي تحمل جملة “أكفان مصرية”، سنوفر لكم الكفن كي تموتوا من دون ضجة.

نوع آخر من النضال يتمثل في حملات المقاطعة الواسعة التي كلفت الشركات مئات الملايين من الخسائر، لكن من المؤسف أيضاً أن بعض المقاطعين للمنتجات الداعمة لإسرائيل أصبح همهم الشاغل ليس النشر عن القضية بقدر الإثبات للعالم أنهم أخلاقيون ومقاطعون وداعمون للحق الفلسطيني، فيبحثون في كل زقاق عن منتج محلي كي يلتقطوا الصور وهم يحملونه مزينين منشورهم بوسم “الحرية لفلسطين”. فجأة، تحولت دفة الحديث عن مأساة أهل القطاع الذين لا يجدون المياه النظيفة، إلى الحديث عن منتج المياه الغازية البديل “سبيرو سباتس”، وطغى صيت حملات الترويج للمنتجات المحلية المصرية على صوت صرخات الضحايا. 

لا أحبذ ممارسة أي نوع من الوصاية الأخلاقية، وقولبة البشر في أنماط محددة لأشكال التضامن الأصحّ، ولا أنكر أن تلك الممارسات، على سذاجتها، مفيدة، لكن بؤساً أن نفقد البوصلة بين معاني التضامن والاستعراض الشخصي، وأن تنقطع الشعرة بين الأخلاقيات الإنسانية والتربح من بيع تلك الأخلاقيات، وقتها يمكن أن يتم اقتيادنا كالخراف خلف أي تيار جديد، وأن ننحني عندما تأتي الموجة المقبلة.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.