fbpx

مستشفيات غزة أصبحت مقبرة للجرحى

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يأتي القصف الأخير في ظل وقوف القطاع الصحي في قطاع غزة “على شفا حفرة” بعد أكثر من 33 يوماً من العدوان والقصف المستمر على محافظات القطاع كافة، تزامناً مع منع إسرائيل إدخال الوقود بالتزامن مع قلة الإمكانات ونفاد المستلزمات الطبية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تعرض محيط مستشفى الشفاء في قطاع غزة لقصف إسرائيلي أربع مرات في أقل من 24 ساعة، تحت ذريعة وجود أنفاق تابعة لـ”حماس” واستخدام المستشفى كمركز قيادي رئيسي، في حين أكدت هيومان رايتس ووتش زيف ادعاءات الجيش الإسرائيلي، وتجاهله سلامة آلاف المدنيين الموجودين في المستشفى سواء كانوا لاجئين أو مصابين.

يأتي القصف الأخير في ظل وقوف القطاع الصحي في قطاع غزة “على شفا حفرة” بعد أكثر من 33 يوماً من العدوان والقصف المستمر على محافظات القطاع كافة، تزامناً مع منع إسرائيل إدخال الوقود بالتزامن مع قلة الإمكانات ونفاد المستلزمات الطبية، ما يضع المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية على المحك، إثر الخوف من خروجها عن الخدمة بشكل كامل في حال استمرار الحصار الخانق الذي تمارسه إسرائيل.

لم يتردّد الجيش الإسرائيليّ في استهداف المستشفيات بحجة استخدامها من حركة “حماس”، متجاهلاً أن المستشفيات هي السبيل الأخير للجرحى والمصابين والملاذ الآمن للنازحين المدنيين هرباً من القصف والموت، ما يشكل عبئاً وضغطاً كبيرين على مرافق المستشفيات ونظافتها وتوافر الطاقة والماء فيها، إذ خرجت حتى الآن عن الخدمة بشكل كامل 18 مستشفى و46 مركز رعاية صحية، إما نتيجة القصف أو جراء نفاد الوقود والمعدات الطبية والصحية.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد استهدف الجيش الإسرائيليّ أيضاً سيارات الإسعاف والطواقم الطبية أثناء آدائهم واجبهم، غير آبه بقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلقة بمنح الحماية للمدنيين الفلسطينيين، وكذلك اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين ومن لا يشارك في النزاع وقت الحرب، ووصل عدد القتلى من الطواقم الطبية الى 195 وتم تدمير 51 سيارة إسعاف، ما شكل ضغطاً أكبر على القطاع الصحي ونقل الجرحى.

الوضع الصحي الخطير والمتدهور لم يتوقف فقط على علاج مستشفيات القطاع جرحاها ومرضاها، إذ إن الممرات التي تم الاتفاق عليها لتمرير المصابين عبر معبر رفح الى مصر اعتُبرت مصيدة أخرى.

نداءات بلا استجابة

الناطق بإسم وزارة الصحة في قطاع غزة الدكتور أشرف القدرة، يقول: أطلقنا نداءات استغاثة متعددة وصلت إلى كل مكان، ولكن من دون استجابة، ما أدى الى نفاد الوقود في مستشفيات جديدة عدة في غزة وشمال غزة، فقد توقفت الآن الخدمات حتى عن المستشفيات الأكثر حساسية في القطاع، فنفاد الوقود في مستشفى العيون الحكومي الوحيد في غزة له مخاطر كبيرة على المرضى.

توقف عن العمل أيضاً مستشفى الصحة النفسية، الوحيد في قطاع غزة، وخرج عن الخدمة نتيجة نفاد الوقود، ما ستكون له تداعيات خطيرة على المرضى النفسيين وعلى المجتمع. كما توقفت الخدمات الطبية كافة للأطفال في مستشفى الرنتيسي التخصصي للأطفال والنصر للأطفال، وأُبقي فقط على عمل العناية المركزة والحضانة من خلال تشغيل مولد صغير فقط، بحسب القدرة.

يطالب القدرة الأمم المتحدة والأطراف كافة بتفعيل القرارات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية المؤسسات الطبية ومقدمي الخدمات الصحية والأطر القانونية لحماية المدنيين نتيجة التهديد المستمر للمنظومة الصحية في القطاع وضرورة العمل الفوري على توفير ممر إنساني آمن لدخول الإمدادات الطبية والوقود والطواقم الطبية وخروج آلاف الجرحى بشكل عاجل.

كما أكدت جمعية العودة الصحية والمجتمعية أن مخزون السولار في مستشفى العودة في تل الزعتر شمال قطاع غزة بدأ بالنفاد، وسيصل إلى الصفر خلال (30) ساعة. وناشدت بشكل عاجل المؤسسات والهيئات والمنظمات الدولية للتدخل الفوري لإمداد مستشفى العودة – تل الزعتر بالسولار اللازم لكي يتمكن المستشفى من الاستمرار في تقديم خدماته.

مستشفى العودة يقدّم خدمات الاستقبال والطوارئ وبعض الجراحات التخصصية، وهو المُزوّد الأساس والوحيد لخدمات النساء والولادة في شمال قطاع غزة، كما قدم الخدمة منذ بداية الحرب لـ3367 مستفيداً، منهم 1572 إصابة بسبب القصف و219 ولادة.

هناك مستشفيات بدأت بالعد التنازلي لتوقف خدماتها كالمستشفى الإندونيسي ومجمع الشفاء الذي يملك فقط 36 ساعة قبل خروجه عن الخدمة بشكل كامل بسبب نفاد الوقود منه. وبحسب الإحصاءات الأخيرة، فقد ارتفعت حصيلة الأُسر التي قُتلت واختفت من السجل المدني إلى 1118 عائلة، ووصل عدد القتلى إلى 10818 قتيلاً، من بينهم 4412 طفلاً و2918 سيدة و667 مسناً، ناهيك بإصابة 26905 مواطنين منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بالإضافة إلى 2650 بلاغاً عن مفقودين منهم 1400 طفل لا يزالون تحت الأنقاض منذ بدء العدوان.

محمد أبو مغيصيب، نائب المنسق الطبي لأطباء بلا حدود في غزة، أوضح أن القطاع الصحي في غزة كان يعاني من عجز في المستلزمات الطبية بما يزيد عن 40 في المئة قبل اندلاع الحرب، واليوم تم إدخال عدد من الأدوية والمستلزمات الطبية داخل القطاع، ولكن باءت المحاولات كافة بالفشل في تحويل الجزء الأكبر للمناطق الشمالية المسيطر عليها من إسرائيل الى مستشفيات غزة، وأهمها الشفاء وكمال عدوان والإندونيسي وبعض المراكز الطبية في داخل المنطقة، والتي تعد بحاجة ملحّة إليها بالتزامن مع ارتفاع عدد الإصابات والضحايا في تلك المناطق.

العلاج على رغم الألم

قالت منظمة الصحة العالمية إن هناك عمليات جراحية تُجرى لبعض الأشخاص في غزة من دون تخدير، بما فيها عمليات بتر الأطراف لنقص البنج الطبي في المستشفيات.

الوضع الصحي الخطير والمتدهور لم يتوقف فقط على علاج مستشفيات القطاع جرحاها ومرضاها، إذ إن الممرات التي تم الاتفاق عليها لتمرير المصابين عبر معبر رفح الى مصر اعتُبرت مصيدة أخرى، إذ قُصف الكثير منها خلال نقل المصابين، ما حوّلهم من مصابين إلى قتلى.

رئيس المركز الأورمتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده، قال إن الممرات أو “المصيدة” التي تتحدث عنها إسرائيل يومياً، تتسبب بمقتل 10 إلى 15 شخصاً، بينهم مسنون، وحجم الجرائم الكبير الذي خلّفه الاستهداف الجماعي للمواطنين لا يظهر منه إلا القلة القليلة على الشاشات، فيما خلفها مئات القتلى وآلاف المصابين، في ظل تسارع كبير في عدد القتلى نتيجة العمليات الإسرائيلية.

المستشفيات تقدّم خدمات طبيّة فقط

تقول الحكومة الإسرائيلية إن “حماس” تمتلك خزانات وقود مليئة، كما تقوم بالاستيلاء على كميات الوقود المحدودة التي لا تكفي حاجة المستشفيات، وتستخدم مستشفى الإندونيسي وأسفله كمقر قيادة. جاء الرد من المكتب الإعلامي الحكومي الذي أكّد أن المستشفيات أنشئت بتمويل وإشراف كامل من جهات مانحة، ولم تكن لتقبل أن يكون هناك أي خطر يهدد هذه المرافق المدنية التي تقدم خدمات طبية فقط، وأضاف أنهم مستعدون لاستقبال لجنة أممية للتحقق من أوضاع المستشفيات.

كما طالب المكتب الإعلامي الأمين العام للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر بحماية المستشفيات من غارات الاحتلال وتحريضه المستمر، مؤكداً أن مسؤولية حماية المستشفيات، لا سيما الشفاء، تقع على عاتق الجهات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة.

جاء في تصريح المكتب الإعلامي أيضاً التالي: “نؤكد أن الاحتلال اعتمد التزييف وبثَّ صوراً مفبركة لترويج ادعاءاته وأكاذيبه ضد مستشفيات قطاع غزة، حيث تحاول قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي التخلي عن مسؤوليتها وعدم الاعتراف بفشلها المركب أمام شعبها بتسويق الأكاذيب وإلقاء المسؤولية على المنظومة الصحية الفلسطينية تارة وبادعاء اتخاذ المقاومة للمدنيين دروعاً بشرية تارة أخرى”. 

محمد اشتية، رئيس الحكومة الفلسطينية، قال “إن نتانياهو يبرر القتل والمجازر والإبادة الجماعية في غزة مستشهداً بنصوص من التوراة”، وأضاف أن وزير التراث الإسرائيلي لم يكتف بعدد الشهداء والجرحى والمشرّدين، بل أراد أن يرى هيروشيما جديدة في غزة، داعياً “المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار أمر باعتقال المجرمين المسؤولين عن الجرائم التي تشهدها غزة”.

“حماس” من جانبها، دعت الأمين العام للأمم المتحدة إلى تشكيل لجنة دولية لزيارة مستشفيات قطاع غزة للتحقق من رواية الاحتلال الكاذبة والزاعمة باستخدام المستشفيات كمخابئ ومقرات لإدارة العمليات، مؤكدةً أن هذه الادعاءات “مجرّد كذِب وفبركات إعلامية وافتراءات مفضوحة”.

الناطق باسم وكالة “الأونروا” في غزة عدنان أبو حسنة، قال إن أكثر من مليون شخص نزحوا داخل غزة، منهم 700 ألف في مراكز الإيواء التابعة للوكالة، لافتاً الى أن النازحين فرّوا إلى مراكز الإيواء، وما يصل من مساعدات نقطة في بحر الاحتياجات الأساسية، والوقود سينفد تماماً خلال فترة وجيزة، والوضع سيكون أكثر من كارثي.

أما مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، فقال في تصريحات له، إن الجميع اعتقدوا أن التطبيع بين إسرائيل ودول عربية سيجلب السلام، لكن ذلك لم يحدث، وعلى الأوروبيين أن يقدموا ما هو أكثر من الدعم الإنساني، ونحن أمام اختبار لمصداقيتنا.

مساعدات طبية أردنية

يُذكر أن الجيش الأردني نفّذ عملية إنزال جوي عاجلة وناجحة لمساعدات طبية ودوائية لمشفاه في قطاع غزة، وذلك بعد التنسيق مع جميع الأطراف المعنية في المنطقة. وكشف وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية مهند المبيضين، أن المملكة أبلغت جميع الأطراف المعنية بأنها اتخذت قرارها بإرسال المساعدات، مطالباً بتسهيل هذه المهمة، وموضحاً أن المساعدات التي وصلت الى المستشفى الميداني الأردني كانت عبارة عن “أطنان من المعدات الطبية والدوائية العاجلة”.