fbpx

 جبران باسيل يشقّ طريقاً من الكحالة إلى بعبدا 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

   اللحظة الطردية لازدحام الوعي المسيحي الجمعي تجاه سلاح “حزب الله” في الكحالة، لم تحجب الوجه الانتهازي لهذا الوعي، وهو ما تكفل به من موقع الحدث، وبالدم، النائب العوني سيزار أبي خليل، قبل أن تكثفه في اليوم التالي تغريدة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 يفضي الاستغراق في الوعي المسيحي إلى التالي: فادي بجاني هو الوعي العوني الواقعي تجاه “حزب الله”. لم يكن ميشال عون، ولا جبران باسيل، ولا البيئة الحزبية  المنتفعة، و المحيطة بالأخيرَين، إلا الوجه الانتهازي  لهذا الوعي.

 لحظة سقوط بجاني بسلاح “حزب الله”، تحولت إلى لحظة مؤسِّسة لمناخ آخر عن تلك اللحظة التي انبثق منها تفاهم مار مخايل بين الحزب و”التيار الوطني الحر”، أو بين السيد حسن نصرالله والعماد ميشال عون إذا ما أراد المرء إعادة مسار هذا التفاهم إلى واقعيته كعقد تفاهم بين شخصين، لا بين وعيين.

   كان التفاهم المذكور، و قبل حادث الكحالة، قد واجه عثرات كثيرة يسَّر تفاديها طابعها السياسي الذي اندرج غالباً كانتفاع سلطوي عند العونيين، فيما السبات الأخير للتفاهم الذي تلى انتهاء ولاية عون ومآل السلطة إلى حكومة تصريف الأعمال، بدت لحظة الخروج منه متاحة باستئناف لقاءات الطرفين أخيراً.

  في الكحالة، بدا الأمر مختلفاً. كان العوني فادي بجاني يطلق النار على ذلك التفاهم. وكان “حزب الله” يباشر رصاص سلاحه ضد العونيين للمرة الأولى. والأخيرون بالمناسبة، كانوا الاستثناء الوحيد لسياق باشره “حزب الله” قبلاً  ضد الجميع، وإن بدا هذه المرة ملتبساً بالتباس التفاهم في وعي الحزب وجمهوره تحديداً. لماذا؟

  كان وعي مرافقي شاحنة الحزب مثقلاً بكل شيء عن بجاني إلا عونيته. كان الضحية يقيم كقواتي أو كتائبي في وعي هؤلاء، وفي وعي جمهور الحزب عموماً قبل انكشاف هويته السياسية. مرد الأمر في هذا الالتباس إلى وعي متهافت أخرج “العوني” من الوعي المسيحي العميق بمجرد التقاء انتفاعين في 6 شباط/ فبراير من العام 2006 في كنيسة مار مخايل. فيما بجاني أطلق رصاصاته من باب كنيسة أخرى، وهو مكتمل الوعي بالهوية السياسية لمرافق كانت كل وقائع الحادث من الشاحنة إلى السلاح، إلى المرافقة، تشي بهويته.

   اللحظة الطردية لازدحام الوعي المسيحي الجمعي تجاه سلاح “حزب الله” في الكحالة، لم تحجب الوجه الانتهازي لهذا الوعي، وهو ما تكفل به من موقع الحدث، وبالدم، النائب العوني سيزار أبي خليل، قبل أن تكثفه في اليوم التالي تغريدة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.

   كلام أبي خليل على حدته كان على الأرجح تسريعاً لاستدعاء التسوية الرئاسية بين “حزب الله” والتيار الوطني الحر، وبشروط العونيين طبعاً.

    لكن الدلالة الأكثر رجحاناً على استدعاء تسريع التسوية مع “حزب الله” كانت في متن تغريدة جبران باسيل. كلمات الأخير المكتوبة بعناية، والتي تخدم سياسياً شروط صاحبها للاستثمار بالدم، أكثر من كلام يقال على مجراه، تفضي إلى هذا الاستدعاء الذي بدا مترنحاً  قبل الكحالة.

  أراد باسيل في تغريدته استئناف تفاهم ما مخايل من حيث دخل في سباته الأخير، وبالشروط النفعية ذاتها التي حكمت ولادته في العام 2006، والسياق والمآل ذاتهما.

  لم ينسَ باسيل في تغريدته محاولة استلاب وعي عوني عائد إلى ” رشده”. “كوع الكحالة له رمزيته النضالية الكبيرة بوجداننا كلنا” كتب باسيل، لكنه يعود إلى سيرته الأولى كمستثمر سياسي فيضيف: “أهمية أن تكون المقاومة محتضنة من الشعب اللبناني وإلا تفقد مناعتها وقوتها. يحمي لها ظهرها شعب لا شخص”.

     الشخص هو سليمان فرنجية بالطبع، أما الشعب الذي يتحدث عنه باسيل فهو “العونيين”. هذا أمر يدركه باسيل ويعرفه “حزب الله”، الذي يعرف أيضاً أن “مقاومته” تحوز في أحسن الأحوال احتضاناً شيعياً لا يلبث باسيل أن يدرجه كمؤشر مختل عن “المقاومة” في الوعي اللبناني الجمعي. ” لدلالة كبيرة بأنه ما بيكفي يكون في وحدة شيعية حتى المقاومة تكون بخير والبلد بخير، والوحدة الوطنية بتبقى أكبر وأكثر مناعة”. نحن والحال أمام جبران باسيل يستدعي “حزب الله” إلى عقد ثنائي من باب وحدة وطنية غالباً ما كانت هشة، و كان تفاهم مار مخايل أحد أبرز أسباب تلاشيها.

“عونية” فادي بجاني،  مضافاً إليها كلام سيزار أبي خليل، وليس انتهاءً بتغريدة باسيل، تشي بأن مآل الظهير المسيحي لسلاح “حزب الله” رهن أمرين:

الأول، تلاشيه إذا لم يسرع الحزب باستدعاء تسوية باسيل الرئاسية، وغالب الظن أن مباشرة مجلس النواب بمناقشة أحد شروطها تندرج ضمن الاستدعاء المذكور.

الثاني ، أن الاستثناء العوني الذي غرد خارج السرب عند “كوع” الكحالة، لا  يسيَّل في السياسة. إنه يصلح للاستثمار والتناغم النفسي على وسائل التواصل بين ناشطي “حزب الله”  وبين “أيقونتي”  هذا الاستثناء ساندرا مرهج وزينة كرم.

  أمر آخر هو أن مشهد الجيش اللبناني في كل وقائع الحدث وشى أيضاً بأن طريق الكحالة كمعبر إلى بعبدا يتعدى الجغرافيا. إنه طريق تقديم الاعتماد إلى رئاسة الجمهورية.