fbpx

صراع الأرحام بين إسرائيل والممانعة…  هل الفلسطينيون مجرّد أرقام؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لم تقتصر سياسات إسرائيل على التضييق والضغط النفسي الاجتماعي والاقتصادي على الفلسطينيين، بل ذهبت إلى حدّ حقن النساء البدويات العربيات في منطقة النقب، بإبر منع الحمل بشكل منهجي ومن دون تزويدهن بأي توعية أو معلومات أساسية حول الآثار الجانبية الخطيرة لهذه الحقن بحسب تحقيقات صحافية. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بالتزامن مع حديث صحافيين من محور “الممانعة” في لبنان، كلّ منهما عبر منبر إعلامي منفصل، عن أن الضحايا الذين يسقطون في العدوان الإسرائيلي على غزة، “يمكن النساء الحوامل في غزة تعويضهم بالإنجاب”، وأن إسرائيل تستطيع أن تقتل 10 و14 ألفاً، “ولكن نساءنا سينجبن تسعين ألفاً في المقابل”، كانت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية تنشر تقريراً يكشف عن إجراء عمليات في مستشفيات إسرائيلية لحفظ الحيوانات المنوية للمدنيين والجنود الذين قُتلوا في هجمات حماس، لـ”استخدامها المحتمل في المستقبل”.

 هذا الإجراء تقوم به المستشفيات بطلب من أهالي الجنود، والهدف منه ترك “بذرة” من هؤلاء القتلى للتكاثر، وتعويض خسارتهم، عبر الاستفادة من حيواناتهم المنوية لـ”إنتاج” عدد يكون له دور مستقبلي في المعركة الديموغرافية التي تدور رحاها في المنطقة.

 رئيسة قسم الخصوبة في وزارة الصحة الإسرائيلية قالت لـ”هآرتس”، “إن هذا الإجراء كلما نُفذ أسرع كلما زادت فرصة العثور على الحيوانات المنوية الفعّالة”، ويجب أن يحدث ذلك في مدة لا تتجاوز 72 ساعة من وقوع الوفاة. وأشارت الصحيفة الإسرائيلية الى أن هذا الإجراء طُبّق حتى الآن على 33 رجلاً قُتلوا منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ومعظمهم من الجنود. 

التزامن بين الخبرين ليس محض مصادفة، فما عبّر عنه الصحافيان اللبنانيان صراحة، يعكس منطقهما السياسي الذي يسعى إلى تحويل البشر إلى مجرّد أرقام في البازارات الديموغرافية، ضمن الصراع في المنطقة الذي لا يكف عن أن ينحدر إلى مستويات لا إنسانية غير مسبوقة، خصوصاً لجهة الممارسات الإسرائيلية العنصرية و”التطهيرية”، و”الإخصائية”(إذا جاز التعبير)، المستمرة منذ سنوات طويلة.

في العام 2020، أظهرت معطيات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية “تفوّق معدل الإنجاب لدى الإسرائيليات مع تراجع ملحوظ في معدل الإنجاب لدى النساء الفلسطينيات”. وهذه الإحصاءات التي تهجس بها إسرائيل، تعكس قلقها الدائم من الديموغرافيا، خصوصاً في أراضي العام 1948، حيث تقدر نسبة العرب في إسرائيل بـ20 في المئة.

 يعاني فلسطينيو العام 1948 من سياسات إفقار وتمييز هدفها الأول تحديد النسل وجعل الإنجاب عبئاً على الأهل والعائلات، إذ يعيش أكثر من خمسين في المئة من العائلات العربية تحت الفقر، وترتفع لدى هذه العائلات نسب البطالة، وحتى الذين يعملون من أبنائها، يعانون من تمييز في الرواتب والمساعدات الاجتماعية. 

ولم تقتصر سياسات إسرائيل على التضييق والضغط النفسي الاجتماعي والاقتصادي على الفلسطينيين، بل ذهبت إلى حدّ حقن النساء البدويات العربيات في منطقة النقب، بإبر منع الحمل بشكل منهجي ومن دون تزويدهن بأي توعية أو معلومات أساسية حول الآثار الجانبية الخطيرة لهذه الحقن بحسب تحقيقات صحافية. 

 أثار الأمر ضجة في إسرائيل عند نشره في مجلة “ليبرال” الإسرائيلية في العام الماضي، وحينذاك وصفت العضوة في لجنة مكانة المرأة في الكنيست الإسرائيلي عايدة توما ما يحدث بـ”الخطير” وبأنه “يندرج ضمن السياسات العنصرية المروّعة، التي تهدف منها إسرائيل إلى “ضبط وتقييد الولادات في المجتمع البدوي في النقب”، مذكّرة بأنها “السياسة ذاتها التي انتهجتها المؤسسة الطبية في إسرائيل قبل عشرات السنوات تجاه النساء القادمات من إثيوبيا، إذ مورست ضغوط ممنهجة لإقناعهن بتلقّي حقن منع الحمل”. 

آنذاك، علت أصوات تدافع عن هذا الإجراء في اليمين الإسرائيلي المتطرف، إذ شبّه عضو الكنيست الإسرائيلي المعادي للعرب بتسلئيل سموتريتش، معدّلات الولادة بين النساء البدويات في النقب بـ”قنبلة يجب إبطال مفعولها”. ونقلت عنه صحيفة “هآرتس” قوله إن “هذا النوع من القنابل، سينفجر في وجهنا إذا لم نعمل على تفكيكها بسرعة”. وكلام سموتريتش ليس فردياً ولا طائشاً ولا يأتي من فراغ، فصنّاع القرار في إسرائيل، خصوصاً في الحكومات اليمينية التي سيطرت على السلطة فيها، تضع التغييرات الديموغرافية ضمن مؤشرات الأخطار والتحديات التي تواجه إسرائيل في المستقبل القريب كما البعيد. 

في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، كشفت “ذا تايمز أوف إسرائيل” عن دراسة حديثة خلصت إلى أن النازيين كانوا يقومون بإيقاف الدورة الشهرية لدى النساء اليهوديات في معسكرات الاعتقال عبر دسّ مواد هورمونية في الطعام، بهدف منعهن من الحمل. واستندت الدراسة إلى شهادات ناجيات من الهولوكست، تكشف عن “الشرّ المنهجي” الذي مارسه النازيون، لجهة التسبب بعقم النساء اليهوديات، ممن نجون من أفران الغاز. والمفارقة، أن نتائج الدراسة تُنشر فيما يحاول اليمين الإسرائيلي اعتماد سياسات مشابهة بحق الفلسطينيات. 

وبدل أن تكون المواجهة مع هذا المنطق عبر تعزيز دور المرأة الفلسطينية وحريتها وسيادتها على جسدها، يصادر “ممانعون” أرحام النساء الفلسطينيات، ويعزّزون السردية الإسرائيلية القائمة على تحويل الفلسطينيين إلى مجرّد أرقام.

محمد أبو شحمة- صحفي فلسطيني | 17.05.2024

مدارس “الأونروا” المدمرة مأوى نازحين في خان يونس

على رغم خطورة المكان على حياة أفراد العائلة، بسبب احتمال سقوط بعض الجدارن أو الأسقف على رؤوسهم، قررت العائلة الإقامة في أحد الصفوف الدراسية، وبدأت بتنظيفه وإزالة الحجارة والركام من المساحة المحيطة به، وإصلاح ما يمكن إصلاحه.