fbpx

لا نريد  “شهداء” لحريّة التعبير… وضد التهديد والاعتذار القسريّ

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الاعتذارات المتعددة عن النكات والعنف الأسريّ تحمل أطياف الهزيمة، وتدفعنا نحو خانة الدفاع عن البديهيات، حتى مساحات اللعب المتمثلة بخشبة المسرح أصبحت خطرة، ألا مكان إذاً لنكتة عن الرب العليم الذي لم يعرف من دق بابه؟ أو مساحة للتمايل على كلمات مها عبد الوهاب “عشفافي مرمغ شنباتك”؟.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أوقِف الكوميدي اللبنانيّ نور حجّار  في بيروت بسبب نُكتة قديمة، اتُّهم إثرها بـ”إهانة المشاعر الدينيّة”. اشتعل الشارع اللبناني، واجتمع المحتجون أمام مقر الشرطة العسكريّة، هاتفين:” يا عسكر عسكر على مين، عسكر على الشعب المسكين”.

أُطلق سراح نور حجار ليلاً بعد اعتقاله صباحاً، لنفاجأ في اليوم الثاني بأن حجار يعتذر، بعدما تعرض وعائلته لتهديدات بالقتل، مؤكداً “احترامه جميع المعتقدات الدينيّة”.

صيغة الاعتذار هذه واضح أنها نتاج الترهيب والتخويف، بل يمكن اختزال ما حصل بالقول، لا تمزح وإلا تُهدد، وإن ألقيت نكتة (أو “نكشنا” لك نكتة منذ سنوات) عليك أن تعتذر. نحن أمام شأن مرعب في ما يخص حرية التعبير، تلك التي لا بد أن نكون راديكاليين حين الحديث عنها، لكن “مسلسل الاعتذارات” لا يتوقف هنا.

انتشر فيديو أخيراً لزوج يطلق النار على زوجته في التبانة في طرابس، هكذا أمام عدسة كاميرا المراقبة، لنراها تقفز لتفادي الرصاص الذي كاد يودي بحياة ابنها. انتشرت القصة وأثارت الجدل والحنق حول العنف الأسريّ، ليتحفنا بعدها الزوج مع زوجته في فيديو، تعتذر فيه لأنها “خرجت من المنزل من دون إذنه”.

كذلك، انتشر أخيراً فيديو لشقيق سلوان موميكا، يعتذر فيه من المسلمين، ويتبرأ من أخوه الذي أقدم على حرق المصحف في كوبنهاغن، ودفع الحكومة الدنماركيّة الى الاعتذار بل محاولة سنّ قانون لتجريم “الاستخدام غير اللائق للرموز الدينيّة” تضاف إلى ما سبق، عشرات الفيديوهات التي يعتذر فيها سكان الضاحية الجنوبيّة في بيروت من حسن نصر الله بعد شتمه في لحظات الغضب.

الهزيمة والاعتذار القسريّ

صيغ الاعتذار هذه بعد التهديد، تشابه الاعتراف القسري أو تحت التهديد، وتطاول من عبر عن رأيه، ساخراً أو ناقداً أو متحامقاً، مهما كان موقفنا من كلامه أو فعله، النكتة السيئة، حرق كتاب، يبدو أنها “خطايا” تتساوى أمام الغضب والخوف على المشاعر الدينية سواء الخاصة بالمقدسات أو الوصاية على المنزل.

 صيغة “الاعتذار” مفادها أن حرية التعبير أو حتى الشكوى ضد العنف الأسري، يمكن الاستغناء عنها حفاظاً على مشاعر الغاضبين الجاهزين لـ”التصرف”، من هؤلاء الغاضبين فئة المحافظين على الأخلاق العامة أيضاً، إذ اعتذر مدير أعمال المغنية اللبنانية سارة زكريا، بسبب عبارة “كلب ابن ستين كلب” التي افتتحت بها أغنيتها الشهيرة “تعي نتجوز بالسر” في حفلة في مصر، وسُحبت منها رخصة الغناء.

هناك ما يثير الحنق في ما يحصل، في الوقت ذاته، نتلمس ملامح “كسر الخاطر”  و”الخوف” على وجوه من يعتذرون، هي أشبه بوجوه أولئك الذين أجبرهم النظام السوري على “الاعتراف” على القنوات الرسميّة بتهمة التعامل مع جماعات إرهابيّة، الاعتراف هنا بهدف النجاة، وفي حالة “الاعتذار” هو دفع الخطر والتهديدات، بكلمات أخرى، ما نشاهده ليس اعتذاراً، هو انتصار لسطوة السلطة والدين والجموع الغاضبة التي تعضّ على الأخلاق والدين، ومستعدة لتهديد كل من يختلف معها، ولو بمزحة.

يفترض الاعتذار اعترافاً بالذنب ممن اعتذر، وإقراراً بنهاية غضب/ حزن من تعرض لأذى، وتوازي بالقوى بين الاثنين خصوصاً أننا لسنا أمام جرائم ضد الإنسانية، بل مزحات وحماقات، لكن من يعتذر في هذه الحالات، ضعيف، يعترف للنجاة لا دفاعاً عن موقفه أو حسماً للمشكلة، بل تفادياً لها. من يعتذر في هذه السياقات، بمواجهة حشود رقمية وواقعيّة تدافع وتحمي ما يمكن لها ببساطة أن تتجاهله.

الاعتذار إقرار مُجحف بـ”الذنب” الذي ليس بالأصل ذنباً، بل وجهة نظر مست الحساسيات المفرطة للسلطويين والمتدينين والذكوريين والخائفين على الأخلاق، تشفي غليل الشتّامين والشامتين، لنرى أنفسنا نتساءل: أيمكن لنكتة أن تهزّ إيمان أحدهم؟ ألم يهزّ إيمانه الفساد والسرقات التي راح ضحيتها؟.

أُطلق سراح نور حجار ليلاً بعد اعتقاله صباحاً، لنفاجأ في اليوم الثاني بأن حجار يعتذر، بعدما تعرض وعائلته لتهديدات بالقتل، مؤكداً “احترامه جميع المعتقدات الدينيّة”.

راديكاليّة الدفاع عن حرية التعبير

تحيلنا الصيغة السابقة من الاعتذار إلى الشأن السياسيّ، نجد أنفسنا الآن، في مواجهة غضب وتهديد يستهدفان الحريّات، كي ننشغل بها نحن من نمتلك “رفاهيّة” المسافة، كوننا بعيدين عن سطوة الأنظمة التي هربنا منها. نجد أنفسنا مشغولين بالبديهيات، وانتهاك أبسط الحقوق، بينما القتل والفساد قائمان، نُدفع نحو الدفاع عن الحق باللباس واللعب والكلام، بينما يموت السجناء السياسيون في مصر، وفيما “كفت اليد” عن ملاحقة رياض سلامة، ويهدد “حزب الله” أمن لبنان في نصب خيم في الشريط العازل عن إسرائيل، لكن كل هذا غير مهم، ولا يثير حنق أحدهم، نُكتة تثير الغضب، وحرق مصحف من قبل ميليشاوي تابع للحشد الشعبي، أشد خطورة من أي شيء آخر.

لا يمكن هنا المزاودة عمن اعتذر، فالدخول في معركة قد تودي بحياته شأن شديد الشخصيّة، و في معادلة الاعتذار أو الموت، ليكن الاعتذار، الحق بالنجاة والحياة لا يمكن الجدل حوله، لا أحد يريد “شهداء حريّة التعبير”. لكن في الوقت ذاته، هناك “راديكاليّة” لا بد منها في الدفاع عن هذا الحقّ، إذ تضيق المساحات شيئاً فشيئاً أمام الكلمات والشكوى والسخرية والنكتة، كما في حالة السيدة التي اعتذرت بعد إطلاق النار عليها، لا مكان لها لتوجه اللوم والاتهام، فهل نصالح ونعتذر إلى حد تلاشي حقنا بقول ما نريد أو حتى ما يؤذينا؟.

الواضح أن المؤسسة القضائيّة في لبنان تتجاهل التهديد بالقتل، وتوجه اتهاماتها الى النكات، وغضب “المسلمين” في العراق يُصبّ على مصحف عثمان لحمايته من الحرق، والنقابات الفنيّة في مصر تسارع لإيقاف كل ما يهدد “الأخلاق”، الوضع مأساويّ، بل أشد، المأساة تفترض خلاصاً ما في النهاية، نحن أمام حرب لم تعد جبهاتها واضحة، أو لنقل، جبهاتها شديدة الاتساع، هذه الحملة على الحقوق أشبه بتقويض لآخر ما تبقى من مكتسبات الربيع العربيّ، الحق بالصراخ والسخرية والكلام.

أزمة الدهماء والقضاء

الاعتذارات المتعددة بأشكالها تحمل أطياف الهزيمة، خصوصاً أن المواجهة والدفاع عن الحريات يُهددان الحياة، في الوقت ذاته، لا يمكن دفع أحد نحو الموت لأجل كلمة، كيف نتصرف إذاً، نعيد نشر كل النكات التي تهين الذات الإلهيّة؟ كل الأغنيات التي تمسّ الأخلاق؟ نزدري كل الكتب المقدسة؟ لا إجابة، لكن ما يمكن قوله، وبخاطر مكسور، أننا ضحايا مرتين، ضحايا التهديد، وضحايا “الاعتذار”، الاعتذار الذي يحوّل كل من “يغضب”  السلطة الدينيّة والثقافيّة، إلى عبرة مفادها، لا تتكلّم وإلا تسلّط عليك الدهماء والقضاء.

الواضح أن أيقونات و”شهداء” حرية التعبير والدفاع عن الحريات لم تغير شيئاً، ما زالت السجون تكتظ، والكوميديون خائفين، والساخرون مهددين، ومُستفزو العصبيات الدينيّة على حالهم، لكن جميعهم لهم الحقّ بالكلام والحماقة، وهنا يترك الخيار لنا، هل نعتذر ونصمت أم نواجه التهديد؟

يريدون منّا أن نخفي وجوهنا وأسماءنا، حتى مساحات اللعب، المتمثلة بخشبة المسرح  أصبحت خطرة، ألا مكان إذاً لنكتة عن الرب العليم الذي لم يعرف من دق بابه؟ أو مساحة للتمايل على كلمات مها عبد الوهاب “عشفافي مرمغ شنباتك”؟.

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 16.05.2024

“مفاتيح دبي”: عن علاقة إلياس بو صعب ببرج نورة الإماراتي!

برز الياس بو صعب كشخصية محورية في لبنان في السنوات الأخيرة الماضية وضجّت مؤخرًا وسائل الاعلام بخبر فصله من التيار الوطني الحر. تكشف وثائق مشروع "مفاتيح دبي" بالتعاون مع مشروع "الإبلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد" OCCRP، عن امتلاك بو صعب ستة عقارات في برج نورة الاماراتي. تبلغ القيمة التقريبية للعقارات نحو 6.5 مليون دولار أميركي.