fbpx

الأسد ينقلب على أبرز أمراء الحرب السوريين المعاقَبين من الولايات المتّحدة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أطلق النظام السوري حملة لإخراج أمير الحرب، وأحد أبرز واجهاته التجارية والمالية المعاقَب أميركياً، خضر الطاهر المعروف بإسم “أبو خضر علي”، من ساحة الأعمال بعدما بدأ، في ما يبدو، ينافس بتجميع ثروات وتضخيم ملكيات وأصول مالية وعقارية خارج الحدود المحدّدة له.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أكد ثلاثة رجال أعمال على صلة وثيقة بالمشهد السوري، ما نشره صحافيون وناشطون مقربون من النظام السوري بمنع التعامل مع أبو خضر علي، وإخبار القائمين على أعماله واستثماراته خارج سوريا، والتي يلعب فيها دور الواجهة للنظام، بأنه لم يعد له أي دور في إدارتها، وأنه سيتم الإعلان عن الشخص أو الأشخاص الذين سيخلفونه. كما مُنعت المؤسسات الرسمية من التعامل معه أو مع أي شخص يمثّله.

وستنتهي الحملة بعد أسابيع وأشهر، الى حين الاستيلاء على كامل أعماله واستثماراته التي كان يدير جزءاً منها لمصلحته، والأخرى كواجهات للفرقة الرابعة والقصر وملاحقة من كان يعمل معه.

بالتزامن، قالوا إن شعبة المخابرات العسكرية جمّدت عمل العميد أسامة صيوح، رئيس فرع 215 في دمشق ومدير مكتبه، وحُول الى التحقيق. 

لعب الفرع دوراً مهماً خلال السنوات الثلاث الماضية في توقيف رجال الأعمال ومساومتهم على دفع مبالغ طائلة ناجمة عن استثماراتهم داخل سوريا، كانت تودع في البنك المركزي بإسم حساب خاص لصالح الجهة المستفيدة قبل إطلاق سراحهم. وتم توقيف مجموعة الضباط المتورطين معه، إذ كان يستفيد الطاهر من علاقته الأمنية في تيسير أعماله وتوقيف منافسيه بلا مسوّغ قانوني.

مصدر مطلع على  ملف طاهر المعروف بإسم “ابو خضر علي طاهر” تحدث الى موقع “درج” أكد أن طاهر إستضاف مؤخراً طاهر حفل عشاء في فيلا تعود إليه في مدينة طرطوس الساحلية مساء أمس الخميس بحضور “علية القوم” وهو ما قد يعني محاولة لامتصاص النقمة عليه. وشبه المصدر الانقلاب على طاهر خلال الأيام الماضية ثم عودة ظهوره، بـ”فيلم هندي” ما يعني إما أن التصعيد كان يهدف “لابتزازه وتأديبه” أو أنها استراحة محارب وممكن ان يتكرر المشهد معه مرة أخرى. فهذه ليست المرة الاولى ولا الأخيرة من الشد التي عاشها طاهر خلال صعوده المدوي كرجل أعمال وتاجر حرب وواجهة للفرقة الرابعة و “سيدة سوريا الأولى” أسماء الأسد.

النزاع بين الطاهر وسلطات النظام السوري بدأ يطفو على السطح منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، على خلفية مداهمات قامت بها الجمارك السورية وأجهزة الأمن لمستودعات ومحال تجارية تتبع لشركات يملكها خضر. 

بحسب المصادر، كُفّت يد هذا الضابط عن العمل لتعامله مع الطاهر، إذ كان يعتمد عليه كذراع أمنية كبيرة لتيسير أعماله وتوقيف رجال أعمال وتجار ينافسون استثمارات الطاهر والمقربين منه وزجّهم في السجون. 

وقال ثلاثة رجال أعمال بارزين تحدّثت إليهم منظمة “سراج” وموقع “درج، وهم على علاقة قوية مع مراكز القوى في سوريا، إن النظام اتّبع مع الطاهر الأسلوب نفسه الذي اتبعه الرئيس السوري بشار الأسد مع ابن خاله رجل الأعمال رامي مخلوف، عبر انتزاع ملكية أكبر شركة اتصالات في سوريا “سيريتل” وجمعية البستان التي تؤمّن دعماً لعائلات جرحى الجيش السوري والميليشيات وغيرها من الشركات التي كان يديرها في الداخل. لكن الاستثمارات التي أقامها في الخارج بإسمه أو عبر واجهاته، بقيت بإسمه، وهو ما يفسّر إقامته في قصره في سوريا لكن تحت الإقامة الجبرية. 

كذلك، لفت اثنان من رجال الأعمال يتابعان عن كثب هذا التحوّل، الى كيفية إخراج الطاهر من المشهد المالي والدائرة المالية والتجارية الضيّقة للنظام السوري، بعدما أمضى سنوات يجمع ثروات ويراكمها قائلين: “إن أشخاصاً من المكتب الاقتصادي في القصر الجمهوري الذي يديره ويشرف عليه رجل الأعمال يسار إبراهيم، تواصلوا فعلياً مع القائمين على استثمارات الطاهر في دول مثل لبنان والإمارات العربية المتحدة، وأبلغهم أن الأخير لم يعد مسؤولاً عن هذه الاستثمارات والشركات، وإن هناك تغييراً وستعرفون من سيحل بديلاً في القريب”. 

وخلال اليومين الماضيين، تداول ناشطون سوريون ومواقع إعلامية محلية، معلومات حول الطاهر والمعاقَب مع شركاته من الولايات المتحدة الأميركية بموجب قانون قيصر منذ العام 2020، إذ بدأت أصوله من شركات واستثمارات تخضع للتدقيق والمحاصرة من سلطات النظام السوري الأمنية وفروع المخابرات، تمهيداً لاتخاذ إجراء بحقه على خلفيات أعمال متعلّقة بالفساد و”الاحتكار الجمركي والتجاري في سوق الهواتف الخلوية”. 

وشكّك مصدر من دمشق في نوايا النظام في مكافحة الوجوه الفاسدة، مثل خضر الطاهر وغيره، مذكّراً بأن اللغة نفسها استُخدمت عندما تمت تصفية مخلوف.

حتى شباط/ فبراير 2023، ظلّت سوريا متذيّلةً قوائم دول العالم كثاني أكثر دول العالم فساداً، وذلك بحسب مؤشّر “مدركات الفساد” الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لرصد حال الفساد في العالم.

ووفقاً للتقرير، حلّت سوريا في المرتبة ما قبل الأخيرة وحصلت على الترتيب 178 عالمياً وحقّقت فقط 13 نقطة من أصل 100 نقطة، فيما حلّ الصومال في المرتبة الأولى محقّقاً 12 نقطة فقط.

حاول “درج” التواصل مع وزارة الإعلام لأخذ تفاصيل، لكن أحداً لم يرد. 

المصدر المطلع باستمرار على الحملات التي يقودها النظام السوري بين الفينة والأخرى، ضد رجال الأعمال الذين خدموه وأسسوا واجهات مالية له لإدارة الأعمال التجارية والتهرب من العقوبات الغربية خلال الحرب، قال: “إن هدف الحملة ضد الطاهر هو جمع الفساد وحصره بيد واحدة”. 

منذ وفاة أنيسة مخلوف، والدة الرئيس السوري بشار الأسد في شباط 2016، صعد نجم أسماء الأسد في عالم “البزنس” في سوريا، وبدأت بهيكلة شكل اقتصادي جديد يمكّنها من جمع الثروات، وكانت  أولى خطواتها إقصاء عائلة مخلوف من هرم السلطة الاقتصادية، والهيمنة على أمواله عن طريق مؤسسات الدولة، ثم خلق وجوه اقتصادية ليس لها أي تاريخ ليكونوا وكلاء الأسد الزوجة في شركات وأعمال يُزعم أنها تملكها.

كان الطاهر من بين هذه الوجوه التي استخدمتها أسماء الأسد، إذ بدا رجل أعمال، ولكنّه في الحقيقة لم يكن أكثر من وكيل لإدارة شركات يملكها أشخاص آخرون، ليتم إقصاؤه حين الانتهاء من خدماته.

أحد رجال الأعمال الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، قال: “إن هذا تغيير في الوجوه وليس في النهج، ولا يمتّ بصلة لما يتم تداوله عن أن الرئيس الأسد يريد أن يحارب الفساد”.

وذكرت صفحة نور حلب، وهي مخصصة للإبلاغ عن قضايا اجتماعية واقتصادية محلية، أنّ توجيهاً ورد من الرئيس الأسد للأجهزة الأمنية والوزارات والمؤسسات العامة كافة، بعدم التعامل مع الطاهر تحت المسؤولية القانونية ومنعه من دخول هذه المؤسسات، وكذلك تحويله الى التحقيق الفوري إلى جانب ضابط أمني كبير هو العميد أسامة صيوح، قائد السرية 215 في دمشق التابعة للمخابرات العسكرية، وتوقيف مجموعة من الضباط المتورطين معه، إذ كان يستفيد الطاهر من علاقته الأمنية في تيسير أعماله. 

ينحدر خضر الطاهر من منطقة صافيتا التابعة لمحافظة طرطوس، وهو من مواليد العام 1976 ويعتبر من أهم الأشخاص الذين جمعوا ثروة خلال فترة الحرب السورية بالاستفادة من قربه من النظام السوري، من خلال فرض الإتاوات والرسوم على التجار وتهريب البضائع من لبنان وتأمين خدمات الحراسة ومرافقة شحنات البضائع بين المحافظات بدعم من الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، شقيق بشار الأسد. 

اثنان من رجال الأعمال الذين تحدّثنا إليهم، لفتا الى أن الطاهر معروف في أوساط البزنس السورية بأنه وعبر شركته “ميرا”، حصل على حصرية استيراد الكحول إلى مناطق النظام السوري، إلى جانب تفرّده بتملّك عقارات واستثمارات في لبنان والإمارات.

 كما ساهم حصوله على شهادات استيراد حصرية لأجهزة الهواتف المحمولة وتشغيلها عبر شركته “إيما تل”، في الاستفادة من شبكة العلاقات القوية داخل أروقة النظام الأمني والتعاون مع الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد.

وقال أحد رجال الأعمال: “أراد الطاهر أخيراً تسييل ثرواته وتحويلها إلى أصول خارج سوريا على شكل عقارات، لأن جلّ تعامل الأخير هو بالكاش بسبب تقييد التحويلات البنكية والتعامل المالي بين المصارف بسبب العقوبات. يبدو أن هذا التصرف جعل النظام ينقلب عليه”، مرجحاً أن تكون أسماء الأسد وراء هذا التحوّل ضد الطاهر. 

خلال سنوات الحرب السورية، بنى خضر الطاهر إمبراطورية من الشركات، مثل “إيلا” للسياحة، ويرأس مجلس إدارة “الشركة السورية للإدارة الفندقية”. وهو شريك مؤسس في شركة “الياسمين للمقاولات” التي يمتلك 90 في المئة من أصولها، إلى جانب امتلاكه 50 في المئة من حصص “الشركة السورية للمعادن والاستثمارات”.