fbpx

أغنية أو قميص يحمل اسم فلسطين… أسباب للاعتقال في القدس!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يعيش تجّار البلدة القديمة في القدس حالة غير مسبوقة منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إذ تفرض السلطات الإسرائيلية غرامات ماليّة باهظة بحقّهم لأي سبب كان ، حتى لو كانت مجرّد قميص يحمل خريطة فلسطين!

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“أعلّق قطع ملابس على باب متجري مكتوب عليها كلمات باللغة العربيّة؛ الشرطة الإسرائيلية اقتحمت المحل وألقت الملابس على الأرض وسجّلت مُخالفة بحقّي لمجرد أن كلمة فلسطين مكتوبة على أحدها”. هكذا يصف  محمد المقدسي (اسم مستعار)، صاحب محل تراثيات في البلدة القديمة بالقدس، “خوف” الجنود الإسرائيليين من الكلمات العربيّة. يقول في حديثه لـ “درج”، إن قوات الاحتلال تتتذرّع بالحرب لتنفيذ مخطّطها في القدس القديمة، القاضي بتفريغها من ناسها وتجّارها، إلى أن أصبحت الآن “مدينة أشباح فارغة”حسب وصفه.

يضيف المقدسي قائلاً: “لا عمل ولا حركة في السوق ولا سيّاح”، نفتح أبواب محلّاتنا لكن لا زبائن في البلدة، ما اضطرنا للبحث عن عمل آخر يعيننا على تكاليف الحياة، التضييق على التجار مقصود سواء بحرب أو من دونها، لكنّه تضاعف مرّات ومرّات منذ اندلاعها، و”ما نراه ونعيشه في القدس المحتلة منذ بدء الحرب غير مسبوق”.

يعيش تجّار البلدة القديمة في القدس حالة غير مسبوقة منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إذ تفرض السلطات الإسرائيلية غرامات ماليّة باهظة بحقّهم لأي سبب كان ، حتى لو كانت مجرّد قميص يحمل خريطة فلسطين!

أزمة اقتصاديّة في القدس

أوضح الكاتب والخبير في الشؤون الإسرائيلية فراس ياغي، في حديث لـ “درج”، أن “الأوضاع في القدس قبل السابع من تشرين الأول كانت متدهورة، وبعد هذا التاريخ شهدت تراجعاً دراماتيكياً، بخاصة في ظل الحصار المفروض على المدينة وعدم قدرة المواطنين على الدخول إليها، ما أثر بشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية. فيما تركزت المأساة داخل البلدة القديمة، التي تراجعت التجارة فيها إلى 9 في المئة وأغلقت 50 في المئة من المحلات فيها. وشدّد ياغي على أن “الواقع الاقتصادي سيئ، بخاصة أن قطاع السياحة لا يعمل، وتقتصر الحركة على البقالات، بينما ارتفعت نسبة البطالة في القدس بشكل كبير جداً”.

حواجز غير مرئية وإجراءات انتقاميّة 

أشار ياغي إلى أن الإجراءات الإسرائيلية في القدس تأخذ منحى مختلفاً، وأي مقدسي معرّض للتوقيف في أية لحظة عن طريق حواجز وهمية غير مرئية، على عكس الحواجز التي تحيط بالضفة الغربية. وبإمكان أي عنصر شرطة أن يوقف أي مقدسي يسير في الشارع، وفي حال كان موجوداً داخل محيط البلدة القديمة لكنه ليس من سكانها فهو يتعرّض لإجراء ما، “وكأن إسرائيل تريد أن تقول إنها صاحبة السلطة والسيطرة على القدس والبلدة القديمة”. 

سينعكس الربط بين القدس وغزة على حياة المقدسي، بخاصة أن “حكومة الطورائ وأنظمة الطوارئ التي فرضتها “إسرائيل” تمنحها صلاحيات لتقييد كل مظاهر الحياة في القدس، وحتى التعبير عن الرأي على مواقع التواصل الاجتماعي ثمنه الغرامة والسجن.

وأضاف ياغي أن “المسألة الأخرى المتعلقة بالحصار مرتبطة بالمسجد الأقصى المبارك، ومنع الدخول إلى باحاته، حيث أن أعداد المصلين في أيام الجمعة لم تتجاوز الـ 5 الآف شخص، وهذا شأن خطير جداً، كما أن الإجراءات التي أعلن عن اعتزام الإسرائيليين فرضها خلال شهر رمضان المبارك تدلّل على التغير الكبير في ما يحدث داخل المدينة بعد السابع من تشرين الأول”.

ونوّه ياغي إلى أن ملف الاستيطان يشهد تحوّلات خطيرة كذلك، إذ بدأت سلطات الاحتلال بإقرار إقامة مستوطنات جديدة في المدينة وليس إضافة وحدات استيطانية داخل مستوطنات مقامة أصلاً كما تفعل عادة. بالإضافة إلى رصد ميزانيات لصالح الاستيطان والمستوطنين”. 

“أعلّق قطع ملابس على باب متجري مكتوب عليها كلمات باللغة العربيّة؛ الشرطة الإسرائيلية اقتحمت المحل وألقت الملابس على الأرض وسجّلت مُخالفة بحقّي لمجرد أن كلمة فلسطين مكتوبة على أحدها”

ضريبة مقابل أغنية

بدوره، أكد الباحث في معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) إسلام ربيع، إن السلطات الإسرائيلية وضمن مخططها لتهويد مدينة القدس المحتلة وإفراغهـا من سكانها الأصليين، صعّدت اعتداءاتهـا وقيودها علـى المقدسيين، بالتزامن مـع العدوان علـى قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول. 

وأشار ربيع إلى أن مساهمة الاقتصاد المقدسي من الناتج العام الفلسطيني تراجعت من 15 في المئة في التسعينات إلى 7 في المئة في الوقت الحاليّ، فيما يشهد قطاع السياحة الذي يشكّل رافداً أساسيّاً للاقتصاد المقدسي، حالة ركود وتوقّف منذ بدء الحرب.

لفت ربيع إلى أن السلطات الإسرائيلية كثّفت عبر عناصر الشرطة أو طواقم الضرائب، عمليات اقتحامها المحال التجارية، وقد يتعرّض التاجر إلى عقوبات تتمثل بغرامات مالية في حال كان يستمع إلى أغانٍ وطنيّة! وقد تصل العقوبة الى مخالفة مالية أو توقيف لمدة تصل إلى أسبوعين مع إغلاق المحل، في سياسات تهدف إلى كسر ترابط المقدسيين مع قضيتهم.

استعرض معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني تصعيد الحكومة الإسرائيلية من وتيرة اعتداءاتها وقيودها على السكان المقدسيين، بالتزامن مع العدوان على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول. وتشير المعطيات الأولية إلى انخفاض مهول في حجم التبادلات التجارية والحركة الشرائية داخل المدينة بفعل الإجراءات الإسرائيلية، والتي بدورها كبّدت المنشآت الاقتصادية الفلسطينية في المدينة خسائر فادحة، وبخاصة المنشآت التجارية والسياحية وقطاع النقل والمواصلات، لا سيما تلك التي تعتمد على السياحة الوافدة، ما دفع غالبية المنشآت الاقتصادية في البلدة القديمة إلى التوقف التام أو شبه التام عن العمل بنسبة تصل إلى نحو 80 في المئة.

تُستثنى من الإجراءات، المنشآت التي تعمل في تجارة التجزئة لخدمة مواطني البلدة القديمة فقط، مع الانقطاع عن مدينة رام الله المجاورة وخدماتها المختلفة، إذ أصبح حي بيت حنينا الوجهة المفضلة للمقدسيين، وكذلك لفلسطينيي الداخل للتسوق، عوضاً عن البلدة القديمة في القدس، أو مدن الضفة الغربية، بخاصة بعد الحرب على غزة. 

أزمة  في قطاع السياحة

ساهمت القيود الإسرائيلية وانخفاض تدفق حركة السياحة الخارجية بفعل العدوان على غزة، في حدوث انخفاض كبير في نسب إشغال الغرف في فنادق المدينة، إضافة إلى إلغاء عدد كبير من حجوزات السياح في فنادق القدس الشرقية، واقتصار الحجوزات داخل الفنادق على الصحافيين، ما أدى إلى تكبّد القطاع الفندقي خسائر كبيرة، وتسريح للعاملين، وربما قد يدفع استمرار سوء الأوضاع مستقبلاً بعض الفنادق إلى الإغلاق. 

من جانب آخر، تضرر القطاع الصناعي في المدينة أيضاً نتيجة عدم وصول المواد الأولية من الضفة الغربية بفعل المعيقات والحواجز الإسرائيلية. وكان قطاع البناء والترميم في المدينة هو الآخر من القطاعات المتضررة من القيود الإسرائيلية المفروضة على تدفّق العمالة الفلسطينية من الضفة، نظراً الى اعتماده شبه التام على اليد العاملة الفلسطينية من خارج المدينة.

ووفقاً للمعهد، من المتوقع أن تؤدي إعاقة حركة المقدسيين باتجاه مدن الضفة الغربية إلى تراجع في حجم مشتريات المقدسيين منها، فعلى افتراض انخفاض حركة المتسوقين من داخل مدينة القدس إلى الضفة الغربية بنحو 50 في المئة على الأقل بفعل القيود الإسرائيليّة والوضع الأمني، ومن شأن ذلك أن يكبد الاقتصاد الفلسطيني خسائر تقدر بنحو 72 مليون شيكل شهرياً (863 مليوناً سنوياً) من استهلاك السلع المعمرة وغير المعمرة.

القدس بعد 7 تشرين الأول

قالت محافظة القدس في بيان صحافيّ يرصد انتهاكات الاحتلال في المدينة، إن الجيش الإسرائيلي قتل 49 فلسطينياً بالقدس منذ 7 تشرين الأول 2023، نصفهم أطفال، ونفذ 88 عملية هدم في المدينة خلال الفترة نفسها. وأشار البيان إلى مقتل 49 مقدسياً، نصفهم أطفال أعمارهم “أقل من 17 عاماً”، وإصابة 156 بالرصاص الحي والمطاطي.

ولفتت المحافظة إلى “88 عملية هدم و990 حالة اعتقال، و118 حكماً إسرائيلياً بالسجن الفعلي على مواطنين مقدسيين، و80 حكماً بالحبس المنزلي، و36 قراراً بالإبعاد عن مدينة القدس”.

ورصد البيان 4 قرارات منع من السفر، وحالة سحب إقامة واحدة ضد المواطن والأسير المقدسي ماجد الجعبة، مشيراً الى أن 13 ألفاً و120 مستوطناً اقتحموا المسجد الأقصى منذ 7 تشرين الأول الماضي.