fbpx

كيف يتحمّل “اللاجئون” عبء الأزمة الاقتصادية في مصر؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يتّجه الإعلام الرسمي في مصر إلى الترويج بأن هناك الكثير من الجهود التي تقوم بها الدولة لرعاية اللاجئين الذين يبلغ عددهم رسمياً 9 ملايين ويوجه لهم اللوم بصورة غير مباشرة على الازمة الاقتصاديّة،لكن الأرقام الرسمية حول أعداد اللاجئين مضللة، هناك 473 ألف لاجئ تقريباً، حسب إحصاءات مفوضية اللاجئين، وانهيار الجنيه سببه سياسات الدولة، لا الهاربين من الحروب.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يدقّ جرس الهاتف، فيجيب الطرف الآخر، ويسأله الأول عن إعلان شقة للإيجار وجده في أحد مواقع التواصل الاجتماعي، في حي فيصل بمدينة الجيزة، أحد الأحياء المتوسطة، لتنتهي المكالمة بطلب صاحب الشقة إيجاراً شهرياً بقيمة 13 ألف جنيه.

وحيد عليو، سوداني انتقل الى مصر قبل بضعة أشهر، بعد رحلة نزوح وصفها بالشاقة له ولأسرته، تستضيفه إحدى الأسر المصرية لفترة مؤقتة حتى يتمكن من تدبير منزل وعمل “أكتر من 3 شهور ليا بدور على شقة، في مناطق أقرب للشعبية علشان متكونش غالية، للأسف عند التواصل مع مالك الشقة ويسألني أو يعرف من اللهجة إني سوداني يطلب إيجاراً مبالغ فيه، في حين إننا نازحين من حرب ودمار وصعب نقدر ندبر المبلغ ده”.

لم يكن نزوح عليو الى مصر رفاهية كما قال في حديثه لـ”درج”، ولكنه فرار من نيران الحرب والأوضاع المتردية التي يشهدها السودان، ليواجه مشاكل جديدة في مصر، باعتباره لاجئاً لا يتمتع بالحقوق “مش بس الإيجار، الشغل حتى المرتبات فيه بتكون أقل من المصريين، ومضطر أقبل علشان يكون في دخل، الأصعب من ده إنه كل شوية أسمع كلام من محيطين أو إعلام إنه اللاجئين هما سبب الأزمة الاقتصادية في مصر، وده بيخلي ناس كتير مش حبانا ولا متقبلة وجودنا”.

“عبء إضافي”!

يعمل عليو في أحد المحلات من خلال وساطة الأسرة المستضيفة، لكنه يستمع من حين الى آخر  الى عبارات مباشرة وغير مباشرة تدين أسرته، وتحمّله سبب ما تعانية الدولة من أزمة اقتصادية، ربما يكون الأمر ترديداً لما يتم تناوله في الإعلام، أو ما يتم نشرة لأخبار غير دقيقة على أنها حقائق. ففي بث مباشر للإعلامي المصري محمد الباز، أحد الوجوه البارزة الموالية للنظام، وصف اللاجئين بأنهم “عبئاً إضافياً على مصر”، مشيراً إلى أن مصر كانت تتحمل هذا العبء بصدر رحب، لكن الظروف الاقتصادية الحالية جعلت الأمر صعباً، وأصبحت الدولة بحاجة الى سياسات مختلفة لتقنين أوضاعهم حتى يتحمل العالم مسؤوليته تجاه اللاجئين، بحسب وصفه.

يقول عليو : “الكلام ده وغيره كتير بنسمعه وبيوصل، ساعات بحس إن صاحب المحل وهو بيديني المرتب بيكون متضايق وشايف إنه مش حقي مع إني أقل واحد بقبض في المحل، بس هو بيحب التوك شو وطول الوقت بيشغله، وبيصدق اللي بيتقال”.

في كانون الثاني/ يناير الماضي، أعلنت الحكومة المصرية بدء إجراءات لحصر أعداد اللاجئين على الأراضي المصرية، لما وصفته بتقنين أوضاعهم. كما أشار مجلس الوزراء المصري إلى أن الأمر يشمل أيضاً حصر المساهمات التي يتم تقديمها لهم في مختلف المجالات. وتقدّر مصر أعداد اللاجئين على أراضيها بنحو 9 ملايين لاجئ.

بروباغندا ضد اللاجئين

يتّجه الإعلام الرسمي التابع للدولة من خلال منصاته الى الترويج بأن هناك الكثير من الجهود التي تقوم بها الدولة لرعاية اللاجئين، ويبعث برسائل ربما لا تكون مباشرة حول تأثير هذا الأمر على الوضع الاقتصادي للدولة، وهو ما يستقبله المواطن ويتعامل معه على أنه معلومات مؤكدة يبدأ بالتفاعل معها، ليقرر أصحاب الشقق رفع أسعار الإيجارات ومضاعفتها، وأيضاً يخفّض أصحاب العمل الرواتب، ومنهم من يرفض توظيفهم، اعتقاداً أنهم سيفاقمون الأزمة، وهو ما يسبب صعوبة على الأفراد القادمين من مناطق الحروب والنزاعات، والذين لم يتمكنوا من الخروج بأموالهم أو ممتلكاتهم.

ينتقل الرفض من الأرض الى الفضاء الإلكتروني أيضاً، وهو ما يبدو واضحاً من خلال منشورات وحملات تطالب بعدم استقبال اللاجئين في الأراضي المصرية، منهم من يطالب بترحيلهم، وآخرون يصفونهم بأنهم سبب تدهور الأوضاع في البلاد، ليتحول الأمر الى عنف وعنصرية عبر الفضاء الإلكتروني، وهنا يوضح نور خليل، المدير التنفيذي لمنصة اللاجئين في مصر”، إن تلك الأصوات والاتهامات غير الحقيقية، تتعالى مع كل أزمة، سواء أزمة داخلية تمر بها الدولة كالأزمة الاقتصادية، أو أزمة خارجية تتطلب نزوح عدد من اللاجئين للبحث عن الحماية.

اللاجئون ليسوا “أجانب”

وضع مماثل اختبره أسامة البصير، سوداني أيضاً انتقل الى مصر قبل عام، ليجد وضعاً مشابهاً لما يعيشه حالياً عليو ،”البحث عن شقة للإيجار صعب كتير في الأول، الإيجارات غالية، وكتير من الأحيان بتفق على التليفون مع صاحب الشقة على سعر ووقت المقابلة بيعرف إني سوداني فيضاعف السعر مرتين وتلاته”. انتهت رحلة البحث بشقة في منطقة السادس من أكتوبر، بإيجار شهري قيمته 8 آلاف جنيه، وهو ما وصفه البصير بأنه أقل سعر حصل عليه بعد مفاوضات كثيرة، وبحث عن سعر مناسب.

لم تكن رحلة البحث عن عمل سهلة أيضاً، لتنتهي بدوام يصل الى 12 ساعة يومياً في مقابل 6 آلاف جنيه، “بالطبع لا يكفي الراتب الإيجار الشهري حتى، والأموال القليلة التي تمكنت من الخروج بها من السودان نفدت سريعاً”، ليجد نفسه هو الآخر محاطاً بأخبار وصفها بأنها لا أساس لها من الصحة “إزاي أكون سبب انهيار اقتصاد الدولة وأنا راتبي الشهري أقل من الإيجار ولا أحصل على تأمين  أو أي شيء آخر، لكن بمساعدة شقيقي في الخارج بيبعت لي كل شهر مبلغ بقدر أكمل بيه باقي المصاريف”.

وحول التكلفة الاقتصادية التي يروّج لها الإعلام، ويتباها المواطنون، يوضح نور خليل، أن كل المهاجرين في مصر من كل الجنسيات عددهم 6 ملايين، المسجلون منهم كلاجئين وطالبي لجوء أقل من 250 ألفاً، كما أن المهاجرين تتم معاملتهم معاملة الأجانب في كل الأمور، مثل الدراسة التي تتم بالعملة الصعبة. كما أن طالبي اللجوء لا يحصلون على أي خدمات من الدولة في ما عدا الكشف الطبي في المستشفيات العامة، والتي تقدم بالأسعار المتاحة للمصريين. أما الخدمات الخاصة باللاجئين وطالبي اللجوء، فتتم من خلال المنظمات الدولية، وهي نفسها تلك المنظمات التي تموّل المشروعات التي تروّج الحكومة بأنها بدعم منها.

أرقام رسميّة مشبوهة

منصة “متصدقش”، عملت على تغطية الأمر من الجانب الآخر، لتفنيد كل الأرقام والمنشورات التي تبثها الدولة، سواء من خلال الإعلام أو الجهات الرسمية، ونفت الأرقام التي أعلنت الدولة عنها على أنها حصر لأعداد اللاجئين، والتي قدرت بـ9 ملايين. وأوضحت أن عدد اللاجئين في مصر حتى نهاية أيلول/ ديسمبر 2023، 473 ألف لاجئ تقريباً، حسب إحصاءات مفوضية اللاجئين، وذكرت أن التباين في أرقام أعداد اللاجئين ناتج من عدم التفرقة بين تعريف اللاجئ والمهاجر، واعتبار أن كل من يعيش في البلاد ولا يحمل الجنسية المصرية لاجئاً.

في حزيران/ يونيو الماضي، وافق مجلس الوزراء المصري على مشروع قانون يقضي بإصدار قانون لجوء الأجانب، ونص مشروع القانون على “أن يلتزم اللاجئون وطالبو اللجوء بتوفيق أوضاعهم طبقاً لأحكام هذا القانون خلال سنة من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية”، وهو ما ترافق مع حملات مشابهة لما يحصل حالياً، سواء عبر الفضاء الإلكتروني أو خارجه، بمطالبات لترحيل اللاجئين وعدم استقبالهم.

الأزمة مستمرة ومتجددة كما يصفها كل من وحيد وأسامة. يحاول أسامة التوضيح للمحيطين في العمل أو الحي أن الأزمة ليست بسبب وجوده هو وأسرته ومحاولتهم البحث عن مكان آمن بعيداً عن نيران الحرب، بينما يستمر وحيد في البحث عن مسكن مناسب يقيم فيه هو وأسرته، ويتمكن من دفع إيجاره الشهري.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.