fbpx

إنها اللحظة التي نخجل فيها أننا لبنانيون

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

ما شهده لبنان في أعقاب جريمة اغتيال منسق “القوات اللبنانية” في جبيل باسكال سليمان، من عنف بحق اللاجئين السوريين، مذهل وبشع. يوازي في بشاعته، بشاعة الجريمة، لا بل إن ما حصل كان من بين أهداف الجريمة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تليق راية التحريض العنصري على اللاجئين السوريين في لبنان بجبران باسيل، الذي لم يتوانَ هذه المرة أيضاً، عن حملها وتوظيفها في أرخص وسيلة وأكثرها قذارة. 

الجريمة التي استهدفت مسؤولاً في حزب “القوات اللبنانية”، الخصم التاريخي لباسيل وحزبه (التيار العوني)، كان لا بد من نقلها من السوية السياسية التي مثلتها، إلى سوية الفتنة بحق أضعف عناصر المشهد اللبناني، أي اللاجئين السوريين. هؤلاء الذين اقتلعهم نظام البعث من بلادهم، بعدما دمّرها ونفّذ فيها إبادة، قدّم عبرها لإسرائيل نموذجاً استحضرته في سياق تنفيذها الإبادة في غزة. فرد وزير في حكومتها على اتهام دولته بالـ”ترانسفير”، بأن النظام السوري أقدم على “ترانسفير” أوسع وأكبر، ولم يعترض من يعترضون اليوم على الـ”ترانسفير” الإسرائيلي!

باسيل الذي يتّهمه العالم بالفساد، والمعاقب أميركياً بموجب قانون ماغنيتسكي المنفّذ بحق الفاسدين ومنتهكي حقوق الإنسان، استعاد في مؤتمره الصحافي في أعقاب الجريمة التي استهدفت خصماً له، مسيرته الحافلة بالكراهية بحق اللاجئين، من دون أن يشير إلى علاقة بين الفاعلين وبين اللاجئين!

ما شهده لبنان في أعقاب جريمة اغتيال منسق “القوات اللبنانية” في جبيل باسكال سليمان، من عنف بحق اللاجئين السوريين، مذهل وبشع. يوازي في بشاعته، بشاعة الجريمة، لا بل إن ما حصل كان من بين أهداف الجريمة. 

لا رابطَ منطقيٌّ ولا سياسيٌّ بين اغتيال سليمان وبين اللاجئين السوريين، فحتى لو سلّمنا جدلاً بالرواية التي تقول إن منفذي الجريمة هم عصابة سرقة سيارات سورية، جاء أفرادها من خارج الحدود لتنفيذ مهمتهم، فإن اللاجئين ليسوا جزءاً من “مجتمع العصابة”، ذاك أنهم صاروا خارج الحدود منذ سنوات مديدة. ناهيك بأن رواية الجريمة بهدف السرقة لم تثبت بعد، وأول من يشكك فيها هم أهل الضحية وحزبه وبيئته. فكيف استقام استهداف اللاجئين مع منطق التشكيك بهوية المنفذين؟!

هنا، لا بد من الإشارة إلى أن نخباً مسيحية ثقافية واجتماعية، رفعت صوتها بوجه حملات الكراهية بحق اللاجئين، وأشار كثيرون إلى أن هذه الحملات تخدم من خطّط ونفّذ جريمة قتل سليمان. لكن يبقى أثر باسيل وأقرانه في الشارع أقوى، لا سيما في لحظة استيقاظ الغرائز وغياب العقل. كما لا بد من تسجيل حقيقة أن حزب “القوات اللبنانية” نأى بنفسه عن حملة التحريض، على رغم الثمن الأهلي لهذا النأي.

مشاهد استهداف العمال الضعفاء في الشوارع مؤلمة ومؤذية، وتشعرنا نحن اللبنانيين الذين نقف على شفير احتمالات لجوء موازٍ، بالخجل من أنفسنا، ذاك أن الكراهية التي أيقظها جبران باسيل وصحبه مقيمة أصلاً فينا، ونائمة بانتظار من يهزّها. لا بل إن باسيل نفسه هو ابننا غير الضال، وهو إذ أطلق صفارة بدء السباق على استهداف اللاجئين، كان يعرف أن لنيله قصب السبق أثماناً سياسية سيتقاضاها.

لكن ليس باسيل وحده الذي خاض في هذه الوحول القذرة، فالرجل خاطب في مؤتمره الصحافي “حزب الله”، فاقترب منه في استهداف اللاجئين بعد فراق سببه الخلاف على هوية رئيس الجمهورية. 

اتهم باسيل اللاجئين بالجريمة متصدياً لشكوك حزب القتيل في أن الجريمة هي حلقة في مسلسل الاستهداف الذي يتعرض له حزب “القوات اللبنانية”. اللاجئون هم الحلقة الأضعف والأسهل لجميع القوى اللبنانية، وللنظام السوري الذي لم ولن يسهل عودتهم، ولا يمانع في تحويلهم الى وقود في برامج حلفائه اللبنانيين القذرة.

الإفلاس مولِّد لأبشع الاحتمالات في بلد حوّله “حزب الله” إلى مجرد حلبة، أتاح فيها للغرائز النائمة فرصة للاستيقاظ، بهدف إشاحة الأنظار عن مهمته المتمثّلة بإلحاق لبنان بـ”وحدة الساحات”.