fbpx

العراق.. حسابات وهميّة تقود حملة لتأييد قانون يجرّم المثليّة 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

جاء صدور القانون وسط بيئة سياسية عدائية ضد المثليين، مصحوبة بحملات متكررة ومتوالية عبر الشبكات الاجتماعية ضد مجتمع الميم. وشكل الحشد ضد المثليين مادة للتصارع والمزايدة السياسية بمشاركة مختلف الفصائل والتيارات الشيعية، سواء من جانب القوى المرتبطة بإيران أو تيار القيادي الشيعي مقتدى الصدر.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في 27 نيسان/ أبريل، أقرّ مجلس النواب العراقي قانوناً يجرم العلاقات الجنسية المثلية، مدعوماً من أحزاب الإطار التنسيقي في البرلمان، فيما اعتبرته مؤسسات حقوقية انعكاساً لـ”سجل العراق المروع” تجاه مجتمع الميم، وطالبت بإسقاطه، من بينها هيومن رايتس ووتش.

جاء صدور القانون وسط بيئة سياسية عدائية ضد المثليين، مصحوبة بحملات متكررة ومتوالية عبر الشبكات الاجتماعية ضد مجتمع الميم. وشكل الحشد ضد المثليين مادة للتصارع والمزايدة السياسية بمشاركة مختلف الفصائل والتيارات الشيعية، سواء من جانب القوى المرتبطة بإيران أو تيار القيادي الشيعي مقتدى الصدر.

كان مجتمع التحقق العربي كشف طبيعة نشاط هذه الحملات على مدار عامي 2022 و2023. ومع إقرار القانون، ظهرت حملة داعمة من جانب القوى المرتبطة بإيران، للدفاع عن التشريع والترويج له. استدعت الحملة بعضاً من هذه الحسابات الوهمية، للمساهمة في تضخيم خطابها. 

ماذا حدث؟

مرّر البرلمان العراقي مشروع قانون “مكافحة البغاء والشذوذ الجنسي”، الذي قدمه في 15 آب/ أغسطس 2023 النائب المستقل رائد المالكي – المدعوم من القوى الشيعية الموالية لإيران – لتعديل “قانون مكافحة البغاء” رقم 8 لسنة 1988.

التشريع، الذي يقول المالكي إن هدفه الحفاظ على المجتمع العراقي من الانحراف، يفرض عقوبة على العلاقات الجنسية المثلية تتمثل في السجن مدداً تتراوح ما بين 10 و15 عاماً، بدلاً عن عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد التي وردت في المسودة الأولى. 

يشمل القانون الغرامة والسجن سبع سنوات لـ”الترويج للشذوذ المثلي”، مع فرض غرامة لا تقل عن عشرة ملايين دينار عراقي (نحو 7600 دولار).

إلى جانب السجن سنة إلى ثلاث سنوات لكل من غيّر جنسه، وأي طبيب يقوم بـ”تغيير الجنس البيولوجي للشخص بناء على الرغبات والميول الشخصية”. تطاول العقوبة نفسها “التخنّث” والتشبّه بالنساء.

في هذه الأثناء، أطلقت تكتلات إلكترونية تابعة لفصائل عراقية شيعية عدة، وسوماً على منصة “إكس” (تويتر سابقاً)؛ منها: #الغرب_يدعم_الشذوذ، #القواده_رومانيسكي، #سفيرة_الشذوذ_والعار. هاجم الوسمان الأخيران السفيرة الأميركية في العراق، آلينا رومانيسكي.

كان الوسم الأول صاحب النصيب الأكبر من التدوينات بإجمالي 16113 تدوينة، ولّدت 20800 حالة تفاعل على الأقل، وشُوهدت نحو 238 ألف مرة، مع نطاق رؤية إضافي محتمل قوامه 7 ملايين مشاهدة، بحسب إحصاءات أداة Meltwater الرائدة في تحليل الوسوم على منصة “إكس”.

فترات نشاط وسم #الغرب_يدعم_الشذوذ – Meltwater 

وكانت هناك 14.5 ألف تدوينة صادرة من حسابات غير معروف مكانها، وهو أحد المؤشرات إلى وجود نشاط غير أصيل تغذّيه حسابات وهميّة.

بالنسبة إلى النطاقات الجغرافية المعروفة، كان العراق في الصدارة برصيد 1200 تدوينة على الأقل، يليه لبنان بـ94 تدوينة، وإيران بـ59 تدوينة، ثم الولايات المتحدة بـ51 تدوينة واليمن بـ34 تدوينة.  

وحسب تحليل الخطاب الوارد في منشورات الوسم، جاءت نسبة 75.7 في المئة من المنشورات، بما يساوي 12.2 ألف منشور، لتعبر بشكل سلبي عن المثلية الجنسية والمثليين. أما التعليقات الإيجابية فكانت نسبتها 6.4 في المئة (1000 منشور)، والمحايدة 17.6 في المئة (2800 منشور).

لم تقتصر التدوينات السلبية على الحديث عن المثلية، لكنّ طيفاً منها وجّه نقداً للسفيرة الأميركية في العراق، وسط مطالبات بطردها.

الأكثر تأثيراً

حصدت تدوينات عدة مئات التفاعلات، بعد صدورها من حسابات يتابعها آلاف وعشرات الآلاف. ومن أبرز الحسابات المؤثرة في وسم #الغرب_يدعم_الشذوذ، وتلك التي حصلت تدويناتها على أعلى التفاعلات، الحسابات التالية:

@ahmadabdulsada, @PMF313Qm, @bas_irra, @BnT_Al_ansar, @ahmadsayaddager, @ali_313ali0, @Amo2o1, @VAZvoOWBK3OJNRl, @amna2004k, @fragranc313, @RussiaArabic0, @zony97, @ALnajafi5050, @alawy_313, @UmKrar313, @Zahraa5t, @almuswia24, @jihad_alsadee, @adal1247.

يأتي على رأس هذه الحسابات، حساب الشاعر أحمد عبد السادة، المعروف بالتعبير عن دعم مواقف القوى المرتبطة بإيران، وممارسته التحريض ومشاركته في حملات إلكترونية عدة لصالح هذه القوى. 

كما برز حسابا “نورس مهاجر” و”ابن الجنوب” المعروفان بالتحريض والانخراط في الحملات المرتبطة بإيران.

14 تدوينة في الدقيقة 

شارك 1875 حساباً في موجة التدوين على هاشتاغ #الغرب_يدعم_الشذوذ، لكنها لا تدار جميعاً أو يملكها أشخاص حقيقيون.

حملت حسابات كثيرة مشاركة في الوسم علامات على أنها وهمية؛ مثل نشاطها غير الطبيعي، وطبيعة محتواها وتوقيتاتها المتزامنة في النشر.

على سبيل المثال، نشر حساب alIraqi411990@ في الساعة 11:08 من مساء 28 نيسان/ أبريل (بتوقيت العراق)، 14 تدوينة دفعة واحدة.

التدوينات الـ14 كانت من إجمالي 97 تدوينة لا تتضمن أي نصوص سوى الهاشتاغ وأرقام تسلسلية تصاعدية للتدوينات. نشر الحساب هذه التدوينات في غضون سبع دقائق، وهو معدل نشر قياسي لا تقوم به الحسابات المملوكة للأشخاص الحقيقيين. 

وينتشر وجود منشورات بهذا النسق خلال الحملات الإلكترونية في المنطقة العربية، لكنها تنتشر بشكل أوسع في العراق. وقد يتم وضع حروف لا تشكل معنى مفهوماً.

وهذه الممارسات تشكل نسقاً شائعاً لعمل الحسابات الوهمية في المنطقة، وغرضها تضخيم الوسوم ودفعها إلى قائمة الموضوعات الأكثر تداولاً على منصة “إكس”، في وقت قصير. 

تكرر الشيء نفسه من حسابات:

@bs8124557522839, @bs8124557522839, @fmsmylbrhym1, @lwrdhlm71421155, @AlmhndsTyar, @FfFf893461, @abwhmwdy895108, @gzwn187066, @ads_awe31663, @OmFatima678145, @shmr23991, @NcNc785056, @iS8df8tXbp93259.

أُنشئت هذه الحسابات في غالبيتها في تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر 2023، فيما دُشِّن أحدثها في نيسان أبريل الماضي؛ مثل حسابي HFlyh70225@ و@Mustafaali75457. 

ومن سماتها البارزة أن عدداً كبيراً منها لا يضع صوراً تعريفية، والبعض الآخر يضع صور المرشد الإيراني علي خامنئي، وأبو مهدي المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي السابق، إضافة إلى شعارات الحشد ومنظمة بدر وحركة النجباء.

لم يحدد الموقع الجغرافي في المساحة التعريفية للحسابات، وهي إحدى أبرز السمات المميزة أيضاً للحسابات الوهمية. كما لا تحظى بمتابعة كبيرة مقارنة بمعدلات نشرها آلاف التدوينات. وتحتوي تدويناتها على محتوى متطابق. 

تتبادل شبكة الحسابات الوهمية المشاركة في الحملة المناهضة للمثلية متابعة بعضها؛ إذ لاحظنا متابعة مسؤول الإعلام الحربي في اللواء “الحادي والعشرون” في الحشد الشعبي، هاني العابدي، الحساب (mjtby195924@) المشارك في الحملة والمشتبه بأنه حساب وهمي. فيما تتابع حسابات أخرى، منها حساب iS8df8tXbp93259@ المشتبه بأنه وهمي، حسابات أحمد عبد السادة، ومديرية الحشد الشعبي، وقناة العهد القريبة من الفصائل الموالية لإيران.  

قنوات تلغرام

قادت قنوات عراقية على “تلغرام” حملة التدوين على وسمي #الغرب_يدعم_الشذوذ و #سفيرة_الشذوذ_والعار. وسبق أن تورطت القنوات في حملات معلوماتية للتضليل والتصيد، والتعبير عن مواقف القوى الشيعية المدعومة من إيران والترويج والدعاية لسياسات طهران في المنطقة، وفق ما كشفته تحقيقات سابقة أجراها مجتمع التحقق العربي.

من بين هذه القنوات: “تغريدة الحشد (الشعبي)، ترند قوارير الحشد، شهد الياسري”، التي تضم عشرات الآلاف من المشتركين عبر “تلغرام”.

يوم الأحد 28 نيسان، قالت قناة “ترند قوارير الحشد” إن “وسم #الغرب_يدعم_الشذوذ يتصدر ترند العراق على منصة “إكس”، والمتداول الآن بواقع 12 ألف تغريدة”. وأشارت أيضاً إلى “تصدّر وسم #امريكا_تنتفض”، قبل أن تختم منشورها قائلة: “بوركت جهودكم يا أبطال الجبهة الإعلامية على مشاركتكم معنا”.

الصيف الماضي، أطلقت القنوات نفسها وسم #امريكا_امة_الشذوذ، الذي جمع آنذاك 17.260 ألف تدوينة. حينها، دقق مجتمع التحقق العربي في ظهور الهاشتاغ في غضون مناخ تحريضي عابر للحدود ضد مجتمع الميم، بمشاركة التكتلات الإلكترونية لمختلف الفصائل الشيعية، سواء في العراق أو لبنان أو اليمن.

لقطات توثق دعوات قناة ترند قوارير الحشد لوسم #أمريكا_أمة_الشذوذ – يونيو/ حزيران 2023

ظهر هاشتاغ #امريكا_امة_الشذوذ مكتوباً على صور تكرر تداولها عبر الوسم الحالي #الغرب_يدعم_الشذوذ. كانت الصور تعقد مقارنة بين المرشد الإيراني والرئيس الأميركي جو بايدن.

حملة على حزب “تقدّم”

على هامش موجة التدوين تأييداً لقانون مكافحة البغاء والمثلية الجنسية، هاجمت حسابات أنصار قوى شيعية حزب تقدّم، الذي يرأسه محمد الحلبوسي، رئيس مجلس النواب المُقال بقرار من المحكمة الاتحادية العليا، في تشرين الثاني الماضي، بدعوى تزوير أوراق رسمية.

استند الهجوم إلى تصريحات سابقة للحلبوسي، عبرّ فيها عن عدم تأييده للقانون، خشية من تداعيات دولية محتملة على العراق، قائلاً: “لسنا بحاجة الى قانون لتجريم فاحشة يرفضها المجتمع العراقي”، حسب قوله. 

تضمنت موجة الهجوم ترويج معلومات مضلّلة، منها صورة مصحوبة بتعليق يقول: “عاجل حزب تقدم رداً على قرار البرلمان اليوم لمكافحة البغاء وعبر (بنات تقدم) يدعم الشواذ والتعري للفتيات ويدعي أنها الحرية، هي ليس حرية، هي تعري الصورة من كورنيش الرمادي اليوم”.

لكن مبادرة “التقنية من أجل السلام”، المعنية بالتحقق من الأخبار في العراق، أوضحت أن الصورة تمت معالجتها عن طريق أدوات تحرير الصور.