fbpx

هل تختبر إسرائيل الأسلحة الجديدة على الفلسطينيين ؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في كتابه الصادر باللغة الإنكليزية منتصف شهر أيار/ مايو الماضي عن دار “فيرسو”، “مختبر فلسطين: كيف تصدّر إسرائيل تكنولوجيا الاحتلال إلى العالم؟”، يحقق الصحافي أنتوني لوينشتاين في صناعة الأسلحة الإسرائيلية والتكنولوجيا العسكرية، واستخدامها الفلسطينيين كحقل تجارب لتسويق منتجاتها في العالم.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يعرف أنتوني  لوينشتاين عن نفسه ككاتب يهوديّ – أستراليّ معارض للعنصريّة ومناهض للصهيونية، صدرت له كتب عدة مهمة، لكن لم يترجم منها في المنطقة العربية سوى كتابه الأكثر مبيعاً “رأسمالية الكوارث”، الذي صدر عن سلسلة عالم المعرفة الكويتية، ترجمة أحمد عبد الحميد.  وهو كتاب لا يبتعد همّه من كتاب “مختبر فلسطين”، وإن كان يبدو أنه يطرح ذلك الهم من زاوية أخرى عبر سؤال:”كيف تجني الحكومات والشركات العالمية أرباحاً طائلة من ويلات الحروب ومصائب البشرية؟”.

وكذلك كتاب War on Drugs الذي يكشف فيه كيف أصبحت الحرب على المخدرات أكثر الحروب فتكاً في العصر الحديث، وأن أجندتها التي صمّمتها واشنطن، لا علاقة لها بإنهاء تعاطي المخدرات أو الإدمان، بل تدور حول السيطرة على الأسواق والمناطق والناس.

“إسرائيل شريكة الديكتاتوريات” 

فضلاً عن الاستقصاء العميق، استطاع لوينشتاين أيضاً، أن يجمع شهادات ميدانية بالغة الأهمية من داخل الأراضي المحتلّة من أطراف مختلفة، إذ يزورها منذ العام 2005 بشكل دوري، ويقوم بالتغطية الصحافية كل ثلاث أو أربع سنوات، في إسرائيل وغزة والضفة الغربية لوسائل إعلامية مختلفة، كما عاش في القدس الشرقية بين عامي 2016 و2020.

تعد إسرائيل عاشر أكبر دولة في صناعة الأسلحة وتصديرها، بحسب الكاتب، واكتسبت هذه المكانة بفعل تجريبها الأسلحة والتكنولوجيات العسكرية على الفلسطينيين أولاً، والتسويق لها كونها تقنيات عسكرية “مثبّتة الفعالية”. كما استُخدمت هذه الأسلحة في الكثير من الجرائم والحروب حول العالم، التي ارتُكبت ولا تزال تُرتكب بحقّ شعوب ومعارضين لأنظمة قمعيّة.

أهمية كتاب لوينشتاين “مختبر فلسطين” تكمن في كونه يتبع طريقة أكثر عمقاً وطزاجة ليسرد ما يحدث للفلسطينيين، وأيضاً ربط ذلك بقضايا عالمية تنال اهتمام المواطن العادي في أي بقعة من العالم، فما يحدث في فلسطين هو نسخة مصغرة وأكثر تكثيفاً لما يحدث على الكوكب، سواء من هيمنة المراقبة الرقمية وافتقارنا إلى الخصوصية، أو صعود اليمين العالمي في أوروبا وأميركا، بل في دولة هي نظرياً أكبر ديمقراطية في العالم كالهند، بينما هي في الحقيقة تشهد التحول إلى أصولية هندوسية تتبنى القومية العرقية المتطرفة.

يكشف الكاتب أدوار دول مثل الإمارات والسعودية والديكتاتوريات في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، إضافة الى مشاركة إسرائيل في عدد كبير من حالات “الإبادة الجماعية” في مختلف أنحاء العالم منذ النصف الثاني من القرن العشرين، سواء بالدعم أو تصدير التقنيات والأسلحة والتدريبات لميليشيات وجيوش.

 يجعل ذلك المنظور من قضية فلسطين قضية مركزية، فهو يكشف عن تهديد كبير للإنسانيّة في الدول الفقيرة والغنية على السواء. إذ يشير إلى أن الأنظمة الديكتاتورية كلها علاقات ودية وسياسية مربحة مع إسرائيل، تقوم على التدريب وتصدير التقنيات والأسلحة، بل حتى عصابات تجارة المخدرات في كولومبيا كانت تتلقى أسلحة وتدريبات من إسرائيل.

في العهد القريب، شاركت إسرائيل في الإبادة الجماعية التي نفّذتها ميانمار ضد الروهينغا، وفي هجمات الهند على المسلمين في كشمير، عبر توفير الأسلحة والتكنولوجيا، وهي أيضاً توفّر البنية التحتية للجدار الرقمي، على طول الحدود الأميركيّة-المكسيكيّة.

 في السنوات الأخيرة، انتشرت أعداد هائلة من أبراج المراقبة الإسرائيليّة على طول الحدود، والتي صنعتها شركة تسمّى “البيت”، وهي شركة الأسلحة الرائدة في إسرائيل، للتصدّي للمهاجرين بطرق قد تتطوّر لاحقاً إلى قتلهم. كذلك، يستخدم الاتحاد الأوروبي بدوره، تكنولوجيا المراقبة الإسرائيلية في مراقبة المهاجرين.

ينفّذ الاتحاد الأوروبي بحسب الكتاب، سياسة غير رسمية في إنقاذ عدد محدود جداً من المهاجرين غير الشرعيين، عبر إرسال قوارب قليلة للإنقاذ وترك الباقين لمصير الغرق، السياسة غير الأخلاقية التي يتبعها الاتحاد الأوروبي تستخدم المسيرات الإسرائيلية كجزء أساسي من بنيتها التحتية لمراقبة البحر المتوسط طيلة الوقت لجعل الاتحاد الأوروبي أشبه بقلعة محصّنة.

التطبيق الأشهر في الوطن العربي هو “بيغاسوس” الذي تديره منظمة إسرائيلية غير حكومية، ويمتلك القدرة على اختراق الهواتف المحمولة والتجسّس على المحادثات. هذا التطبيق استخدمته السعودية، التي اشترت أنظمة التجسس من إسرائيل على نطاق واسع، ويقال أنها استخدمته في عملية قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، الذي وُجد التطبيق على هاتفه.

أنظمة تجسس تقوّض الصحافة

يشرح الكتاب كيف اشترت الإمارات في 2019، من إسرائيل، كميّات كبيرة من المعدّات الدفاعيّة وأنظمة التجسّس، كحال الكثير من الديكتاتوريات، ما يقوض حرية العاملين في مجال الصحافة أو حقوق الإنسان أو حتى حرية المواطن العادي، لتحديد هوية المعارضين واعتقالهم وتعذيبهم وقتلهم.

يسأل لوينشتاين: “لماذا اشترت الأنظمة العالمية، الأسلحة وتكنولوجيا المراقبة والتجسس من إسرائيل تحديداً، ما يجعلها تحتلّ المرتبة العاشرة من حيث مبيعات الأسلحة بين دول العالم، وهي مرتبة مرتفعة بالمقارنة مع دولة صغيرة من حيث عدد السكان؟”.

أجاب الكاتب ببساطة قائلاً: “لأن تلك الأسلحة وأنظمة المراقبة قد جُربت أولاً على الفلسطينيين وأثبتت فعاليتها. وهو أمر بدأ منذ قيام دولة إسرائيل بعد حرب النكبة عام 1948، لكنه تبلور بشكل أكبر بعد حرب 67”.

وعلى رغم أن دولاً مثل الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا وبريطانيا، درّبت دولاً قمعية وسلّحتها، وجربت أسلحتها في حروبها بغرض تسويقها، إلا أن الفارق الأساسي هو أن إسرائيل تمتلك أطول احتلال في التاريخ الحديث لشعب أسير مكوّن من 5 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وغزة. فضلاً عن أن سردية إسرائيل وسبب وجودها من وجهة نظرها، يقومان بشكل أساسي على ما تعرضت له من إبادة جماعية في معسكرات النازية، على رغم أنها تشارك سراً في غالبية الانتهاكات في مختلف بقاع العالم، وتروّج لنفسها على أنها “الجيش الأكثر أخلاقية”، و”الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”.

وحول أكذوبة ديمقراطية إسرائيل، يلفت الكاتب النظر إلى أن غالبية محاولات بعض الإسرائيليين من المحامين أو العاملين في مجال حقوق الإنسان لرفع دعاوى قضائية داخل إسرائيل للكشف عن الوثائق السرية التي تثبت مشاركتها في أحداث القمع والإبادة، تنتهي برفض تلك الدعاوى من جانب القضاء بحجة “سمعة إسرائيل”، فضلاً عن الرقابة العسكرية الصارمة التي تخضع لها الصحف ووسائل الإعلام في ما يخص جيش الدفاع أو الأجهزة السيادية، كما أن كثيراً من المسؤولين الإسرائيليين والقضاة يعتقدون أن تكنولوجيا الأسلحة هي فخر إسرائيل.

لا ينسى لوينشتاين أن يؤكد في كتابه، أنه “إذا كنت فلسطينياً تعيش في الضفّة الغربية، فأنت تُعامل كمواطن من درجة ثانية لا يمكنك التصويت في انتخابات إسرائيليّة، أنت محكوم من قيادة فلسطينيّة فاسدة في الضفّة الغربيّة، السلطة الفلسطينيّة”.

ويضيف “في غزّة هناك حماس، وقد أمضيت وقتاً مع هاتين المنظمّتين، وأستطيع أن أؤكّد لكم، كمراسل وأنا لا أدافع عن أيّ من هاتين المنظّمتين السياسيتين الفاسدتين، أنّهما كارثة على الشعب الفلسطينيّ، ولكن دعونا ألّا ننسى النقطة الرئيسية، وهي أن القوّة المحتلّة هي إسرائيل وليست الفلسطينيّين. تطوير تقنيات التكنولوجيا الإسرائيلية، تهدف بحسب تصريحات عدد من المسؤولين الإسرائيليين، الى أن تجعل من قتل الفلسطينيين سهلا جداً”.

إسرائيل وصعود اليمين العالمي

يلاحظ لوينشتاين أن الأمر “اللافت والمشين والصادم”، أن العلم الإسرائيلي غالباً ما يرفرف في تجمعات وتظاهرات اليمين المتطرف حول العالم، في أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا، والبعض منها عبارة عن مجموعات يمينية ونازية تقليدية، أي أنها تحتقر اليهود، ولكنها في الوقت ذاته تبدي إعجاباً عميقاً بإسرائيل، حيث هي معجبة بالتركيبة القومية العرقية، بخاصة بعدما صادق الكنيست الإسرائيلي عام 2018، على قانون يجعل إسرائيل دولة قومية لليهود فقط.

يريد اليمين المتطرف العالمي في الغرب، الشيء نفسه، لخلق واقع لقومية عرقية مسيحية في دوله، ويرى أن إسرائيل تقدم له مثالاً فريداً، فإذا كانت قد استطاعت فعل ذلك فهو أيضاً يستطيع.

يذكر لوينشتاين في كتابه مثالاً على ما أبدى ريتشارد سبنسر، زعيم حزب اليمين المتطرف “البديل” في ألمانيا والمحسوب على النازية الجديدة – على رغم معاداته للسامية- من إعجاب مفرط بإسرائيل في عام 2018، قائلاً “اليهود، مرة أخرى، في الطليعة، ويعيدون التفكير في السياسة والسيادة من أجل المستقبل، ويظهرون طريقاً إلى الأمام للأوروبيين”.

 أطلق سبنسر على نفسه اسم “الصهيوني الأبيض”، واستغل الاعتقاد السائد بين عناصر اليمين المتطرف بأن إسرائيل في طليعة الدفاع عن الحضارة الغربية ضد جحافل المسلمين، وأن العلمانية تحول دون التعاون الوطني الناجح. فالتدين هو الهدف. 

العالم “يضايق” إسرائيل

في كتابه الصادر عام 2019 بعنوان “فضيلة القومية”، The Virtue of Nationalism ليورام هازوني، رئيس معهد هرتزل في القدس، وأحد كبار المفكرين المحافظين، والذي يستشهد به لوينشتاين على عمق تغلل الفكر اليميني المتطرف داخل إسرائيل، لم يذكر الفلسطينيين إلا مرة واحدة، واشتكى من أن العالم يضايق إسرائيل لمنح الفلسطينيين دولة ضد رغبات إسرائيل. 

وبدلاً من ذلك، يهاجم هازوني معارضي الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وصربيا في ظل حكم المستبد سلوبودان ميلوزوفيتش. ويجادل بأن “السبب وراء تمييز هؤلاء الأشخاص بالكراهية والاشمئزاز والعقاب بشكل خاص، هو أن البيض في جنوب أفريقيا والصرب يُنظر إليهم على أنهم أوروبيون، ويخْضَعُون لمعايير أخلاقية لا علاقة لها بما هو متوقع من جيرانهم الأفارقة أو المسلمين”.

يعقب لوينشتاين، “من الواضح أن هازوني يشعر بالقلق من أن إسرائيل ستعاني مصير هاتين الدولتين نفسه. هذا النوع من الأيديولوجية السامة يغذي الواقع اليومي لإسرائيل في فلسطين من خلال نشر كذبة مفادها أن الفلسطينيين عنيفون وغير عقلانيين بطبيعتهم: لا يمكنهم إلا أن يكونوا إرهابيين. وفي هذه الرواية، البقاء تحت الاحتلال لأكثر من نصف قرن هو مجرد حاشية هامشية. الفلسطينيون بحاجة إلى المراقبة والسجن والتعذيب والقتل. تحتاج إسرائيل إلى إبقائهم في قفص التكنولوجيا الفائقة؛ لأن البديل هو الإبادة الجماعية ضد اليهود”.

 يحمل الكتاب عدداً كبيراً من المعلومات والتفاصيل والاقتباسات التي توضح كيف كان كلّ من الدولتين معجباً بتصرفات الأخرى، ويستلهمان بعضهما البعض، بالتفكير نفسه تقريباً، كالادعاء أنهما حصلا عبر الحق المقدس، اليهودي والمسيحي، على أرض بلا شعب، وأن ذلك الشعب إن وُجد فسيكون خط دفاع عن الحضارة ضد الهمجية. ولا يختلف ذلك عن المفهوم الذي أطلقه جورج بوش الابن في حربه على الإرهاب، والذي قسم العالم إلى محورين، محور الخير والحضارة الذي تمثله أميركا وحلفاؤها، ومحور الشر والهمجية الذي يوضع فيه باقي العالم.

ما يخلص إليه الكتاب، هو أن إسرائيل أصبحت مصدر إلهام رئيسي لليمين العالمي المتطرف، ويضرب مثالاً على ذلك الهند، وهي الدولة الأكبر في العالم من حيث المساحة وعدد السكان، وتصف نفسها بأنها أكبر ديمقراطية في العالم، وهو ما يشكك فيه لوينشتاين مع صعود رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الهندوسي الأصولي الذي يتحدث علانية عن دولة قائمة على القومية الهندوسية العرقية.

يكرر مودي علاقة الاصطفاف الأيديولوجي الأبعد من مجرد علاقة دفاعية مع إسرائيل، كما حدث بين الأخيرة وجنوب أفريقيا، ولا يتوقف الأمر فقط عند شراء كميات كبيرة من الأسلحة والمعدات الدفاعية وأنظمة التجسس والجدران الذكية، بل يتحدث مسؤولوها، وعلى رأسهم رئيس الوزراء الهندي، بإعجاب كبير عما تفعله إسرائيل في الضفة الغربية، ويريدون أن يفعلوا شيئاً مشابهاً في كشمير ضد الأكثرية المسلمة، وهو ما تفعله الهند منذ سنوات، بعدما ألغت في 2019 المواد التي تمنح إقليم كشمير نوعاً من الحكم الذاتي، وتستقدم أعداداً كبيرة من الهندوس كي يستوطنوا أراضي المسلمين في كشمير ويحتلّوها.

يرى لوينشتاين أن أكبر تهديدات هذا القرن هو القومية العرقية، بخاصة عندما تفخر دولة تعد نفسها أكبر دولة ديمقراطية في العالم، بتحوّلها في عهد مودي إلى دولة هندوسية أصولية تهيئ فيها الظروف لعنف جماعي ضد المسلمين.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.