fbpx

أخبِرنا يا كونديرا… كيف يبدو الموت عن قرب؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ميلان كونديرا هو الكاتب الذي يستطيع أن يحوّل اللاشيء إلى نص مدهش في درجة عمقه وجموحه وجدّته، يستطيع ألا يشبه أحداً وأن يسلك طريقه وحيداً وبمنتهى الإبداع والفردية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ككائن لا تُحتمل خفّته، غادر ميلان كونديرا العالم وطار إلى مكان آخر، لا نعرف شكله ولا كيف تبدو الطريق إليه، وربما من سوء طالعنا أن كونديرا هذه المرة لن يكتب لنا عما يحدث معه الآن، وكيف بدا الموت عن قرب. لا أحد يعرف كيف سارت الأمور لحظة التقاء كونديرا بحتفه، وإن كان تعامل مع الأمر باعتباره مزحة أخرى من مزحاته، فأمسك يد الموت وطفق يضحك منه، كأنه يعرف كل شيء ولا يهمّه أي شيء.

كثر الحديث عن كونديرا بوصفه أبعد من مجرد كاتب فرنسي من أصول تشيكية، وأبعد من كونه واحداً من أشهر الكتاب اليساريين في العقود الأخيرة، فسرعان ما يتحوّل الحوار حين يكون كونديرا وسطه إلى قصة سياسية، عن روائي متّهم بالجاسوسية، قليل الكلام، كتب كثيراً، وصمت كثيراً، من دون أن يلغي ذلك أثره في السياسة منذ أيام الاتحاد السوفياتي وحتى الآن.

قرر كونديرا عام 1995، أن يجعل من الفرنسية لغة لسانه الأدبي من خلال روايته “البطء”، متخلياً بذلك عن انتمائه إلى التشيك. إلا أن رواياته في الواقع تُرجمت إلى لغات كثيرة، حتى أصبح كونديرا كاتباً أممياً، فتح نافذة جديدة في الأدب العالمي، نافذة على العمق والعبث والأسئلة الوجودية التي قد تطرأ في أقصى لحظات التفاهة أو المراوحة أو اللاشيء، في نص كونديرا الأدبي، حتى أنه أطلق على آخر رواياته اسم “حفلة التفاهة”.

كونديرا هو الكاتب الذي يستطيع أن يحوّل اللاشيء إلى نص مدهش في درجة عمقه وجموحه وجدّته، يستطيع ألا يشبه أحداً وأن يسلك طريقه وحيداً وبمنتهى الإبداع والفردية.

رحل كونديرا من دون أن يحظى بجائزة نوبل للآداب على رغم أنه لطالما كان مرشحاً لها، وهو ما يطرح سؤالاً مهماً: “إن لم يكن كونديرا يستحقها فمن الذي يستحقها؟”.

لكن الإجابة تتكثف بسرعة، ويبدو المشهد أوضح شيئاً فشيئاً، لم يكن سبب حرمان كونديرا من الجائزة أدبياً أو لنقص في الإبداع أو العطاء الفكري أو الروائي، ولكن ربما وعلى الأرجح كانت الأسباب محض سياسية، كونه محسوباً على بقايا الاتحاد السوفياتي غير المرحب بهم في بعض الجوائز الأدبية.

لكونديرا سيرة سياسية قبل كل شيء، وهي السيرة التي لا يمكن غض الطرف عنها حين نستذكره أو نناقش منتوجه الأدبي، فكونديرا الأديب والروائي هو أيضاً “الناشط” السياسي البارز في “الحزب الشيوعي” و”الجاسوس” والمناضل.

عام 1968 تقريباً، فقد كونديرا وظيفته بعد دخول الاتحاد السوفياتي إلى تشيكوسلوفاكيا، بعد انخراطه بما سُمّي “ربيع براغ”، فهاجر إلى فرنسا بعد سنوات، بعد منع كتبه من التداول لمدة خمس سنوات.

“الضحك والنسيان”، وهو أول كتاب قرأته لكونديرا في حياتي، انتهى بأن سُحبت منه الجنسية التشيكية، ليحصل لاحقاً على الجنسية الفرنسية عام 1981، ويواصل الكتابة بالفرنسية، وقد حازت إجادته هذه اللغة على ثناء لافت من كتّاب جيله وقرائه المتنوعين.

ثم أتت رواية “كائن لا تحتمل خفته” كنتيجة لكل هذه “الكركبة” في حياة كونديرا، وهي ربما الرواية التي جعلت منه كاتباً عالمياً، لما فيها من أبعاد فلسفية ووجودية، إذ لا يمكن أن يمرّ المرء عليها ولا يشعر بتلك الصفعة التي يحدثها الأدب الجميل والحقيقي في قلب قارئه.

بالنسبة إلي، موت كونديرا لن يغيّر أي شيء، لأنني ككثيرين ممن تأثروا به من كتاب وقراء، أحتفظ به في داخلي، وفي لحظة الكتابة يحرس كونديرا نصي من الارتباك وحين أسقط يرفعني، يقول: “وحدها الأسئلة الساذجة هي الأسئلة المهمة فعلاً. تلك الأسئلة التي تبقى من دون جواب. إن سؤالاً من دون جواب حاجز لا طرقات بعده. وبطريقة أخرى: الأسئلة التي تبقى من دون جواب هي التي تشير إلى حدود الإمكانات الإنسانية، وهي التي ترسم وجودنا”… سنلتقي يا كونديرا، سنلتقي يا صاح.

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 16.05.2024

“مفاتيح دبي”: عن علاقة إلياس بو صعب ببرج نورة الإماراتي!

برز الياس بو صعب كشخصية محورية في لبنان في السنوات الأخيرة الماضية وضجّت مؤخرًا وسائل الاعلام بخبر فصله من التيار الوطني الحر. تكشف وثائق مشروع "مفاتيح دبي" بالتعاون مع مشروع "الإبلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد" OCCRP، عن امتلاك بو صعب ستة عقارات في برج نورة الاماراتي. تبلغ القيمة التقريبية للعقارات نحو 6.5 مليون دولار أميركي.