fbpx

تحويل الأموال إلى غزة يمر عبر تركيا… استغلال وعمولة مرتفعة وغياب الرقيب

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بدأ الشارع الفلسطيني في قطاع غزة، يشكو من أزمة سيولة وعدم توافر الأموال، بخاصة فئة الدولار، وذلك يعود الى أسباب عدة،  أبرزها سحب الأموال بشكل يومي من التجار، إضافة إلى مصادرة الجيش الإسرائيلي ملايين الشواكل.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

اضطر محمد حمودة، وهو مبادر يقدم مساعدات عينية لنازحين في قطاع غزة، إلى استلام حوالة مالية واردة له من تركيا، قيمتها 6 آلاف دولار منقوصة منها 900 دولار، ذهبت بين عمولة نسبتها 15 في المئة على التحويل، وفريق تحويل عملة بين الدولار والشيكل من مكتب للصرافة في مدينة رفح.

تعرض حمودة إلى الابتزاز من مكتب الصرافة في رفح، الذي اشترط عليه قبل تسليمه الحوالة، دفع مبلغ العمولة بنسبة 15 في المئة في حين كانت قبل الحرب 2.5 في المئة، وتسليمه الحوالة بعملة الشيكل على سعر 310 شيكلات لكل مئة دولار، فيما أن سعر الصرف بالسوق 360 شيكلاً، على رغم أنها قادمة بالدولار.

خسر حمودة في كل مئة دولار 60 شيكلاً (16 دولاراً)، ودفع مبلغ 900 دولار كعمولة على التحويل، لكنه اضطر الى قبول الحوالة لعدم وجود خيار آخر له، وحاجته الماسة الى تلك الأموال لشراء بعض المساعدات لنازحين في غزة.

يقول حمودة: “واجهت صعوبة في إيصال الحوالة المالية التي حصلت عليها من متبرع من الأردن، فلم يقبل أحد تحويلها مباشرة الى غزة. اقترح صاحب مكتب صرافة في رفح أن يقوم صاحب الحوالة بإرسالها الى مكتب ما في عمان، ويحوّلها بدوره إلى تركيا، ومن هناك ترسل إلى غزة ولكن مع نسبة عمولة 15 في المئة. فوافقت على ذلك لعدم وجود خيار آخر”.

حمودة واحد من آلاف الأشخاص في غزة الذين يتعرضون للابتزاز والسرقة من أصحاب مكاتب الصرافة في القطاع، بخاصة في ظل عدم فتح البنوك أبوابها وصعوبة التحويل عبر الحسابات البنكية بسبب قيود تضعها “إسرائيل”.

يوضح حمودة أن البنوك العاملة في غزة والخاضعة لسلطة النقد الفلسطينية، لا تستقبل أي تحويلات خارجية على حسابات عملائها خشية من الملاحقة الإسرائيلية، إضافة إلى أنها لا تسمح للمودعين بسحب أموالهم بالدولار من ماكينات السحب الآلي التي تعمل بشكل جزئي.

وإلى جانب حمودة، تعرض أحمد عيسى لعملية نصب من مكتب صرافة في مدينة رفح، التي يوجد فيها أكثر من 80 في المئة من سكان قطاع غزة.

وفي تفاصيل ما حدث مع عيسى يقول: “أعمل في شركة برمجة في دولة خليجية من بعد، ولدي مستحقات مالية تبلغ قيمتها 11 ألف دولار، وبسبب غلاء الأسعار في قطاع غزة وحاجتي الى الأموال، طلبت منهم تحويل المبلغ الى غزة، فقاموا بذلك من خلال عملية تحويل معقدة بدأت بإرسال المال الى تركيا ثم إلى غزة”.

تفاجأ عيسى عند وصول مبلغ الحوالة إلى مدينة رفح، إذ طالبه مكتب الصرافة بدفع عمولة 12 في المئة على المبلغ الإجمالي، وصرف المبلغ بالشيكل وفقاً لسعر وضعه صاحب المكتب، وهو 363 شيكلاً لكل مئة دولار.

خسر عيسى كعمولة تحويل مبلغ 1320 دولاراً، و3300 دولار كفرق تحويل بين الشيكل والدولار، لكنه وافق على سحب الحوالة لعدم وجود بديل له وحاجته إلى الأموال، بخاصة في ظل ارتفاع الأسعار داخل مدينة رفح، وعدم وجود مساعدات كافية.

أخذ عيسى قرابة نصف مبلغ الحوالة التي أرسلتها إليه شركته، وخرج من مكتب الصرافة غاضباً من صاحبه الذي استغلّه في ظل حرب إسرائيلية مدمّرة طاولت كل شيء في قطاع غزة.

ووصف عيسى ما حصل معه من تحصيل نسبة عالية من الحوالة التي وصلت إليه وصرف مبلغ له حسب سعر حدده صاحب مكتب الصرافة، بأنه “جريمة سرقة مكتملة الأركان”.

وأوضح أن غياب الرقابة من أي جهة رسمية حكومية في قطاع غزة، شجّع مكاتب الصرافة على رفع العمولة وتحصيل أموال من المتعاملين وفقًا لأهوائهم الشخصية.

وذكر أن عمولة التحويل ارتفعت في بداية الحرب من 2.5 في المئة إلى 4 في المئة، ثم واصلت الارتفاع حتى بلغت الـ 15 في المئة، في ظل غياب أي رقابة من الجهات الحكومية في القطاع.

أحمد عيد صاحب أحد مكاتب الصرافة في مدينة رفح، أرجع سبب ارتفاع نسبة العمولة على التحويلات الخارجية، إلى وجود عملية معقدة في إيصال الأموال من خارج القطاع إلى داخله.

وقال عيد الذي اشترط ذكر اسمه الأول والثاني فقط: “غالبية دول العالم لا تسمح بإرسال أموال إلى غزة، ومن يرغب في إرسال أي حوالة الى القطاع يرسلها إلى مكاتب في تركيا، والتي توصل بدورها المال إلى غزة من خلال تسليم اليد، وتحصيل المبلغ من مكاتب موجودة في غزة تتوافر لديها سيولة مالية في تركيا وغزة أيضاً”.

وحول صرف الحوالة الواردة بالدولار بعمولة الشيكل، أوضح أن السبب في ذلك هو عدم توافر عملة الدولار في القطاع.

“واجهت صعوبة في إيصال الحوالة المالية التي حصلت عليها من متبرع من الأردن، فلم يقبل أحد تحويلها مباشرة الى غزة.

أزمة سيولة

توجد في غزة عشرة مصارف محلية ووافدة، تملك 56 فرعاً تنشط في القطاع وتخضع لرقابة سلطة النقد الفلسطينية. وحسب تأكيدات محافظ سلطة النقد الفلسطينية القائمة مقام البنك المركزي، فراس ملحم، فقد دمر الجيش الإسرائيلي فروع البنوك في قطاع غزة والصرافات الآلية، وخرجت أخرى عن الخدمة خارج رفح.

يقول ملحم: “نحن ننتظر وقف إطلاق النار لتغذية فروعنا من خلال نقل الأموال النقدية داخل غزة”. وخلال الحرب، ولتفادي أزمة السيولة داخل قطاع غزة، وجهت سلطة النقد الفلسطينية المصارف لجدولة قروض الموظفين وترتيب مديونياتهم.

وأكدت سلطة النقد في بيان لها في شباط/ فبراير الماضي، أنه ونتيجة للحرب في قطاع غزة، توجد إشكاليات في تشغيل فروع البنوك والصرافات الآلية بالشكل الأمثل، الأمر الذي يؤثر على عملية سحب الرواتب من الصرافات الآلية في بعض الحالات.

وبدأ الشارع الفلسطيني في قطاع غزة، يشكو من أزمة سيولة وعدم توافر الأموال، بخاصة فئة الدولار، وذلك يعود الى أسباب عدة،  أبرزها سحب الأموال بشكل يومي من التجار، إضافة إلى مصادرة الجيش الإسرائيلي ملايين الشواكل.

وأكد الجيش الإسرائيلي أنه منذ بدء الاجتياح البري للقطاع يوم 27 تشرين الأول/ أكتوبر، وحتى فبراير/ شباط الماضي، صادر أكثر من 220 مليون شيكل (60 مليون دولار) من غزة، وذلك تحت ذريعة “محاربة الإرهاب”،كما كشفت صحيفة “معاريف” النقاب عن إقدام قوة عسكرية إسرائيلية خاصة على مصادرة مبلغ 200 مليون شيكل، (54.3 مليون دولار)، بعد اقتحامها بنك فلسطين فرع حي الرمال في مدينة غزة.

ونقلت الصحيفة عن ضباط في الجيش، أن “جنوداً إسرائيليين كانوا في عمليات عسكرية في حي الرمال بغزة، خاطروا بحياتهم لوضع اليد على مئات الملايين من الشواكل من بنك فلسطين، التي كانت مخصصة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية”.

وأوضح الجيش أن عملية الاستيلاء على الأموال وقعت خلال هجوم عسكري على منطقة حي الرمال، بعدما تعرض جنود لإطلاق نار من قناص في محيط البنك، حيث وصلت القوة الإسرائيلية إلى البنك واقتحمته، في حين حمّل الجنود أنفسهم الأموال على مركبات “برينكس”، ولم يتم حتى تحويل الأموال إلى السلطة.

ولم يتسنّ لـ”درج” الحصول على تعقيب حول استغلال مكاتب الصرافة نازحين في رفح والمحافظة الوسطى، سواء من سلطة النقد الفلسطينية أو من البنوك الفلسطينية.