fbpx

موائد الإفطار في غزّة لم تعد كما كانت: بذور التمر محلّ القهوة وعلف الحيوانات بدل الدقيق

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الشروط اللإنسانيّة التي يعيشها الغزيون، والحصار الذي يعيشونه، أفقدهم  قدرة الحصول على معظم أصناف طعامهم، مغيباً عن موائدهم الرمضانية أهم الأطباق الشعبية، ما دفعهم الى التحايل على واقعهم المرير واستخدام بدائل بأقل الإمكانات. في هذا التقرير، نرصد هذه البدائل وكيفية توظيفها في أطباق الغزيين على موائد الإفطار.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لا تزال حرب الإبادة ضد غزة مستمرّة وسط حصار فرضته إسرائيل حول القطاع، تسبّب بتجوع الغزيين النازحين المعرضين للقصف بصورة دائمة، هم وكل من يحاول مد يد العون لهم من منظمات دوليّة. وآخر الفظاعات التي ترتكبها إسرائيل في غزة، كان مقتل 7 متطوعين من منظمة “مطبخ العالم المركزيّ” الخيرية باستهداف الشاحنة التي كانت تقلّهم في دير البلح بقصف إسرائيلي.

لم يشفع شهر رمضان للغزيين، على رغم مطالب دوليّة عدة بضرورة “وقف إطلاق النار حالاً في غزة” قبل بداية شهر الصيام، الشأن الذي لم يتحقق حتى بعد قرار مجلس الأمن الصادر منتصف رمضان.

الشروط اللإنسانيّة التي يعيشها الغزيون، والحصار الذي يعيشونه، أفقدهم  قدرة الحصول على معظم أصناف طعامهم، مغيباً عن موائدهم الرمضانية أهم الأطباق الشعبية، ما دفعهم الى التحايل على واقعهم المرير واستخدام بدائل بأقل الإمكانات.

في هذا التقرير، نرصد هذه البدائل وكيفية توظيفها في أطباق الغزيين على موائد الإفطار.

حلاوة إزالة الشعر بديل السكر

أمضى الحلواني عبد الله سلطان (60 عاماً) ساعات طويلة بين المحلات التجارية الغذائية في مدينة رفح جنوب القطاع، باحثاً عن عبوات السكر، إذ يستخدمها سلطان، أحد أهم باعة القطائف، في إعداد القطر (السكّر المغلي) لتحلية أطباق القطايف، الحلويات التي تميّز شهر رمضان في غزة. 

وعلى رغم عدم توافر السكر، عمد سلطان إلى إيجاد بديل، يقول: “أصبت بالإحباط بدايةً، وقررت التوقف هذا الموسم الرمضاني عن صنع القطايف، على رغم أني أعمل بالمهنة منذ 20 عاماً، لصعوبة الحصول على غالبية الأصناف التي تدخل في صناعة هذا النوع من الحلويات، وتحديداً السكر وهو الأهم. فاقترحت عليّ زوجتي استخدام حلاوة إزالة الشعر، كونها مصنوعة من السكر وتفي بالغرض”.

يضيف سلطان: “اشتريت كميات من علب إزالة الشعر، بأسعار مضاعفة عن ثمنها الأصلي قبل الحرب، إذ كانت تباع العبوة الواحدة بأقل من دولار، ونظراً الى الإقبال عليها رفع التجار ثمنها أضعافاً، لكني مضطر لاستخدامها”.

وعن آلية استخدامها يشرح سلطان: “توضع العبوة في ماء مغلي فتصبح سائلة تؤدي غرض القطر ذاته، وأبدأ بتسقية حبات القطائف بها. وهذا العام، وصل ثمن كيلوغرام القطائف الى 6 دولارات أميركية، وهذا سعر مرتفع بالنسبة الىى أهالي القطاع”.

 يوضح سلطان “أن القدرة الشرائية تجاه القطائف خلال الحرب متدنّية مقارنة بالمواسم السابقة، حيث كان الزبائن يصطفون بالعشرات أمام المحلّ لشراء القطائف”. علماً أن سلطان كان قبل الحرب، يمتلك محلاً مشهوراً على مستوى القطاع، لكنه تعرّض للقصف والتدمير، وعندما نزح الى رفح قرر استثمار مهنته في شهر رمضان وفتح كشك صغير يبيع فيه قطائف لتوفير مصدر رزق لأبنائه.

بسبوسة من علف الحيوانات

يعاني مخيم جباليا شمال قطاع غزة، من نقص شديد في الغذاء وصل حد المجاعة، فهناك يعتمد الأهالي على علف الحيوانات والذرة كبديل عن الدقيق، ويستخدمونه في إعداد أطباق حلوى البسبوسة.

تقول ولاء محمود (26 عاماً): “بعد انتهاء صلاة التراويح، كانت تجتمع عائلتي على تناول الحلويات وشرب القهوة، لكن الحرب غيّبت طقوسنا الرمضانية، ومن ضمنها أطباق الحلويات والأكلات، ونحن اليوم نجتهد للحصول على بدائل، من ضمنها علف الحيوانات، فالفكرة بدت جيدة إلى حدّ ما”.

 لم تتذوّق عائلة ولاء المكوّنة من 6 أفراد الدقيق منذ 6 أشهر، لذا تجد في علف الحيوانات بديلاً لا بأس به عن الدقيق، وتدخله في إعداد أي صنف غذائي، بما فيها حلويات البسبوسة.

تقول ولاء: “عجزت عن شراء دقيق لعدم توافره في الشمال، حصلنا على كيلوغرامين خلال إحدى المساعدات الإغاثية لمرة واحدة، استخدمناه لإعداد خبز الطابون. وبالنسبة الى البسبوسة المصنوعة بعلف الحيوانات فطعمها ليس بالسيئ، أعددتها كما أعدّ البسبوسة العادية”.

“أرسل أولادي يومياً الى الأراضي الواسعة لقطف أوراق الخبيزة، فهي نبتة شتوية تعتمد على الأمطار، وتنتشر بكثرة في قطاع غزة، أعددنا منها الحساء، واستخدمتها بديلاً عن ورق العنب”.

قهوة التمر وعصير الفيتامينات

وصل سعر كيلوغرام القهوة في القطاع إلى 100 شيكل عوضاً 10 شيكلات قبل الحرب، ناهيك بعدم توافر القهوة، ما دفع بعض الغزيين إلى صناعة “قهوة” من بذور التمر، التي تباع في الأسواق بأسعار أقل.

 وفق شهادات صنّاع هذا النوع من “القهوة”، تبدأ العملية بنزع بذرة التمر وتجفيفها ثم طحنها، وإضافة حبوب الهال إليها.

وجد الغزيون أيضاً بديلاً للعصائر  التي كانت تزيّن موائد  إفطاراتهم في رمضان قبل الحرب، لا سيما عصير التمر الهندي والخرنوب، فاستعاضوا عنها باستخدام فيتامينات البودرة التي تأتي عبر المساعدات الغذائية الشحيحة للقطاع، والتي يُضاف الماء إليها.

الخبيزة محلّ ورق العنب

 في إحدى مدارس إيواء النازحين غرب غزة، تتجمع النسوة حول أوراق الخبيزة الخضراء، يتشاركن في تقطيعها وتنقيبها وتنظيفها، تجهيزاً لإعدادها بديلاً عن ورق العنب، أحد الأكلات المشهورة في المطبخ الفلسطيني.

تقول نوال بركة: “أرسل أولادي يومياً الى الأراضي الواسعة لقطف أوراق الخبيزة، فهي نبتة شتوية تعتمد على الأمطار، وتنتشر بكثرة في قطاع غزة، أعددنا منها الحساء، واستخدمتها بديلاً عن ورق العنب”.

وتضيف: “لم أتخيل يوماً أن يصل بي الحال إلى هذا الأمر، فقبل الحرب كانت ثلاجتي لا تخلو من اللحوم والأسماك وأصناف الطعام الأخرى. ما نعيشه الآن هو الذل”.

تلفت نوال الى أنها تقطّع أوراق الخبيزة بعد سلقها بالماء المغلي، ثم تقوم بحشوها بالأرز ولفّها، وطهيها على النار مع إضافة مكعبات مرق الدجاج كبديل عن اللحوم.

تتابع نوال بتنهيدة عبّرت عن مأساتها: “لا يمكنك أن تتخيل مدى صعوبة أن يطلب منك الأولاد طعاماً، لكنه غير موجود، فينامون وهم يتضوّرون جوعاً. أحاول ابتداع أي أكلات بديلة عن الأصناف المتاحة، وتقريباً نسيت شكل المطبخ والأكلات التي كنت أعدّها قبل الحرب”.

شيبس من المعكرونة

بعدما يئست إيمان عبد النور (22 عاماً) من إمكانية العثور على “شيبس”، قررت الاستعاضة عنه بأصناف أخرى، كالمعكرونة مثلاً،  إذ يمكن إعداد شيبس منها، ناهيك بأنها الصنف الوحيد الموجود بكثرة في الأسواق وبثمن يناسب قدرتها. إذ يبلغ ثمن الـ500 غرام من المعكرونة قرابة الـ3 دولارات، ويتناول جميع أفراد أسرتها الـ10 الشيبس المصنوع منها، فيما لو أرادت شراء باكيت شيبس من السوق، فإن ذلك سيكلفها 6 دولارات، وبالكاد سيكفي العائلة.

تقول إيمان: “جاءتني فكرة إعداد الشيبس من المعكرونة بعد 4 أشهر حُرمنا  خلالها من تناول أي تسالٍ، سواء الشيبس أو الشوكولاته، فكلّها مفقودة من الأسواق، ما دفعني الى إعداد شيبس من حبات المعكرونة المعروفة، وبدا طعمه جيداً”.

تشرح إيمان طريقة إعداد التشيب باستخدام المعكرونة قائلةً: “نسلق المعكرونة ونتركها لتجف، ثم نضيف إليها منكهات حسب الرغبة، كالشطة أو بهارات الطعام، نقليها حتى تصبح مقرمشة، ونتركها لتبرد ثم نتناولها”. وتضيف بضحكة ساخرة: “تشبه الدوريتوس الذي كنا نشتريه قبل الحرب”.

تؤكد إيمان أن الحرب غيرت جزءاً كبيراً من عاداتهم وطقوسهم حول المائدة، لا سيما في شهر رمضان، لكنهم يحاولون الحفاظ على البعض منها قدر المستطاع، من بينها “التسالي” التي تجتمع العائلة عليها بعد صلاة التراويح.

البدائل الغذائيّة في ظل الغلاء وشحّ المواد 

يقول المحلل الاقتصادي أحمد أبو قمر، إن الحاجة دفعت الغزيين الى البحث عن بدائل، وهي تُعتبر من بديهيات الاقتصاد، ولكن لهذا الأمر سلبيات وإيجابيات، مشيراً إلى أن بعض أصحاب المحلات التجارية رفعوا أسعار بعض السلع الغذائية التي تشكل بديلاً عن تلك المفقودة، ما يعود بمردود إيجابي عليهم، وسلبي على المستهلك.

ويوضح أبو قمر أن الأسواق الغزية تعاني من تضخم، ومعظم الأسر لم تعد قادرة على توفير حاجاتها اليومية، وتحاول بأقل الإمكانات البحث عن بدائل تسدّ جوعهم، وتحديداً الأطفال، مؤكداً وفاة العشرات من الغزيين يومياً بسبب الجوع، وافتقار هم الى الحصول على بدائل، فيما يتعرض أكثر من 80 في المئة من أطفال غزة لسوء تغذية.

ويشير أبو قمر الى أن إسرائيل تهدف من وراء سياسة التجويع، الى تهجير السكان، لا سيما في منطقة الشمال، لإفراغهم تماماً إلى الجنوب، الذي تدّعي أنه آمن، لكنه يعاني من المآسي ذاتها.

بادية فحص - صحافية وكاتبة لبنانية | 20.05.2024

ابراهيم رئيسي… سيرة  مختصرة لـ”آية الله إعدام” و”عدو المرأة الأول”

كان من أكثر المتحمّسين لإصدار قانون "العفة والحجاب"، الذي ألزم المرأة الإيرانية بقواعد محدّدة في اللباس الشرعي، ويقال إنه وضع غالبية مواده، وكان حريصاً على إنهائه بأقل مدة، وتحويله إلى مجلس الشورى للمصادقة عليه، كما كان على رأس الداعين إلى تنشيط عمل شرطة الآداب ودعم عودتها إلى الشارع، بحلّة قمعية جديدة وقبضة حديدية.