fbpx

الغلاء والجوع والحرب… أهل غزة أمام محنة قاتلة 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يدخل القطاع المحاصر مع دخول الحرب شهرها الخامس منحنى جديد من التدهور المعيشي، من ارتفاع جنوني يصيب الأسعار في ظل قلة دخول المواد الغذائية وصعوبة توفيرها، ومعاناة مليونين ومئتي ألف فلسطيني يعيشون ظروف الحرب القاسية والصعبة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“كيف الوضع بالشمال؟”، يسأل المصور الطفلة حنان القادمة سيراً من شمال غزة مع اخوتها فتجيب: “زي الزفت”،  ليكرر المصور السؤال “شو اللي خلاكي تطلعي؟”، فتنظر الفتاة التي لا تتجاوز العاشرة لبرهة قبل أن تجيبه باستسلام:”الجوع” .

هذا الفيديو نشره موقع eye on palestine الذي يبث عشرات المشاهد والفيديوهات عن واقع الحياة في غزة، ويوثق جوع الغزاويين جراء الحرب والحصار وتحديدا ما يعانيه الصغار والاطفال.

يدخل القطاع المحاصر مع دخول الحرب شهرها الخامس منحنى جديد من التدهور المعيشي، من ارتفاع جنوني يصيب الأسعار في ظل قلة دخول المواد الغذائية وصعوبة توفيرها، ومعاناة مليونين ومئتي ألف فلسطيني يعيشون ظروف الحرب القاسية والصعبة.

 يواجه الغزاويون الموت ألف مرة في اليوم، إذ قتل  نحو 30 ألفاً غزيّ، عدا عن آلاف الجرحى ودمار أكثر من ثلثي القطاع، على مدى 140 يوما يعيش الغزيون حرباً اسرائيلية طاحنة بلا طعام ولا شراب يسدّ جوعهم و ظمأهم، فلم يعد الغزي يهاب الموت قدر خوفه من عدم قدرته على تأمين لقمة عيش له ولمن نجى من أفراد أسرته.

الاحتكار وارتفاع الأسعار

يعاني سكان غزة من حصار إسرائيلي فرض عليهم منذ عام 2006، ويواجهون اليوم حصاراً أشدّ في ظل عرقلة دخول المساعدات عبر معبر رفح، وتبادل الاتهامات بين إسرائيل ومصر حول من “يغلق القطاع”، ناهيك بتعليق تمويل الأونروا، لكن هناك حلقة ناقصة مجهولة ومظلمة ولكن لم يكشف عنها الغطاء، وهي احتكار السلع في السوق السوداء من قبل متنفذين داخل القطاع.

يشتكي ياسر صافي، أب لتسعة أبناء، من ارتفاع أسعار المواد التموينية داخل الأسواق، والتي تضاعفت بمقدار خمسة أضعاف إلى عشرة أضعاف عن  سعرها الأصلي قبل الحرب، يأتي ذلك في إثر الاحتكار وغياب حضور لأي مرجعية رسمية تعمل على ضبط الأمر. إذ يشير صافي إلى أنه أجبر على شراء كيس من الطحين بسعر 350 شيكل من أحد التجار أي ما يعادل 95 دولار. 

وحد ياسر نفسه مضطراً لدفع هذا المبلغ الطائل على اعتبار أن تواجد الطحين سينقذ عائلته من خطر الموت جوعاً، بعدما انتظر أسابيع على أمل تسليم الأونروا للدقيق، لكن هذا الانتظار لم يجد نفعاً، نتيجة بيروقراطية الأونروا في التوزيع، وعدم تواجد أي بديل أمامه سوى الشراء بهذا السعر.

إثر جولة على الأسواق، تتردد أحاديث عن اضطرار كثيرين لشراء أكياس الدقيق بأسعار متفاوتة، تراوحت ما بين 280 شيكل إلى 350 شيكل أي ما يعادل (77إلى 95) دولار، لكل 25 كيلو دقيق بدلاً من سعره الأساسي الذي كان 40 شيكل أي ما يعادل (11 دولارا) قبل الحرب.

يوضح يوسف، الذي يعمل محامياً، أنه في ظل الحرب بات يحاول الحصول على أي مصدر دخل يعيل عائلته التي نزح برفقتها من مدينة غزة إلى الوسطى، ليجد نفسها نهايةً يعمل كبائع، في ظل عدم توفر أي بديل آخر.

يسرد يوسف لـ”درج” كيفيه حصوله وغيره على السلع، تلك التي يقوم بشرائها من الموزعين للبضاعة ومن ثم بيعها، يقول: “نخرج منذ الساعة 6 صباحاً إلى منطقتين يحضر فيهما الموزعون وبرفقتهم كميات من البضاعة، منها مساعدات يتم بيعها من قبل التجار لباعة أمثالي”، مؤكدا أن العديد من المساعدات يتم بيعها بشكل علني من قبل موزعين بضاعة للباعة في السوق، يقول يوسف: “أحياناً لا نعلم من أين وصلت هذه المساعدات والبضاعة إلى الموزعين، يتم بيعها لنا بأسعار مرتفعة ولكن لا مجال للمفاوضة أو الاعتراض على السعر”.

 يواجه الغزاويون الموت ألف مرة في اليوم، إذ قتل  نحو 30 ألفاً غزيّ، عدا عن آلاف الجرحى ودمار أكثر من ثلثي القطاع، على مدى 140 يوما يعيش الغزيون حرباً اسرائيلية طاحنة بلا طعام ولا شراب يسدّ جوعهم و ظمأهم.

الإحصاء يؤكد الغلاء

أعلن مركز الإحصاء الفلسطيني في جدول غلاء المعيشة لشهر كانون الثاني/ يناير عن تراكم الارتفاع الحاد في مؤشر غلاء المعيشة في قطاع غزة نتيجة لاستمرار الحرب الإسرائيلية للشهر الرابع على التوالي. سجل المركز ارتفاعاً حاداً نسبته 66% بواقع 12% خلال الشهر الأول من الحرب و18% خلال الشهر الثاني، و12% خلال الشهر الثالث و11% خلال الشهر الرابع.

كما انخفضت القوة الشرائية للمواطنين في قطاع غزة بمقدار 40% خلال أربعة أشهر من الحرب على القطاع.

المخابز مستهدفة

يشتكي محمد صرصور، صاحب أحد المخابز البلدية في الوسطى،من سوء الأوضاع التي تشهدها غزة، موضحاً لـ”درج” أن قطاع المخابز اليوم يشهد حالة غريبة جراء ارتفاع أسعار المواد الخام بشكل “جنوني” إلى جانب عدم توفر المواد التشغيلية من غاز لتشغيل المخبز بالشكل المناسب، وارتفع سعر الدقيق للمخابز وسعر خميرة الخبز عشرة أضعاف سعرها، وارتفاع السكر إلى أكثر من عشرة أضعاف السعر، أما الملح فارتفع ثمانية أضعاف، لتصل الكلفة بمجملها إلى 15 شيكل لكل 3 كيلو خبز للمستهلك أي ما يعادل 4 دولار.

كشف صرصور عن قيام وزارة الاقتصاد التابعة لحماس بتوزيع غاز وطحين مدعوم لبعض المخابز التي تعمل ضمن الأسعار الطبيعية، ليصبح سعر تكلفة 3 كيلو خبز 5 شيكل، لكن يباع منها جزء بسيط ويتم تحويل باقي الكميات إلى السوق السوداء،  ليعاد بيعها للمواطن بسعر 15 شيكل في حال استطاع الحصول عليها.

حول قضية غاز الطهي أكد أصحاب ثلاثة مخابز بلدية أنه في حال حصل صاحب المخبز على الغاز المدعوم من قبل الوزارة فيبلغ سعر 12 كيلو غاز 75 شيكل أي ما يعادل 20.66 دولار، وفي حال لم يحصل عليه مدعوما فيتراوح سعر 12 كيلو بالسوق السوداء بين 120 إلى 150 شيكل أي ما يعادل (33- 41) دولار، بالمقابل يحصل أصحاب المخابز المدعومة على الغاز بسعر 66 شيكل(18 دولار) ما يجعل العملية معقدة أمام عملهم في ظل الاحتكار والتحكم بالموارد الرئيسية للحياة.

من جانب آخر، أوضح مدير المشاريع في فريق “Pious project” المدعوم من فلسطينيين بالخارج، أن عملهم على مشاريع متعددة داخل القطاع يواجه جملة من المعوقات، ولكن ارتفاع الأسعار وتلاعب التجار بها يعتبر أحد أكبر المعوقات في عملهم في توفير المواد الغذائية اللازمة للمواطنين النازحين إلى الجنوب جراء عدم استقرار الأسعار والتلاعب بها بشكل كبير يوميا.

تجدر الإشارة إلى توقف أكبر مطحنة قمح في قطاع غزة “مطحنة السلام” إثر ذلك تم إدخال طحين مصري كبديل عن “طحين السلام”، وعدم توفر الدجاج الطازج في القطاع وبديله الحبش، أدى إلى اترفاع أسعار اللحوم بصورة خيالية، بحسب مركز الإحصاء الفلسطيني.

تجار لا يردون!

بعد محاولات عديدة للتواصل مع تجار يدخلون البضائع إلى القطاع، تمكنا من التواصل مع تاجرين، أفادا بأن شركات مصرية قامت برفع سعر تكلفة نقل وإدخال البضائع إلى القطاع بشكل كبير خلال الحرب، ما زاد من تكلفة البضائع، إذ كانت أجرة نقل وإدخال البضائع ما قبل الحرب حسب سعر البضاعة المدخلة يتراوح  بين 3000 دولار إلى 7000 دولار للشاحنة، ولكن اليوم ارتفعت التكلفة لتصل 20 ألف إلى 25 ألف دولار للشاحنة.

يضاف إلى ذلك أن الجانب الفلسطيني، المتمثل بحكومة “حماس” كان يفرض ما قبل الحرب ضريبة على البضاعة ويرفع سعرها، لكن اليوم باتت تُفرض مبالغ مالية على البضاعة التي تدخل القطاع تتجاوز  20 ألف شيكل ما يعادل (5509 دولار)، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، ليكون المستهلك المتضرر الوحيد من هذه العملية.

تحذيرات عالمية

المتحدث باسم هيئة المعابر في قطاع غزة هشام عدوان أكد في وقت سابق أن قطاع غزة يعاني من نفاد المواد التموينية بسبب الحرب الاسرائيلية، وأن عدد الشاحنات التي تدخل إلى القطاع لا تلبي الحاجة الماسة، مشيراً إلى أن متوسط المساعدات التي تدخل قطاع غزة يومياً يبلغ 100 شاحنة، وهو عدد قليل جداً بالمقارنة مع الوضع المأساوي الذي يعيشه القطاع.

طالب عدوان بفتح معبر رفح بشكل دائم وعلى مدار الساعة، وإدخال المزيد من السلع الغذائية لإنقاذ الفلسطينيين في ظل تواصل حرب “الابادة الجماعية” على قطاع غزة.

وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” أعلنت خلال الشهر الماضي عن أن 750 ألف شخص في قطاع غزة يواجهون جوعا كارثيا. في حين حذر برنامج الغذاء العالمي، أن كميات المساعدات الغذائية قليلة جدا ما يهدد سكان القطاع بمجاعة وكارثة إنسانيّة.