fbpx

مراكز الإيواء في غزة.. اكتظاظ النازحين وبداية تفشي الأمراض

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

على الرغم من الواقع المرير الذي يعيشه سكان غزة وخاصة النازحين لمراكز الإيواء وانتشار الأوبئة فيما بينهم، إلا أن النداءات الموجهة لكافة المنظمات الدولية والإقليمية لم تجدي نفعاً، فالواقع أصعب مما يتخيله عقل انسان.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“لم استحم منذ ما يزيد عن شهر فبدأت أشعر بالعفن والقرف من نفسي”، جملة قالها أحد النازحين في مراكز الإيواء في غزة تعكس واقع حياة المواطنين الفلسطينيين النازحين في قطاع غزة نتيجة الحرب الإسرائيلية المستمرة، والتي دفعت الآلاف من المواطنين للنزوح من بيوتهم نحو مدارس الإيواء التي تفتقر لمقومات الحياة.

الحقوق الإنسانية سُلبت بكافة أشكالها نتيجة استمرار الحرب الإسرائيلية، سامية، (إحدى النازحات من مدينة بيت حانون نحو الجنوب بعدما تدمر منزلها بشكل كلي في الأيام الأولى من الحرب)، تخبرنا عن الوضع الراهن في مراكز الإيواء، واصفة إياه بـ المأساوي، فـ”لا يوجد مياه إضافة، والمراحيض قذرة جدا”.

تقول سامية أن كل أبناءها أصيبوا بأمراض بسبب التلوث وقلة النظافة، وأصابتهم التهابات جلدية وجرب، والكثير من الأطفال أصيبوا بأمراض داخل المدرسة، وبدأ القمل يشكل مخاوف بين الأمهات بالتزامن مع عدم تواجد المياه في الحمامات، تقول سامية:”أقوم بتحميم أبنائي بكميات مياه قليلة جدا للحد من تفشي الأمراض بأجسادهم بشكل أكبر والحفاظ على سلامتهم بأكبر قدر ممكن لعدم تواجد أدوية تساعد على تعافيهم”.

الأمراض تنتشر بسبب شحّ المياه

يستُخدم حتى الآن 70 مبنى مدرسياً حكومياً كمراكز إيواء للنازحين، ذكرت الأونروا نزوح نحو 1.9 مليون شخص منذ 7 أكتوبر، أي  أكثر من 80% من السكان في أنحاء غزة. وهناك ما يقارب 1.2 مليون نازح داخلياً يقيمون في (156) منشأة تابعة للوكالة  موزّعة في محافظات القطاع.

في تصريحات صحفية سابقة للمستشار الإعلامي لوكالة “الأونروا” عدنان أبو حسنة نقرأ إن أعداد النازحين في مدارس الوكالة وصلت إلى قرابة 900 ألف شخص. أشار أبو حسنة أيضاً إلى ارتفاع نسبة المصابين بالأمراض المعوية إلى 40%، أما نسبة المصابين بالأمراض الجلدية فارتفعت بنسبة 32% . حذر أبو حسنة من أن الوكالة الأممية تخشى حاليا من ظهور حالات لوباء “الكوليرا”، جراء قلة المياه الصالحة للشرب واختلاطها بمياه الصرف الصحي.

واقع السيدات والفتيات والأطفال في مدارس الإيواء صعب، أمامهم تحدي كبير في توفير المياه لأنفسهم، وخاصة في المراحيض التي تفتقر لمعايير النظافة والسلامة الصحية ، والأهم، المياه. إذ يصطف النازحون يومياً في طابور طويل للحصول على دور لقضاء حاجتهم خلال اليوم.

الواقع الذي يعيشه الغزيون نجم عنه أزمة صحية يواجه مخاطرها الذين يعيشون داخل مراكز الأيواء، نتيجة ظهور عدد من الأمراض بين صفوف النازحين أكثرها النزلات المعوية والنزلات الرئوية والإسهال والجرب وانتشار القمل والحشرات بين الأطفال والناس.

يقول فايز العوضي، أب لـ 6 أطفال :”لم نشفى من النزلة المعوية والسخونة التي ترافقني أنا وأبنائي منذ ما يزيد عن 10 أيام، إذ أصبحت أجسادنا لا تتحمل الألم ولا يوجد علاج ملائم لأننا لا نشفى من الحالة التي أصابتنا”. 

 الأمراض أسرع انتشارا الآن!

المدير الطبي لمستشفى شهداء الأقصى إياد الجبري كشف في حديثه لـ”درج” إلى أن النازحين من الشمال يسكنون في المدارس بأعداد كبيرة مما يشكل عبء يتزامن مع شحّ مقومات الحياة، خاصة مع استخدام ما يزيد عن 400 شخص لنفس المرحاض في اليوم الواحد خلال التناوب فيما بينهم، في ظل عدم توفر أي مقومات تقلل من مخاطر هذا الازدحام، الذي يُنذر بكارثة صحية وبيئيّة بين النازحين بشكل ملحوظ.

يشير الجبري إلى أن الطواقم الطبية المتخصصة بالأمراض المعدية سجلت حالات عديدة من انتشار أمراض جلدية ومعويّة وصدرية بين النازحين بشكل متزايد خلال الفترة الأخيرة، ويضيف ” المراكز الصحية والمستشفيات لا تستطيع استقبال أعداد كبيرة من المرضى، حيث يتواجد قرابة 70 طفلا مريضا في مستشفى الأقصى وسط قطاع غزة يعانون من الالتهاب الصدري والطفح الجلدي”.

حذر الناطق باسم وزارة الصحة أشرف القدرة في حواره مع “درج” من انتشار الأوبئة نتيجة تكدس النازحين، وعدم توفر المياه والمعقمات، وأكد أن الأمراض التي تنتشر بشهر في الوضع العادي، تتفشى الآن خلال أيام.

يشير القدرة إلى أن الخدمات الطبية غير متوفرة في مراكز الإيواء، ومن الصعب متابعتها لنزوح معظم السكان إليها، ما يعقد عملية التعامل مع سبل النظافة داخل المراحيض، لعدم توفر كميات كافية من المياه والوقت اللازم للعمل على تعبئة الخزانات الخاصة في المراحيض، ما جعل الاستخدام المعتاد للمواطنين يعود إلى الشكل البدائي في الحفاظ على النظافة الشخصيّة، ما يساعد على انتشار الأمراض والالتهابات.

طالب القدرة  الأمم المتحدة ومؤسساتها الإنسانية بالعمل على الفور لمنع الكارثة الإنسانية والصحية لأكثر من 1.5 مليون نازح في مراكز الايواء. 

الموت مرضاً والعجز في قطاع المياه

من جانب آخر يؤكد منذر شبلاق مدير عام مصلحة بلديات الساحل في قطاع غزة على أن هناك عجز بنسبة خمسين بالمائة في القدرة على تأمين المياه في القطاع، ويوضح “قبل الحرب الاسرائيلية كنا ننتج 140 ألف لتر مكعب يوميا في القطاع، بينما اليوم لا نستطيع إنجاز أكثر من 70 ألف لتر مكعب بالرغم من إصلاح بعض أضرار الحرب الإسرائيلية”.

إبراهيم أبو عمشة مدير العيادة الصحية لمركز الإيواء يقول إن الأوبئة الخطيرة بدأت في الظهور، وجميع مسبباتها متوافرة في غزة، فلا يوجد نظافة في الحمامات ولا تتوافر مياه شرب نظيفة، فضلاً عن الاكتظاظ الكبير في مراكز الإيواء، ونقص الأدوية، وعدم دفن المئات من الجثث.

وبحسب الصحة العالمية فإنها رصدت إصابة أكثر من تسعة آلاف حالة مرضية جميعهم في مرحلة التقاط الأنفاس الأخيرة، وفي أي لحظة قد يفقدون حياتهم، وذلك في غضون أسبوعين فقط، ما دفع المتحدثة باسم المنظمة مارغريت هاريس إلى القول :”إذا استمر الوضع الصحي في غزة على حاله، فإنه خلال أيام قليلة سيموت عدد من سكان القطاع، أكثر مما سقط نتيجة القصف”.

ووفقاً لبيانات وزارة الصحة، فإن عدد الموتى نتيجة الأمراض بلغ خمسة آلاف، وهناك تسعة آلاف حالة مرضية جميعهم عرضة للموت، فيما قتل في القصف 15 ألف فرد، لكن للمفارقة أن ضحايا الغارات سقطوا في 50 يوماً، أما موتى الأمراض فسجلوا خلال أسبوعين.

حذرت لين هاستينغز، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من تدهور الوضع في قطاع غزة، ومن “سيناريو مرعب على وشك أن يتكشّف في القطاع، لا تستطيع في ظله العمليات الإنسانية الاستجابة للاحتياجات”.

وعلى الرغم من الواقع المرير الذي يعيشه سكان غزة وخاصة النازحين لمراكز الإيواء وانتشار الأوبئة فيما بينهم، إلا أن النداءات الموجهة لكافة المنظمات الدولية والإقليمية لم تجدي نفعاً، فالواقع أصعب مما يتخيله عقل انسان.