fbpx

هل بهت التضامن العربي تجاه “الإبادة” في غزة؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بمرور الوقت، ومع دخول الحرب شهرها الخامس، تراجع زخم التضامن سواء أكان فرديا أو جماعيا، لماذا؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في بداية “حرب الإبادة” على غزة، تضامنت فئات اجتماعية متباينة ومتداخلة مع فلسطين ضد التوحش الإسرائيلي، سواء من خلال منصات التواصل الاجتماعي بالحديث الفردي، أو في البرامج من خلال حديث شخصيات عامة، أو حتى من خلال التظاهرات والاحتجاجات الشعبية في الميادين، تحديدا أمام سفارتي إسرائيل والولايات المتحدة. لكن بمرور الوقت، ومع دخول الحرب شهرها الخامس، تراجع زخم التضامن سواء أكان فرديا أو جماعيا، لماذا؟

هناك عامل أساسي يتعلق بطبيعة مواقع التواصل الاجتماعي التي أتاحت لجميع الشرائح من التعبير عن مواقفها، فبرز تضامن الكثير من المُستخدمين، كذلك الشخصيات العامة، في مجالات مختلفة، الرياضة والفنون والثقافة وغيرها. حرب غزة أعطت مساحة أكبر للشخصيات الأكثر شهرة على وسائل التواصل، التي تعرف بـ”الأنفلونسرز”، من خلال التفاعل مع الحرب من خلال منشورات، وبث مقاطع فيديو، أو حتى من خلال الظهور الإعلامي على القنوات العربية والأجنبية. 

كانت شخصيات بارزة مثل الإعلامي الساخر  والستاند كوميديان باسم يوسف والناشطة رحمة زين، وغيرهما، من ضمن المعلقين الذين استضافهم الإعلامي البريطاني بيرس مورغان في برنامجه،  وكان لمشاركتهم صدى واسع، لكن مع طول مدة الحرب، تراجع جذوة التضامن وبهت الظهور الإعلامي ضمن الإعلام الرسمي، في حين بقي باسم يوسف، وإثر شهرته المفاجئة، يشارك في بودكاستات مختلفة في أمريكا، أغلبها ذو صبغة يمينيّة، كونه حسب قوله، أصبح مواطناً أمريكياً  يمتلك حق التصويت.

لا شك أن هناك حالا من الإحباط جراء تعنت القرار السياسي سواء في اسرائيل أو في العواصم الغربية التي تدعم الحرب ورفضت وقف التسليح أو حتى وقف إطلاق النار ما جعل كثيرون يشعرون أنهم أمام جدار مقفل. 

لكن ليس الأمر سياسياً فقط، ففي بعض حالات التضامن امتزج “التضامن” مع الاستعراض أو “الشو”،  فبرز الاهتمام بقيمة المحتوى وعدد المشاهدات، فتحولت الشخصية “المتضامنة” الى حدث أكثر من الضحية الفلسطينية التي تُقتل في غزة. ما جعل البعض يبدو كأن هدفه الأول من التضامن، هو الظهور وجمع ملايين المشاهدات. 

بات الانحياز الى غزة في عصر الرقمنة أقرب منه الى حدث، أو شو، يصبح المتضامن من خلاله مشهورا، بطلا، مُحتفى به، شخصية عامة. ولذا بهت التضامن الحقيقي، لأنه بالفعل حقق هدفه، ولم يعد له حاجة مع طول أمد الحرب.

وبعيدا عن السوشيال ميديا هناك مظهر أساسي من مظاهر التعبير عن التضامن ألا وهو الاحتجاج والمسيرات الرافضة التي نجدها نشيطة وواسعة في دول أوروبية وغربية مثل لندن ونيويورك وواشنطن. 

لا شك أن هناك حالا من الإحباط جراء تعنت القرار السياسي سواء في اسرائيل أو في العواصم الغربية التي تدعم الحرب ورفضت وقف التسليح أو حتى وقف إطلاق النار ما جعل كثيرون يشعرون أنهم أمام جدار مقفل. 

قمع الاحتجاجات في مدن عربيّة

عربياً، تمثَّل تلك الأنشطة فعلاً جماعياً كالاحتجاجات والتَظاهرات التي نُظمت من خلال التنظيمات والاجتماعات الشعبية في الشوارع، وأمام السفارات، لاسيما سفارتي إسرائيل والولايات المتحدة، في دول مثل مصر والأردن. لكن ضُبطت هذه الاحتجاجات سريعاً بتطويق أمني. 

في مصر، اعتقل الأمن العشرات إثر الاحتجاج من أجل فلسطين، لاسيما يوم 20 أكتوبر 2023، إذ اقتحم المتظاهرون ميدان التحرير في القاهرة، هاتفين تضامنا مع فلسطين، منتقدينَ سياسات النظام المصري  حيال الحرب على غزة. لكن قامت قوات الأمن بفض التظاهرات، وقبضت على العشرات من الشوارع، وآخرين من البيوت، وتُجدد النيابة العامة المصرية حبسهم على ذمَّة القضية، ولم يخرجوا إلى الآن. 

وفي الأردن بدء واستمر القمع الأمني وملاحقة الناشطين في تنظيم الوقفات والاحتجاجات، بالاستدعاء والاعتقال، وحتى قمع هذه التظاهرات بالقوة إن اقتربت من أماكن بعينها، ومن خلال هذا القمع، حتى استطاع النظام تفكيك، وتفتيت، هذه التظاهرات إلى وقفات بسيطة، ليس لها أثرا كبير، كما كانت في بداية الحرب. 

هذا القمع، تقابل مع معاناة الشعوب في حيواتهم اليومية، لاسيما في مصر، والذي يعاني شعبها من أزمة اقتصادية وغلاء باهظ للأسعار، ما جعل المواطنون منكفئين على الجري وراء توفير لقمة عيشهم اليومية. ففي الأسابيع الأخيرة انتشرت مقاطع فيديو لمئات المواطنين المصريين الذين يصرخون من غلاء الأسعار، وعجزهم عن توفير حياة بالحد الأدنى للكرامة لأسرهم، هذا الانشغال غلب على التفكير في التضامن أو التنظيم لأي فعاليات مساندة للشعب الفلسطيني تجاه حرب الإبادة الذي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحقّه. 

القمع مع الانكفاء على البحث عن لقمة العيش، أدى إلى شبه وقف تام للمظاهرات، بسبب التكلفة الباهظة الذي يدفعها المواطنون، بالاختفاء القسري والاعتقال لشهور وربما لسنوات، كما يحدث في مصر، أو حتى بالتخويف والاستدعاء والاعتقال لشهور، كما يحدث في الأردن. 

مع طول أمد الحرب، اعتاد الناس مشهد القتل، التشريد، والتجويع، ما أدى إلى اجتياح شعوري اليأس والانهزام في النفوس، بسبب صور دمار الإنسان والعمران الذين يرونها أمام أعينهم كل دقيقة طيلة أشهر. لذا عاد بعض من الناس لممارسة حيواتهم اليومية العادية، التي تندرج تحت مفاهيم الاستهلاك والإنجاز والفردانية، وهذا أيضا، ربما، تجلى في ممارسات الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، فقلَّ الحديث ومشاركة الأحداث في غزة، وعادت مرة أُخرى مشاركة اليوميات والصور والإنجازات الشخصية، فلن يستمر الناس في مشاركة صور القتل والدمار لأشهر كثيرة، لاسيما إن كانت هذه المشاركة لا تؤثر، بشكل أو بآخر، على سياسات أنظمتها العربية تجاه حرب إسرائيل ووقف الإبادة في غزة. 

الأصوات في أوروبا وأمريكا لم تنخفض

ما يحدث في العواصم العربيّة عكس الاحتجاجات في الولايات المتحدة الأميركية، والدول الأوروبية، إذ الوقفات والتظاهرات اليومية مستمرة، تعمل وتواجه مسؤوليها وتقتَحم مقرات جلساتهم ومؤتمراتهم، هذا فضلا عن المظاهرات الحاشدة التي تستمر في أيام العطلة الأسبوعية، السبت والأحد في عشرات المدن والعواصم الغربية، بالإضافة إلى الفعاليات في الفضاءات الجامعية والثقافية والإعلامية،  محاولين من خلال كل هذه الفعاليات والأنشطة، التأثير على سياسات حكوماتهم، للضغط على إسرائيل لوقف الحرب، وإنزال العقوبات عليها من قبل حكوماتهم، كوقفِ العلاقات التجارية، وعدم تصدير الأسلحة وغير ذلك. 

 وهذا ربما ما يفسر، أن توقف، وانحصار التظاهرات في دول عربية، ترجع بشكل رئيسي، إلى قمع الأنظمة العربية، وبث الخوف والترهيب في نفوس الشعوب، كما تجاهل الأنظمة العربية لمطالب وإرادة شعوبهم. ومن هنا، ربما ترسّخ اليأس والانهزام في وجدانهم، فليس في أيديهم أي شيء حقيقي يقدموه لوقف هذه الإبادة. 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.