fbpx

الحوثيون وإسرائيل: “أرقام قياسيّة” وسفينة مخطوفة لا تهدّد أحداً

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

منذ اللحظات الأولى، أعلن الحوثيون أن السفينة التي سيطروا عليها هي سفينة إسرائيلية، لكنْ هناك لغط حول ملكية السفينة التي تشغلها شركة يابانية، فيما تقول معلومات الحوثيين إن ملكية السفينة تعود الى رجل أعمال إسرائيلي هو أبراهام أونغار، كما تمتلك الشركة المالكة بالفعل مقراً في تل أبيب، وفقاً لما أظهرته بعض المواقع الإسرائيلية. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعد مرور أكثر من 24 ساعة على إعلان جماعة أنصار الله (الحوثيين)، عن احتجاز سفينة تجارية قالت إنها إسرائيلية، لا يزال الترقب سيد الموقف، في ضوء العملية التي وُصفت بـ”الجريئة”، وسط تباين وجهات النظر، فهناك من يراها خطوة مهمة على طريق نصرة القضية الفلسطينية، وتحويل الأقوال إلى الأفعال، وبين من يقلل من شأنها ويركز على ردود الفعل الدولية، التي تنتج من العملية. 

عرض الإعلام العسكري لـ”أنصار الله”، مشاهد مما وصفها بـ”العملية النوعية” التي أسفرت عن الاستيلاء على السفينة “غالاكسي ليدر”، في عرض البحر الأحمر قبالة اليمن، حيث وثقت المشاهد لحظات دخول أفراد من القوات التابعة للجماعة إلى السفينة والانتشار في أجزاء مختلفة منها، كما رُفعت الراية اليمنية والفلسطينية، وغير ذلك من الصور، التي عكست تباهي الجماعة بالاستيلاء على السفينة. 

اللافت في مشاهد السفينة، أن الوصول إليها تم عبر طائرة مروحية حلّقت وقامت بإنزال المسلحين الملثمين الذين انتشروا في السفينة، كما أظهرت المشاهد انتشار زوارق حربية بحوارها، وقد ردد مسلحو الجماعة داخل السفينة شعارها المعروف، وكان واضحاً أنها فارغة من الحمولة، في الأجزاء التي أظهرتها الصور على الأقل. 

هذا التطور الذي يعد الأول من نوعه، منذ بدء التصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية وما رافقه من تهديدات من الحوثيين، في خطوة وصفها المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخان أدرعي بأنها “تطور خطير جداً”، نافياً أن تكون السفينة إسرائيلية أو أن يكون على متنها أي من مواطني بلاده. 

وفقاً لمعلومات المواقع المتخصصة بتتبّع السفن ومعلوماتها، والتي راجعها “درج”، فإن السفينة المعروفة باللغة الإنجليزية باسم GALAXY LEADER، هي ناقلة سيارات بنيُت في العام 2002 في بولندا، وتحمل منذ العام 2018 اسمها الأخير، كما ترفع علم جزر البهاما، وهي ناقلة تتسع حمولتها لأكثر من 48 ألف طن، يبلغ طولها 189 متراً وعرضها 32 متراً، وتم اقتيادها قبالة اليمن بينما كانت في طريقها من تركيا إلى الهند. 

تتبع السفينة رسمياً لشركة RAY CAR CARRIERS – DOUGLAS (ISLE OF MAN)، في المملكة المتحدة، ووفقاً لسجلات الشركة في جزيرة مان،  فإنها شركة خاصة محدودة تأسست في عام 1992. وتقدم خدمات للسيارات والمركبات التجارية الأخرى بين جزيرة مان والبلدان المجاورة. لديها أسطول من أكثر من 20 شاحنة مقطورة. أما ملكيّتها فهي مسجلة لزوجين، يقيمان في الجزيرة نفسها، وهما المديرة التنفيذية للشركة يائيل أونغار ونائبها ديفيد أونغار، بنسبة 50 بالمائة لكل منهماً. 

هل هي سفينة إسرائيليّة؟

منذ اللحظات الأولى، أعلن الحوثيون أن السفينة التي سيطروا عليها هي سفينة إسرائيلية، لكنْ هناك لغط حول ملكية السفينة التي تشغلها شركة يابانية، فيما تقول معلومات الحوثيين إن ملكية السفينة تعود الى رجل أعمال إسرائيلي هو أبراهام أونغار، كما تمتلك الشركة المالكة بالفعل مقراً في تل أبيب، وفقاً لما أظهرته بعض المواقع الإسرائيلية. 

هذه العلاقة مع إسرائيل جعلت السفينة ضمن الأنواع التي حددتها الجماعة في بيان المتحدث العسكري العميد يحيى سريع، والذي أعلن قبل ساعات من تأكيد احتجاز السفينة، عن أنواع السفن التي ستُستهدف، وهي “السفن التي تحمل علم الكيان الصهيوني” و”السفن التي تقوم بتشغيلها شركات إسرائيلية” و”السفن التي تعود ملكيتها لشركات إسرائيلية”. كما دعا البيان جميع الدول إلى “سحب مواطنيها العاملين ضمن طواقم هذه السفن” و”تجنب الشحن على متن هذه السفن أو التعامل معها”، وابلاغها بالابتعاد. 

ترجمة لـ”خطاب” زعيم الجماعة 

ركزت الجماعة وفي مختلف البيانات التي أصدرتها،  على أن الخطوة تنفيذ لتوجيهات زعيمها عبدالملك الحوثي، وتهديداته التي أطلقها منذ أيام، إذ قال في البيان الذي تبنى الاستيلاء على السفينة، إنه والجماعة مستمرون في تنفيذ العمليات العسكرية “ضد العدو الإسرائيلي حتى يتوقف العدوان على قطاع غزة”، مشدداً على أن جميع السفن الإسرائيلية أو المملوكة لإسرائيليين “هدف مشروع للقوات المسلحة اليمنية”. 

الجدير بالذكر أن جماعة أنصار الله (الحوثيين)، أعلنت خلال الأسابيع الأخيرة، عن تبنيها عمليات استهدفت إسرائيل، وأطلقت صواريخ بعيدة المدى وطائرات مسيرة من دون طيار، أعلن الجيش الإسرائيلي إسقاط اثنين منها قبل دخولها في أجوائه.

قُوبلت هذه العمليات بتعليقات تقلل غالباً من فعاليتها نظراً الى بعد اليمن عن فلسطين المحتلة، بالإضافة إلى أنها تعوض عما اعتُبر تخاذلاً من إيران و”حزب الله” القريبين بالمقارنة مع اليمن. وجاء الإعلان عن احتجاز أو الاستيلاء على سفينة، ليمثل تطوراً غير مسبوق، قد تكون له تبعات غير واضحة المعالم حتى اليوم. 

صواريخ كسرت “رقمين قياسيين”!

وُصفت الصواريخ التي أُطلقت من اليمن بأنها “إيرانيّة” في الإعلام الإسرائيلي، إذ قال الصحافي أنشيل بفيفر في هآرتس، إنها “كسرت رقمين قياسيين”: أطول صواريخ بالستية بعيدة المدى تطلق من الأرض، وأول اعتراض إسرائيلي لنوع كهذا من الصواريخ عبر نظام “السهم” منذ 25 عاماً. ورأى أن هذه “الخبرة الحوثيّة” هي نتيجة الحرب مع التحالف العربي (السعوديّة-الإمارات).

ووصف بفيفر الصواريخ أيضاً، بأنها “لا تمثل خطراً استراتيجياً مباشراً”، لكنها قد تضطر السعوديّة للتدخل في اليمن مرة أخرى بعد الهدنة التي امتدت الى عام ونصف العام، بل ربما يمثل الهجوم نفسه امتداداً لتعطيل جهود التطبيع بين إسرائيل والسعوديّة، والتي يقال إنها أحد الأسباب الرئيسية لهجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر.

أما بخصوص خطف السفينة، فقد “أدان” مكتب نتانياهو خطفها، متهماً إيران بـ”التورط في الهجوم”، وقائلاً إنه حدث “عالمي”. لكن خلو السفينة من مواطنين إسرائيليين جعل النبرة الرسميّة أقل حدّة، بل يمكن القول إن الموقف من حادثة الخطف شأن لا علاقة لإسرائيل به، إلى حد التأكيد بأن ملكية السفينة بريطانية-يابانيّة.

ملك لأشخاص وليس لحكومة

وفي حديث خاص لـ”درج”، يقول المحلل العسكري والخبير في الأمن البحري علي محمد الذهب إن أبعاد العملية تأتي في إطار مجموعة من التفاعلات السياسية والعسكرية في المنطقة وعلى رأسها الاعتداء الإسرائيلي على غزة، إذ أن ردة الفعل ينظر إليها من هذه الزاوية بأنه من شأنه تضخيم دور الحوثيين في دعم المقاومة الفلسطينية “سواء كانت هذه العملية قانونية أو غير قانونية”.

أما المسألة من الناحية القانونية فإن المسألة “تمثل مساساً بأمن وسلامة سفينة تجارية تكفل بها كافة القوانين أو القواعد القانونية المعمول بها في البحر وسلامة السفينة وطواقمها والشحن الموجود على متنها، لأنها مملوكة لأشخاص وليس لحكومة”، وإن كانت مملوكة لشخص إسرائيلي “فهذا لا يبرر لأي دولة أو جبهة أنها تأخذه على جريرة دولته، لكن إذا كانت مملوكة لحكومة إسرائيل فهذا شأن يمكن أن يؤخذ من باب الأعمال العسكرية”. ولكن “هذا العمل أنا أعده غير قانوني وهو لا يختلف عما يقوم به الإسرائيليون من انتهاك للقانون الدولي”، أما إذا كان يُنظر إليه على أنه “معاملة بالمثل فهذا شأن ومنطق من يؤمن بهذه الأفكار”. 

بالإضافة إلى ذلك، تكتسب العملية بعداً ثالثاً يتعلق بقرار اتخذته المنظمة الدولية البحرية منذ أيام، بإيقاف التعامل مع المركز الإقليمي البحري لتبادل المعلومات بصنعاء، وهو يلعب دورا في مراقبة وحركة السفن والأمن والسلامة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن وغرب المحيط الهندي، إضافة إلى مجموعة من المراكز البحرية الخاص بتبادل المعلومات في نيروبي ودار السلام في كينيا وتنزانيا، لكن المنظمة الدولية أصدرت وفقاً للذهب، بياناً منذ أيام، نقلت صلاحيات المركز في صنعاء إلى المركز الإقليمي البحري الذي انشأ حديثا في عدن.