fbpx

هذه هي مشكلة لبنان الأولى!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في لبنان يترافق انهيار الدولة مع تجدد عصبيات قديمة وتناسل عصبيات جديدة، وتلك قضية لبنان الأهم.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

حين تتفسخ الدولة يتفسخ المجتمع، تماماً بقدر ما تتفسخ الدولة حين يتفسخ المجتمع.

هذه، من بين كل الحقائق الكثيرة، حقيقة لبنان الأولى والأهم.

قبل أسابيع انفجر نزاع بين أهل بشري وأهل بقاعصفرين (الضنية) في الشمال، قضى فيه شخصان من بشري. النزاع كان بسبب عقارات متنازع عليها لوقوعها في الوسط بينهما. هكذا ارتفعت المطالبة بـ”ترسيم الحدود” بين البلدتين، وهو كما نعلم تعبير يختصّ بالخلافات الحدودية بين الدول.

لكنْ إذا كنا هنا أمام نزاع بين بلدة مارونية (بشري) وأخرى سنية (بقاعصفرين)، فإن البلد لا يبخل بمشكلات تعود إلى أسباب مشابهة وبعضها يحظى بجذور ضاربة في القدم وقابلة للانفجار. هكذا تجددت مشكلتا لاسا (الشيعية) والمطرانية المارونية، وكذلك العاقورة (المارونية) واليمونة (الشيعية). وهذه كلها تتفجر في رقعة جغرافية صغيرة نسبياً من جرود جبيل وامتدادها البقاعي المباشر.

إلا أننا نظلم الطوائف كثيراً حين نحصر التفسخ اللبناني الراهن بالطائفية. ففي محافظة عكار صراع مشابه بين قريتين مسلمتين سنيتين ومتجاورتين هما فنيدق وعكار العتيقة، اللتان تتنازعان على منطقة القموعة الواقعة في الوسط بينهما. وقبل أيام قليلة عانى أهل الشياح ليلة صعبة على وقع اشتباكات بين عائلتي الخليل ودمشقية الشيعيتين. 

وكما تعجز الطوائف عن التوحيد، فإن الأحزاب تعجز عنه أيضاً. وها هي جريدة “الأخبار” (ما غيرها) تحدثنا عن “منازلة” داخل “حركة أمل” في بنت جبيل بين المنضوين فيها من آل بزي والمنضوين من آل بيضون. أما مصدر النزاع فيعود إلى قرار نبيه بري إحلال أشرف بيضون محل علي بزي في تمثيل القضاء. ومعروف أن العائلتين المذكورتين عرفتا، منذ الاستقلال، تنافساً على الزعامة المحلية في بنت جبيل. وبدوره كان “الحزب القومي السوري” قد وضعنا، في العام الماضي، أمام عدد من التمرينات على العنف والاستيلاء على المكاتب ما بين جناح أسعد حردان والجناح الذي يناهضه، فيما “حزب البعث” (السوري) مشطور إلى شطرين مجهريين. أما معركة وراثة سعد الحريري في “تيار المستقبل”، ولكنْ أيضاً وأساساً في الطائفة السنية، فتتوالى فصولاً، وربما كانت هي مما يفسر الخلاف الأخير بين وزير الداخلية بسام مولوي والمدير العام لقوى الأمن الداخلي عماد عثمان.

واقع الحال أن انهيار الدولة سبب كاف للتسبب بما حصل، حيث تتجدد العصبيات القديمة وتتناسل عصبيات جديدة. فكيف حين يأتي ذاك الانهيار مصحوباً بانهيار الاقتصاد الوطني على نحو يفاقم السباق على الموارد المتضائلة ويجعله أكثر احتداماً، وهذا ناهيك عن أن انتعاش الاقتصاد غير الشرعي، مما نعيشه اليوم، هو بذاته بؤرة خصبة لتكاثر هذه الخلافات ولمحاولات فضها خارج القانون.

ويمكننا هنا أن نعد ما لا حصر له من نزاعات تشي بالتفسخ بين الطوائف وداخل الطوائف، وبين المناطق والأحزاب أو داخلها. ومن دون مبالغة في إعمال الخيال يمكن هنا الإشارة إلى بؤر قابلة للتفجر في أية لحظة، استناداً إلى ماضٍ عدائي بعضه بعيد نسبياً وبعضه غير بعيد:

ففي الطيونة وعين الرمانة، ولكنْ أيضاً في جزين وربما في مناطق جنوبية أخرى، هناك دم فاسد بين الموارنة والشيعة، وهناك دم لا يقل فساداً بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، ولكنْ أيضاً داخل “التيار الوطني الحر”، وكذلك الحال بين الجنبلاطيين واليزبكيين الدروز، كما بين زغرتا وبشري، وفي ما بين عائلات زغرتا، أو بين “حزب الله” وعرب المسلخ، أو بين البقاعيين والجنوبيين في الضاحية الجنوبية وكل من الطرفين مقابل سكان الضاحية “الأصليين”…

واقع الحال أن هذه هي قضية لبنان الأولى، لا سواها من القضايا على أهميتها. فهي التي تقرر ما إذا كان لبنان سيكون أو لن يكون. وهي قررت على ما يبدو فخسر لبنان هذه القضية وخسرناها معه.

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 06.05.2024

الاحتجاجات الطلابيّة: فرصة لتصحيح البوصلة الأخلاقيّة للسياسة الأميركية!

أوشك تخييم المحتجين في جامعة كولومبيا على الانتهاء، لكن لم ينتهِ أثره ولا التحركات في جامعات أخرى حول العالم، فهل تلعب الاحتجاجات الطلابية مجدداً دوراً تاريخياً في تصحيح المسار الأخلاقي للأداء السياسي والضغط لإنهاء الفصل العنصري؟ أم سنشهد المزيد من القمع لحرية الرأي والتعبير في الجامعات، التي يجب أن تكون منطلقاً صحياً للحياة الديمقراطية؟