fbpx

حتى الأعشاب في إدلب… لم تنجُ من الجولاني

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تسعى هيئة تحرير الشام إلى الهيمنة على كافة جوانب حياة الخاضعين لسلطتها، إلى حد “تنظيم” مهنة جني للأعشاب الطبيّة وفرض رسوم عالية على ممارسيها، واحتكار تصديرها ضمن دوائر الهيئة المقرّبة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم يتمكن جلال الطبال هذا العام من شراء لباس جديد لبناته مع حلول العام الدراسي، بعد أن منعته هيئة تحرير الشام من كسب رزقه المعتاد سنويا من قطاف الأعشاب وبيعها في قرية الشغر غرب محافظة إدلب. 

وسط القرية الجبلية الواقعة على امتداد سلسلة جبال اللاذقية، ترعرع جلال الطبال على مهنة جني الزهور سنوياً مع عشرات العوائل من أبناء القرية، إلى أن عملت هيئة تحرير الشام في ربيع العام 2023 على منح تراخيص لمزاولة مهنة جني الأعشاب واحتكارها لصالحها.

تنتشر في محيط قرية الشغر الجبلية بمنطقة جسر الشغور غربي إدلب، أعشاب طبية مثل البابونج والمليسة، والزعتر البري والخلة، والالماسة والميرمية ورجل الأسد وكف مريم، والناردين والشيح والزوفة وبقلة الحمار والزلزخ والزعرور، وارواق الغار والحميضة والكركدة وغيرها من الأعشاب وجذور الأشجار الصغيرة التي تنمو وسط الصخور.

يعمل  الستيني أبو عُلا بجني الأعشاب الطبية منذ عشرات السنين، اتخذها كمهنة ورثها عن والده ذائع الصيت بالخبرة بالأعشاب، إذ كان يرافقه منذ صغره ليرث خبرته ومعرفته بالمجال، ولم ينقطع عن العمل الذي يؤمن له مدخول معيشته سوى في عام 2023، بعد أن سنت هيئة تحرير الشام قوانين وضرائب على العمل بالأعشاب.

مع حلول كل مساء من اليوم الـثاني عشر في شهر نيسان\أبريل، حتى الأول من شهر كانون الأول\ديسمبر من كل عام، يعود أبو عُلا بحوالي خمسة دولارات لعائلته المؤلفة من ثمانية أشخاص، بعد بيعه لما يجنيه من الأعشاب الطبية في محيط قريته حاله كحال عشرات العائلات  من أبناء بلدته يعملون بذات المهنة، بيد أنه يجب أن يبحث عن عمل آخر بعد استيلاء هيئة تحرير الشام على الأعشاب بحسب شهادته لدرج.

رخصة قطف أعشاب

عملت هيئة تحرير الشام من خلال ما يسمى الشركة الخضراء، على الاستيلاء على مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية في مناطق سيطرتها في شمال غرب سوريا، واستثمار تلك الأراضي لصالح الصندوق المالي لتحرير الشام.

منذ العام 2022 أنشأت هيئة تحرير الشام ما يسمى بالشركة الخضراء ومنحتها صلاحيات مطلقة من أجل مصادرة الأراضي الزراعية، سواء العائدة في ملكيتها للدولة السورية (أراضي جمعيات ومشاريع تطوير زراعي وأبحاث زراعية)، أو تلك الخاص بسوريين خارج مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام ويقطنون في مناطق سيطرة النظام، إلى جانب أراضي العلويين والمسيحيين والدروز بحسب الناشط مهند الجمعة.

في صيف العام 2023 أبلغت الشركة الخضراء التابعة لتحرير الشام المجلس المحلي في قرية الشغر، بضرورة مراجعة من يعمل في جني الأعشاب الطبية مراجعة الشركة الخضراء، للحصول على رخصة لمزاولة مهنة جني الأزهار والنباتات العطرية النامية في الأراضي الجبلية المحيطة بالقرية ولا يسمح لمن ليس لديه رخصة بجني الأزهار أو بيعها. 

يقول سعدون الباشي، اسم مستعار لأحد أبناء قرية الشغر، “لم نعد نستطيع نحن أبناء البلدة البسطاء العمل على قطف الأعشاب  من الأراضي المحيطة بنا، إلا بعد الحصول على رخصة مزاولة مهنة تبدأ بـ 500 دولار وليس لها نهاية بحسب المساحة المراد العمل بها، والتقدير يعود لموظفين في الشركة الخضراء بحسب المساحة وكمية النباتات ونوعها”.

مكنت الشركة الخضراء موظفيها بالتواصل مع المخافر التابعة لهيئة تحرير الشام، بحال حصول مخالفات او تجاوزات من السكان على المساحات ذات النباتات العطرية، كما حصل مع كمال الحامض الذي تعرض للسجن لـ 27 يوم ودفع غرامة 200 دولار أمريكي، بسبب عمله وأولاده بجني مساحة تقدر بـثلاثة دونمات دون الحصول على ترخيص.

خلال الأعوام الماضية لقلما يأتي شخص من خارج قرية الشغر ويعمل بجني الأعشاب الطبية بسبب وقوعها بمنطقة جبلية وعرة من جهة، ولخبرة أهالي البلدة بأنواع النباتات وتصنيفاتها واستعمالها من جهة أخرى، بحسب صلاح الددم العامل بمجال العطارة في منطقة جسر الشغور، بيد أن العام الحالي وبعد فرض الحصول على الترخيص، استقدم أشخاص محسوبين على هيئة تحرير الشام ورشات عمال من خارج البلدة، ليعملوا بشكل يومي بجني الأعشاب،  والكثير من أبناء البلدة لم يتمكنوا من الحصول على الترخيص، بسبب الرسوم المالية التي تفوق قدرة السكان الذين لا حيلة لهم سوى العمل بمجال الأعشاب سنوياً. 

تجارة خارج الحدود

يعمل تجار الأعشاب الطبية والعطرية في مناطق شمال غرب سوريا منذ سنوات طويلة على شراء الأعشاب من السكان وتصديرها للخارج عبر المعابر الحدودية، وأبرزها معبر باب الهوى لتذهب إلى تركيا، ومن هناك تُباع لتجار أتراك وتستخدم في مجالات مختلفة. 

لم تقتصر الإجراءات المفروضة من قبل تحرير الشام متمثلة بالشركة الخضراء على سكان بلدة الشغر بل شملت التجار وفرضت عليهم رسوم مالية قاسية كما يقول التاجر ( ر.ح)، إذ طلب منه موظفو الشركة مبلغ 2000 دولار أمريكي ليتمكن من شراء الأعشاب، ومع رفضه لدفع الرسوم لم يُسمح له بالشراء.

عينت الشركة الخضراء تجار محليين من قبلها لشراء الأعشاب الطبية من الأشخاص المرخص لهم جني تلك الأعشاب وبأسعار لا تتناسب مع تسعيرة الأسواق العالمية، في حين يبيع التجار المعينين من قبل الشركة الخضراء ما يشترونه لتجار التصدير إلى تركيا بالأسعار العالمية للأعشاب.

تفرض هيئة تحرير الشام على التجار المصدرين إلى تركيا الحصول على تصريح من التجار المحليين التابعين لها، يبين الكمية التي باعها التاجر المحلي للتاجر المصدر إلى تركيا، حتى تحصر هيئة تحرير الشام تجارة الأعشاب الطبية ضمن دائرتها المقربة، وغير مسموح للتاجر تصدير أي كمية لا تحمل تصريح، وتتم مصادرتها بتهمة شراء أعشاب غير مرخصة بحسب التاجر (ر.ح) إضافة لدفع التاجر رسوم تصدير على معبر باب الهوى حتى يتمكن من تصدير بضاعته إلى تركيا.

عملت هيئة تحرير الشام منذ العام 2019 إبان انفرادها بالسيطرة على مناطق شمال غرب سوريا، على انشاء أجسام بصورة مدنية تجارية تابعة لها، بهدف احتكار جميع مداخل الأموال ومخارجها من زراعة لصناعة وتجارة ومحروقات، عن طريق تسمية كل مجموعة من رجالاتها بأسماء شركات ومؤسسات، مثل شركتي وتد وطيبة المختصات ببيع المحروقات للسكان، والشركة الخضراء ذات اليد الطولة ببيع المستلزمات الزراعية والاستيلاء على الأراضي وتأجيرها للمزارعين، وشركة الراقي للإنشاءات المستحوذة على عقود البناء والترميم وتعبيد الطرقات، إضافة لمعبر باب الهوى والتخليص الجمركي، ليجمع الجولاني بيده مفاتيح الأموال وتكون تحت سيطرته التامة بحسب الخبير الاقتصادي أغيد الواوي.

ديانا مقلد - صحافية وكاتبة لبنانية | 13.05.2024

قضية شادن فقيه: لسنا جاهزين للسخرية لكننا مستعدون لهدر الدم!

في بلدنا، يتم إعلاء شأن الانتماء الطائفي وجعله محوراً للحياة السياسية والاجتماعية، ما يجعل لتهمة ازدراء الأديان حساسيتها وسطوتها في آن، فيسهل إشهارها في وجه أي شخص يخرج عن السياق العام الخاضع لتلك المنظومة، فكيف إذا كان هذا الشخص "امرأة" لها هويتها الجنسية المثلية المعلنة لتكون هدفاً سهلاً يودّ كثيرون رجمه.